فوبيا "داعش" تنتشر في أنحاء الشرق الأوسط
السبت 02/أغسطس/2014 - 05:18 م
طباعة

يبدو أن خطر داعش تحول إلى فوبيا أصابت دول الشرق الأوسط بأكملها، فبعدما اجتاحت داعش العراق وتمركزت في سوريا وإعلانها دولة الخلافة، فبات التهديد قريبا جدا من لبنان، التي نبّه فيها رئيس الحزب الاشتراكي النائب وليد جنبلاط إلى أن تنظيم "داعش" يكاد يصبح على الحدود مع لبنان، وهذا يتطلب أقصى درجات اليقظة، محذرًا من أنه يكفي أن يكون فكر "داعش" على حدودنا حتى نشعر بالخطر، فكيف إذا تعدّدت أشكال التهديد المترتب على تمدّد هذا التنظيم، والسؤال الذي يطرح ما مدى الخطر الفعلي الذي يهدد لبنان اليوم.
فزاعة "داعش"

وفي هذا الصدد يقول الكاتب والمحلل السياسي عادل مالك لـ"إيلاف" إنه يمكن الحديث بشكل جدي بأن لبنان بالتحديد ودول المنطقة بشكل عام، أصبحت أسرى تنظيمات إرهابية تشكِّل خطورة كبيرة على الواقع العربي الحالي وعلى المستقبل، وهنالك تعددية في التنظيمات الإرهابية، وتتعددّ الأسماء غير أن النتيجة واحدة، إنها ظاهرة خطيرة بالنسبة للبنان في الآونة الأخيرة، وإن الإرهابيين أصبحوا وطنيين ومن صنع لبنان، وبدلا من أن تصبح لبنان دولة منتجة ومصدِّرة للنفط، أصبحت دولة منتجة ومصدِّرة للإرهابيين، وهذه الظاهرة بالغة الخطورة، وأخطر ما فيها عدم وجود خطة متكاملة أو محكَمة لمواجهة هذا النوع من الإرهاب.
تنظيم محدود

ورغم عدم وجود إحصاء دقيق حول عدد مقاتلي "داعش" في العراق وسوريا، إلا أن مصادر كردية أكدت أن عدد عناصر تنظيم داعش كان يبلغ ألفي مسلح، لكنهم بعد دخولهم إلى العراق وسيطرتهم على الموصل ومحافظات الأنبار وصلاح الدين وكركوك وديالي قد ارتفع العدد إلى حوالي 20 ألف مسلح، بعد تطوع شبان عراقيين في صفوف التنظيم وخاصةً مع المرتبات الكبيرة التي يعطيها التنظيم للمتطوعين.
وقد قدر الباحث في مركز "بروكينغز" في الدوحة تشارلز ليستر مقاتلي داعش بما بين خمسة إلى ستة آلاف مقاتل في العراق وسبعة آلاف في سوريا. لكن لم تؤكد مصادر أخرى هذه الأرقام.
وفي ما يتعلق بالجنسيات، يقول الخبير في الحركات الإسلامية رومان كاييه من "المعهد الفرنسي للشرق الأوسط": إن معظم المقاتلين على الأرض في سوريا، هم من الجنسية السورية، لكن قادتهم يأتون غالباً من الخارج بعدما اكتسبوا خبرة قتالية في العراق والشيشان وأفغانستان. أما في العراق فمعظم المقاتلين من العراقيين.
ويضم التنظيم قرابة ألفي مقاتل من أصل مغربي من الناطقين بالفرنسية قدموا من فرنسا وبلجيكا، وبينهم خمسة يتولون مناصب قيادية.
ورغم صغر التنظيم فقد أصبحت داعش كابوسا يحلم به العرب، خاصة بعد الوحشية التي يتعاملون بها مع البلدات التي يدخلونها من مجازر ورجم للنساء وتقطيع للرءوس وتهجير من البيوت.
داعش في سوريا والعراق

ظهر تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) للمرة الأولى في أبريل 2013، وقدم على أنه نتيجة اندماج بين تنظيمي "دولة العراق الإسلامية" التابع لـ "القاعدة" و"جبهة النصرة" السورية، إلا أن هذه الأخيرة رفضت الاندماج على الفور؛ ما تسبب في اندلاع معارك بين الطرفين في يناير 2014 لا تزال مستمرة حتى اليوم.
واعترض "داعش" علناً على سلطة زعيم تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري ورفض الاستجابة لدعوته إلى التركيز على العراق وترك سوريا لجبهة "النصرة".
وكان "داعش" يعمل في بداياته في العراق تحت اسم "جماعة التوحيد والجهاد" ثم تحول إلى تنظيم "القاعدة في بلاد الرافدين" بعد تولي "أبو مصعب الزرقاوي" قيادته في 2004، ومبايعته زعيم "القاعدة" السابق أسامة بن لادن. واشتهر التنظيم الجديد ببث مقاطع فيديو على شبكة الإنترنت تظهر إعدامات وقطع رءوس.
وبعد مقتل الزرقاوي في يونيو 2006 على يد القوات الأمريكية في العراق، انتخب التنظيم "أبي حمزة المهاجر" زعيما له.

أبو بكر البغدادي
وبعد أشهر أعلن تشكيل "دولة العراق الإسلامية" بزعامة "أبي عمر البغدادي". لكن القوات الأمريكية تمكنت في أبريل 2010 من قتل البغدادي ومساعده أبي حمزة، فاختار التنظيم "أبا بكر البغدادي" خليفة له.
وخلال الفترة الممتدة بين العامين 2006 إلى 2010 تمكنت القوات الأمريكية والعراقية من إضعاف التنظيم بشكل كبير، بعدما شكلت قوات "الصحوة" العراقية من مقاتلي العشائر في المناطق السنية، وقتلت أو اعتقلت 34 من كبار قيادييه.
وبعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق في نهاية 2011، شن "دولة العراق الإسلامية" حملة تفجيرات عنيفة في المدن العراقية وخصوصا في العاصمة بغداد، حصدت آلاف الضحايا. وعرض الأمريكيون مبلغ 10 ملايين دولار مكافأة للقبض على البغدادي أو قتله، ورد التنظيم بحملة أطلق عليها "كسر الجدران" شملت عشرات الهجمات على السجون العراقية، وأدت إلى الإفراج عن المئات من معتقليه، وخصوصاً من سجني التاجي وأبو غريب الشهير.
وفي أبريل 2013 أعلن أبو بكر البغدادي في تسجيل صوتي أن جبهة "النصرة" هي امتداد لتنظيمه، وأعلن دمج التنظيمين تحت مسمى واحد هو "الدولة الإسلامية في العراق والشام". لكن "النصرة" سارعت في اليوم التالي إلى رفض عرض الاندماج.
وبعد إعلانه عن الاندماج الذي لم يكتمل، قرر البغدادي نقل نشاط تنظيمه إلى سوريا، حيث سيطر على إقليمي الرقة ودير الزور واستعاد أسلوب الزرقاوي بتنفيذ إعدامات بحق عناصر من جماعات أخرى منافسة وقطع رءوسهم في الساحات العامة.
وسرعان ما بدأ التنظيم في خوض معارك على أكثر من جبهة في الداخل السوري، واحدة ضد "النصرة" وثانية ضد "الجيش السوري الحر" التابع لائتلاف المعارضة السورية، وثالثة ضد الأكراد السوريين الذين قرروا إقامة نوع من "الحكم الذاتي" في مناطقهم في شمال سوريا. وفي فبراير الماضي، تمكن مقاتلو "داعش" من اغتيال ممثل الظواهري في سوريا المدعو "أبو خالد السوري" بتفجير مقره في مدينة حلب.
وفي يناير من العام الحالي، تسللت قوات من "داعش" إلى مدينتي الفلوجة والرمادي واحتلتهما بعد أشهر من تصاعد العنف في محافظة الأنبار، ومع أن القوات الحكومية استعادت السيطرة على الرمادي بعد بضعة أيام إلا أن الفلوجة بقيت تحت سيطرة المقاتلين المتشددين.
وفي تطور مفاجئ في العاشر من يونيو، شن "داعش" هجوما أدى إلى سيطرة سريعة على مدينة الموصل، ثاني أكبر المدن العراقية، بعد انسحاب القوات الحكومية العراقية منها. ووسع التنظيم سيطرته إلى محافظة صلاح الدين التي تربط وسط العراق بشماله وتضم مدينة بيجي، حيث أكبر مصافي النفط العراقية، وحاول الاقتراب من محافظة كركوك الغنية بالنفط والمتنازع عليها، إلا أن قوات البيشمركة الكردية سارعت إلى احتلال المحافظة بعد انسحاب الجيش العراقي.
وبعد سيطرة "داعش" على مناطق واسعة من العراق تشمل معظم محافظة الأنبار السنية في غرب العراق، أعلن في 29 يونيو الماضي قيام "دولة الخلافة الإسلامية" بقيادته، ومبايعة زعيمه أبي بكر "خليفة" للمسلمين، وتغيير اسم التنظيم إلى "الدولة الإسلامية" فقط.
وتطرق بيان "داعش" إلى "إلغاء الحدود" بين العراق وسوريا، ودعا المسلمين إلى الهجرة إلى "دولة الخلافة".
وبعد ذلك بأيام، وفي أول ظهور علني له، وزع التنظيم شريط فيديو لخطبة ألقاها البغدادي في الجامع الكبير في مدينة الموصل، دعا فيها المسلمين إلى طاعته. وظهر في الشريط بلحية رمادية طويلة وقد ارتدى عباءة وعمامة سوداوين.

وباشر التنظيم بعد وقت قصير من إعلان "دولة الخلافة" تهجير المسيحيين من الموصل إلى مناطق بغداد والمناطق الكردية في شمال العراق، ثم لم يلبث أن بدأ في اعتقال الضباط السابقين في الجيش العراقي؛ ما أدى إلى توتر كبير مع "حزب البعث" العراقي واندلاع اشتباكات بين الجانبين يحتمل أن تتوسع.
ويبدو أن التنظيم وضع عينه على المنطقة بأكملها للسيطرة عليها خاصة بعد إعلان دولة الخلافة، وبعد نشره لخريطة تحمل الأهداف التي يود السيطرة عليها.
داعش في المغرب

وضعت "داعش" قدمها فعلياً في المغرب بعد أن أعلن تنظيم القاعدة هناك تخليه عن التنظيم الأم وانضمامه، وانتقد التنظيم في المغرب ضمنياً قيادة شبكة "القاعدة" وفروعها، بسبب عدم جهرهم بمساندة التنظيم الذي دافع عنه ضد الذين يصفون عناصره بـ "الخوارج".
وفي شريط فيديو بثه فرع "القاعدة" بالمنطقتين المغاربية والعابرة للصحراء، الجمعة الماضية، صرّح التنظيم، على لسان قيادي منه يكنّى بـ "الشيخ أبو عبد الله عثمان العاصمي"، بنصرته لمن سماهم "المجاهدين" في تنظيم داعش بالعراق.
داعش في فلسطين

في يونيو الماضي أعلن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"، مسئوليته عن خطف ثلاثة إسرائيليين في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، وبذلك تكون داعش قد بدأت في تكوين طرف فاعل داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
داعش في مصر

في بيان منسوب لداعش أعلن أن التنظيم أصبح له قواعد في مصر، وذلك بعد مبايعة جماعة أنصار بيت المقدس لأمير داعش خليفه للمسلمين ..
وقد قال البيان: إن هدف الجماعة هو إسقاط الانقلاب والعمل على استقلال مصر ..
وإنه قريبا سيتم الإعلان عن وجودنا عبر إذاعة فيديوهات مصورة لعمليات ذبح ستردع المجرمين!
وطالب البيان النساء بالالتزام بتعاليم الدين طاعة لله وتحصينا للمجتمع ..
ويبدو أن فوبيا داعش تسيطر على أجواء الشرق الأوسط الآن؛ مما يدفعنا إلى التساؤل حول مصادر قوة هذا التنظيم ومدى قوتها، وحول الدول المساندة لهذا التنظيم والتي لها المصلحة في استمرار خطر هذا التنظيم وتعظيم صورته في الإعلام واستخدامه فزاعة ضد الشعوب العربية.