هل تنجح انتفاضة ( طلعت ريحتكم ) في توحيد الشعب اللبناني في مواجهة الطائفية ؟؟
الخميس 10/سبتمبر/2015 - 09:04 م
طباعة
( طلعت ريحتكم ) شعارا اطلقته مجموعة من الشباب اللبناني المنتمين لمنظمات المجتمع المدني . و قد اطلق الشعار في مواجهة العجز الحكومي عن حل مشكلة النفايات المتراكمة في شوارع لبنان . و منددا بأسلوب تعاطي الحكومة مع الازمة الذي اتسم بالكثير من الفساد المتعمد كعادة اسلوب الحكومة اللبنانية في معالجة قضايا قطاع الخدمات بشكل عام و التي يأتي علي راسها الانقطاع المتزايد للتيار الكهربي علي الرغم من الوعود المتكررة من الحكومات المتعاقبة منذ انتهاء الحرب الاهلية عام 1990م . اما عن الفساد الذي يشوب ملف النفايات و يتلخص في ان الحكومة اقصت البلديات من حقها في طرح المناقصات و البت فيها و منحت لنفسها الحق في احتكار التعاقد مع شركات النظافة و ترك البلديات للدور الاشرافي فقط و بالطبع فان المبالغ التي دفعت لشركات النظافة الخاصة اضعاف ما كانت تدفع للبلديات و ذلك نظير الرشاوي و الاتاوات مما اسفر عن تقاعس شركات النظافة عن القيام بدورها . ان الفساد في الحكومة اللبنانية واضح امام اعين الشعب اللبناني و من المؤكد ان مشاكل قطاع الخدمات هي انعكاس لازمات اكثر تعقيبا في الواقع السياسي اللبناني . و قد عجزت الطائفية السياسية في اختيار رئيسا للجمهورية منذ 15 شهر و فشلت 27 جلسة برلمانية للاجتماع علي منصب رئيس الجمهورية و تعاني الحياة السياسية في لبنان من تعطل عمل البرلمان حيث مددت فترة النواب مرتين هذا البرلمان الذي عجز نوابه عن اصدار تشريعات قبل انتخاب رئيس علاوة علي انتهاء المدة الحالية لقائد الجيش -و هو منصب مسيحي – حيث قرر وزير الدفاع بشكل منفرد بتمديد منصب القائد الحالي دون الرجوع الي الحكومة و بالتالي تأجيل حسم المشكلة لمدة عام جديد و منذ اندلاع الحرب في سوريا فان لبنان تتأثر بشدة لما يحدث علي الاراضي السورية و رغم تعرض البلاد للعديد من الخروقات الامنية التي لها علاقة مباشرة بالصراع السوري الا انه ظل مستقرا نسبيا من الناحية الامنية و لكن يظل الوضع السياسي في لبنان كالعادة يدار من الخارج و الشعب اللبناني يعي تماما ان معظم القرارات الرئيسية تدار و تحسم من خارج لبنان و هذا ما يفسر دعوة الشباب حول شعارات بعينها تتناسب مع طموحات المجتمع المدني و كان ملف النفايات علي راس هذه الموضوعات و منذ يوم السبت 22 اغسطس الماضي شهدت العاصمة اللبنانية "بيروت" تظاهرات حاشدة شارك فيها الالاف مطالبين بحل ازمة تراكم النفايات و محاسبة المسؤولين عن الفساد في وزارة البيئة و علي رأسهم وزير البيئة " محمد المشنوق " و مع تزايد اعداد المتظاهرين ارتفع سقف الشعارات و اطلقت شعارات مثل (الشعب يريد اسقاط النظام ) و الدعوة الي الاعتصام و في اليوم التالي شهدت الاحتجاجات مواجهة شديدة من قبل قوات الامن لفض الاعتصام و قد اتهمت مجموعة "طلعت ريحتكم " المندسين بالوقوف وراء استفزاز القوي الامنية و محاولة التشويش علي الحركة و بناء عليه اعلنت الحركة ارجاء الاعتصام الذي دعت اليه لأسباب امنية و لم يهدأ وسط بيروت الا في ساعة متأخرة من الليل بعد دخول تعزيزات من الجيش اللبناني لمواجهة المتظاهرين و لهذا قررت المجموعة فض الاعتصام و العودة يوم الاثنين للعودة مرة اخري و لقد تسببت المواجهات الامنية عن اصابة اكثر من 70 شخص بجروح علي الرغم من ان المعتصمون كانوا يرددون شعار ( سلمية سلمية ) في اشارة الي الطابع السلمي لتحركهم في ساحة رياض الصلح القريبة من مجلس النواب و مجلس الوزراء حيث قامت مجموعة من الشبان بعضهم كان ملثما برشق العناصر الامنية و قوات مكافحة الشغف الذين اصطفوا خلف الحواجز الحديدية و الاسلاك الشائكة في محاولة لمنع المعتصمين من الوصول الي مقر الحكومة و استخدمت قوات الامن خراطيم المياة ثم اطلقت القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين مما ادي الي وقوع العديد من الاصابات فيما كلف ( وزير الداخلية ) اجراء تحقيق رسمي (بين المتظاهرين و قوي الامن و غيرها من القوي العسكرية ) علي ان يكون التحقيق جاهزا خلال 24 ساعة و طالب النائب العام " سمير حمود " من مفوض الحكومة لدي المحكمة العسكرية اجراء تحقيق بشأن ما حدث مع تكليف اطباء شرعيين لتحديد نوع الاصابات و انواع المقذوفات هذا و قد علق رئيس الحكومة " سلام " علي ما حدث في خطاب بثه التلفزيون مؤكدا انه لن يكون شريكا لهذا الانهيار و داعيا جميع الاطراف لتحمل المسؤولية و اضاف سلام ( موضوع النفايات هو القشة التي قسمت ظهر البعير لكن القصة اكبر بكثير من هذه القشة انها قصة النفايات السياسية في البلد ) و قد رد المتظاهرون علي خطاب سلام بمطالبته بالاستقالة لأنه جزء من الازمة .علما بان استقالة رئيس الوزراء في هذه الحالة سيخلق ازمة سياسية علي اعتبار ان تعيين رئيس الوزراء يأتي بتكليف من رئيس الجمهورية و هو المنصب الخالي حاليا .و قد واصل المحتجون دعوتهم في التظاهر ليوم السبت الموافق 29 اغسطس حيث انطلقت مظاهرة " طلعت ريحتكم " من محيط وزارة الداخلية باتجاه ساحة الشهداء ببيروت و توافد الالاف للمشاركة في المظاهرة بينما احتشدت اعدادا كبيرة من المتظاهرين امام السرايا الحكومي في ساحة رياض الصلح وسط بيروت. و قد القت ناشطة من الحملة كلمة اكدت فيها علي ن هدف الحملة تحقيق دولة مدنية مع الاستمرار في التظاهر حتي يستقيل وزير البيئة " محمد المشنوق " و كذلك الاعلان عن نتائج التحقيقات حول من اطلق النار علي المتظاهرين و محاسبة وزير الداخلية و ايجاد حل بيئي و صحي للنفايات مع التأكيد علي اجراء انتخابات نيابية شرعية و قد حذرت الناشطة من غضب المواطنين منددة بالطبقة السياسية و قد اعلن قائد الجيش اللبناني " جان قهوجي " ان قوات الجيش ستحمي التحركات الشعبية و لن تسمح بالتعدي علي المتظاهرين وقد امهل المحتجون الحكومة 72 ساعة للاستجابة لمطالبهم . و مع نهاية المهلة المكررة اقدم المحتجون علي اقتحام مبني وزارة البيئة و اعلان الاعتصام داخله و بعد مفاوضات طويلة مع قوات الامن و رفض المحتجين ترك المبني الا في حالة اعلان وزير البيئة الاستقالة من منصبه . قامت قوات الامن بإخلاء المبني بالقوة و اخرجوا جميع المحتجين و صاحب ذلك تصريحات حكومية حول امكانية التعاطي مع مطالب المحتجين مع التأكيد علي انه من الصعب اقالة اي وزير في الحكومة في المرحلة الحالية و قد توعدت الحركة بمواصلة التصعيد حيث ارتفع سقف المطالب الي اقالة الحكومة و محاسبة جميع الفاسدين بما فيهم القادة السياسيين فهل يستمر طموح الحركة من محاولة تغيير الواقع السياسي اللبناني هذه الحركة التي جمعت - ولأول مرة – الشعب اللبناني تحت علم واحد هو علم لبنان و انتصر علي الطائفية اللبنانية في اكبر تظاهرات تشهدها بيروت ام ان قوي الرجعية و الطائفية تنجح في وأد هذه الحركة او علي الاقل الالتفاف حول مطالبهم ... ؟