غلق باب الترشح.. الأحزاب "الدينية" تخلي الساحة "للنور" السلفي
الإثنين 14/سبتمبر/2015 - 03:09 م
طباعة

بعد أن أغلقت اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية باب الترشح للانتخابات، السبت 12 سبتمبر 2015، في الوقت الذي تكشفت فيه خريطة الإسلاميين المتنافسين في الانتخابات البرلمانية المقبلة. وأصبح النور هو الحزب ذو المرجعية الإسلامية، الوحيد المشارك في الانتخابات البرلمانية سواء على المقاعد الفردية أو القوائم الانتخابية، حيث لم يتقدم أي حزب إسلامي آخر بأوراق مرشحيه في الانتخابات. فيما شاركت بعض الحركات الإسلامية على استحياء في الانتخابات، حيث أعلن تحالف شباب الإخوان المنشقون تقدم عدد قليل من أعضائه أوراقهم في الانتخابات البرلمانية على المقاعد الفردية. وأبرز من لم يشاركوا في الانتخابات البرلمانية كل من حزب مصر القوية، والذي يتزعمه الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، وحزب الوسط، الذي يتزعمه أبو العلا ماضي، والجماعة الإسلامية، وحزب الأصالة السلفي. تاركين الساحة الانتخابية لحزب النور السلفي ممثل وحيد لتيار الإسلام السياسي.
فيما فشلت جماعة الإخوان في التسلل للانتخابات البرلمانية سواء بالتحالف مع أحزاب دينية أخرى، بعد أن أعلنت معظم تلك الأحزاب التي كانت متحالفة معها عدم المشاركة في الانتخابات، أو مشاركة عناصرها في الانتخابات البرلمانية. من جانبه قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: إن حزب النور هو المكون الإسلامي الوحيد المشارك في الانتخابات، وقد تضم قوائمه شخصيات كانت تنتمي لأحزاب إسلامية أخرى، أو دعاة من خارج الأحزاب. وأضاف فهمي، أن الإخوان عجزت عن إيجاد أية سبيل للمشاركة عبر الألاعيب التي كانت تستخدمها بشكل مستمر خلال الفترات الماضية للمشاركة في الانتخابات، لكن الانسحابات التي تمت من جانب بعض القوائم الانتخابية خلال الفترة الأخيرة ستصب في صالح حزب النور، وقوائمه في غرب الدلتا والقاهرة. وأوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن المنافسة في القوائم ستنحصر بين قائمتي "في حب مصر"، و"النور" وسيسعى الحزب السلفي إلى إظهار أنه المكون الإسلامي الوحيد في الانتخابات كي يكون لنفسه ظهيرًا شعبيًّا في الانتخابات.

وفي السياق ذاته أشار الدكتور مختار الغباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، إلى أن دخول حزب النور كمكون إسلامي وحيد في الانتخابات البرلمانية المقبلة يزيد من فرص مرشحيه. وأضاف الغباشي أن معظم الأحزاب الإسلامية خاصة الأحزاب التي كانت متحالفة مع جماعة الإخوان، لم تجد لنفسها قدرة على تشكيل قوائم أو الدفع بمرشحين على المقاعد الفردي وهو ما جعلهم يتخذون قرارات بعدم المشاركة. وأوضح نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن الإسلاميين لن يكون لهم تواجد كبير في البرلمان المقبل؛ نظرا لأن المشاركين من الحركات الإسلامية قليلون.

الانسحابات والمقاطعة
وأعلن عدد من أحزاب التيار الديمقراطي مقاطعتها اﻻنتخابات، فيما انسحبت قائمة صحوة مصر معلنة اتخاذها إجراءات قانونية للطعن عليها.
وبررت هذه القوى السياسية موقفها بالاعتراض على قوانين الانتخابات وأحكام القضاء الإداري المتعلقة بعدم الاعتراف بالكشوف الطبية التي أجريت في فبراير الماضي وعدم طعن اللجنة العليا للانتخابات عليها.
رأى الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن انسحابات بعض الأحزاب والتحالفات من الانتخابات يضعف من مصداقيتها، مشيرًا إلى أن معيار مصداقية أي انتخابات يتوقف على حجم القوى المشاركة فيها.
وقال نافعة إنه كلما كانت الانتخابات تثير حماس القوى السياسية الرئيسية كلما كان ذلك دليلًا على الثقة في هذه الانتخابات.
وأضاف أن نزاهة الانتخابات تقاس بعدد الناخبين المشاركين، موضحا "إذا زادت نسبة المشاركين عن 50% فهذا يعني ثقة المواطنين في الانتخابات".
ولفت أستاذ العلوم السياسية، إلى أن انتخابات مجلس النواب ﻻ تحظى بالمشاركة المقبولة للتأكيد على مصداقيتها، وهو ما بدا واضحًا من عدم المشاركة الواسعة للقوى السياسية.
واستبعد تكرار سيناريو برلمان 2010، الذي تدخلت فيه الأجهزة الأمنية وشارك الحزب الحاكم في تزويرها لصالحه لضمان إنجاح مشروع التوريث، معتبرا أن الظروف الراهنة مختلفةٌ تمامًا.
بدوره، قال الدكتور محمد السيد أحمد، أستاذ العلوم السياسية: إن انسحاب بعض القوى السياسية من الانتخابات ستضيف عوارًا جديد لها، إضافة إلى قانون تقسيم الدوائر، الذي اعترضت على بعض مواده محكمة القضاء الإداري.
وأضاف أحمد أن الشواهد السابقة على اﻻنتخابات تجعلها مزورة بشكل معنوي، خاصة مع عدم توفير القوانين فرص متكافئة لجميع المرشحين.
وأشار إلى أن قوانين اﻻنتخابات تدعم المال السياسي وتنال من الحياة الحزبية بالقوائم المطلقة ونسبة الفردي الكبيرة التي تشجع على العصبية والقبلية.
واعتبر أستاذ العلوم السياسية، أن الانسحابات من الانتخابات مبررة، ملمحًا إلى أن ذلك قد يؤدي إلى موجة ثورية جديدة كما حدث في 2010، لأن أعضاء الحزب الوطني المنحل سيشكلون 80% من مجلس النواب، فضلا عن 20% من التيار الإسلامي، وهؤﻻء سيشرعون لمصلحتهم مما يزيد الفساد وتآكل شعبية الرئيس عبد الفتاح السيسي. على حد قوله.

وبغض النظر عن أهمية المقاطعة نظريا والتي تحدث عنها أكثر من أستاذ علوم سياسية إلا أنه يبقى الواقع المؤلم بأن الانسحاب من الانتخابات ومقاطعتها لا يصب إلا في مصلحة حزب النور السلفي وتيار الإسلام السياسي؛ لأسباب كثيرة: أولها أن الأحزاب التي قامت بمقاطعة الانتخابات والتحالفات والقوى الديمقراطية التي انسحبت تواجدها في الشارع السياسي ضعيف، وليس لديهم الكتل التصويتية التي يستندون إليها لخوض المعركة الانتخابية، هذا جانب والجانب الآخر على مستوى التحرك القانوني تجاه الأحزاب الدينية فلم ينشط هذا التحرك إلا بدايات أغسطس الماضي، بعدما تم الإعلان عن موعد الانتخابات وكأن الأحزاب الديمقراطية كانت في سبات طيلة عامين كاملين فلم يتحركوا على أرض الواقع لجزب عضويات في أحزابهم من ناحية ومن ناحية أخرى لم تتحرك هذه الأحزاب لجذب الكتل التصويتية وتغيير اتجاهات التصويت لهذه الكتل، بينما كان حزب النور السلفي ممثل تيار الإسلام السياسي هو الذي يقوم بهذا الدور، مما أعطاه ثقلًا سياسيًّا في الشارع المصري، وعلى المستوى القانوني كما قلنا جاء متأخرًا لدرجة كبيرة. مما يلفت الانتباه إلى أن القوى الديمقراطية وباقي تيار الإسلام السياسي قد تركوا الساحة الانتخابية خاليةً تمامًا أمام حزب النور وتحالف "في حب مصر" الذي يغلب على عضويته الانتماء لدولة مبارك، سواء كانوا رجال أعمال أو عسكريين متقاعدين.