فتوى "داعشية" للدكتورة سعاد صالح: "أسرى الحرب من النساء ملك يمين"
الإثنين 14/سبتمبر/2015 - 07:54 م
طباعة
اشتعلت حرب ضروس ضد سعاد صالح أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، بسبب دفاعها عن "ملك اليمين" بقولها: أنه كان منتشرًا قبل الإسلام وكان يسمي " بيع الأحرار!
وكانت دكتورة سعاد قالت في برنامج "فقه المرأة " عبر فضائية “الحياة 2” في إجابتها عن ملك اليمين؛ أنه عندما جاء الإسلام نظمه بألاّ يكون إلا عن طريق الحرب المشروعة بين المسلمين وأعدائهم، ثم توضـّح قائلة: يعني لو أننا حاربنا إسرائيل، وإسرائيل هذه مغتصبة للأرض بل ومعتدية علي البشر وعلى العقيدة، ثم تضيف: “وطبعا نحن نتكلم عن مستحيل، يعني مستحيل أن يأتي اليوم الذي نحارب فيه إسرائيل – ولو أن سورة الإسراء بشرت بذلك -وليس مستحيلا على الله سبحانه وتعالى”، فأسرى الحرب من النساء هم ملك اليمين وحتى يتم إذلالهن يصبحن ملكا للقائد أو الجيش أو المسلم يستمتع بنسائهم !
وتكاد تكون ردود متابعي بعض الصفحات بمواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر، مجمعة على مهاجمة د. سعاد وتضعها في ذات المأزق،
وقال كثيرون في ردودهم : هل تقبلين يا دكتورة أن يتم أخذك أو أخذ بناتك أسيرات حرب ليستمتع بهن أي قائد عسكري اجنبي يمكنه احتلال بلدك، أو ماذا ستفعلين لو كنت في الموصل بالعراق ، أليس ما تفعله داعش هو هو ذاته ما تنادي به الدكتورة سعاد.
فهل تقدم دكتورة الأزهر هذه الفتوى لتنظيم الدولة "داعش" لتبرئة ساحتهم من اغتصاب السيدات العراقيات والسوريات؟ ام انها تقدم مبررا لتنظيم ولاية سيناء لممارسة الاغتصاب في النساء المصريات اللائي يقعن تحت ايديهم؟
فغاية ما تقوله الدكتورة سعاد صالح هو تحليل الزنا تحت مسمى "ملك اليمين" وتناقض به آيات قرآنية صريحة سوف يتم مناقشتها في هذا الجزء من التعليق على فتواها، فقد شرع الله التزاوج بين الذكر والأنثى منذ آدم عليه السلام فقال
)يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عليْكُمْ رَقِيباً) (النساء:1)
و كان في ذلك الوقت لا يوجد نظام الرق فكان كل النساء احرار فكان المصطلح القرآني هو الزواج بين الرجال و النساء
و بعد مده ظهر نظام الرق و قد ظهر ذلك زمن سيدنا موسى (وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائيلَ) (الشعراء:22) و مع وجود العبودية الا ان نظام الزواج في طبقه العبيد استمر ساريا ومن هذا الزواج و لد سيدنا موسى و لا يمكن ان يقبل الله ان يكون سيدنا موسى من سفاح او تسريه ؟
و من قبل موسى سيدنا ابراهيم قد تزوج اولا السيدة ساره ثم تزوج من السيدة هاجر و هي جارية و ليس كما يقال في الكتب انه كان يتسرى بها و ذلك بنص التوراة في الاصحاح السادس عشر من سفر التكوين (فأخذت ساراي امرأة ابرام هاجر المصرية جاريتها من بعد عشر سنين لإقامه ابرام في ارض كنعان وأعطتها لإبرام و جعلها زوجة له)
فمن أين جاءوا بالفرية التي تقول إن إبراهيم كان يتسرى بهاجر؟ و يتسرى أي يلهو معها لتسري عنه؟
الجواب هو انهم و ضعوا اسم سيدنا ابراهيم ابو الانبياء القدوة لجميع الانبياء مع اسم سيدنا محمد و جمعوهما في موضوع التسري بالجواري حتى يؤكدوا أن التسري من عهد ابراهيم و ليس بدعه في دين الاسلام كما ارادوها فاحشه في دين الاسلام و قد صدقها رجال النقل بدون عقل ووضعوها في كتب الفقه على انها شرع من عند الله القائل (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ) (الشورى:21)
ومع وجود الرق في الاسلام وّضع الله القاعدة الاساسية لمعاشرة الرجل للمرأة وهي الاحصان أي الزواج أي النكاح و ذلك في قوله تعالى (ْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ) (النساء:24)
و معنى تبتغوا بأموالكم أي سواء كان المال المدفوع لمعاشره النساء مهرا للحرة او كان المال المدفوع مهرا للامه او لشراء الامه للزواج بها فهو حلال عند الله و غير ذلك يكون سفاح أي زنا لا يقبله الله
وكذلك قول الله (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ) (المائدة:5)
أي أن الأحصان وهو الزواج هو الطريق الوحيد في شرع الله لمعاشرة النساء وهذا الاحصان هو الاساس سواء كانت الزوجة حره أو امه ولكن وللتفريق بين صنفي النساء في وقت الاسلام الاول اطلق على المرأة الحرة إذا نكحت انها زوجه وتستحق المهر والأَمة تسمى ملك يمين إذا نكحها سيدها أي عقد عليها و عقدها يسمى نكاح ايضا و لكن بدون مهر لان مهرها هو عتقها بالزواج.
أما إذا تزوجت الأمَة من رجل حر فتكون له زوجة، وهي ملك يمين رجل آخر ويكون لها مهر والنكاح يكون بإذن اهلهن كما قال الله)، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ) (النساء:25)
ونتساءل هنا بعد هذه المقدمة كيف يدعو الله الى الزواج من الاماء المؤمنات و هن حلائل لمن يملكوهن بدون عقد نكاح؟ اليس هذا منافيا للفطرة التي فطر الله عليها الرجال الراغبين في الزواج ؟ و هل لأن الرجل غنى يحل الله له الزواج و التسري معا؟
و ما معنى التسري؟ اليس هو معاشره بدون عقد نكاح ؟ الا يتطابق هذا المعنى مع الزنا ؟ و خصوصا وانه لم يرد لفظ التسري في القرآن مع ورود الفاظ الأحصان والزواج و ملك اليمين و النكاح
و ماذا لو رفضت الجارية معاشره سيدها بدون عقد نكاح؟ هل يكرهها على ذلك؟ و الاسلام لا ضرر فيه ولا ضرار كما علمنا رسول الله في سنته الشريفة والله هو القائل (وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) (النور:33)
ألم يروِ البخاري ومسلم عن رسول الله (من كانت عنده جارية فعلمها و أحسن تعليمها وأحسن إليها ثم اعتقها وتزوجها فله أجران) فلماذا إذًا يتزوجها إن كانت معاشرتها حلالًا؟
و هل الإسلام يبيح إهداء الجواري للرجال للمعاشرة والتسري بدون عقد نكاح؟
أليس هذا ما ألصق برسول الله بالنسبة إلى السيدة مارية القبطية؟ و بسيدنا إبراهيم مع السيدة هاجر؟
و الله يأمر المسلمين عند زواجهم من الجواري ان يكون هذا الفعل احصان و ليس سفاح كما قال الله ( فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ) (النساء:25)
و قد أحل الله لرسول الله زوجاته كلهن في سورة الأحزاب و لم يذكر التسرية إطلاقا حيث قال:
)يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ) (الأحزاب:28) و هنا لم يفرق الله بين الزوجة الحرة ولا ملك اليمين وسماهن كلهن أزواج النبي وأتبع ذلك بقوله يا نساء النبي أيضًا أي كلهن مثل بعضهن مع وجود ملك اليمين بين زوجات النبي مثل السيدة صفيه و السيدة ماريه و السيدة جويريه
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عليك) وهنا يوضح الله نوعين من الأزواج الأول هو الذي يعطى فيه المهر والثاني هو الذي يكون عتقه هو المهر
)لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً) (الأحزاب:52)
وهنا يحرم المولى عز وجل على رسوله الزواج من الحرائر و يسمح له بملك اليمين من الغزوات لزيادة العتق بين الاماء
)وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ) (المؤمنون:5)
)إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) (المؤمنون:6)
وهنا أباح الله معاشرة الحرائر من الزوجات أو ملك اليمين بالإحصان وليس بالسفاح.
و الخلاصة أن الله لا يأمر بالفحشاء وهو الزنا باسم التسري بملك اليمين بدون عقد نكاح كما قال (وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) (الأعراف:28)
وأن رسول الله تزوج من جميع نسائه سواء الحرائر منهن أو ملك اليمين محصنًا وليس مسافحًا