إسهامات الأقباط المجهولة في الحضارة الإنسانية
الأربعاء 16/سبتمبر/2015 - 05:07 م
طباعة
اسم الكتاب – إسهامات الأقباط في الحضارة الإنسانية
الكاتب – عبد صموئيل فارس
الناشر – صفصافة – القاهرة 2015
يضم كتاب "إسهامات الأقباط في الحضارة الإنسانية" ملخص أبحاث مؤتمر "الحياة في مصر خلال العصر القبطي" الذي نظمته مكتبة الإسكندرية في سبتمبر 2010 وضم 120 باحثًا متخصصًا في علم القبطيات. وهو تخصص تهتم به دول وجامعات العالم المتقدم بصورة مبهرة . تجعل تجاهل مصر لهذا التخصص أمرًا كارثيًّ. ويقول الدكتور عماد جاد في تقديم الكتاب في الوقت الذي تُخصص كبرى جامعات أوروبا وأمريكا الشمالية أقساما مهمة لدراسة الحضارة المصرية القديمة، ويتخصص علماؤها في القبطيات، فإن جامعات مصر ذاتها تتوارى خجلًا، فلدينا ذخيرة تتمثل في اللغة المصرية القديمة التي تعد القبطية امتدادًا طبيعيًّا لها، وما من اهتمام بها سوى من قبل الكنائس، وعدد من الأسر القبطية في صعيد مصر تحديدًا، ويضيف جاد قائلًا: في تقديري أن محصلة كل ذلك تتمثل في عدم معرفة المصريين بإنجازات أجدادهم الفراعنة. ونقصد بذلك جميع المصريين. ولكن في زمن الانحطاط والتدهور بات قدرًا لا بأس به من المصريين ينظر بسلبية إلى أجداده. فقد ألحوا عليه أنهم كانوا وثنيين. وأشاد جاد بالباحث الشاب المثقف عبد صموئيل فارس الذي اهتم في الكتاب بتقديم صورة موضوعية وموجزة عن الحضارة القبطية.
تعرض الكتاب للغة القبطية والفن والموسيقي والثقافة والأدب والصناعة والعمارة والفلك، ودور الأقباط في العلوم والطب، وأثرهم على أوروبا، خاصة في نشر فكرة الرهبنة المسيحية التي أسسها المصري أنطونيوس- مواليد بني سويف- وأصبح أبا الرهبان في العالم.
صناعة الدواء
ورث الأقباط عن أجدادهم الفراعنة براعة في الطب والتشريح والكيمياء والصيدلة والهندسة والفلك، واستمروا في نبوغهم في هذه العلوم طوال العصرين اليوناني والروماني، حتى أصبحت مدرسة الإسكندرية هي أقوى مدارس العالم في هذه الدراسات، ثم تأسست المدرسة القبطية المسيحية، وتابعت أيضًا دراسة هذه المواد، ونتج عن ذلك نهضة علمية لا مثيل لها، وتخرج بها كثير من علماء العالم القديم مثل (هيرو فلاس) مؤسس علم التشريح و(ايرستسراتوس) مؤسس علم وظائف الأعضاء و(كرنيليوس كسلوس) الذي وضع تذكرته الطبية الشهيرة لمنع تليف الأسنان. وسرابيون السكندري الذي تعمق في دراسة عقاقير قدماء المصريين واستمرت قائمته حتى القرن الـ18. وقد وضع العالم تل بحث في العقاقير الطبية القبطية. وبين مدى تقدم الأقباط في الصيدلية. كما وضع العالم (دوسن) كتابًا عن (تاريخ الطب عند الأقباط في القرون الأولى للمسيحية)، ومن المخطوطات في هذا المجال بردية شاسيناه التي تشرح علاج العيون ومداوة الخراجات، وعلاج بعض أمراض النساء والأطفال. ويقول الباحث (نيت ولتسكي) في كتابه الطب الشعبي المقارن: إن كثيرًا من العلاجات والمستحضرات المعروفة في أوروبا منذ القرون الوسطى تحمل الطابع المصري الذي طوره الأقباط، وكان المرجع الطبي الذي كتبه يوحنا النيقاوي من أهم المراجع الطبية عند العرب.
الحياة اليومية والاجتماعية
تحتفظ المتاحف الدولية بالعديد من الأدوات والبرديات التي سجل عليها الأقباط الكثير من حياتهم، وتكشف عن تقدمهم في مجالات عديدة، ومن هذه الأدوات.
البردي: وكان الأكثر استعمالًا من بين المواد الأخرى. وكان قد بُدئ استخدامه في الكتابة من حوالي عام 3000 ق. م إلى ما بعد 1000 بعد الميلاد. ولأن أوراق البردي تفقد مع الوقت مرونتها؛ لذلك لم تكن جيدة لعمل الكتب أو اللفائف.
الرَّق: ويصنع من جلود الحيوانات، وهو أكثر مرونة من ورق البردي، ولا يتلف بسرعة؛ لذلك استخدم بكثرة في صناعة الكتب، وبالأخص في الكتب الدينية. ونظرًا لارتفاع أسعاره؛ فلم يستخدم في الكتابة في أمور الحياة اليومية العادية.
الأوستراكا: وهو اسم يطلق على شقف الفخار وقطع الحجر الجيري وحجر الصوان. وكانت أسعاره زهيدة، وكان يستخدم عند عدم توافر ورق البردي، فقد عثر على أوستراكا يعود تاريخها إلى القرن السابع الميلادي سجل بها خطاب جاء فيه: "أنا آسف لأني لا أملك بردية في الوقت الحالي. أوَدُّ أن أبلغك بالمستجدات في الأمور التي كتبت لك عنها في خطابي السابق".
الورق: ظهر الورق في مصر في القرن التاسع الميلادي، وبدأ يتفوق على البردي حتى انتشر استخدامه، بينما توقف استخدام البردي.
الألواح الخشبية: وهذه استخدمت في كتابة النصوص المستديمة، مثل قطع الصلوات، والصيغ القانونية الثابتة، في مكاتب الكتبة أو مكاتب الشهر العقاري.
الألواح الشمعية: وهي عبارة عن ألواح خشبية سميكة كانت تُصَبُّ عليها طبقة من الشمع ثم يُسوَّى سطحه، ثم بقلم مصنع من الخشب أو المعدن كان يتم الكتابة عليه. وعند الاستغناء عن المكتوب فيه، يمكن تسوية الشمع من جديد ثم يعاد الكتابة عليه مرة أخرى.
الأقلام: استعمل القبطي "القلموس" المصنوع من الغاب في الكتابة على البردي والورق والفخار والحجر الجيري وحجر الصوان. ولكن للكتابة على لوح الشمع، فقد استخدم "الأستيلوس" وهو قلم مصنوع من مادة شديدة الصلابة.
في أوستراكا "قطع الفخار المكسور" يعود تاريخها إلى القرن الثامن الميلادي مساحتها 10- 16 سنتيمترًا، وردت الأسماء الآتية: شنوتي، بتروس، كوزما، هارون، نيوسجوروس (ديسفوروس)، فييي، نازه، قلته، بيشا، سويروس، جيراجوس (جوارجيوس أي جورج)، ستيفانوس، باولا (بولا)، ميناس (مينا)، هيلياتس.
أوروبا
انتشرت فكرة الرهبنة القبطية في أوروبا من خلال عدة طرق، منها الرحالة الأجانب الذين جاءوا إلى مصر وزاروا الأديرة المصرية، ثم أعجبوا بالفكرة ونقلوها إلى بلادهم ومنهم روفينوس وبلاديوس ويوحنا كاسيان وجيروم. كما سافر رهبان أقباط لأوروبا وأسسوا أديرة هناك، مثل الرهبان السبعة من دير المحرق بصعيد مصر الذين سافروا إلى أيرلندا، وأسسوا ديرًا هناك في القرن الخامس الميلادي.
التربية والتعليم
الكتاب بلغته البسيطة السلسلة ومعلوماته الجذابة يصلح لتعويض النقص التعليمي الذي يغيب الحضارة القبطية عن مناهج التعليم. ويسد فراغًا تشارك فيه وسائل الإعلام المختلفة بتجاهل الأقباط وحضارتهم وتاريخهم.