الابتزاز الإخواني للبرلمان الشرعي الليبي يهدد المفاوضات
الخميس 17/سبتمبر/2015 - 03:33 م
طباعة

يبدو أن ليبيا لم يُكتب لها الاستقرار، في ظل حالة الصراع الدائمة التي تشهدها أطراف النزاع، فمع كل بادرة أمل تعود النزاعات مجددًا بين طرفي الخلاف.

فما بين المؤتمر المنتهية ولايته المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين والذي تواليه ميليشيات فجر ليبيا، وبين البرلمان المعترف به دوليًّا ويواليه الجيش الليبي، يتصارع الطرفان على أسبقية اللاحق بالسلطة، فكل طرف يريد الصعود على حساب أمن واستقرار البلاد، وعلى الرغم من دخول الحوار الليبي في مرحلة مطمئنة، إلا أن كل طرف متمسك بمطالبه الذي عرضها على البعثة الأممية بقيادة برناردينو ليون.
فمن جانب المؤتمر الوطني الإخواني، طالب باستبعاد اللواء خليفة حفتر من الجيش الليبي تمامًا حتى يوافق على استكمال المفاوضات؛ الأمر الذي رفضه البرلمان المعترف به دوليًا، متهمًا بعثة الأمم المتحدة بالتخاذل لصالح الإخوان، ملوحًا بالانسحاب من المفاوضات حال ترضية الإخوان على حساب البلاد.
ويرى محللون، أنه في حال انسحاب البرلمان المعترف به دوليًّا من المفاوضات، سيعود الحوار إلى نقطة "الصفر"، وقد ينتهي أيضًا على لا شيء؛ الأمر أصبح معقدًا للغاية مع تمسك كل طرف برأيه على حساب مصلحة البلاد.
في هذا السياق قالت مصادر: إن البرلمان الليبي يدرس الانسحاب نهائيًّا من المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة لتشكيل حكومة وفاق وطني، خاصة بعد أن وافق ليون على شروط المؤتمر الوطني المنتهية ولايته بما فيها إدماج الميليشيات المسلحة في الجيش الليبي بل وفي قيادته.
وأضافت المصادر أن رئيس البرلمان صالح عقيلة قويدر أبلغ ليون أن البرلمان المعترف به دوليًّا لن يقبل أي تدخل خارجي في أمر الجيش وقيادته، خاصة أن القيادة العسكرية تركز جهودها على مواجهة المجموعات الإرهابية في الشرق، وأن أي تعديلات عليها قد تؤثر على هذه المعركة، خاصة أن قيادات من فجر ليبيا التي يريد ليون إدماجها في الجيش على صلة قوية بتنظيمات متشددة في الشرق.
فيما دعا يونس فنوش، عضو البرلمان، على المضي قدمًا في تشكيل حكومة وفاق وطني، بمعزل عن بقايا المؤتمر الوطني المبتعث من الموت على حد وصفه، وربما بمعزل حتى عن الأمم المتحدة، إذا لم يقبل ممثل أمينها العام هذا العرض.
وكانت مطالب الحكومة المعترف بها دوليًّا بأن يفضي أي اتفاق مع المجموعة المسيطرة على العاصمة طرابلس إلى تسليم أسلحة الميليشيات، معتبرة أن عدم تسليم الأسلحة يعني ارتهان أي حكومة قادمة لهيمنة الميليشيات، وتكريسًا لانقسام ليبيا إلى كيانين سياسيين.

في سياق متصل، نفى ليون انسحاب أي من الأطراف الليبية المشاركة في الحوار في مدينة الصخيرات بالمغرب؛ وذلك بعد رفض مجلس النواب في مدينة طبرق التعديلات الجديدة على مسودة الاتفاق النهائي.
وقال ليون: إن فرص النجاح في التوصل إلى اتفاق لا تزال قائمة، وبأنه ينتظر عودة كل الأطراف إلى طاولة المفاوضات في غضون يوم أو يومين.
وأكد المبعوث الأممي أن رسالته إلى أطراف الحوار الليبي هي أن القرار هو قرارهم، وأن الأمم المتحدة ستحترم قرارهم أيًّا كان.
ويرى مراقبون أن المفاوضات وصلت إلى وضع صعب، وأن مواقف الطرفين أصبحت متباعدة.
وقال موسى الكوني، عضو وفد المستقلين، إلى الحوار السياسي الليبي في الصخيرات: إن ليون ألمح لهم عن نيته تسليم مهمته إلى مبعوث جديد بعد 20 سبتمبر الجاري.
وتأتي هذه التطورات بعد أن أعلن البرلمان رفضه التعديلات الجديدة على مسودة الاتفاق النهائي لحل الأزمة الليبية التي قدمها المؤتمر الوطني العام واعتمدتها بعثة الأمم المتحدة في الجولة الثامنة من حوار الصخيرات.
وصوت مجلس النواب بالأغلبية على رفض التعديلات بسبب ما قال إنه إعادة لفتح باب التعديلات وإعادة الحوار إلى نقطة البداية.
محمد أمير عضو مجلس النواب قال: إن التعديلات ستؤدي لإقصاء اللواء المتقاعد خليفة حفتر عن قيادة الجيش المنبثق عن البرلمان المعترف به دوليًّا، وإنها تهدف لإلغاء أي قرارات أصدرها مجلس النواب في الشأن العسكري.

وأصدر المجلس بيانًا أكد فيه على الالتزام ببنود الوثيقة الموقعة بالأحرف الأولى، والتي تم التوقيع عليها في نهاية يوليو الماضي، دون المؤتمر المنتهية ولايته، حيث كان رافضًا للبنود التي جاءت بالمذكرة.
يُذكر أن مدينة الصخيرات شهدت في شهر يوليو الماضي التوقيع الأحرف الأولى على اتفاق من طرف مختلف الأطراف المجتمعة، بمن في ذلك رؤساء الأحزاب السياسية المشاركين في الجولة السادسة للمحادثات السياسية الليبية مع تسجيل غياب لممثلي المؤتمر الوطني العام.
وانتقد مجلس النواب إصدار بعثة الأمم المتحدة الراعية للحوار الليبي وثيقة جديدة بها بعض المقترحات الجديدة، معتبرًا ذلك مخالفًا لما تم الاتفاق عليه.
وقالت لجنة الحوار التابعة للمجلس، في بيان لها: "طالبت اللجنة أن يتم تقديم المقترحات في ورقة لوحدها باعتبارها مقترحات، دون أن يتم تضمينها في الوثيقة؛ وذلك لأنه لم يتم الاتفاق حولها حتى الآن".
وكان ليون أعلن عن "توافق في الآراء بشأن العناصر الرئيسية" لتشكيل حكومة وحدة وطنية في البلاد، متوقعًا التوصل قريبًا إلى اتفاق بشأن الحكومة.
وقال ليون: إن طرفي الحوار الليبي الذي يعقد في الصخيرات بالمغرب، استطاعت تجاوز خلافاتها بشأن 8 نقاط من أصل 9، وأضاف: "إنه يوم مهم جدا لليبيين؛ لأن ممثليهم وضعوا مصلحة بلدهم فوق كل اعتبار، وأظهروا إرادة سياسية وعملوا بمرونة للتوصل إلى هذا الاتفاق".
وأقر المبعوث الأممي بوجود اختلافات في المواقف المعبر عنها من الأطراف المشاركة في الحوار، مؤكدًا أن هذا الأمر "عادي" وغالبًا ما يصاحب اللحظات الأخيرة قبل التوقيع على أي اتفاق.
في سياق مواز بدأت دول الجوار تتعامل مع ليبيا ككيانات مستقلة؛ حيث إن الدور الجزائري قد تنامى في تعامله مع ميليشيا فجر ليبيا المرتبطة بجماعة الإخوان، بالإضافة إلى العلاقة القوية التي تجمع مصر مع البرلمان.
ويرى أغلب المتابعين للشأن الليبي إلى أن مسار التفاوض وصل إلى طريق مسدود، بعد موقف البرلمان الليبي المعترف به دوليًّا من التعديلات التي أدخلت على مسودة اتفاقية الصخيرات الموقعة في يوليو الماضي.