التحذير من المد الشيعي.. يعود إلى الواجهة في المغرب

الخميس 17/سبتمبر/2015 - 03:54 م
طباعة التحذير من المد الشيعي..
 
عاد من جديد الحديث عن المد الشيعي في المغرب، وسط جدل كبير بين التيار السلفي والتيار الشيعي، في ظل نجاح الشيعة المغاربة في تأسيس أول جمعية لهم وهي "الخط الرسالي"، وفي ظل الحراك الانتخابي في المملكة الواقعة عل المحيط الأطلسي.

تحذير من المد الشيعي

تحذير من المد الشيعي
فقد حذر الناشط السلفي المغربي محمد الفزازي، سلطات المملكة من الند الشيعي في البلاد، داعيا السلطات المغربية للتدخل بقوة للوقوف في وجه ما وصفه بالمد الشيعي؛ "لأنه مشروع فتنوي له صلة بإيران وخطر فادح على أمن المغاربة الروحي".
وفي إجابة حول حقيقة خطر المد الشيعي المغربي، أكد الفزازي لصحيفة "هسبريس" المغربية، وأرجعه إلى كون ولاء كل مغربي شيعي هو لإيران ومراجعها الشيعية الكبرى، موردًا أن المنفذ السياسي والاقتصادي لطهران "يمر عبر المسالك الثقافية والدينية التي تحمل في باطنها المد الشيعي المذهبي".
وفيما ابتعد الفزازي عن تكفير الشيعة، واصفًا إياهم بالطائفة "التي تصنع إسلامًا آخر"، أعلن رفضه لتواجد مغاربة فوق أرض وتحت سماء المغرب يحملون ولاءات سياسية ودينية "خارجة عن الإجماع الوطني"، مضيفًا: "هذه بذور فتنة أن نعطي لهؤلاء فرصة ليعبروا عن رأيهم انطلاقًا من مبادئ حقوق الإنسان، ثم نسمح لهم بالحُسينيات وإعلان ولائهم لإيران، فنصنع دويلة من داخل دولة".
ومن بين الهيئات التي انخرطت في الحملة التحسيسية بخطر الفكر الشيعي، حركة "التوحيد والإصلاح"– فرع تنظيم الإخوان المسلمون في المغرب؛ حيث نظمت ندوة علمية بعنوان التشيع: الظاهرة، المحاذير، الوقاية، ساهم في تأطيرها كل من المفكر الإسلامي "امحمد طلابي"، والدكتور عادل رفوش، والدكتور محمد بولوز، مسئول منطقة الرباط لحركة التوحيد والإصلاح، الذي قال: "إن تنظيم هذه الندوة يأتي لتبيان الأخطار العقدية للشيعة على المذهب المالكي السني، وتتمثل في عقيدة التقية التي بموجبها يُظهر الشيعة في كل بيئة ومجتمع ما يناسبه فيخفون كثيرًا من معتقداتهم في حال ضعف، ويعلنون عنها في حالة التمكن والقوة".
واعتبر القيادي البارز في حركة التوحيد والإصلاح امحمد الهلالي، أن المواقف المُعلنة لتيار ما يسمى بالخط الرسالي لن تحجب ما تُخبئه التقية من رهانات دينية وأمنية وسياسية"، مضيفًا: "أن محبة آل البيت لن يزايد أحد فيها على المغاربة لأنهم آل البيت، وتحدى الهلالي الشيعة المغاربة في ادعائهم الولاء لإمارة المؤمنين، داعيًا إياهم إلى التبرؤ من الإمام الغائب في سردابه والولي الفقيه في إيران والتنظيم الدولي للحرس الثوري الذي يضرب في سوريا والعراق واليمن، ويهدد شمال إفريقيا بمباركة روسية أمريكية لإعادة تقسيم العالم العربي".
أما المفكر امحمد طلابي فقال: "التقريب بين الشيعة والسنة خرافة، لكن يمكن أن نتعايش من أجل بناء تكتل إسلامي قوي له حضور في القيادة الحضرية للقرن الواحد والعشرين، فلنا نبي واحد ووحي واحد".
وأوضح طلابي أن هذا التعايش بين السنة والشيعة لا يعني التقارب دون أن يعني قطع شعرة معاوية فـ التعايش لا يعني الاندماج، وقال: "يجب علينا أن نرفع شعار أن تشييع السنة جريمة شنيعة، وتسنين الشيعة (جعلهم يتبعون المذهب السني) جريمة في حق الأمة"، وأن "وجود طائفة شيعية هنا قد ينتهي إلى حرب طائفية في نصف القرن". على حد قوله.
وإلى جانب هذه المبررات ثمة أسباب أخرى من مخاوف الدعاة والعلماء والجمعيات الإسلامية من تحركات الشيعة المغاربة، أحد هذه الأسباب بحسب الباحث بالمركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة، عصام الرجواني الذي يرى أن المشكل يتمثل في التشيع السياسي الذي لا يخفيه الشيعة المغاربة في مواقفهم السياسية الموالية لمحور طهران والضاحية الجنوبية والنجف، وليس في التشيع العقدي والمذهبي لأن الأخير يدخل في إطار حرية الاعتقاد ولا يشكل أي تهديد للأمن القومي للبلد.

الموقف الشيعي

الموقف الشيعي
فيما كان الرد من قيادات شيعة المغرب علي تجدد الاتهامات من قبل التيار السلفي، لوجود مد شيعي في المغرب، بأنه غيري حقيقي وجزء من التهويل لتصدير مشهد بعينه.
ورأى القيادي بمؤسسة "الخط الرسالي" الشيعية في المغرب كمال الغزالي، أن الحديث عن مد شيعي داخل المغرب وخارجه، أمر غير ثابت واقعي.
واعتبر القيادي الخط الرسالي، الذي يقدم نفسه بكونه موقعًا فكريًّا إسلاميًّا مغربيًّا مستقلًّا، بأنه "ليس مناسبًا من الناحية الأخلاقية والوطنية إشغال الرأي العام الوطني بقضايا هامشية، وإدخاله في معارك وهمية الغرض منها التغطية على بوادر أزمة اقتصادية تكاد تطيح بأول حكومة ملتحية في المغرب".
وتشير أرقام سابقة أوردها تقرير رسمي أعدته وزارة الخارجية الأمريكية حول الحريات الدينية في العالم، إلى أن عدد الشيعة بالمغربي يناهز 8 آلاف شيعي، موزعين على بعض المدن الكبيرة، خاصة طنجة ومكناس ووجدة والدار البيضاء، وهي الأرقام التي تظل بعيدة عن أي تأكيد أو نفي رسمي.

لعبة التهويل

لعبة التهويل
أما الباحث المغربي في الشأن الديني، إدريس هاني، فاستنكر ما وصفها باللعبة التهويلية تجاه الشيعة، بالقول: "بدأت اللعبة السياسية إقليميا وفجأة تحولت إلى مرض وشيعوفوبيا"، مضيفًا وهو يرد على الفزازي: "بعد صعود نجم الشيعة وقيام الثورة وظهور المقاومة، ومنذ حرب الخليج الأولى إلى اليوم لم نجد خطورة في جهة ما يذبحون ويقتلون غير الشيعة".
ونفى هاني قيام إيران بالتبشير الشيعي في العالم وفي المغرب، مشيرًا إلى وجود من قال إنهم سلفيون وهابيون "يخلقون جوًّا متعفنًا لم يعرفه المغاربة في التخويف من التغلغل الشيعي والإيراني"، مطالبًا، من جهته، وردًّا على دعوة الفزازي، السلطات المغربية بالتدخل لوقف "التغلغل الوهابي الذي يخترق المؤسسات"، ليخلص إلى ضرورة التعايش وليس التحريض على الفتنة، بحسب قوله.

المشهد المغربي

المشهد المغربي
يبدو أن المشهد الشيعي في المغرب دخل مرحلة أن يكون تحت المهجر من قبل التيارات الإسلامية الأخرى وفي مقدمتها التيار السلفي، والذي يجعل من المغرب مكانًا لصراع كلامي قد يتطور إلى صراع دموي، في حال استمر نهج التصعيد والحرب بين الفريقين، وغاب دور الدولة في إبراز أهمية التعايش بين جميع المذاهب الإسلامية، واحترام أبناء هذه المذاهب للدولة الوطنية الجامعة وعدم الارتباط بأجندات خارجية، وهو ما يجعل من نجاح التعايش أمرًا قويًّا، ولكن إذا حدث العكس فإنه ستكون هناك مواجهات بين السنة والشيعة في المغرب بشكل أو بآخر، ويبقى الرهان على فكر التعايش والدولة الوطنية الجامعة واحترام الدستور والحريات أمرًا قويًّا على تجنب المملكة المغربية مرارة الصراع السني الشيعي.

شارك