المعارض الإسلامي "أنور إبراهيم".. بين تحرك "أوباما" والقانون الماليزي
السبت 19/سبتمبر/2015 - 12:06 م
طباعة

مع استمرار اعتقال المعارض الماليزي ومؤسس حركة الشباب الإسلامي وحزب العدالة الشعبي في ماليزيا أنور إبراهيم، يبقى تحركات جماعات الإسلام السياسي وفي مقدمتها التنظيم الدولي للإخوان لدى البيت الأبيض للضغط على الحكومة الماليزية للإفراج عن أنور إبراهيم.
مناشدة لأوباما

دعت ابنة زعيم المعارضة والمحسوب على جماعة الإخوان المسلمين في ماليزيا ومؤسس حركة الشباب الإسلامي المعتقل أنور إبراهيم- إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للضغط على رئيس الوزراء الماليزي نجيب عبد الرزاق من أجل إطلاق سراح والدها والكف عن سياساته الاستبدادية.
وفي مقابلة أجريت معها في واشنطن أثناء زيارة تقوم بها لحشد دعم مسئولين وساسة أمريكيين قالت نور العزة أنور: إنه من المهم ألا يستغل نجيب زيارة أوباما لماليزيا في نوفمبر لتعزيز موقفه.
وقالت نور العزة إنها تطلب من الإدارة الأمريكية أن توجه "طلبًا واضحًا بالإفراج عن أنور بصفته سجينا سياسيًّا. على الأقل يجب أن يسمح له بإجراء جراحة.. هناك حاجة لتدخل طبي في أسرع وقت ممكن."
من هو أنور إبراهيم؟
ولد أنور إبراهيم، في 10 أغسطس 1947، وهو وزير التعليم ونائب رئيس الوزراء الماليزي السابق، ومؤسس حركة الشباب الإسلامي والتي تعد أحد أهم وجه للإخوان المسلمين في ماليزيا، وكان التمثيل الأول للجماعة بنحو 150 عضواً، ونشأت الحركة في الخارج بعد تشاور الشباب.
حركة الشباب الإسلامي (أبيم)

تأسست حركة الشباب الإسلامي(أبيم) في 6 أغسطس 1971 على يد أنور إبراهيم وعدد من رفقائه، وسجلت رسمياً في 1972، وعقد مؤتمر "أبيم" الأول في 1972 في كوالالمبور، وتكونت نواته الأولى من طلاب وخريجي الجامعات الذين جذبتهم حركة الإخوان المسلمين في مصر والجماعة الإسلامية في باكستان، وكانوا على اتصال بالمنظمات الطلابية الإسلامية داخل ماليزيا وخارجها، وكان الحزب يضم في صفوفه إسلاميين يصفون أطروحات الحزب الإسلامي بأنها تقليدية ولا تستجيب للتحديات المعاصرة في العمل السياسي، وفي 1974 اختير أنور إبراهيم رئيسا للحركة، ولكنه في 1982 استقال من رئاسة الحركة من أجل المشاركة في الحزب الحاكم "أمنو" استجابة لعرض مهاتير محمد.
وقد جاءت بهدف "إنشاء جيل جديد أصيل وإعادة النظر إلى شئون التربوية بشكل عام وكذا في أمور السياسية والاقتصادية وغيرها. وأما دورها الرئيسي في المجتمع هو الدفاع عن حقوقهم من ألاعيب المسيئين, ورفع أصواتهم إلى أصحاب السلطة وطرح أفكار إصلاحية معاصرة " وفقا محمد نعيم وكيل رئيس حركة الشباب الإسلامي (أبيم).
وتأثرت حركة الشباب الإسلامي عند تأسيسها بالعديد من الحركات الإسلامية الأخرى، بينها "الإخوان المسلمين"، وحزب "ماشومي" و"الجماعة الإسلامية"، ليصبح بعد ذلك منهج الحركة مأخوذاً من مناهج هذه الحركات وعلى وجه التحديد الإخوان المسلمين، خاصة فيما يتعلق بأسلوب التربية التي تتبناه جماعة الإخوان، كما كان أعضاء الحركة مكلفون بقراءة كتب حسن البنا ورسائله، ودراستها، فضلاً عن كتب ابن تيميه ومحمد عبدالوهاب.
منذ عام 1975 حتى عام 1982 كان أنور إبراهيم ممثلًا لآسيا والمحيط الهادئ للندوة العالمية للشباب مسلم. في عام 1988، أصبح أنور إبراهيم ثاني رئيس الجامعة الإسلامية الدولية في ماليزيا.
وحث إبراهيم الحكومة على إنشاء المنظمة الوطنية للطلبة الإسلامية بماليزيا (PKPIM لرفع مستوى الملايو الكلية الإسلامية).
ومرت الحركة بثلاث مراحل، ففي مرحلة السبعينيات كانت الحركة تشكل مجموعة ضغط طلابية كثيراً ما تصطدم بالحكومة، بينما في مرحلة الثمانينيات أضحت أكثر نضجاً واتجهت إلى أسلوب حل المشكلات والتركيز على العمل الدعوي بالحكمة، وفي مرحلة التسعينيات عملت الحركة على لعب دور أكثر حيوية وإيجابية وكانت شريكاً في بناء الدولة.
ويترأس الحركة حالياً يسري محمد، والذي اختير في أغسطس 2006، ولديها مؤسسات تعليمية وخدمية وجمعيات مدنية عديدة.
في عام 2010، منحت رابطة الاجتماعي "مسلم عالم UK" إنها جائزة الإنجاز مدى الحياة المرموقة لأنور إبراهيم في الاعتراف الخدمة الطويلة والمتميزة في مجال السياسة والفكر الاقتصادي، وتعزيز قضية الحكم الرشيد والالتزام بمبادئ الحرية، التسامح والعدالة.
للمزيد عن الإخوان المسلمين في ماليزيا اضغط هنا
أنور إبراهيم سياسيًّا

لمع نجمه مطلع التسعينيات كواحد من أبرز القادة السياسيين في ماليزيا خاصة وآسيا عامة، انتخب عضوًا في حزب منظمة الملايو الوطنية المتحدة أو اختصاراً أمنوا (UMNO) هو الحزب الحاكم في ماليزيا منذ استقلالها في خمسينيات القرن الماضي، ثم انضم إلى الفريق الحكومي 1982، والتي كان يرأسها رئيس الوزراء آنذاك مهاتير محمد.
انتخب في عام 1984، كرئيس لقطاع الشباب حزب منظمة الملايو الوطنية المتحدة، وفي عام 1986، أصبح نائبا لرئيس حزب منظمة الملايو الوطنية المتحدة.
شغل أنور إبراهيم منصب وزير الثقافة والشباب والرياضة في عام 1983؛ وزير الزراعة في عام 1984؛ وزير التربية والتعليم في عام 1986، قبل توليه منصب وزير المالية ونائب رئيس الوزراء في 1990، وكان متوقعًا له أن يخلف مهاتير في قيادة التحالف الوطني الحاكم لولا الخلاف الذي وقع بين الرجلين في عام 1998.
في عام 1998 أقيل أنور من جميع مناصبه السياسية واقتيد إلى السجن عقب اتهامه بتهم عدة، من بينها تهمة "الفساد المالي والإداري" وتهمة "اللواط"، كما حكم عليه القاضي بستة سنوات سجن في سبتمبر 1999 بتهم الفساد. لينقض الحكم في 2004. وقد شككت الكثير من المؤسسات والحكومات بنزاهة المحاكمة، ولكن ذلك لم يمنع الحكومة الماليزية آنذاك من المضي في الحكم.
وأطلق سراحه عام 2004 وواصل مسيرته السياسية بقيادة تحالف يضم ثلاثة أحزاب لتحقيق مكاسب غير مسبوقة في انتخابات 2008 و2013.
فبعد أشهر من العلاج في ألمانيا عاد لينضم صفوف المعارضة الماليزية عبر حزبه الجديد حزب العدالة الشعبي (بي كي آر)، وفي 8 مارس 2008 فاز حزب أنور إبراهيم بواحد وثلاثين مقعدا من أصل 222 مقعدا في البرلمان الماليزي. ولم يستطع أنور خوض الانتخابات بسبب الحظر الذي فرض عليه والذي انتهى يوم 15 أبريل 2008 في احتفالية حضرها عشرات الآلاف من أنصاره، لكنه صار زعيما للمعارضة الماليزية داخل البرلمان.
وفي مايو 2013 قاد أنور المعارضة لتحقيق أفضل نتائج في تاريخ الانتخابات العامة، ولكن في الأشهر الأخيرة يشهد التحالف الشعبي الماليزي المعارض (باكاتان راكيات) الذي يقوده انور إبراهيم انهيار، بسبب خلافات ونزاعات داخلية بين الحزب الإسلامي (باس) وحزب الحركة الديمقراطية (دي إي بي).
وقال أنور إبراهيم من داخل سجنه، في يوليو الماضي، بأنه سيسعى إلى إعادة تنظيم الأحزاب المعارضة، دون أن يتطرق إلى التحالف الشعبي الذي جمع ثلاثة أحزاب سياسية في عام 2008. ويضم التحالف الشعبي المعارض ثلاثة أحزاب: وهم الحزب الإسلامي (باس)، وحزب الحركة الديمقراطية (دي إي بي)، وحزب العدالة الشعبي (بي كي آر)، ويترأس هذا التحالف "وان عزيزة وان إسماعيل"، زوجة زعيم المعارضة أنور إبراهيم والذي يقبع في سجنه بعد الحكم عليه بتهمة الشذوذ الجنسي.
انهيار التحالف الشعبي المعارض الذي تأسس في 1 أبريل 2008، يعني نهاية أقوى ائتلاف شكلته المعارضة في تاريخ السياسة الماليزية، وذلك بعد أن حقق أحزابه تقدمًا كبيرًا عرف بـ (تسونامي السياسة) في الانتخابات العامة الثانية عشر 2008، وتمكن من مواصلة تقدمه في الانتخابات العامة الثالثة عشر 2013، حيث تحصل على 89 مقعدًا مقابل 133 مقعدًا للتحالف الوطني الحاكم (باريسان ناشيونال) من أصل 222 مقعدًا برلمانيًّا.
محاكماته

وفي فبراير 2015، أيدت المحكمة العليا في ماليزيا الحكم الصادر بحبس زعيم المعارضة أنور إبراهيم خمس سنوات بتهمة اللواط بعد رفض استئنافه على الحكم الصادر ضده في مارس 2014.
وستكون هذه ثاني فترة يقضيها إبراهيم في السجن بتهمة يقول: إن لها دوافع سياسية.
وينظر إلى المعارض الماليزي البارز، بحسب مراسلين، على أنه الوحيد الذي يستطيع كسر هيمنة الائتلاف الحاكم.
من جانبها، اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش حكومة رئيس الوزراء نجيب رزاق بالإصرار على تقديم أنور لـ "محاكمة ذات دوافع سياسية".
وقال أنور للمحكمة: "أؤكد على براءتي، وهذا بالنسبة لي تلفيق نابع من مؤامرة سياسية لوقف مسيرتي السياسية".
وقال للقضاة: "أصبحتم شركاء في جريمة قتل استقلال القضاء"، وهو ما دعاهم للوقوف والخروج من القاعة، حسب وكالة اسوشيتد برس.
وفي القضية الأخيرة، اتهم أنور بممارسة الجنس مع أحد مساعديه للشئون السياسية عام 2008، إذ يعد اللواط غير قانوني في ماليزيا ذات الأغلبية المسلمة.
وسبق أن أصدرت المحكمة العليا حكما ببراءته من تلك التهمة عام 2012 بسبب عدم كفاية الأدلة، لكن الحكومة استأنفت الحكم وحصلت على حكم لاحق بإدانته.
وسجن أنور، الذي يحظى بشعبية كبيرة، في السابق لمدة ست سنوات بتهمة اللواط والفساد بعدما أطيح به من منصبه كنائب لرئيس الوزراء عام 1998.
فقد أدين في عام 2000م بتهمة ممارسة اللواط مع سائق زوجته، إلا أن المحكمة العليا الماليزية ألغت إدانته باللواط، وأطلق سراحه في 2004 وسرعان ما ظهر كزعيم للمعارضة في البلاد.
ولكن في أغسطس 2008 اتهم أنور بممارسة اللواط للمرة الثانية، لكنه نجح في الانتخابات البرلمانية، وفي فبراير 2009 بدأت المحاكمة الثانية لاتهامه بممارسة اللواط، ولكن عادت المحكمة العليا لتبرئته في يناير 2012، وفي مارس 2014 ألغت المحكمة الحكم الصادر في 2012 بعد استئناف الحكومة الماليزية، وفي فبراير 2015 أيدت المحكمة العليا في ماليزيا الحكم الصادر بحبس زعيم المعارضة أنور إبراهيم خمس سنوات بتهمة اللواط بعد رفض استئنافه على الحكم الصادر ضده في مارس 2014.
مستقبل أنور إبراهيم

في إطار مساعي المعارضة الماليزية والتنظيم الدولي للإخوان في الإفراج عن المعارض أنور إبراهيم، كانت مناشدة نجلة أنور لرئيس الأمريكي باراك أوباما من أجل الضغط علي الحكومة الماليزية للإفراج عنه، في ظل سجنه الحالي، فهل سيستجيب أوباما لضغط التنظيمات الإسلامية في ماليزيا، في إطار العلاقة القوية بين واشنطن وجماعات الإسلام السياسي وفي مقدمتها الإخوان المسلمين؟ أم أن الحكومة الماليزية ستُبقي على أبرز رموز المعارضة خلف القضبان امتثالًا للقانون واحتراماً للقضاء؟