صحيفة سويسرية تجمع شهادات حول معوقات تعترض إعادة إعمار غزة

الثلاثاء 05/أغسطس/2014 - 01:44 م
طباعة صحيفة سويسرية تجمع
 
تحولت عملية إعادة البناء في قطاع غزة ومساعدة سكانه التي تسهم فيها سويسرا، إلى ما يُشبه صخرة سيزيف. إذ يتعرض كل تقدم يتم إحرازه للتدمير في كل مرة تشهد فيها المنطقة موجة عنف جديدة، وفيما يلي جملة من الشهادات التي حصلت عليها صحيفة swissinfo.ch  السويسرية عن طريق عدد من الأشخاص المشاركين في عملية إعادة البناء هذه.
تقول مها البنا، الصحفية التي تعيش في قطاع غزة: "لقد عشت عدة هجمات تمت خلال الست سنوات الماضية، لكن هجوم هذه المرة هو الأوسع، والأطول أمدا، والأكثر خبثا لاستهدافه النساء والأطفال بالدرجة الأولى". 
إذ ترى أنه بالإضافة إلى معاناة انقطاع التيار الكهربائي، ونقص المياه والغذاء والأدوية، على السكان يوميا، مواجهة القصف المدفعي والجوي الذي أدى الى مقتل زهاء ألفي شخص أغلبهم من المدنيين.
فقد اتهمت إسرائيل حماس باستخدام المدنيين كدروع بشرية، بتنصيب بطاريات صواريخها في قلب الأحياء السكنية. 
ولكن المستشار السياسي لمنظمة العفو الدولية  آبنر غيدرون، قال في حديث لإذاعة بي بي سي الدولية، بأنه لا توجد دلائل كافية تفيد باستخدام دروع بشرية من قبل حماس. لكنه قال على كل، بأن هناك العديد من المعلومات التي تشير الى ضرورة أخذ هذا الموضع مأخذ الجد.

تفاجأ لبقائه على قيد الحياة

تفاجأ لبقائه على
لكن آبنر غيدرون يرى بأنه ليس بإمكان إسرائيل، لا من الناحية الأخلاقية أو القانونية، أن تتجاهل تواجد مدنيين في المناطق التي تقوم بقصفها. إذ قال في حديثه إلى هيئة الاذاعة البريطانية: "إن انتهاكا خطيرا للقانون الإنساني الدولي لا يُرخِّص للطرف الثاني بحق ارتكاب انتهاك خطير لهذا القانون".
ويقول الدكتور ياسر أبو جميع، مدير برنامج غزة للرعاية النفسية، وهي منظمة غير حكومية تنشط في مجال الرعاية الصحية في القطاع وتدعمها الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون: "إن العديد ممن يَصِلون إلى المستشفى، يصلون في حالة صدمة، ويعبرون عن المفاجأة؛ لكونهم لا يزالون على قيد الحياة. إنهم لا يُصدّقون ذلك".
هذا الطبيب فقد 28 من أفراد عائلته في 21 يوليو الماضي، عندما أصابت قذيفة المنزل الذي كانوا يجتمعون فيه للإفطار بعد يوم صيام. لكن على الرغم من هذه المعاناة لا زال واقفا لتقديم الدعم للآخرين. في المقابل، يُقر بأن "الوضع ليس بالسهل، لكن علينا أن نتجاوز هذا الظرف للحفاظ على توازننا النفسي ولأن الوضع يتطلب أن نتآزر في هذه الظروف الصعبة".

الرصاص الطائش؟

تقول مها البنا": لقد شاهدت أوضاعا كارثية، لقد تعرفت على عدة حالات تعرض فيها الناس للقتل وهم في داخل بيوتهم، مثل هذه السيدة الحامل التي كانت برفقة حماتها وأطفالها في شقتها. لم يكونوا يقومون بشيء سيئ، ولم يكونوا في الشارع أو يقومون بأعمال مقاومة. بل كانوا مدنيين في داخل بيوتهم". 

سويسرا تجري مشاورات مع الدول الأعضاء في معاهدات جنيف

سويسرا تجري مشاورات
طلبت سويسرا بضرورة العمل من أجل "التوصل الى وقف فعلي لإطلاق النار" من أجل حماية المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي إسرائيل، ومن أجل تقديم المساعدة للعديد من الضحايا في قطاع غزة.
وقد أعادت سويسرا التعبير عن إدانتها "لكل الانتهاكات التي تم ارتكابها في حق القانون الدولي وأيا كان القائم بتلك الانتهاكات".
وفي بيان أصدرته في برن يوم 30 يوليو 2014، أعادت الحكومة السويسرية التأكيد على دعمها للجهود الدولية والتعبير عن استعدادها للإسهام في البحث عن حل سياسي للصراع.
وبوصفها البلد الراعي لمعاهدات جنيف، شرعت سويسرا في إجراء مشاورات مع الدول الأعضاء في معاهدات جنيف، عقب تقدم الجانب الفلسطيني بطلب رسمي لعقد مؤتمر للدول الأعضاء قبل نهاية السنة الجارية.
للتذكير، تسهم سويسرا منذ عام 1950 في دعم اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأوسط، ويتم ذلك بصورة رئيسية عبر منظمة الأمم المتحدة والهيئات التابعة لها. كما شرعت منذ عام 1994 في دعم عدة مشاريع تنموية في الضفة الغربية وقطاع غزة عن طريق الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون (اب التابعة لوزارة الخارجية).
هذه الصحفية تعيش في غزة برفقة طفلتيها الصغيرتين ووالدها، وشقيقتها، وشقيقها وعائلته. "وهذا هو الحال بالنسبة للعديد من الناس في غزة"، كما تقول، حيث إن "كل عائلة استقبلت إما شخصين أو أكثر ممن تم ترحيلهم".
وتضيف: "تعاني الصغيرتان من الخوف ومن الملل؛ لأن الفترة فترة عطلة وكانتا تفضلان الذهاب للشاطئ". 
كانت الصحفية تقول ذلك وهي تفكر في ما حدث لأربعة من الشبان الذين أصابتهم قذيفة وهم يلعبون في الشاطئ. إذ ترى مها البنا أنه "من المغالطة" القول بأن إصابة المدنيين تتم عن طريق الخطأ.
بدوره، يُشاطر جابر وشاح، مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، هذا الرأي ويقول: "لا يمكن لإسرائيل، بالتكنولوجيا التي توضع تحت تصرفها، أن تخطئ أهدافها".

تحد إنساني

في سياق متصل، يوضح كل من عالم الاجتماع أبو أكرم، والدكتور عائد ياغي، اللذان يُديران جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية، التي تتلقى دعما من المؤسسة السويسرية ميديكو انترناسيونال أن "طبيعة الجروح لدى المصابين، تشير إلى استخدام أسلحة جديدة تعمل على تمزيق الأنسجة الداخلية للضحايا، بحيث يصبح من الصعب بالنسبة للأطباء المحليين علاج مثل تلك الجراح".
كما تطرق المتحدثان أيضا لوصف مدى معاناة العائلات عندما تتوصل بإشعار من الإسرائيليين بقرب وقوع هجوم "إذ تعم الفوضى كلية، ويشرع الناس في الهروب دون معرفة إلى أي مكان يجب التوجه". ويقول جابر أبو وشاح: هناك "آخرون يحتمون بمنازل أو مستشفيات أو مدارس حولتها وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الى ملاجئ". ثم أضاف: "هناك سيدة وضعت مولودها وسط حوالي 50 شخصا كانوا متواجدين في أحد هذه الملاجئ. لم يكن هناك خيار آخر غير ذلك، لم يعد أمام الناس مكان يمكنهم الاحتماء به لذلك تنتهي بهم الأمور باللجوء الى المدارس رغم عدم توفيرها لما يحفظ الحياة الشخصية وافتقارها للمنشئات الصحية الكافية".

فضيحة كبرى

فضيحة كبرى
يلخص أبو أكرم الوضع برمته قائلا: "إنه جحيم. فنحن نفتقر لكل شيء.. الأدوية والمعدات الطبية وكل شيء. ولكن ما نحتاج له أولا وقبل كل شيء هو الحماية الدولية من هذا العدوان الإسرائيلي المستمر ضد الأبرياء". 
وحتى فترات الهدنة القليلة، فلم تسمح سوى بالتعرف على مدى فداحة الأضرار. إذ يقول عائد ياغي: "لقد سمح وقف إطلاق النار الذي تم يوم 26 يوليو بالتعرف إلى مدى فداحة الأضرار التي لحقت بحي الشجاعية في ضواحي غزة. فقد تمت تسوية المنازل بالأرض. وكلما تقدمت الأيام كلما أصبحت تحيط بنا رائحة الموت من كل مكان، في إشارة الى تواجد جثث تحت الانقاض".
أبو أكرم قال بغضب شديد: "إن العالم يشاهد ما يحدث بدون التدخل لوقفه، إنها فضيحة كبرى". أما جابر وشاح فأضاف قائلا: "ربما قد حان الوقت بالنسبة للمجموعة الدولية لكي تتحرك، وأن تقوم سويسرا بوصفها راعية معاهدات جنيف بالدعوة عقد مؤتمر دولي للقانون الإنساني الدولي"، واختتم بالتأكيد على أن "الكلمة المعبرة عن معاناة الفلسطينيين هي كلمة احتلال. وعلى المجموعة الدولية أن تمارس ضغوطا على إسرائيل من أجل وضع حد لهذا الإحتلال الأطول في التاريخ، والذي نتمنى أن يُصبح الأخير...".

بدءُ سريان هدنة في قطاع غزة

بدءُ سريان هدنة في
بدأ اليوم الثلاثاء 5 أغسطس 2014 سريان هدنة في غزة توسطت فيها مصر بعد تصاعد الهجمات الصاروخية التي تشنها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل.
بدأت الهدنة الساعة الخامسة بتوقيت غرينتش ومن المفترض أن تستمر 72 ساعة بما يسمح بإجراء مفاوضات في القاهرة بشأن وقف أكثر صمودا للأعمال القتالية.
قبل سريان الهدنة بدقائق دوت صفارات الإنذار في جنوب إسرائيل وإلى الشمال حتى مناطق نائية في القدس بعد زخة من الهجمات الصاروخية أعلنت حماس مسئوليتها عنها. ولم ترد أنباء فورية عن وقوع إصابات.
انسحبت القوات البرية الإسرائيلية من قطاع غزة قبل سريان الهدنة وقال متحدث عسكري إنها استكملت مهمتها الرئيسية وهي تدمير أنفاق التسلل عبر الحدود. وأضاف المتحدث أن القوات "سيعاد نشرها في مواقع دفاعية خارج قطاع غزة وستحتفظ بتلك المواقع الدفاعية".
فشلت محاولات سابقة عديدة قامت بها مصر وقوى إقليمية أخرى وأشرفت عليها الولايات المتحدة والأمم المتحدة في تهدئة أسوأ قتال بين إسرائيل والفلسطينيين منذ عامين.
يقول المسئولون الفلسطينيون في غزة: إن 1834 فلسطينيا معظمهم مدنيون قتلوا، في المقابل تقول إسرائيل: إن 64 من جنودها وثلاثة مدنيين قتلوا منذ بدء هجومها على القطاع في 8 يوليو 2014.

شارك