اليمن .. استمرار الصراع وسط تراجع الحل السياسي
الأحد 27/سبتمبر/2015 - 03:51 م
طباعة

تواصل الحكومة اليمنية في عدن مهامها في إدارة الدولة، فيما تتواصل عمليات التحالف والجيش الموالي للحكومة والمقاومة العسكرية لتحرير باقي المدن اليمنية من ميليشيات الحوثي وحلفائهم.
الوضع الميداني

دارت اشتباكات بين المتمردين الحوثيين والقوات الشرعية في منطقتين في محافظة تعز، اليوم الأحد، وواصل التحالف العربي ضرباته لتجمعات المتمردين في صنعاء، فيما تركزت الاشتباكات في منطقة ثعبات شرقي تعز، منطقة الضباب جنوب غربي المدينة، وفقاً لموقع سكاي نيوز.
وأسفرت الاشتباكات عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف الحوثيين. ولم يتسن الحصول على حصيلة دقيقة للخسائر في الجانبين على الفور.
إلى ذلك، عاود طيران التحالف العربي قصف قاعدة الديلمي الجوية، وتجمعات للحوثيين في بني حشيش شرقي العاصمة صنعاء.
كما سمع دوي انفجارات ضخمة شمالي صنعاء، يعتقد أنها ناتجة عن غارات جوية.
والسبت، دكت مقاتلات التحالف مواقع وتجمعات لميليشيات الحوثي وصالح المتمردة في مناطق محاذية للحدود مع المملكة.
واستهدفت الضربات الجوية، وفق لقطات مصورة حصلت عليها "سكاي نيوز عربية"، آليات ومواقع للمتمردين، الذين يسيطرون على مناطق عدة في محافظات يمنية محاذية للسعودية.
كما سُمع دوي انفجارات عنيفة في أحد ألوية الجيش الموالية للرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح بمحافظة البيضاء وسط اليمن، صباح اليوم الأحد، عقب غارات مكثفة لطائرات التحالف.
وقال سكان محليون، وفقاً لموقع المصدر أونلاين: إن خمس غارات شنها الطيران على مقر اللواء 26 حرس جمهوري بمديرية السوادية.
و كشفت مصادر ميدانية داخل العاصمة اليمنية صنعاء، أن قيادات بارزة في حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، استبقت الاستعدادات التي تجريها قوات التحالف لتحرير صنعاء، وقامت بمغادرتها.
ووفقاً لصحيفة الوطن السعودية اليوم الأحد، أشارت المصادر إلى أن وكيل الأمن السياسي، اللواء محمد علي الضالعي، غادر صنعاء إلى ماليزيا قبل عشرة أيام، فيما هرب مدير الدائرة الاقتصادية في الأمن السياسي، العميد أحمد جابر الردفاني، إلى مسقط رأسه بمنطقة ردفان.
وأضافت المصادر بأن هروب القياديين العسكريين جاء قبيل انطلاق المعركة العسكرية البرية لاستعادة صنعاء، وتابعت بالقول: إن أنباء تؤكد توجه قيادات عسكرية بارزة لمغادرة العاصمة، وإن حالة من الرعب تسود أوساط القادة ومقاتلي الميليشيات المتمردة، بسبب الاستعدادات الضخمة التي تقوم بها قوات التحالف العربي لاستعادة صنعاء وبقية المحافظات والمدن.
تحرير صنعاء

فيما اعتبرت صحيفة "البيان الإماراتية" خطة وزراء الحكومة اليمنية القاضية بالعودة إلى عدن والانطلاق في مهمة إعادة بناء اليمن من الداخل "تطوراً مرحباً به، يظهر إمكانية عودة بعض أشكال الاستقرار إلى البلاد، ولو بشكل مبدئي". واستدركت قائلة: "إلا أن الصورة العامة الأشمل تظهر أن مماحكات الصراع لا تزال بعيدة عن خط النهاية، سيما وأن المتمردين الحوثيين لا يزالون يحتلون مواقع داخل العاصمة صنعاء وفي محيطها. ويأتي الاستعداد لتنفيذ الحملة في مرحلة مفصلية تتزامن مع استعداد قوى التحالف العربي بقيادة السعودية لاستعادة المدينة. وقالت الصحيفة في تقرير بعنوان: "القتال في اليمن يتجه بقوة نحو صنعاء"، "اليوم، وبعد أن أحكمت قوى التحالف العربي قبضتها على أجزاء كبيرة من اليمن، فإن عودة الوزراء سرعان ما يعقبها رجوع الرئيس اليمني المعترف به دولياً عبد ربه منصور هادي". وأضافت: "ومن المرجح أن تشكل محافظة مأرب اليمنية، حيث قوى الشرعية قد تصدت للمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران والفصائل العسكرية اليمنية الأخرى التي لا تزال تبدي الولاء للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، نقطة انطلاق قوى التحالف لإعادة السيطرة على صنعاء". ولفتت إلى أن الأحداث المأساوية التي حصلت في الآونة الأخيرة أثبتت بما لا يدعو لأدنى مستوى من الشك الالتزام غير المتزعزع لدول مجلس التعاون الخليجي حيال فرض الأمن في اليمن واستعادة سيطرة الحكومة الشرعية على البلاد. وأكدت الصحيفة أنه وفي هذه المرحلة بالذات، وقبيل انطلاق عملية تحرير صنعاء، "يتعين على المتمردين الحوثيين والقوات العسكرية المنشقة التي لا تزال تعلن ولاءها لصالح أن تمعن التفكير جيداً في مصلحة اليمن، وما إذا كانت لا تزال راغبة في الاستمرار بالتخبط في النظرة الضيقة التي جرت مثل هذا الدمار الفظيع على البلاد". ولفتت إلى أن الموالين للمتمردين الحوثيين في صنعاء اتخذوا ملاذاً في المناطق المدنية الآمنة؛ حيث يستخدمون المدنيين كدروع بشرية، كما أنهم يواصلون في الوقت عينه قصف المناطق المدنية الآمنة الخاضعة لنفوذ الحكومة اليمنية الشرعية في مدن مثل تعز. وقالت: "تشير تلك الوقائع بكليتها إلى غياب الاهتمام الحقيقي من جانبهم بأحوال المواطنين اليمنيين العاديين، في خطوة تحمل نذيراً سيئاً قبيل معركة صنعاء".
صراع الحدود

وعلى صعيد صراع الحدود، كثّفت قوات التحالف عملياتها العسكرية يوم أمس، على الحد الجنوبي، بوتيرة لم تشهدها الحدود من قبل، وقامت القوات المسلحة السعودية بتمشيط المناطق الحدودية، ورصد تدمير كل التحركات للميليشيات الحوثية المتمردة وقوات المخلوع علي عبدالله صالح.
كما أعلنت القوات المسلحة السعودية، مساء السبت، استشهاد مساعد قائد اللواء الثامن بجازان جنوب غرب المملكة على الحدود مع اليمن، بعد أن أصيب في وقت سابق "أثناء قيامه بمهام عمله".
وقالت القوات المسلحة السعودية في بيان لها: إن "مساعد قائد اللواء الثامن بجازان العميد ركن إبراهيم عمر إبراهيم حمزي استشهد متأثراً بإصابته بعد نقله للمستشفى، أثناء قيامه بمهام عمله"، دون الكشف عن الطريقة التي قتل بها العميد حمزي.
وكان المتحدث الأمني لوزارة الداخلية السعودية اللواء منصور التركي أعلن في وقت سابق اليوم السبت استشهاد قائد قطاع حرس الحدود بالحرث العقيد الدكتور حسن غشوم عقيلي، ووكيل الرقيب عبد الرحمن محمد الهزازي وإصابة أربعة أفراد من زملائهما بإصابات طفيفة في تبادل لإطلاق النار مع العناصر المعادية من داخل الأراضي اليمنية.
المشهد السياسي

الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي
وعلى الصعيد السياسي، غادر الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، رئيس الجمهورية، مدينة عدن، جنوبي اليمن، متوجهاً إلى الولايات المتحدة الأمريكية للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، بعد أيام من وصوله إلى المدينة.
وبحسب موقع وكالة الأنباء اليمنية الرسمية الموالي للحكومة، فإن هادي سليقي "خطاباً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يستعرض فيه تطورات الأوضاع في اليمن، وما تشهده مختلف المحافظات من آثار وتداعيات الحرب الهمجية التي شنتها ميليشيا الحوثي وصالح الانقلابية وتجاهلهم القرارات الدولية، وفي مقدمتها القرار 2216".
وكانت مصادر حكومية يمنية كشفت منذ يومين أن الرئيس عبد ربه منصور هادي، ينوي عرض ملف على الجمعية العامة للأمم المتحدة، يتضمن انتهاكات وممارسات إبادة نفذها الحوثيون وعلي عبد الله صالح بحق الشعب اليمني.
هذا وأكد العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز في رسالة وجهها للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، أن عودة الأخير إلى عدن تمثل انتصارا على الأرض على الحوثيين، مشددًا على دعم الرياض والتحالف الدولي لليمن.
فيما أجرى نائب الرئيس اليمني رئيس الوزراء، خالد بحاح، اتصالات هاتفية بولي عهد أبو ظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ووزير الداخلية القطري، الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، والأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربي، الدكتور عبد اللطيف الزياني، لبحث تطورات الأوضاع في البلاد.
وذكرت وكالة الأنباء اليمنية الحكومية أن بحاح بحث خلال اللقاءات تطورات الأحداث والمستجدات على الساحة اليمنية، في مختلف الجوانب السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، والعلاقات اليمنية الخليجية.
وأشاد بحاح بمواقف دولة الإمارات ووقوفها الدائم إلى جانب اليمن، ومساهمتها في إعادة تأهيل المدارس والمستشفيات في محافظة عدن، معرباً عن أمله في استمرار مساهمة الإمارات في إعادة إعمار ما خلفته المليشيات الانقلابية في محافظة عدن وبقية المحافظات.
من جانبه، أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وقوف الإمارات إلى جانب أمن واستقرار ووحدة اليمن، والمساهمة في إعادة الأعمار.
كما أوضح بحاح لوزير الداخلية القطري أن الحكومة اليمنية استأنفت مهامها في العاصمة المؤقتة عدن، وتأمل في المزيد من التعاون مع قطر لدعم جهود الحكومة في عملها.
وأشاد رئيس الوزراء اليمني- خلال الاتصال مع الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربي- بالدور الإيجابي الذي يقوم به المجلس، واستمرار دعم دوله لليمن وجهودها لتجاوز التحديات في مختلف المجالات والحفاظ على وحدتها وأمنها واستقرارها.
من جانبه، أكد الزياني دعم دول المجلس لأمن واستقرار اليمن، مجدداً تأكيد دول المجلس ضرورة تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن وخاصة القرار رقم 2216.
المسار التفاوضي

وعلى صعيد المسار التفاوضي، كشفت مصادر سياسية يمنية، أن مشاورات مسقط بين المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد ووفد الحوثي والمخلوع علي صالح فشلت، بسبب تعنت الانقلابيين ورفضهم الموافقة على تنفيذ بنود قرار مجلس الأمن 2216 دون قيد أو شرط.
وأفادت المصادر، وفقاً لصحيفة عكاظ السعودية اليوم الأحد، أن الانقلابيين رفضوا الاعتراف العلني بالالتزام بتنفيذ القرار الدولي بكامل بنوده، كما رفضوا الانسحاب من المحافظات التي سيطروا عليها وتسليم السلاح.
فيما دعا الأمين العام للأمم المتحدة، الرياض إلى وقف إطلاق النار في اليمن، مستثنيا الحل العسكري لإنهاء الصراع، خلال لقائه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بنيويورك.
كما عبّر بأن عن ضرورة التوصل إلى تسوية سياسية وحل كافة الخلافات سلميا من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة.
من جهته انتقد وزير الخارجية اليمني رياض ياسين، إخفاق دول مجلس الأمن الدولي في الضغط على جماعة الحوثي للاعتراف بالقرار 2216.
وقال: "لم تستطع دول مجلس الأمن إلزام الحوثيين بتنفيذ القرار، وحتى هذه اللحظة يرفض الحوثيون الاعتراف بالقرار ويقيمون في فنادق مسقط لإجراء مشاورات دون بادرة إيجابية باتجاه تنفيذهم للقرار".
كما أكد أن الحكومة اليمنية تقوم باتصالات مكثفة في أروقة الأمم المتحدة للدفع باتجاه إلزام الحوثيين بتنفيذ القرار 2216، مشيرًا إلى ضغوط تمارس على الحكومة اليمنية من جانب جهات لم يسمها للرضوخ للأمر الواقع والتفاوض مع الحوثيين في محادثات مباشرة.
وجدد ياسين تأكيده على أهمية جهود المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد رافضا نعتها بالفاشلة، ومضيفًا أنه إذا استمر المعني بمطالبته الحكومة اليمنية بالجلوس على مائدة الحوار بصورة مباشرة مع الحوثي دون إعلان التزام واضح وصريح وموثق من الحوثي بتنفيذ القرار 2217، فإن ذلك لن يؤدي إلا للإخفاق.
واعتبر ياسين أن "نجاح المهمة المنوطة بالمبعوث الأممي يرتبط بقيامه بدفع الحوثي للاعتراف بتنفيذ القرار 2216 وحينها يمكن القول إنه بداية نجاح".
الحضور الإيراني
وحول الدور الإيراني في حل الأزمة اليمنية قال ياسين: إن الحكومة منفتحة للحوار مع إيران لحل أزمة اليمن في إطار تنفيذ القرار 2216 وبشرط أن تأتي إيران للحوار من الباب لا من النافذة، على حد قوله.
وأوضح أنه يجب أن تجلس إيران مع الحكومة "الشرعية" لليمن وتطرح مطالبها بشكل مباشر، وليس من خلال الجماعات المسلحة التي تريد الالتفاف على القرارات الدولية وفرض سيطرتها.
الوضع الإنساني

وعلى الصعيد الإنساني، وصلت شحنة مساعدات إنسانية جديدة مقدمة من دولة الإمارات إلى ميناء البريقة غرب مدينة عدن اليمنية، في حين شهد مطار أبوظبي وصول أول طلائع حجاج بيت الله الحرام العائدين إلى الدولة، ومن جهة أخرى طالب شباب مواطنون دون سن الـ18 برخص قيادة مؤقتة، وفقاً لما ورد في صحف محلية اليوم الأحد.
وأفرغت سفينة، في ميناء البريقة غرب مدينة عدن، جنوب اليمن، شحنة مساعدات إنسانية جديدة مقدمة من دولة الإمارات ضمن الجهود التي تبذلها الدولة لإعادة الأمل والإعمار للمدينة التي تعرضت للدمار جراء الحرب التي شنها المتمردون الحوثيون والمخلوع علي عبدالله صالح أواخر مارس الماضي.
المشهد اليمني

عودة الرئيس اليمين عبدربه منصور إلى اليمن، تشكل نقل قوية في عودة الدولة اليمنية، مع استمرار المعارك في تعز ومآرب، لتكون خطوة لتحرير صنعاء، وعودة الحكومة اليها، مع تعنت الحوثيين وحلفائهم في تنفيذ القرار الأممي رقم 2216، وهو ما يشير إلى استمرار الصراع رغم المساعي الحثيثة التي بذلها المبعوث الأممي في اليمن في التوصل إلى حل يوقف الحرب.