البطريرك مار كيوركيس الثالث... رجاء جديد لمسيحيي الشرق
الإثنين 28/سبتمبر/2015 - 02:27 م
طباعة
ما بين نزوح وهجرة وذكرى شهداء أقيمت أمس الأحد مراسم تنصيب البطريرك ماركيوركيوس الثالث ليكون البطريرك الحادي والعشرين بعد المئة لكرسي ساليق قطيسفون على كنيسة المشرق الآشورية بالعراق، وبوضع اليمين المباركة لكل من غبطة المطران مار أبرم موكان، مطران الكنيسة في الهند، وغبطة المطران مار ميلس زيا، مطران الكنيسة على أستراليا، نيوزلندا ولبنان، وبمشاركة جميع أعضاء المجمع المقدس للكنيسة، جرت مراسم التنصيب في كنيسة مار يوحنا المعمدان في عينكاوة في أربيل، وبحضور أصحاب القداسة من بطاركة الكنائس المشرقية، يتقدمهم قداسة البطريرك مار اغناطيوس أفرام الثاني كريم بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس الرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم، وغبطة البطريرك مار لويس روفائيل الاول ساكو، بطريرك بابل على الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية في العالم، والمبعوث البابوي الخاص الكاردينال كوخ، إضافة إلى أصحاب السيادة من مطارنة الكنائس الشقيقة والآباء الكهنة والشمامسة، وحشد كبير من الشخصيات الرسمية المدنية والحكومية ومسئولي حكومتي العراق وكردستان، يتقدمهم السيد نيجرفان البرزاني، رئيس حكومة إقليم كردستان، والسيد خالد شوان، ممثل رئيس الجمهورية، والدكتور حسين الشهرستاني، ممثل رئيس الوزراء ووزير التعليم العالي والبحث العلمي، والسيد يونادم كنا عضو برلمان العراق، إضافة إلى ممثلي الأحزاب والجمعيات وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين في اقليم كردستان، وأعداد كبيرة من المؤمنين من كافة أنحاء أبرشيات العالم.
في البدء قرأ قداسة البطريرك نص إيمان كنيسة المشرق الآشورية، قاطعاً العهد في الخدمة والإخلاص وخدمة الكنيسة، لتنساب بعدها وبخشوع مراسيم الرسامة المقدسة، لتنتهي بارتداء الحلة البطريركية المقدسة، وتسليم العصا الرعائية والتاج البطريركي لقيادة الكنيسة نحو بر الأمان.
وبعد الانتهاء من مراسم التنصيب قرأ نيافة الأسقف مار آوا روئيل وباسم أعضاء المجمع المقدس، وثيقة عهد للوقوف ودعم قداسة البطريرك الجديد في مسيرته الروحية الجديدة، أعقبه غبطة المطران مار ميلس زيا في كلمة استعرض فيها مراحل انتخاب وتقديس البطريرك الجديد وبوحي من الروح القدس وروح المحبة والشراكة لأعضاء المجمع المقدس للكنيسة، ودور مثلث الرحمات قداسة البطريرك مار دنخا الرابع في رسم الطريق الروحي الكنيسة.
وفي كلمته شكر قداسة البطريرك مار كيوركيس الثالث صليوا الله الذي بروحه القدوس أختاره لهذه الدرجة، وعبر عن عميق امتنانه لإخوته أعضاء المجمع المقدس على ثقتهم في اختياره وحمل هذه المسئولية.
واستعرض قداسته جانباً من أولويات الكنيسة في المرحلة القادمة بالأخص التكاتف والتقارب مع الكنائس الشقيقة الأخرى السريانية والكلدانية؛ لمواجهة حجم التحديات التي تهدد الوجود المسيحي في الشرق، داعياً أبناء الكنيسة إلى المحافظة على الإرث الروحي الديني والثقافي للكنيسة والافتخار بها؛ لكي تبقى الكنيسة شاهدة حية على تأريخها العريق للعالم، ولكون أبنائها ورثة حضارة عظيمة في بلاد ما بين النهرين.
وأكد قداسته أيضًا على ضرورة أن تكون جميع الخطابات الدينية والسياسية، عاملاً لبث روح المحبة والتسامح وليس للتفرقة أو للانشقاق. وفي أول تصريحاته قال على ضرورة أن يكون الخطاب الديني والسياسي عاملًا لبث روح المحبة وليس التفرقة والانشقاق، فيما طالب بالإسراع في تحرير مناطق سنجار وسهل نينوي قائلًا: إن "عودتنا لمدينة أربيل هو دليل على وجودنا"، مشيرًا إلى أن "الكنيسة قدمت تضحيات وشهداء في هذا الوطن". وأضاف صليوا: "نحن ورثة الحضارة في بلاد ما بين النهرين"، لافتًا إلى أن "الحفاظ على وجودنا ليس مهمة الكنيسة فقط وإنما هي مسئولية الحكومة والمؤسسات الأخرى أيضًا". وأكد على أهمية "احترام حقوق الأقليات"، لافتًا إلى أنه "بالمشاركة الحقيقة سنتمكن جميعًا خدمة وإدارة الوطن". وشدد على ضرورة "أن يكون الخطاب الديني والسياسي عاملا على بث المحبة وليس التفرقة والانشقاق".
من جانب آخر، أكد صليوا أن "ما تعرضت له الإيزيدية من مآسٍ وقتل وسبي النساء تسبب في جرح عميق في نفوسنا". معربًا عن شكره لـ"حكومة إقليم كردستان لإيواء أكثر من مليون ونصف نازح ومساعدتهم". وطالب بـ"الإسراع في تحرير مناطق سنجار وسهل نينوي وإعادة سكانها إلى مناطقهم".
حياته
ولد قداسة البطريرك باسم "وردا دانيال صليوا"، في مدينة الحبانية، العراق عام ١٩٤١، والديه هما دانيال صليوا ومريم صليوا حصل على شهادة البكلوريوس من كلية التربية، من جامعة بغداد عام ١٩٦٤. عين مدرساً للغة الإنجليزية، ومارس التدريس في عدة مدن عراقية، ولمدة ١٣ عاماً، وبينما كان في زيارة إلى الولايات المتحدة دعاه قداسة البطريرك الراحل مثلث الرحمات مار دنخا الرابع، لخدمة الكنيسة وتقبل الرسامة الكهنوتية.
وبعد دراسته لطقوس ولاهوت الكنيسة تمت رسامته شماساً في ١٣ أبريل ١٩٨٠ ورسم كاهناً باسم القس بولس في ٨ يونيو عام ١٩٨٠، وبعد خدمته المقتدرة ككاهن واستمراره في تعليمه الكنسي، تم ترشيح القس بولس من قبل البطريرك الراحل وآباء الكنيسة لتقبل الرتبة المترافوليطية الرفيعة على بغداد وكل العراق وذلك لشغور كرسي عيلام، برحيل مثلث الرحمات قداسة الميترافوليط مار يوسف خنانيشوع، الطيب الذكر.
رُسم القس پولس في عيد العنصرة (الفنطيقوسطي) أي حلول الروح القدس يوم الأحد السابع من يونيو ١٩٨١، بوضع يد قداسة البطريرك الراحل مار دنخا الرابع في كاتدرائية القديس مار كيوركيس في مدينة شيكاغو الأمريكية. وتكنّى الميترافوليط الجديد باسم مار كيوركيس.
وبعد وفاة البطريرك الراحل مار دنخا الرابع في ٢٦ مارس٢٠١٥ اجتمع سينودس مجلس الآباء في كنيسة مار يوحنا المعمدان في عنكاوا، أربيل، إقليم كردستان العراق في الفترة بين ١٦- ١٨ سبتمبر ٢٠١٥.
وفي يوم الجمعة ١٨ سبتمبر انتخب أعضاء المجمع المقدس غبطة الميترافوليط مار كيوركيس صليوا؛ ليكون الجاثيليق البطريرك الواحد والعشرين بعد المئة على كرسي ساليق وقطيسفون. وتمت رسامته وتتويجه في كنيسة مار يوحنا المعمدان يوم الأحد ٢٧ سبتمبر ٢٠١٥ بوضع اليد من قبل اصحاب الغبطة الميترافوليطين مار اپريم موكن ومار ميلس زيا وبشراكة يمين كافة آباء كنيسة المشرق الآشورية.
وخلال خدمته الرعوية في الكنيسة كمترافوليط، فقد تمكن من تأسيس مدرسة كهنوتية صغيرة في بغداد والتي تخرج منها كهنة وشمامسة عدة، خدموا الكنيسة في العراق والعالم. وتم إرسال بعض التلاميذ إلى أوروبا لغرض إكمال دراساتهم اللاهوتية العليا والحصول على شهادة الدكتوراه؛ حيث كان متوقعاً أن يعودوا للعراق ويشاركوا في تأسيس مدرسة كهنوتية تابعة لكنيسة المشرق.
وأسس قداسته حينما كان ميترافوليطاً أيضاً، مكتبة في مقر المطرانية في بغداد والتي تضم المئات من المخطوطات القديمة.
كما أسس قداسته مطبعة متكاملة للمطرانية والتي طبع فيها العديد من الكتب الطقسية وغيرها من كتب التعليم المسيحي لخدمة مؤمني الكنيسة في كافة أنحاء العالم.
وفي عام ١٩٩٤ وبعد سقوط الاتحاد السوفيتي السابق، استلم قداسته خدمة الآشوريين هناك؛ حيث أسس عدداً من الأبرشيات وعين كاهن متمكن لأبرشية موسكو، وافتتاح كنيسة جديدة هناك، رسمها قداسته باسم القديسو مريم العذراء. ومن هنا زاد عدد الكهنة والشمامسة الذين خدموا الرعية المتنامية لكنيسة المشرق الآشورية في روسيا.
أدار قداسته الكنيسة والرعية في العراق أثناء خدمته الميترافوليطية، وكرس جهدًا كبيرًا من أجل خدمة المؤمنين.
سافر إلى الصين عام ١٩٩٨ وأسس علاقات مع الكنائس المسيحية هناك. وقام بزيارة إجلال واحترام لمواقع الكنيسة الآشورية والتي يعود تاريخها إلى أوائل القرون المسيحية في مدينة زيان في الصين، إضافة إلى الكنائس في مناطق هكاري وماردين في تركيا. كان قداسته فعالاً في المحافل المسكونية وفي العلاقات الأخوية بين كنيسة المشرق الآشورية وبقية الكنائس والمنظمات الكنسية الأخرى وبالأخص في مجمع كنائس الشرق الأوسط ومجمع رؤساء الكنائس في بغداد.
وفي عام ٢٠٠٩، أسس قداسته مدرسة أورهاي (أديسا) الابتدائية في بغداد.