تضييق الخناق على الحوثيين في تعز.. وسط تفاقم الوضع الإنساني
السبت 03/أكتوبر/2015 - 04:30 م
طباعة

مرت 6 أشهر على بداية العمليات العسكرية للتحالف العربي في اليمن والتي أطلق عليها "عاصفة الحزم"، وتواصل قوات التحالف التقدم علي الجبهات في اليمن، ودحر الحوثيين، وسط الحديث عن توافق خليجي أمريكي للتوصل لاتفاق سلمي لإنهاء الصراع.
الوضع الميداني

وشن طيران التحالف العربي سلسلة غارات، فجر السبت، استهدفت مواقع وتجمعات للحوثيين في محافظة تعز في جنوب اليمن، وذلك لليوم الثاني على التوالي من الغارات المكثفة.
واستهدفت الغارات منطقة ثعبات وصالة والجحملية والقصر الجمهوري وتبة السلال، شرقي تعز.
كما قصف الطيران فجر اليوم مخازن الأسلحة في جبل نقم شرقي تعز؛ ما أدى إلى وقوع انفجارات غير مسبوقة، وفق سكان المنطقة.
من جهته، أكد مصدر حكومي أن المقاومة الشعبية تمكنت من السيطرة على معظم هذه المواقع العسكرية، لافتاً إلى أن العملية في باب المندب تهدف إلى تطهير الشريط الساحلي الغربي لمحافظة تعز من تواجد الميليشيات، ودعم المقاومة من الجهة الغربية للمحافظة.
في غضون ذلك شهدت منطقتا الشريجة وكرش على الحدود الواقعة بين محافظتي لحج وتعز اشتباكات عنيفة خلال الساعات الماضية.
بعد يومين من تحرير مضيق باب المندب الاستراتيجي من سيطرة الحوثيين، زار نائب الرئيس اليمني خالد بحاح، اليوم السبت، المنطقة للإشراف على نتائج المعارك.
وسيطرت قوات التحالف والمقاومة الشعبية في اليمن على "اللواء 17 مشاه" في باب المندب، ويتقدمان باتجاه مديرية المخاء بتعز.
واستهدف طيران التحالف تجمعات لميليشيات الحوثي وصالح في منطقة الجحملية، كما استهدف طيران التحالف أيضاً معسكراً للميليشيات في قصر الشعب بتعز.
ويعد بحاح الذي يتواجد في عدن أرفع مسئول حكومي يزور باب المندب وجزيرة ميون بعد تحريرهما من قبل قوات التحالف.
في غضون ذلك، كشف راجح بادي، الناطق باسم الحكومة اليمنية أن عمليات باب المندب والجزر والمناطق المجاورة، تستهدف تحرير كل المناطق الساحلية والجزر المجاورة، وأوضح أن تحرير باب المندب وجزيرة ميون، سيفتح الطريق لتحرير مدينة تعز وكل المناطق الساحلية الواقعة على البحر الأحمر.
المشهد السياسي

على صعيد آخر، أصدر الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، قرارًا جمهوريًّا يقضي بتعيين سمير عبدالله محمد الصبري مستشارًا لرئيس هيئة الأركان العامة وناطقًا رسميًّا للقوات المسلحة اليمنية.
ويعد العميد الصبري واحدًا من قادة الجيش الوطني، وسبق أن تقلد العديد من المناصب العسكرية آخرها مدرس منتدب في كليه القيادة والأركان وكلية الحرب العليا والدفاع الوطني بالأكاديمية العسكرية العليا.
وفي عدن، لقي شخصان مصرعهما ظهر السبت نتيجة انفجار لغم أرضي زرعه الحوثيون قبل طردهم من عدن.
وحسب ما تداولته مواقع إعلامية محلية، فإن لغمًا أرضيًّا كان مزروعًا في طريق عدن تعز في حي دار سعد شمال عدن، انفجر في مركبة كان يستقلها شخصان أسفر عن مصرعهما في المكان.
كما زرع الحوثيون آلاف الألغام في مدينة عدن قبيل تحريرها في منتصف يوليو الماضي.
المشهد الإقليمي

فيما قال وزير خارجية دولة الإمارات، عبدالله بن زايد في كلمته أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة: إن تحرير مدينة عدن يعد انتصاراً عسكرياً وإنسانياً، مؤكداً أن استعادة التحالف لباب المندب تعد بداية النهاية للمتمردين.
وشدد بن زايد في كلمته على ضرورة امتثال الجميع لقرارات مجلس الأمن حول اليمن.
ومن جهة أخرى، أوضح عبدالله بن زايد أن سجل إيران لا يؤهلها لانتقاد السعودية في حادثة تدافع منى، معتبراً أن استقرار أمن المنطقة مرتبط بمدى التعاون بين بلدانها.
عراقيًّا، قال وزير خارجية الإمارات: إن داعش استغل أوضاع العراق الهشة للسيطرة على الأرض.
وفي الملف السوري، قال عبدالله بن زايد "يجب تشكيل حكومة انتقالية في سوريا كخطوة لإنهاء الأزمة".
الوضع الإنساني

وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، أمس الجمعة، أن الحرب المستمرة في اليمن قتلت نحو 505 أطفال، وأصابت 702 آخرين على الأقل خلال الأشهر الستة الماضية، فيما بات نحو 1,7 ملايين طفل عرضة لخطر سوء التغذية.
وبحسب بيان صدر عنها، أكدت المنظمة أن ما يقرب من 10 ملايين طفل بحاجة ملحة للمساعدات الإنسانية. كما أضطر أكثر من 1,4 ملايين شخص إلى النزوح من منازلهم.
وقال ممثل يونيسف في اليمن جوليان هارنيس: إن "الوضع التغذوي في اليمن حرج حتى قبل اندلاع الحرب الجارية؛ لأن اليمن تنتج أقل من 10 في المائة من احتياجاتها الغذائية"، لافتاً إلى أن "اندلاع الحرب أدى إلى حدوث زيادة تصاعدية في معدلات انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية"، ما سينعكس سلباً على الأطفال، مؤكداً مضاعفة عدد الأطفال دون سن 5 سنوات ممن هم عرضة لخطر سوء التغذية الحاد خلال 2015 ثلاث مرات"؛ حيث "أصبح 537 ألف طفل عرضة للخطر مقارنة مع 160 ألف طفل فقط قبل نشوب النزاع الدائر حاليا".
وتوقعت يونيسف أن يعاني ضعف عدد الأطفال تقريباً ممن هم دون سن الخامسة، أي ما مجموعه 1,2 مليون طفل من سوء التغذية الحاد هذا العام مقارنة مع 690 ألف طفل قبل هذه الحرب، مبينة أن "نقص الغذاء وتدني القدرة على الوصول إلى الأسواق بسبب النزاع، إلى جانب صعوبة الوصول إلى المرافق الصحية وخدمات الصرف الصحي وتعطل فرص كسب العيش تُعد من الأسباب الرئيسية لهذا التدهور". كما أدى شح الوقود وانقطاع الكهرباء والغاز المنزلي والمياه والخدمات والمرافق الأخرى إلى تفاقم هذا الوضع.
وأكدت يونيسف تعرض 41 مدرسة، إضافةُ إلى 61 مستشفى للاعتداء أو التدمير، منذ اندلاع الحرب في مارس 2015.
ووصفت مسألة العثور على المياه الصالحة للشرب بـ "الكفاح اليومي من أجل البقاء" بالنسبة لأكثر من 20,4 ملايين شخص في اليمن، مشيرة إلى أن أكثر من 15 مليون شخص فُقدوا فرصة الحصول على خدمات الرعاية الصحية الأساسية، في حين تعطلت العملية التعليمية لأكثر من 1,8 ملايين طفل جراء إغلاق المدارس.
وكانت منظمة أوكسفام البريطانية وصفت الحرب في اليمن بـ"الكارثة الإنسانية" كونها عرضت الشعب اليمني لمخاطر المجاعة، مشيرة إلى أن 8 أطفال يقتلون أو يصابون كل يوم. ورصد تقرير أممي سابق ارتفاعاً في عدد الأطفال المجندين في النزاع من 156 طفلاً في 2014 إلى 377 طفلاً في 2015، بينما تؤكد منظمات محلية تضاعف هذه الأرقام.
الحضور الإيراني

فيما نفى المتحدث باسم الحكومة اليمنية المستقيلة والمدعومة سعوديًّا اليوم الجمعة، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران.
وقال راجح بادي المتحدث باسم الحكومة لـ"المصدر أونلاين": إن مجلس الوزراء لم يتخذ أي قرار بشأن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران.
وأضاف: "الجهة المعنية باتخاذ القرار هي الحكومة، والتي لم تتخذ خلال اجتماعها مساء الخميس أي قرار بهذا الشأن".
وكانت الحكومة اليمنية قد سحبت سفيرها في طهران في مايو الماضي، وذلك بعد أن حذرت الحكومة اليمنية إيران من إصرارها على تسيير سفينة شحن إيرانية إلى السواحل اليمنية ورفض تفتيشها من قبل قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية.
وتعتبر إيران الداعم الأساسي للانقلابيين الحوثيين الذين احتلوا العام الماضي أجزاء واسعة من اليمن بمساعدة ميليشيات المخلوع صالح.
وقبل بدء الحركة الانقلابية للحوثيين، كانت الحكومة اليمنية قد أعلنت عدة مرات عن توقيف شحنات أسلحة إيرانية عبر البحر أو عن كشف مخازن أسلحة أو اعتقال أعضاء في الحرس الثوري الإيراني يعملون في بناء مصنع صواريخ في شمال اليمن.
وبعد احتلال العاصمة صنعاء، أفرج الحوثيون عن الإيرانيين المعتقلين. وفي تلك الفترة أيضا أعلن الحوثيون عن توقيع الهيئة العامة للطيران المدني وسلطة الطيران المدني الإيراني مذكرة تفاهم لتدشين رحلات مباشرة بين البلدين.
ولم يتوقف الدعم الإيراني للانقلابيين بعد بدء عمليات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن الذي يدعم القوات اليمنية الشرعية والمقاومة الشعبية. وقد أعلن التحالف العربي يوم الأربعاء الماضي عن ضبط قارب صيد إيراني محملا بأسلحة في بحر العرب.
وقال بيان التحالف: إن السفينة تحمل قذائف وصواريخ، وإن قوات التحالف اعترضتها على بعد 241 كيلومترا جنوب شرق ميناء صلالة بعمان. وأضاف البيان أن القوات اعتقلت طاقم السفينة المكون من 14 إيرانيًّا.
ويأتي قرار الحكومة اليمنية بعد يوم من قرار البحرين العضو في التحالف العربي استدعاء سفيرها لدى إيران وطرد القائم بالأعمال الإيراني من البلاد، بعد ساعات من إعلان السلطات ضبط مصنع كبير لصنع المتفجرات ذو علاقة بإيران و"اعتقال عدد من المشتبه فيهم على صلة بإرهابيين في العراق وإيران".
المشهد الحالي
الحرب اليمنية تتوفر فيها جميع الشروط التي تؤهلها للاستمرار سنوات عديدة إما على وتيرتها الراهنة أو حتى على وتيرة أسرع، هكذا يسير الصراع على الأرض والصراع في الغرف المكيفة بين الأطراف المتصارعة.
والوضع اليمني، اصبح يسير من سيئ إلى أسوء يوما بعد يوم، حرب مرشحة للاستمرار لفترة أطول، في ظل فشل الجهود الدولية لإنهاء الصراع.