التقارب السعودي الإخواني.. وأثره على العلاقة مع مصر
الإثنين 05/أكتوبر/2015 - 08:30 م
طباعة


اعتبر موقع “ميدل إيست آي”، المتخصص في شئون الشرق الأوسط، أن دعوة سفارة السعودية للدكتور يوسف القرضاوي بمثابة علامة تحول تجاه الإخوان المسلمين.
وذكر الموقع أن الدكتور يوسف القرضاوي حضر احتفالية اليوم الوطني السعودي في الدوحة.
وقال الموقع، إن مراقبين اعتبروا حضور “الشيخ” للاحتفالية بمثابة علامة على التغير الطفيف في سياسة الرياض تجاه الإخوان المسلمين.
وفي تصريح لـ”رويترز”، قال أحد أعضاء الجماعة في قطر، الذي رفض الكشف عن اسمه: “إننا متفائلون الآن.. القيادة السعودية الجديدة قد تعني حقبة جديدة للشرق الأوسط حين يتم التعامل مع الإسلاميين ورؤيتهم كشركاء بدلًا من شيطنتهم”.
وأرجع الموقع هذه الخطوة إلى تولي سلمان العرش في يناير الماضي، الذي يعد أقل كراهية تجاه الإخوان المسلمين من سابقه عبد الله.
واعتبر مراقبون أن حضور القرضاوي الحفل يعد بمثابة تجسيد لإحدى نقاط الخلاف بين السعودية ومصر فيما يتعلق بالإخوان المسلمين.
العلاقات السعودية الإخوانية

بعد وفاة الملك عبدالله وتولي سلمان بن عبدالعزيز للحكم، ظهر الكثير من التوقعات التي قالت إن الملك سلمان سيغير من سياسة المملكة تجاه السيسي والإخوان المسلمين، وكان مما أيَد التوقعات ما نُشر عن سلمان أنه قال إن الرئيس مرسي يجب أن يحظى بفرصته للرئاسة كاملة، وجاءت تسريبات السيسي التي قال فيها عن دول الخليج إنها أنصاف دول وانتظر الناس ردة فعل السعودية لهذه التسريبات، فما كانت إلا تأكيد لدعم السعودية للسيسي، حيث صرح الملك سلمان أن موقف السعودية تجاه مصر لن يتغير.
إلا أنه مازال يتردد أن السعودية في طريقها لتغيير سياستها مع الإخوان المسلمين، حيث صرح وزير الخارجية السعودية سعود الفيصل خلال مقابلة مع الصحفية السعودية سمر المقرن أن السعودية ليس لديها مشاكل مع الإخوان المسلمين بل مع فئة صغيرة تنتمي لهذه الجماعة وتحمل بيعة للمرشد، بينما صرح أحمد التويجري، عضو مجلس الشورى السابق، في مقابلة على قناة روتانا خليجية أن "الإخوان المسلمين ينضوي تحتها أمم، فمن يقول إن الإخوان المسلمين جماعة إرهابية هذا كلام لا عقل فيه"، وقال "إن وزارة الداخلية لم تقل هذا وأن هذا تفسير أعداء الدين لبيان وزارة الداخلية، هذا الكلام لم تقله وزارة الداخلية ولا المملكة العربية السعودية"، وأضاف موضحًا "هناك شيء يسمى السياق في اللغة، المملكة لم تقل في بيان واحد إن جماعة الإخوان المسلمين هم جماعة إرهابية، هي جاءت بموضوع الجماعات الإرهابية وأضافت هذا الاسم - الإخوان المسلمين - إلى هذه القائمة، فسياق الكلام أن الجامع المشترك بين هؤلاء (الذين تم تصنيفهم كإرهابيين) هم من انتهجوا العنف ومن اعتمدوا الإرهاب ومن اعتمدوا الخروج الباطل على السلطان، هؤلاء الذين انطبقت عليهم هذه الشروط سواء أكانوا من الإخوان أم من غير الإخوان، ينطبق عليهم وصف الجماعات الإرهابية"، وقال ختامًا إن "المملكة لا يمكن أن تعادي من فيه حب للإسلام وخير للمسلمين".

إلا أن أحمد التويجري أشار إلى نقطة مهمة جدًا وهي أن العلاقة بين الإخوان والمسلمين والمملكة علاقة تاريخية، مذكرًا باحتواء المملكة للإخوان المسلمين بالتحديد في عهد الملك فيصل في محنتهم مع جمال عبدالناصر، وأنه يجب أن لا يُنسى المعروف من الإخوان أو من المملكة.
وقد أحسن بذكر هذا، فالإخوان المسلمين منذ عهد الملك عبدالعزيز حظوا باهتمام منه، وفي الثلاثينات احتفت جريدة أم القرى بقدوم حسن البنا ومجموعة معه للحج، ولكن الجماعة لقيت الدعم الأكبر من الملك فيصل حينما سمح لهم بالقدوم للسعودية والعمل على أرضها في العهد الناصري، والملك فيصل رأى في دعمهم وسيلة للتصدي للقومية العربية التي جاء بها عبدالناصر، وكان للإخوان المسلمين تأثير على الشعب السعودي آنذاك إلا أنهم لم يتمكنوا من التأثير سياسيًا، وكان أن قويت سلطة السلفية الوهابية لدى آل سعود وقاموا بتبنيها وإحياءها مرة أخرى وعملوا على نشرها لخدمة مصالحهم، وظهرت بعد ذلك نقاط الاختلاف بينها وبين الإخوان المسلمين، ولم يكن هناك مجال لتبني المنهجين للاختلافات الفقهية بينهما، بل وظهر أن الإخوان المسلمين حركة لا يمكن احتوائها مثل السلفية الوهابية وأن لها هدفها ومشروعها الخاص.
فالمملكة إنما تسعى لتثبيت حكمها على أرض الجزيرة ومنع أي جماعة إسلامية من منازعتها لهذا الحكم أو التقليل من هيبتها لدى الناس، فقد استطاعت أن تبني لنفسها مكانة بحكم سيطرتها على مكة والمدينة
وقد سبق البيان الذي يُدرِج الإخوان المسلمين ضمن الجماعات الإرهابية تصريحات أخرى تدل على عداء السعودية للإخوان المسلمين، منها تصريح الأمير نايف بعد أحداث 11 سبتمبر، حيث حمّل الإخوان المسلمين مسؤولية ما حدث وقال إن "كل مشاكلنا تأتي من الإخوان المسلمين، لقد منحنا دعمًا كبيرًا لهذه الجماعة، الإخوان المسلمون دمروا العالم العربي".

وقد صرح في وقت سابق الكاتب الصحفي المصري «عبدالرحيم علي» في تقرير صحفي أوضح فيه أن العاهل السعودي الملك «سلمان بن عبدالعزيز» يحشد «الإخوان المسلمين» لمواجهة التمدد الإيراني في المنطقة".
كما أوضح «علي» أنه بينما ترى القاهرة الأولوية في المواجهة مع التنظيمات الإسلامية وفى القلب «الإخوان»، تؤمن السعودية بتأجيل المواجهة (تفسير حسن النية) وبأن الوقوف أمام الخطر الإيراني هو الأهم الآن، خاصة بعد توقيع الاتفاق النووي بين إيران والدول الست الكبرى (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، ألمانيا، فرنسا، بريطانيا).
وبحسب التقرير تنطلق السعودية في هذا الطرح من تجربتها السابقة حينما قدمت المواجهة مع الجماعات الإسلامية على الوقوف ضد إيران، ففوجئت بسيطرة "الملالي" في القرار في 3 عواصم عربية، وهى: دمشق، وبغداد، وبيروت، فضلا عن دورها الواسع في اليمن عبر جماعة «أنصار الله» المعروفة بـ"الحوثيين".
ويذكر أن السعودية تريد قوتين سياسيتين في المنطقة، أولاها سنية بقيادتها، وفى القلب منها حركات الإسلام السياسي السني وعلى رأسها «الإخوان المسلمين»، وأخرى شيعية تقودها إيران وأذرعها في لبنان، وسوريا، والعراق.
وقال «علي» إن القيادة في السعودية أقرب إلى استغلال «الإخوان المسلمين» في المواجهة مع إيران، وتراجعت عن خط المواجهة الأمامي مع الجماعة الذي تبدى في أقصى صورة بإدراجها على «لائحة الإرهاب» بقرار من العاهل الراحل «عبدالله».

من هذه النقطة يمكن تفسير ما طرأ على العلاقات بين الرياض وحركة «حماس» من إذابة للجليد، حيث فتحت الرياض - لأول مرة منذ ما يزيد على الأربع سنوات - خط اتصال مع «حماس»، حيث بدت المملكة راغبة في استقطاب الحركة إليها لـ«كسب نقطة» في مواجهة إيران، التي كانت حتى وقت قريب الممول الأول والأكبر للحركة، قبل أن تباعد الأحداث في سوريا بينهما.
وقدمت هذه الاتصالات التي بدأت بعد تولى «سلمان» الحكم مباشرة الباب أمام زيارة «مشعل» للرياض وفق ما كشفت عنه مصادر بالحركة وكتاب على صلة بها، بينهم «فهمي هويدي» الذي صرح بأنه سمع من رئيس المكتب السياسي أن «الجليد بين حماس والرياض تمت إذابته بعد مرور أربع سنوات من تجميد للعلاقات»، كاشفا عن أن «هناك اتصالات جرت»، وأن «مشعل نفسه تحدث مع الملك سلمان»، وذلك قبل أسابيع من الزيارة الأخيرة.
ووفق ما تقوله مصادر بالقاهرة، فإن الرياض راغبة في لعب دور مؤثر في القضية الفلسطينية عبر الضغط لإتمام المصالحة بين «فتح» و«حماس» ومن ثم تقديم تصور لاستئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية. غير أن القاهرة تعتبر القضية الفلسطينية شأنا مصريا، وأن أي اتفاق أو مشروع لن يمر إلا وعليه «ختم الموافقة المصرية»، بحسب الكاتب.
وقد تناثرت معلومات حول الظروف التي سبقت زيارة «مشعل» للسعودية، إذ تشير مصادر إلى لقاءات سرية عقدت بين ولى العهد، الأمير «محمد بن نايف»، وولى ولى العهد، الأمير «محمد بن سلمان»، ومسؤولين في الاستخبارات السعودية ورئيس المكتب السياسي لـ«حماس».
وهناك تقارير تؤكد، أن مصر أبلغت كل الوسطاء أنها لا يمكن أن تكون طرفا في أي مشروع يكون «الإخوان المسلمون» طرفا فيه وحتى هذه اللحظة تبدو مصر رافضة لأي تقارب مع «حماس»، بل إنها أبلغت الوسطاء بأن فتح هذا الأمر أو الاقتراب منه غير مقبول على الإطلاق.
وبحسب مصادر رفيعة المستوى، فإن القاهرة وضعت شروطا مسبقة ومسودة طلبات على «حماس» أن تنفذ كل بنودها أولا، وفى مقدمتها تسليم من تزعم أنهم تورطوا في عمليات قتل جنود مصريين، ثم تنظر القاهرة بعد ذلك في أمر الوساطات.

وترى مصر في التقارب بين السعودية و«حماس» مدخلا للضغط عليها من أجل تخفيف الحصار على قطاع غزة، فالمملكة تحاول جذب الحركة في صفها بسوريا، واتخاذها وسيلة اتصال بـ«إخوان اليمن»، وفى المقابل تستغل «حماس» المملكة في الضغط على النظام المصري لـ«تخفيف الحصار»، ووقف الحملة الإعلامية ضدها.
وخلال لقائه مع رؤساء تحرير الصحف المصرية أثناء زيارته القاهرة مطلع العام الجاري، صرح رئيس الوزراء العراقي، «حيدر العبادي»، بأن «المباحثات المصرية العراقية بحثت تشجيع النظام السوري على التعايش مع المعارضة السلمية لإيجاد حالة جديدة من التعايش وإنشاء إدارة انتقالية مشتركة في المناطق التي يتم تحريرها من قبضة تنظيم «الدولة الإسلامية».
وأثارت تصريحات «العبادي» حول «اتفاق مصري عراقي لحل الأزمة السورية، يتضمن تعايش النظام مع المعارضة» جدلا كبيرا سمع دويه في الرياض، وفتحت الباب أمام الحديث عن الخلاف المصري السعودي حول حل الأزمة المندلعة في سوريا منذ 4 أعوام.
وتقوم وجهة النظر المصرية، على «حل سياسي» يتضمن بقاء الدولة السورية والجيش السوري ومحاربة «الإرهاب» هناك من دون موقف مسبق من رئيس النظام «بشار الأسد»، بل ترى القاهرة دورا انتقاليا له.
ومع التوجه الجديد بدت السعودية أكثر انفتاحا على «الإخوان المسلمين»، فاضطرت مصر لتوصيل رسائل إلى القيادة في المملكة بأن التحالف مع الجماعة خطر على الأمن القومي العربي، وعلى أمن مصر خاصة.

ومن بين أبرز المشاهد التي تظهر الخلاف المصري السعودي حول الوضع في سوريا، كان رفض مصر بشكل قاطع حضور أي من ممثلي المعارضة السورية في القمة العربية الأخيرة، على عكس رغبة الرياض التي كانت تريد حضورا للمعارضة.
وتقول مصادر: «إن مصر ترى أن سقوط بشار الأسد سيأتي بالإسلاميين على رأس السلطة، لا سيما المرتبطين بجماعة الإخوان المسلمين، فيما ترى الرياض أن مشكلة النظام المصري مع الإخوان يجب ألا تبقى المحرك الرئيسي للقاهرة في كل الملفات الدولية، وتطالب باتخاذ ما وصفته بـ«مواقف سياسية أكثر مرونة".
وفي اليمن أيضا تمثل جماعة «الإخوان المسلمين» نقطة خلاف واسعة بين القاهرة والرياض، فبرغم الدور السعودي السابق في مناهضة «حزب الإصلاح»، الذراع السياسي للجماعة، إلا أن المملكة فتحت مؤخرا خطوط اتصال مع الحزب بعد تطور عمليات التحالف العربي ضد «الحوثيين» وقوات الرئيس المخلوع "على عبدالله صالح".
وتبدو السعودية مستاءة من الاتصالات المصرية بأطراف الأزمة اليمنية، بما فيها أطراف محسوبة على الرئيس المخلوع «على عبدالله صالح» و«الحوثيين»، كان آخرها لقاء مسؤولين في المخابرات مع «أبو بكر القربى» مبعوث «صالح» إلى القاهرة للبحث في مخرج للأزمة.

وتتحرك مصر في هذا الملف بالتوافق مع الإمارات العربية المتحدة، التي تتمسك هي الأخرى بعدم دعم أي دور لـ«الإخوان» في الدول العربية، والتضييق عليهم، وعدم مشاركتهم في الحكم في أي من البلاد العربية.
ولا تخفى مصادر القاهرة القلق المصري من الانفتاح السعودي اللافت على المحور التركي القطري، وتزايد وتيرة التقارب بين الملك «سلمان»، والرئيس التركي «رجب طيب أردوغان»، العدو الأول للقيادة السياسية في مصر.

وبحسب تقارير صحفية فإن أحد المصادر أوضح أن «السعودية ترقب بنوع من الحذر» تواصل مصر مع روسيا، إذ ترى أن التواصل بين الجانبين وراء الموقف المصري الرافض لـ«إسقاط الأسد»، وتتخوف من أن يستتبع هذا التقارب وجود علاقات بين القاهرة وطهران.
من جانبها ترى المملكة أن انفتاح القاهرة الزائد على موسكو «لن يأتي بالخير» في علاقة البلدين على المدى البعيد، بينما تريد مصر أي دعم دولي في ظل مواجهتها الشاملة مع "الإخوان المسلمين".