"أنصار الله" ذراع الحوثيين باليمن .. "التأسيس – المسارات - المشروع "

الأربعاء 06/أغسطس/2014 - 07:12 م
طباعة فعاليات الندوة فعاليات الندوة
 
مثّلت انطلاقة حركة أنصار الله على يد قائدها المؤسس حسين بدر الدين الحوثي(1956-2004) بمحافظة صعدة، أحد أهم الاستجابات التفاعلية الكبرى  للفكر السياسي الإسلامي المعاصر في اليمن، بما قدمته على الصعيد النظري من قراءة للواقع الملبد بمختلف المشاكل، والمكبل بالاستبداد والتخلف و بروز أزمة الهوية مع انسداد أفق المشروع الوطني في اليمن وفضائه القومي العربي والإسلامي، والدولي.
حركة أنصار الله
حركة أنصار الله
 لم تكن حركة أنصار الله نبتة في فراغ الواقع الثقافي والفكري اليمني المشهود له بالتجدد والحيوية الدينية الاجتهادية والثقافية والفكرية، ومن طبيعة الفكر الإسلامي المتجدد أن يعلن عن نفسه كلما اقتضت الضرورة والحاجة المجتمعية، فنراه مقتحمًا الواقع الراكد، مثيرًا للأسئلة والقضايا، ومشخصًا لإشكالات واقعه، محللا ومفندا ومعترضا، ومقترحا الحلول والرؤى والمعالجات المناسبة .
كان مركز الدراسات الاستراتيجية والاستشارية اليمني، قد أقام ندوةً بقاعة فندق كمفورت بالعاصمة صنعاء جاء عنوانها: "أنصار الله: التأسيس- المسارات - المشروع ".
تناولت الندوة العديد من المحاور والجوانب المتعلقة بحركة أنصار الله ونشأتها من خلال عدد من أوراق العمل التي قدمها عدد من الباحثين والسياسيين، ومنهم محمد المنصور، وعبدالله الصبري، وعبدالله الدهمشي وعبدالملك العجري.
وتهدف الندوة ـ بحسب المعدين لها ـ إلى التعريف بحركة أنصار الله ومسارها التاريخيـ، والعوامل التي أثرت في نشأتها وتأسيسها، إضافة إلى التحولات التي مرت بها، وصولًا إلى مشاركتهم في الحوار الوطني عقب ثورة التغيير عام 2011 التي كانت الحركة من أبرز المكونات الفاعلة فيها .
تعتبر الندوة باكورة عمل مركز الدراسات الاستراتيجية والاستشارية اليمني الذي تأسس قبل حوالي شهر، ويرأسه الباحث عبدالملك العجري.
علي البخيتي
علي البخيتي
قدم الندوة وأدار المداخلات الكاتب والسياسي علي البخيتي، حيث رحّب بالمشاركين والحاضرين في الندوة، وتطرق في كلمته إلى النظرة النمطية التي رسمها خصوم أنصار الله عنهم، حيث لم يتمكن "الحوثيون" من التعبير عن أنفسهم، بسبب الحصار الإعلامي المطبق الذي فرضه النظام حولهم خلال الحروب الست، وأضاف البخيتي الى أن أغلب من كتبوا عن الحركة سواء في الداخل او الخارج تأثروا وأستندوا في معلوماتهم إلى ما كتبه إعلام السلطة وإعلام الأطراف السياسية المتصارعة مع أنصار الله.
وعرج البخيتي في كلمته الافتتاحية إلى الظروف التي تأسست فيها الحركة، وإلى المواقف الشجاعة التي اتخذها مؤسس الحركة الشهيد حسين الحوثي، منذ عام 94م عندما كان عضواً في مجلس النواب، حيث عارض حرب 94م وبقوة، وتعرض بسبب ذلك هو ووالده إلى حملة شرسة من النظام، أدت إلى اعتقال أكثر من 300 شخص في "مران" وقصف بعض المنازل فيها.
وأضاف البخيتي أن حركة أنصار الله قدمت رؤية سياسية مدنية لا تستند الى أي خطاب مذهبي في فريق بناء الدولة، دولة يتشارك فيها الجميع ويحق لهم الوصول الى رأس السلطة بغض النظر عن انتماءهم المذهبي أو المناطقي.
و قدم الباحث عبدالملك العجري ورقة بعنوان: "جماعة أنصار الله.. ظروف التكوين والمعالم الأساسية للمشروع"، طرح فيها تفصيلًا حيثيات نشأة حركة أنصار الله والظروف التي تكونت فيها، حيث تطرق إلى تاريخ تشكل المشروع، واقترانه بأحداث عربية وعالمية وتأثيرها على الواقع في اليمن، كما طرح الباحث العجري في ورقته أبرز معالم حركة أنصار الله الأساسية، مفصلًا أهم ملامح مشروع حركة أنصار الله وأهدافه ورؤيته للتغيير، لافتا إلى القضايا الوطنية والأُممية التي يتبناها مشروع الحركة ورؤيته الثورية والتنموية والدينية والاجتماعية، ومدى مواكبته للمتغيرات ومتطلبات الواقع.
محمد يحيى المنصور
محمد يحيى المنصور
من جهته قدم الكاتب والسياسي محمد يحيى المنصور ورقة بعنوان " أنصار الله أصالة الرؤية وحداثة المشروع"، تطرق فيها إلى مدى استطاعة الحركة أن تجتمع في مشروعها بين المحافظة على الثوابت الأصيلة والقضايا الجوهرية ومواكبة العصر والتعاطي مع متغيرات الواقع، بما لم يتطلب منها أن تفرط في أسس و مبادئ وثوابت جوهرية، بل تمكنت من المواءمة بين الانفتاح على الحداثة والانطلاق من الثابت إلى المتغير بثبات .
وخلصت ورقة الباحث إلى أن الدعوة لإعادة الاعتبار للقرآن الكريم والالتفاف حوله وحول من يهتدون بهديه وتنزيله في الواقع الحياتي بشتى جوانبه، لكي يسود العدل ويزول الظلم والتخلف والفقر والاستبداد والتبعية لقوى النفوذ والهيمنة وفي طليعتها أمريكا والصهيونية .
 وأن الله سبحانه وتعالى جعل الدين الإسلامي كاملًا، وهو وحده من يستطيع أن  يضع ديناً كاملاً، يوفق بين مختلف جوانب الحياة والتعامل، تعامل الانسان مع الانسان، وتعامله مع الحياة بصورة عامة، وفي نفس الوقت بناء روحه وزكاء نفسه وطهرها وسموها وتكاملها، مع التأكيد على أن القرآن الكريم هو الذي يستطيع أن يبني أمة قوية واحدة  امتثالا لقوله تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم وأصبحتم بنعمته اخوانا) وعلى ضرورة تجاوز المذهبيات التي عمقت الفرقة وكرست الانقسام والتشرذم الذي جرى استغلاله من قبل أعدائها أسوأ استغلال. 
 ورأى أن الإسلام دين ودوله جعلها لله نظامًا شاملاً للحياة كلها، لم يغفل جانبًا من جوانبها ولا شأنا من شئونها، لا يقبل الظلم ولا يمكن للظالمين والمستبدين أن يتحكموا في رقاب الأمة، وأن النظرة التجزيئية للدين، نظرة قاصرة وأعاقت بناء الواقع الإسلامي بكل جوانبه وأركانه، وتبني الدعوة للتصحيح الثقافي في ضوء القرآن كخطوة أولى لتصحيح واقع الأمة، مع التأصيل للهوية الإسلامية الجامعة في مواجهة مساعي طمسها وإبراز الهويات الجزئية الطائفية منها والسياسية والجهوية والعرقية التي استفاد منها الأعداء . 

الثورة اليمنية
الثورة اليمنية
من زاوية أخرى قدم الكاتب عبدالله علي صبري عضو اتحاد القوى الشعبية ورقة بعنوان " أنصار الله في قلب المشهد الثوري- الدلالات"، تناول فيها جزئية جديدة في تاريخ حركة أنصار الله وهي مشاركتها في الثورة عام 2011م .
و ركز صبري في ورقته على تلخيص دلالات مشاركة حركة أنصار الله في الثورة وإثباتها للجميع أنها تحمل مشروعًا مدنيًا، لافتا الى ان الحركة استطاعت ان تقدم صورة حضارية و مدنية نجحت في طمس تلك الصورة السوداء التي كان النظام يصورها عنها طوال سنوات الحرب.
وأضاف أن الحركة مرت بأربع مراحل مع الثورة وقسمها، مرحلة التلاحم والتراحم الثوري، وحظيت مشاركة الحوثيين في المسيرات والاعتصامات السلمية بقبول شعبي كبير بعد أن كان الرأي العام يرى في الحوثيين مجرد جماعة مسلحة تلوذ إلى العنف في مجابهة خصومها والرد على أي عدوان يستهدفها، وإذ نجحت الثورة اليمنية في الحفاظ على طابعها السلمي رغم القمع الدموي الذي تعرضت له في مختلف المحافظات في ظل مجتمع  يتمنطق غالبيته السلاح الناري بشكل لافت، فقد شكل صمود الحوثيين وتخليهم عن العنف في مختلف الساحات مفاجأة مضافة.
ومرحلة التباين مع المكونات السياسية، وهي المرحلة الثانية من الثورة بالنسبة للحوثيين، وبدأت مع إعلان انضمام القائد العسكري علي محسن الأحمر للثورة في مارس 2011، ورغم أن محسن كان رأس الحربة في حروب صالح المتوالية عليهم منذ 2004، فإنه لم يصدر عن الحوثيين موقفاً متشدداً تجاه انضمامه، واكتفوا بمطالبة الجنرال بالاعتذار عن تاريخه الدموي، لكنهم لم يجعلوا من هذا الطلب شرطاً لبقاء عناصرهم في الساحات، وهي المرحلة التي شهدت المبادرة الخليجية لإنهاء الازمة في اليمن وانتهت بتسلم عبدربه منصور هادي السلطة من الرئيس علي عبدالله صالح.
وأما المرحلة الثالثة فهي، النزوع إلى الواقعية السياسية، وألقى "صبري"، الضوء علي تباين مواقف القوى الثورية، والذي  أثر سلباً على الزخم الثوري في الساحات، ما سمح للتسوية السياسية المضي قدماً في ظل الرعاية الدولية والإقليمية، فقد تسلم نائب الرئيس صلاحيات الرئاسة، وتشكلت حكومة وفاق بالمناصفة بين المؤتمر والمشترك، وبدأت التهيئة لإجراء انتخابات رئاسية ( خالية من التنافس) وسط زخم شعبي كبير.
عبد ربه منصور هادي
عبد ربه منصور هادي
في قلب المشهد الثوري مرة أخرى وهي والمرحلة الرابعة بعلاقة أنصار الله بالثورة اليمنية والثوار بسبب الاختلاف بشأن مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وعدم التوافق بشكل كلي على ضمانات وآليات تنفيذ مخرجات الحوار، وبسبب حرب دماج وحاشد، واغتيال الدكتور أحمد شرف الدين في ختام مؤتمر الحوار، وجد أنصار الله أنفسهم في قلب المشهد الثوري مجدداً، مطالبين بإسقاط الحكومة، وتشكيل حكومة كفاءات وطنية ومحاسبة الفاسدين، في مطالب التف حولها جمع من القوى الثورية التي شكلت حملة 11 فبراير، ونظمت – ولا تزال- عددًا من المسيرات في العاصمة صنعاء وفي محافظات أخرى.
وبرغم الزخم الكبير الذي شهدته مسيرات الحملة، إلا إنها عجزت عن استعادة الوهج الثوري الذي عرفته اليمن في مطلع الربيع العربي، فقد توحدت اليمن شمالاً وجنوباً تحت هدف واحد، بينما كانت مسيرات حملة 11 فبراير مقتصرة على قوى جديدة تعتمد في الحشد على جمهور أنصار الله. 
وخلص "صبري" الي أن أنصار الله اليوم على مفترق طريقين: الأول: الشراكة السياسية في بناء الدولة المدنية، من منطلق شعار مؤتمر الحوار " شركاء في وضع الأسس شركاء في التنفيذ". ويستوجب هذا الخيار موقفاً واضحاً للقيادة السياسة إزاء تنفيذ مخرجات الحوار، وإعمال الشراكة الوطنية الحقيقة، ما سيفضي إلى تمثيل أنصار الله في الحكومة ومختلف أجهزة الدولة، وهذا ما سيساعد على تنفيذ مخرجات قضية صعدة، واستيعاب المقاتلين الحوثيين في الجيش والأجهزة الأمنية، ويؤدي في الأخير إلى مغادرة أنصار الله للساحات الثورية بشكل نهائي.
والثاني: تصعيد العمل الثوري ضد حكومة الوفاق وما تتخذه من قرارات وإجراءات، والاستمرار في الحرب مع القوى النافذة في عدد من مناطق الجمهورية، وقد يتجه الأمر إلى الخروج على الرئيس هادي فيما لو انحاز ضد أنصار الله، وتنصل عن تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، وقد تعصف الأحداث بالبلاد، لتفرض خيار الثورة الثانية، في تكرار لسيناريو الثورة المصرية، وقد دلت وقائع العلاقة بين البلدين أن اليمن شديد وسريع التأثر بكل ما يحدث على أرض الكنانة، فكيف إن كان ما حدث مؤخراً بمصر وقد يتكرر حدوثه باليمن يحظى بالدعم أو المباركة السعودية.
وقدم الباحث عبدالله الدهمشي ورقة بعنوان " أنصار الله والإعلام مقاربة أولية" تناول فيها علاقة أنصار الله بالواقع الاعلامي و دور الحركة الفعال في صناعة الحدث سواء كانت الحركة و اداءها مادة اعلامية لدى إعلام الآخرين أو من خلال تعاطيها الإعلامي مع الحدث، وزخرت ورقته بالعديد من الأمثلة المثبتة والمؤرخة لتناولات العديد من وسائل الاعلام للحركة أثناء الحروب الست.
حضر الندوة العديد من السياسيين والباحثين والدكاترة على رأسهم الدكتور محمد عبدالملك المتوكل، والدكتور حسن مجلي والدكتور عبده البحش، والعميد ركن علي ناجي عبيد رئيس المركز الاستراتيجي للبحوث العسكرية والدكتور فؤاد الصلاحي والعديد من الناشطين السياسيين.

شارك