شبح "الجبهة الإسلامية" يُشعل الأجواء السياسية في الجزائر
الثلاثاء 06/أكتوبر/2015 - 05:04 م
طباعة
مع استمرار رفض الحكومة الجزائرية، تدشين أية أحزاب إسلامية على رأسها الجبهة الإسلامية، لا زالت الجبهة تسعى لإقامة حزب سياسي لخوض الانتخابات التشريعية في 2017، ليعود مجددًا شبح الجبهة ليخيم على الساحة السياسية الجزائرية، وبالأخص عقب انتقاد مدني مزراق القائد السابق للجناح العسكري للجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة في الجزائر تصريحاتِ الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة حول استحالة عودة قيادات وأعضاء الجبهة للعمل السياسي مجددًا، معتبرًا أن من حقهم تأسيس حزب سياسي وخوض الانتخابات.
يأتي ذلك قبيل الحراك السياسي تحضيرًا للتحالفات المرتقبة قبيل الانتخابات التشريعية المقبلة والتي مقرر انعقادها في 2017، وإمكانية العودة مجددًا للحياة السياسية.
كان رئيس الحكومة الجزائرية عبد المالك سلال، أكد أن حكومته لن تسمح لمن أسماهم بـ "المتورطين في المأساة الوطنية التي عرفتها الجزائر في التسعينيات" بخرق ميثاق السلم والمصالحة الوطنية وإنشاء أحزاب سياسية.
جاء ذلك ردًّا من السلال على إعلان مدني مزراق قائد "الجيش الإسلامي للإنقاذ" الذراع العسكري سابقا لـ "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" المنحلة، حول اعتزامه إيداع ملف لتأسيس حزب جديد تحت مسمى "الجبهة الجزائرية للمصالحة والإنقاذ"، وشدد المصدر بالقول: "لن يُسمح لأي شخص، مهما كان، بالرجوع إلى الأزمة التي عاشها الشعب الجزائري خلال التسعينيات".
لذلك أشار مزراق في مقابلة أجرتها معه وكالة الأنباء الألمانية إلى أنه لن يتوقف كثيرًا أمام تلك التصريحات، التي أعقبت إعلانه أنه سيودع طلبًا لتأسيس حزب سياسي جديد أطلق عليه اسم "الجبهة الجزائرية للمصالحة والإنقاذ"؛ بهدف المشاركة في الانتخابات التشريعية لسنة 2017.
وقال إن هدفه من تأسيس الحزب هو ترسيخ مبدأ فتح المجال السياسي لجميع الجزائريين بما فيهم أبناء الجبهة، موضحًا أنه يعكف الآن على وضع هيكل للحزب واختيار قياداته وإعداد الملف الخاص به تمهيدا للتقدم للسلطات بطلب إشهاره.
مزراق أكد على أنه لن يستسلم في حال رفض السلطات اعتماد الحزب بناء على نصوص قانون المصالحة التي تمنع عودة الإنقاذيين للمشهد السياسي، وأكد أنه سيعمل حينذاك بكل جهد لتصحيح هذه النصوص عبر اللجوء للقضاء والمجلس الدستوري ولرئيس الجمهورية وللضغط الشعبي أيضًا.
وكانت دعوة مزراق حول تأسيس حزب سياسي قد لاقت سخطًا شعبيًّا كبيرًا في المجتمع الجزائري، خاصة من قبل عائلات ضحايا الإرهاب التي تحمل قادة جبهة الإنقاذ مسئولية ما تعرض له ذووهم والمجتمع.
الجدير بالذكر أن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أكد الأسبوع الماضي التزامه بسياسة المصالحة، ولكنه أوضح في رسالة إلى الجزائريين بمناسبة الذكرى العاشرة لتزكية ميثاق السلم والمصالحة في استفتاء أجري في 29 سبتمبر سنة 2005 أنه يرفض عودة الشخصيات المحظورة إلى العمل السياسي.
كانت أحداث العنف، التي عُرفت بـ"أحداث العشرية السوداء"، قد بدأت مطلع تسعينيات القرن الماضي بعد إلغاء الجيش الجزائري نتائج انتخابات برلمانية فازت بها الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وخلف هذا الصراع أكثر من 150 ألف قتيل وآلاف المفقودين.
وكان بوتفليقة قد قدم الميثاق كمشروع سياسي لإنهاء سنوات من العنف بين مجموعات إسلامية مسلحة والنظام، وتنص المادة 26 من الميثاق على أنه تمنع ممارسة النشاط السياسي، بأي شكل من الأشكال، على كل شخص مسئول عن الاستعمال المغرض للدين، الذي أفضى إلى المأساة الوطنية.
يرى مراقبون أن مسألة عودة الحزب المحظور لا تبدو ممكنة، وخصوصاً في ظل الظروف السياسية الراهنة، المتسمة بتداخلات وصراع قائم بين جهاز الاستخبارات والرئاسة الجزائرية، غير أن بعض التحليلات تشير إلى أن جناحاً في السلطة قد يكون بصدد استعمال ورقة "جبهة الإنقاذ" في سياق التمهيد لمرحلة ما بعد الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، ومحاولة استدراج كوادرها وجمهورها لصالح خيارات كتلة الرئاسة.
وتوقع مراقبون أن تكون الكتلة المعارضة للرئاسة، أي جهاز الاستخبارات، وراء دفع كوادر "جبهة الإنقاذ" للتحرك، والمطالبة بحقوقها التاريخية والسياسية، خصوصاً بعد رحيل عدد من كوادر جهاز الاستخبارات ممن أشرفوا بشكل مباشر على عملية التفاوض وإنجاز الاتفاق بين الجيش و"جيش الإنقاذ" عام 1999، كوسيلة للضغط على الرئاسة.
وتظل قضية عودة الحزب الإسلامي منذ أكثر من عقدين، ما قد يؤدي إلى تنامي الصراع في الجزائر؛ حيث إن هذه ليست المرة الأولى التي يحاول فيها قادة وكوادر "جبهة الإنقاذ" العودة إلى المشهد السياسي عبر تأسيس حزب سياسي، فقبل ذلك كان مزراق قد حاول ذلك في أكتوبر 2012 عندما أعلن تأسيس جمعية خيرية تضم عناصر "الجيش الإسلامي للإنقاذ" الذين نزلوا من الجبال، حيث قوبلت مساعيه بالرفض التام، كذلك حاول مزراق قبلها بخمس سنوات مع رابح كبير ومصطفى كرطالي، وهما من أبرز قيادات جبهة و"جيش الإنقاذ"، قد بادروا إلى تأسيس حزب سياسي جديد، أيضًا قوبل بالرفض.