روسيا تواصل غاراتها ضد "داعش والفصائل المسلحة".. وحملة غربية بقيادة تركيا لـ"تشويه" موسكو

الثلاثاء 06/أكتوبر/2015 - 09:40 م
طباعة جحيم الحرب في سوريا جحيم الحرب في سوريا مستمرة
 
مقاتلات روسية تواصل
مقاتلات روسية تواصل ضرباتها فى سوريا
التراشق الإعلامي بين الغرب وروسيا لا يزال مستمرا على خلفية الغارات الروسية في سوريا التي بدأت الأربعاء الماضي ومستمرة حتى الآن في قصف معاقل تنظيم داعش وغيرها من معاقل الجماعات الإرهابية والمعارضة المدعومة من الغرب والسعودية، في الوقت الذى يستعد فيه رئيس الوزراء ديفيد كاميرون للحصول على موافقة برلمانية قبل مشاركة قوات بلاده في عملية عسكرية ضد داعش في سوريا والعراق.
من جانبها أكدت الخارجية الروسية أن العملية الجوية الروسية في سوريا تجري بالتعاون مع الجيش السوري على الأرض وبذلك تختلف عن عملية التحالف الدولي الذي رفض التنسيق مع دمشق، وقالت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن موسكو لن ترسل قوات برية إلى سوريا، مؤكدة أن السيناريو الأفغاني لن يتكرر أبدا.
 أكدت زاخاروفا أنه لا توجد هناك أي حملة تجنيد رسمية لإرسال متطوعين إلى سوريا للمشاركة في القتال إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد، وأن  روسيا لا تنوي الانضمام إلى التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لأنها تعتبر نشاطه دون تفويض أممي وطلب من الحكومة السورية غير شرعي.
استهداف معاقل داعش
استهداف معاقل داعش فى سوريا مستمر
شددت بقولها "نحن حتى قدمنا مثالا وقلنا إن الخطوات التي يقوم بها التحالف في أراضي العراق شرعية تماما لأنها تجري بموافقة بغداد، وإذا قام التحالف بمثل هذه الخطوات في سوريا ستكون هي الأخرى شرعية تماما، كما تبنت موسكو موقفا مشابها بشأن التدخل في العراق قبل عشر سنوات وكان ذلك موقفا صحيحا.
أوضحت المتحدثة باسم الخارجية الروسية بقولها " قبل شهرين طرحنا مبادرة خاصة بحل الأزمة السورية على مسارين من خلال توحيد جهود جميع من يحارب "داعش" على الأرض وكذلك من الجو وتنسيق جهود الجميع وتبادل المعلومات والمعطيات الاستخباراتية، والمسار الأخر  تحريك التسوية السياسية على أساس "بيان جنيف، وفعلت فعلت ذلك بشكل علني، مشيرة إلى أن مشكلة التنظيمات الإرهابية في سوريا تتمثل في وجود عدد كبير من الجماعات الإرهابية إلى جانب "داعش" و"جبهة النصرة"، مشيرة إلى أن هذه الجماعات الإرهابية تتغير وتتحول بسرعة وتعقد تحالفات وتتعاون فيما بينها.
من جانبه أفصح رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عن رغبته في الحصول على موافقة البرلمان قبل المشاركة في ضربات التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" في سوريا، حيث أنها تقتصر حالياً على العراق، موضحا ضرورة استهداف عناصر داعش في "سوريا"، خاصة أن تنظيم داعش يخطط لقتل، وإعاقة السكان في شوارع بريطانيا، والإشارة إلى ضرورة موافقة المعارضة على طلبه، والذي يسمح بالقيام بتلك العمليات العسكرية.
أكد كاميرون أن بلاده تشارك في الضربات الجوية، ضد أهداف لداعش في العراق، وتكتفي بإجراء طلعات استطلاعية بواسطة طائرات بلا طيار في سوريا، معرباً عن رغبته في مشاركة بلاده بالضربات ضد داعش في سوريا، ورافضاً تقديم جدول زمني محدد حول تصويت البرلمان على المقترح، مشيرا إلى خطورة التنظيم، وانه لا يتسبب بالاضطرابات في سوريا والعراق فقط، وإنما يخطط لقتل السكان في شوارع بريطانيا، واستراليا، وفرنسا، وبلجيكا، كما أن باقي أوروبا يقظة أمام هذا التهديد، ولكن أعتقد أن زعيم المعارضة لا يراه".
وترغب الحكومة البريطانية في المشاركة بالضربات الجوية للتحالف ضد التنظيم في سوريا، وعدم اقتصارها على العراق، إلا أنه من غير المنتظر دعم زعيم حزب العمال المعارض، "جيرمي كوربين"، للمقترح الذي يسمح بالعمليات المذكورة.
الجيش السوري يلاحق
الجيش السوري يلاحق المعارضة المسلحة والاسلاميين
وعلى صعيد المحاولات التركية لتشويه الغارات الروسية، ومحاولة خلق حالة من الانتقادات لهذه الغارات، أعلنت رئاسة الأركان التركية، تعرض عدد من الطائرات الحربية للتحرش لدى قيامها بدورية على الحدود مع سوريا، والاشارة إلى أن  8 طائرات من طراز إف 16 تابعة لسلاح الجو التركي، تعرضت للتحرش ، وأن طائرة من طراز ميج 29 مجهولة الهوية، رصدت المقاتلات التركية بالرادار ووضعتها في مرمى نيرانها لمدة إجمالية قدرها 4 دقائق و30 ثانية، فضلا عن تعرضها لتحرش مماثل من منظومات صواريخ "سام" متمركزة في الجانب السوري، لمدة 4 دقائق و15 ثانية.
يأتي هذا التصريح، بعد ساعات من شكوى السلطات التركية بسبب خرق الطائرات الروسية للمجال الجوي التركي، والدعوة إلى اجتماع عاجل لحلف شمال الاطلسي "ناتو"، للرد على هذه الخروقات، بالرغم من اعتراف روسيا بأن مقاتلة تابعة لها تشارك في الغارات الجوية في سوريا دخلت المجال الجوي التركي لثوان عدة، وذلك في أثناء مناورتها قبيل الهبوط في مطار حميم السوري في اللاذقية، وبررت وزارة الدفاع الروسية هذا الخطأ بسوء الأحوال الجوية في المنطقة، مضيفة أن قيادة العملية اتخذت الخطوات الضرورية لمنع تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل.
وردت روسيا على هذه الاتهامات بالإشارة إلى أن حلف الناتو انجر إلى حرب إعلامية ترمي إلى تشويه أهداف العملية الروسية بسوريا، وذلك بعد أن كرر الحلف مزاعمه حول الطابع المتعمد لحادث اختراق مجال تركيا الجوي.
ودخلت واشنطن على خط انتقاد العمليات الروسية بعد القيام بغارات ضد أطراف ليست إرهابية من وجهة النظر الأمريكية، وحملت الناتو مسئولية تبديد مخاوفها، وأعلنت مصادر بوزارة الدفاع الأمريكية أن الولايات المتحدة أجرت "مشاورات عاجلة" بهذا الشأن مع حلفائها في الناتو، بما في ذلك الجانب التركي.
من جانبه قال أمين عام حلف الناتو ينس ستولتنبرج أن اختراق المجال الجوي التركي بأنه "غير مقبول"، داعيا موسكو إلى "احترام المجال الجوي للدول الأعضاء في الناتو وتجنب التوتر في العلاقات مع الحلف".
وبين المحاولات التركية لتشويه الغارات الروسية، وبين تبرير السلطات الروسية لغاراتها في سوريا، لا تزال الغارات مستمرة ، حيث تم تنفيذ اليوم 20 طلعة جوية في سوريا تم فيها قصف خلالها 12 هدفا لتنظيم داعش، وتأكيد مصادر عسكرية روسية عن قيام عناصر جهادية ومسلحة في سوريا بوضع مدرعات ومركبات مسلحة لها بالقرب من المساجد، وهو ما اعتبره مراقبون من أجل تشويه الغارات اعلاميا، وابراز أن الغارات الروسية تستهدف المدنيين ودور العبادة في سوريا.  
وحول مستقبل الأسد في ظل تضارب الأنباء حول مصيره ومستقبل حكمه، قال نيكولاي سوركوف، أستاذ مشارك بمعهد موسكو للعلاقات الدولية : 
مراقبون يتحدثون عن
مراقبون يتحدثون عن مدرعات عسكرية قرب دور العبادة
خطوة رحيل الأسد متوقعة من جانب الكرملين، والسيناريو المتوقع هُنا إما أن يكون هناك حكومة انتقالية أو انتخابات رئاسية جديدة فورية، لكن تخميني هو أن بديل الأسد سيتم اختياره من بين الجيش، وسيكون أحد هؤلاء الرتب العسكرية الذي سيذاع صيته خلال الفترة المقبلة عبر العمليات العسكرية على الأرض، وفي هذه الحال سيتم حماية مصالح روسيا مستقبلا" في سوريا، إلا أن هذا التصور لا يعني تنحي الأسد فوراً، فهذا يستغرق على الأقل سنة، موضحا ضرورة قبول القطبين الأمريكي والروسي لخليفة الأسد، حيث سيكون والأمريكان والروس حريصان على حد سواء على إيجاد حل للأزمة يقبلان به، لأنه حينها سيحفظ ماء وجه الطرفين، ومصالحهما أيضاً".
أكد أن موسكو لديها تأثير على العلويين بما يسمح لها بالمساهمة في التوصل إلى سلام من خلال تفاهمات بين جميع الأطراف، لكن الأهم التوافق حول مرحلة ما بعد رحيل الأسد، قبل رحيله، بما يضمن المصالح الاستراتيجية لموسكو في سوريا والمنطقة".
على الجانب الآخر قال دميتري أوفيتسيروف، المحلل السياسي، ومحاضر في المدرسة العليا للاقتصاد بموسكو: موسكو تدرك أنه لا مكان لسوريا بشكلها القديم في المستقبل، ونحن لا نستبعد احتمالية تفكيك سوريا إلى ثلاث دول، فهذا يحدث بالفعل، رحيل الأسد فوراً ليس أمراً حتميا، ولست متشائما بشأن مستقبل سوريا لكن لا يوجد من هو علي استعداد لتمثيل العلوين حالياً، وهذا يبرر وجود الأسد على طاولة المفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق.
شدد أوفيتسيروف على تمسك روسيا بالأسد لحين إيجاد ما تعتبره البديل الشرعي له، مع تمسك روسيا بالأسد في المرحلة الراهنة لحماية مصالحها، والاشارة إلى أن أي خليفة للأسد سيكون أقل شرعية منه، حيث ترى موسكو أن وجود الأسد على طاولة المفاوضات مهم لأنه يمثل رسميا سوريا لذا إذا تنحى الأسد أو حدث معه أي أمر، فسيكون ذلك مشكلة، وفي هذه المرحلة ستمنع روسيا من أداء دورها بشكل أكبر".
ركز على أنه ليس لدى الأسد بديل واضح يحكم سوريا في الوقت الراهن،  لكن حل الأزمة يعتمد على متى وكيف يتنحى الأسد، وهي مسألة وقت، لكن هذا لن يكون قبل المفاوضات".
على الجانب الآخر نقلت وكالة الاناضول للأنباء عن  فلاديمير أفانكوف الخبير السياسي الروسي في الأكاديمية الدبلوماسية التابعة لوزارة الشؤون الخارجية في الاتحاد الروسي والمحاضر في معهد موسكو للعلاقات الدولية أن الأزمة الراهنة ليست في بقاء الأسد أو رحيله، بقدر ما تتلخص فيما يمثله تنظيم داعش من تهديدات لروسيا، وأن أي تغيير مستقبلي لصالح كفة التنظيم قد يهدد تواجد موسكو في البحر المتوسط وخاصة قاعدة "طرطوس"، وهي المسألة الأهم من وجهة نظر روسيا للحفاظ على مصالحها.

شارك