خبراء وباحثون يحذرون من استمرار غياب استراتيجية عربية لمواجهة داعش
الخميس 08/أكتوبر/2015 - 11:28 م
طباعة

تنامى نفوذ تنظيم داعش الارهابي وعدم قدرة التحالف الدولى بقيادة الولايات المتحدة على اضعاف التنظيم، عمل على تدخل روسيا بقوة فى الأزمة السورية من أجل إيجاد حلول سياسية أو عسكرية للزمة لوقف تقدم التنظيم فى الأراضي السورية، مستغلا القتال العنيف بين عناصر المعارضة السورية المدعومة من تركيا وقطر والسعودية والجيش السوري.
وحول الأزمة السورية ونفوذ تنظيم داعش، نظم المركز المصري لحقوق الانسان ورشة عمل تحت عنوان" وطننا العربي فى خطر... داعش يهدد الجميع"، بمشاركة خيري بوزاني المدير العام لشئون الايزيدية، وخالد جمال البير مدير عام شؤون المسيحيين، ومريوان النفشبندي مسؤول علاقات وزارة الأوقاف، وحسو هورمي ناشط يزيدي، وهانى دانيال كاتب صحفي وباحث في شئون الأقليات.
ابادة جماعية

من جانبه قال خيري بوزاني المدير العام لشئون الإيزيدية بوزارة الأوقاف لحكومة إقليم كردستان العراق، أن العام الماضي شهد معاناة كبيرة للأقليات العراقية وخاصة الايزديين، وشهدت هذه الفترة تهجير قسري وعمليات قتل جماعى، وفقدان آلاف المواطنين الذين قتلوا بدم بارد على يد تنظيم داعش، وشهد العراق كارثة إنسانية.
أكد بوزانى أنه بلغة الأرقام نزح 400 ألف ايزيدي من أصل 550 ألف ايزيدي مع هجوم تنظيم داعش على الموصل العام الماضي، وتم رصد وتوثيق خطف 5830 مواطنا منهم 3192 من الفتيات القاصرات، ووصلت أعداد المفقودين إلى 841 مفقودا، والذين وقفوا على جثثهم 1260 منهم 260 متوفيا من الجوع والعطش نتيجة حصار جبل سنجار الذي فر إليه الايزديون وعدد من الأقليات الأخرى هربا من جحيم داعش، إلى جانب رصد تفجير 18 مزارا دينيا، و12 مقبرة جماعية، وما خلفته اعتداءات تنظيم داعش من 816 يتيما وخاصة من الأطفال بعد مقتل عوائلهم.
شدد على أنه تم رصد مقتل 459 شخصا ايزديا بالرصاص في ساعة واحدة بقرية كوجو، وانه من أصل 302 عائلة في القرية تم قتل 63 عائلة لم ينجو أي فرد منهم، كما بلغ عدد المخطوفين في هذه القرية وحدها 727 فردا، ونجا 19 شخصا من جرائم القتل الجماعى التي قام بها التنظيم وقاموا بادلاء شهادات خطيرة عما تعرضوا له من اعتداءات جسدية ونفسية وحشية على يد عناصر التنظيم.
وأشار بوزانى إلى أن هناك أكثر من 1600 شاب يزيدي تحت سيطرة تنظيم داعش يتم تدريبهم على الفنون القتالية والعمليات الانتحارية تمهيدا لاستخدامهم مستقبلا في عمليات إرهابية ينتوى التنظيم القيام بها خلال الفترة المقبلة.
وهم مكافحة الإرهاب

من جانبه أكد هانى دانيال الكاتب الصحفي والباحث في شئون الأقليات أن جميع الجهات التي شاركت تحت مسمى مكافحة الإرهاب في سوريا عملت على تحقيق مصالحها دون النظر لمصالح الشعب السوري ووقف المعارك، وما يترتب عليه من فرار الملايين خارج سوريا، فالجيش السوري انحصرت عملياته في صد الهجوم الواقع عليه من كل التنظيمات الإرهابية والمعارضة المدعومة من الغرب، وكذلك قوات التحالف ركزت على تقدم محدود للأكراد واستهداف محدود لتنظيم داعش وجبهة النصرة المدعومة من تنظيم القاعدة، وترك بقية المواقع دون تدخل، كذلك تدخلت القوات الروسية بشكل أكبر في استهداف معاقل داعش والقاعدة والمعارضة السورية التي كانت ستحقق انتصارات كبيرة على حساب الجيش السوري بما يمهد لإزاحة بشار بالقوة، ويساعد على ذلك بيانات صحفية وتقارير حقوقية عن المرصد السوري لحقوق الإنسان المحسوب على جماعات إسلامية تزعم استهداف الغارات الروسية لمدنيين، مثلما اعتاد المرصد في الفترة الأخيرة تشكيل الرأي العام العالمي ضد نظام الأسد، وخدمة معارضيه.
أوضح هانى دانيال أن تنظيم داعش يسيطر على مساحات شاسعة من البوكمال على الحدود العراقية بالتوازي مع نهر الفرات مرورا بالميادين ودير الزور وحتى حلب إلى جانب السخنة وتدمر، وبالرغم من بدء غارات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وما تم انفاقه من أغسطس 2014 وحتى الآن 3.7 مليار دولار، إلا أن الغارات الأمريكية ركزت على ضربات جوية وتوفير غطاء جوي للقوات الكردية حتى استطاعت تحرير تل أبيض وكوباني والسيطرة على مناطق عديدة على الحدود التركية، بينما مناطق نفوذ داعش الأخرى فشلت الغارات في اضعافها، وفي كثير من الأحيان لم تصل هذه الغارات إلى مواقع مهمة لداعش، بينما ركزت المعارضة السورية التي تلقت تسليحها على يد تركيا والسعودية وقطر ودعمًا لوجستيًا أمريكيًا؛ على اختراق الجبهة الغربية لمواجهة قوات الجيش السوري ومحاصرة نظام الأسد والسيطرة على غرب حلب وادلب وجسر الشاغور، لتطويق نظام الأسد الذي تراجعت قواته إلى المنطقة الجنوبية من الحدود الاردنية شرقا وحتى اللاذقية غربا على البحر المتوسط.
أكد دانيال أن الانتقادات الغربية فور الكشف عن تدمير عدد من المواقع المهمة للمعارضة السورية وشل حركة تقدمهم، يعود لحصول المعارضة المدعومة من دول عربية وغربية على أسلحة متطورة في الفترة الأخيرة ساهمت في كسب معاقل عديدة من الجيش السوري، وهو ما يهدر جهود الغرب والسعودية وتركيا في ازاحة الأسد واجباره على الرحيل.
وعن بعض أهم أفكار تنظيم داعش، أكد هاني دانيال انها تتمثل في إعادة الخلافة الإسلامية، ومنع ترميم الكنائس المهدمة، والايمان بفكرة أن الجهاد لابد أن يبدأ من العدو القريب وليس البعيد، فهو يواجه الحكام العرب بزعم مكافحة الاستبداد السياسي، وتهديد دول الخليج، بينما يتجاهل التنظيم توجيه ضربات أو عمليات إرهابية ضد إسرائيل أو محاولة تحرير القدس رغم الاعتداءات التي يتعرض لها المسجد الأقصى حاليا، إلى جانب نجاح التنظيم في صناعة بلاتوه سينمائي واستلهام أفكار التاريخ بشأن دولة الخلافة، وجذب عناصر عديدة من دول مختلفة بالعالم، من خلال تحديد أرض تقام عليها دولة الخلافة، وتأسيس مناصب وزارية وعملات خاصة بالتنظيم إلى جانب تطبيق الشرعية وصناعة قوانين خاصة به.
شهادات مروعة

من جانبه أكد حسو هورمى ناشط ايزيدي مقيم في هولندة أن شهادات الناجين من جحيم داعش تحمل الكثير من المفاجأت والآسي أيضا، وخلال مشاركته في عدد من الفعاليات الدولية للتسليط على معاناة الايزديين كان يتعرض لمواقف إنسانية صعبة، وأبرزها ما قام بترجمته نقلا عن فتاة قاصر تعرضت لأبشع أنواع الاغتصاب الجسدي على يد عناصر تنظيم داعش 78 يوما.
أعرب هورمى عن عدم تفاؤله بمستقبل الأقليات في العراق، في ظل عدم التوصل إلى إستراتيجية موحدة المعالم يمكن من خلالها معرفة ما ستنتهى عليه الأوضاع مستقبلا، إلى جانب أن أداء المنظمات الدولية لشئون الاغاثة أداءها ضعيف للغاية بمقارنة بحجم الكارثة والتمويل الذي تحصل عليه، منتقدا ما أدخلته المفوضية السامية لشئون اللاجئين باعتبار أن من يفر من سوريا أو العراق إلى بل أدان مجاورة فهو نازح وليس لاجيء، على عكس ما كان معمولا به من قبل.
دعا هورمى إلى ضرورة اعتبار منطقة سنجار منطقة منكوبة وما سيترتب على ذلك من مساعدات دولية وموازنة خاصة بها، إلى جان تشكيل مناطق آمنة لحماية الأقليات حتى ولو بالتقسيم.
التعايش المشترك
على الجانب الآخر قال مروان النقشبندي مسئول الشئون الإسلامية بوزارة الأوقاف لاقليم حكومة كردستان العراق أن هناك حالة من الجمود الفكري والديني وبحاجة إلى تغيير، وتعزيز خطابات التسامح واحترام الاخر، خاصة وان الجماعات الإرهابية تستغل الاحتقان الديني والمعارك المذهبية لنشر أفكارها.
شدد النقشبندي على ضرورة توفر تنسيق عربي لمواجهة داعيش ليس فقط في سوريا والعراق، وانه بفضل تحديد العدو المراد مواجهته تم ابعاد تنظيم داعش عن اقليم كردستان.
تجديد الخطاب الديني

واتفق معه صفوت جرجس مدير المركز المصري لحقوق الإنسان ، مؤكدا ضرورة تصحيح وتجديد الخطاب الديني بشكل جاد وحقيقي، دون التفاف أو تحايل، خاصة وأن رئيس الجمهورية دعا من قبل إلى تجديد الخطاب الديني ولم يحدث ذلك، وجعل البعض يعتبر هذه الدعوة فرصه للحديث عن كتب التاريخ والفتاوي المثيرة للجدل.
دعا جرجس إلى ضرورة أن تكون الصلوات في المساجد والكنائس لكل المصريين فلا هذا يختص بدعوته للمسيحيين ولا هذا يقتصر دعوته على المسلمين فقط.. لا داعي لتخصيص الدعوة للارثوذكس فقط ولا السنة فقط، بل المهم أن يكون الوطن للجميع .
أقلية مقهورة
من جانبه، أكد خالد جمال البير مدير عام شئون المسيحيين بوزارة الأوقاف بحكومة اقليم كردستان العراق أن أوضاع المسيحيين في العراق مؤسفة، وأن هناك مئات الآلاف نزحوا من براثن جحيم داعش والجماعات المتطرفة، مشيرا إلى نزوح 200 ألف - 300 ألف إلى اقليم كردستان، إلى جانب رصد هجرة 10 عائلات مسيحية بشكل يومي عبر المطارات أو الموانيء البرية إلى الخارج، وهجرة غالبية المسيحيين إلى الولايات المتحدة أو استراليا أو كندا، وهناك من يذهب إلى أوربا عبر قوارب المياه، وما يتعرضون له من مخاطر عديدة في رحلة الفرار.
بنبرة حزن وآسي على ما آلت إليه أوضاع المسيحيين في الشرق الأوسط عامة والعراق خاصة قال البير:" كنا أصحاب الأرض والدار، والآن أصبحنا أقلية في العراق، وأصبح المسيحيون ضحايا النزاعات المذهبية في المنطقة وزادت معدلات الهجرة بعد تنامى نفوذ تنظيم داعش والنصرة وغيرها من الجماعات الإرهابية، موضحا أن غالبية المسيحيين فضلوا الهجرة وأصبحت فرصة عودتهم مرة أخرى لديارهم صعبة، في ظل استيلاء جيرانهم والمحيطين بمنازلهم على ممتلكاتهم ومنازلهم ونهب أراضيهم ومتاجرهم".
كما أكد "البير جمال" على استقرار 250 ألف مسيحي في اقليم كردستان، وتم جمع تبرعات من أجل توفير أماكن مناسبة للاعاشة والتغلب على طقس الشتاء القارس وحرارة الصيف المرتفعة، ومحاولة توفير حياة ىمنة لهم بعيدا عن المخاطر التي تعرضوا لها، ونجاح التبرعات في تسكين كل العائلات المسيحية في وحدات سكنية أو كردونات بعيدا عن المخيمات.