الغارات الروسية بين استفزاز الناتو وتراجع البرنامج الأمريكي لدعم المعارضة
الإثنين 12/أكتوبر/2015 - 09:33 م
طباعة

المحاولات مستمرة من جانب تركيا وحلف الأطلسي لجر روسيا إلى معركة جانبية، من أجل التعتيم على الحرب الروسية في سوريا ووقف استهداف تنظيمات معارضة سبق وأن حصلت على دعم عسكري ولوجستي من دول عربية وغربية بدعوى مكافحة الإرهاب وإزاحة الرئيس السوري بشار الأسد، وسرعان ما تتخذ محاولات اختراق المجال الجوي التركي من طائرات روسية ذريعة لافتعال الأزمات، ومحاولة إبراز الأمر على أن هناك تعمدًا من الجانب الروسي لاختراق الأجواء التركية.

من جانبه قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج إن روسيا قادرة على لعب دور بناء في مكافحة خطر "داعش" الإرهابي إلى جانب المجتمع الدولي، محذرا من أن دعم الأسد يؤدي إلى إطالة الحرب، موضحا بقوله "روسيا من الممكن أن تلعب دورا بناء في مكافحة "داعش"، إلا أن دعم الأسد غير بناء، إن ذلك يؤدي فقط إلى إطالة الحرب".
شدد بقوله "لا بديل لحل النزاع في سوريا سياسيا، وأن التوصل إلى حل سياسي لوقف الحرب والقتال في سوريا قد يبدو غير واقعي، ومن جهة أخرى لا يوجد بديل آخر، ويجب إيجاد حل سياسي من خلال المفاوضات عاجلا أم آجلا، ولذلك ندعم كافة جهود الأمم المتحدة في البحث عن هذا الحل السياسي.
أكد ستولتنبرج إن حلف الناتو لا ينوي التدخل بالوضع في سوريا، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن عددا من الدول الأعضاء والشريكة تلعب دورا محوريا في التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة. وأضاف أن التحالف يستفيد كثيرا من قدرات وخبرات قوات الناتو، وأعاد الأمين العام للناتو إلى الأذهان أن واشنطن أعلنت سابقا عن استعدادها للتعاون مع روسيا وإيران وغيرهما من الدول في البحث عن سبل للتسوية السياسية في سوريا.
نوه ستولتنبرج إلى أن قدرات الناتو تضع أساسا للعلاقات البناءة مع روسيا، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن ذلك لا يعني أن الحلف سيسمح لروسيا بأن تتصرف بحرية كاملة، كما أن الناتو سيدرس انعكاسات الأزمة الحالية في العلاقات مع روسيا مع اقتراب قمة الحلف التي ستنعقد في وارسو.
ركز على أن عزل روسيا مضر باستقرار والسلام في العالم، موضحا بقوله "روسيا هي أكبر جيراننا وعضو مجلس الأمن الدولي، وكل مرة عندما نحاول إيجاد حل لقضية السلاح الكيميائي في سوريا ونبحث الاتفاق النووي مع إيران، وعندما نبحث عن حل سياسي للحرب في سوريا أو حل لغيرها من المسائل، تشارك روسيا في ذلك بشكل أو بآخر، ولذلك فإن فكرة عزل روسيا ليست جيدة بالنسبة لنا وكذلك للاستقرار والسلام في العالم".
يأتي ذلك في الوقت الذي أعلن فيه من قبل "الناتو" عن دعمه الكامل لتركيا لتأمين حدودها الجنوبية ضد أي تهديدات من روسيا بعد أن تم اختراق الطائرات الروسية المجال الجوي لتركيا، وأن الحلف مستعد للدفاع ضد أي تهديدات تخص أعضاء الناتو.
وسبقت هذه التصريحات ما أعلنه الجيش التركي بشأن إطلاق صواريخ من قاعدة في سوريا استهدف 4 مقاتلات من نوع F16 تابعه للجيش التركي.
واستدعت أنقرة السفير الروسي لإبلاغه للمرة الثالثة عن اختراق الطائرات الروسية المجال التركي، و أن صواريخ روسية انطلقت من روسيا استهدفت 8 طائرات تركية من نوع F17 أثناء قيامها بتامين الحدود بلادها مع سوريا، وهو ما اعبره محللون محاولة لخلق أزمة وتعميق حدة المعارك في الشرق الأوسط، وجر حلف الناتو لآزمة جديدة مع روسيا، بعد ان نشبت أزمة كبيرة بين الطرفين بشأن الأزمة الاوكرانية.

على الجانب الآخر أعلن أليكسي ميسكوف، نائب وزير الخارجية الروسية أن مقترحات موسكو السياسية والعسكرية والاقتصادية، تؤدي إلى تجاوز الأزمة الراهنة في العلاقات بين روسيا والغرب، مشيرا إلى أن الغرب بعد تسعينات القرن الماضي بدأ يقدم ردودا مرضية على فقدان هيمنته السابقة في الأمور الدولية، مضيفا أنه لو لم تحصل الأحداث في أوكرانيا، لكان الغرب سيجد ذرائع أخرى لزرع التوتر في علاقاته مع روسيا.
نوه أن أحداث الربيع العربي سبقها تغير الآليات الأوروبية إذ أنه "إذا كان الاتحاد الأوروبي تبلور مطلع التسعينات كتجمع يدار بذاته إلى حد كبير، إلا أنه في وقت لاحق غلب على الاتحاد التضامن الأطلسي من خلال آليات الناتو، وأخذ يميل أكثر فأكثر نحو "أخيه الأكبر"
شدد على انه بالرغم من الخلافات الراهنة بين الطرفين، لا تزال تبقى هناك مجالات واسعة للتعاون حول القضايا الدولية الأكثر إلحاحا، كالتهديد الإرهابي، والأزمات في سوريا وليبيا وبلدان أخرى، موضحا أن عدد السياسيين ورجال الأعمال الغربيين الذين يفهمون أن المواجهة مع روسيا تقود إلى طريق مسدود يزداد باستمرار.

وعلى صعيد تغير الأوضاع ميدانيا بعد الغارات الروسية، أكد محللون انه لم يكن مفاجئا إعلان الولايات المتحدة إيقاف برنامج وزارة الدفاع المخصص لتدريب وحدات من مقاتلي المعارضة السورية.
وأكد خبراء وسياسيون مهتمون بالشئون العسكرية في الشرق الأوسط أن القرار الأمريكى كان متوقعا بعد الخيبات الكبيرة التي مني بها هذا البرنامج وانتهى بوجود أربعة أو خمسة مقاتلين فقط، مشيرين إلى أن تصريحات الخارجية الأمريكية بأن البرنامج لم يلغ نهائيا، وإنما توقف بشكل مؤقت محاولة لحفظ ماء الوجه.
ويري محللون أن إدارة أوباما أفشلت البرنامج قصدا، لعدم وجود معارضة معتدلة يمكن الوثوق بها، وهو ما عبرت عنه الإدارة الأمريكية التي طالما اشتكت من عدم وجود معارضة معتدلة، لكن التدخل العسكري الروسي في سوريا غير الحسابات الأمريكية جملة وتفصيلا، ودفعها نحو إيقاف عملية تدريب المجندين لصالح تقديم معدات وأسلحة إلى مجموعة مختارة من قادة المعارضة، حتى يتمكنوا من تنفيذ هجمات منسقة في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش.