إخوان ليبيا.. نقطة سوداء تُربك الحل السياسي في البلاد

الأربعاء 14/أكتوبر/2015 - 11:50 ص
طباعة إخوان ليبيا.. نقطة
 
تعيش ليبيا الآن حالة من التوتر الغير مسبوق، ففي الوقت الذي طرحت فيه البعثة الأممية أسماء حكومة الوفاق الوطني لدفع البلاد إلى الاستقرار، تقوم جهات بمحاولات عرقلة نجاح المفاوضات؛ ما دفع المبعوث الأممي إلى ليبيا برناردينو ليون، إلى إرسال خطاب إلى رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، يشير فيه إلى خطابه السابق المؤرخ 11 أكتوبر 2015 الذي تمت بموجبه إحالة النص النهائي للاتفاق السياسي الليبي وملاحقه ليتم اعتماده من مجلس النواب.

تحفظات البرلمان حول حكومة الوفاق

تحفظات البرلمان حول
أضاف ليون في خطابه أن نص الاتفاق هو نتيجة لمفاوضات مكثفة وشاملة بين الأطراف الليبية على مدار تسعة أشهر، وأن هذا الاتفاق بشكله الحالي يمثل حلًّا وسطًا سياسيًّا عادلًا ومتوازنًا يمكنه أن يكون نهاية عملية ودائمة للصراع السياسي والعسكري في ليبيا.
وطلب ليون في خطابه من صالح المساعدة العاجلة في حشد الدعم داخل مجلس النواب لضمان اعتماد النص النهائي للاتفاق السياسي، وأنه ينبغي أن التعامل مع نص الاتفاق يجب أن يكون كنص واحد يشمل الملاحق المختلفة ولا يكون اعتماد النص انتقائيًّا، بالإضافة إلى أن نفس المبدأ ينطبق على المرشحين المقترحين للمجلس الرئاسي المدرج في الملحق رقم 1 من الاتفاق والذي ينبغي أن يتم اعتماده ككل.
وأشار المبعوث الأممي إلى أنه يود لفت انتباه رئيس مجلس النواب إلى بيانات الدعم التي أصدرها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وغيره من ممثلي المجتمع الدولي في دعوتهم إلى لاعتماد النص النهائي والمجلس الرئاسي.
ويعترض الليبيون على الأسماء الذي طرحها ليون باعتبارها تخدم مصالح الإخوان المتمثلة في المؤتمر الوطني المنتهية ولايته، معتبرين أن ليون يقوم بتنفيذ أجندة خارجية تعمل لصالح جهات بعينها على رأسها تركيا وقطر الموالين لجماعة الإخوان المسلمين.
وأبدى البرلمان الليبي المعترف به دوليًّا تحفظات متعددة حول حكومة الوفاق، ووصفها بأنها لا تستجيب للشروط التي وضعها وتسوي بين الضحية والجلاد.
وذكرت مصادر مقربة، أن المبعوث الأممي يتجه إلى إجراء تعديل على التشكيل الحكومي الذي اقترحه وذلك بإعفاء عبدالرحمن السويحلي، المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين والذي لاقى اعتراضًا شعبيًّا كبيرًا، من منصب رئيس مجلس الدولة على أن يختار المجلس رئيسه بالتصويت من أغلبية أعضائه، كذلك أشارت المصادر إلى أن هناك اتجاهًا لسحب اسم فتحي باشا آغا كرئيس لمجلس الأمن القومي، على أن يختار مجلس الرئاسة مستشار الأمن القومي والدفاع، لافتة إلى أن نائب رئيس الحكومة عوض المجبري سينقل كعضو في مجلس الرئاسة وسيحل محله النائب أبوبكر بعيرة.

تركيا تستضيف ميليشيات "فجر ليبيا"

تركيا تستضيف ميليشيات
من ناحية أخرى كشفت مصادر أن بعض قادة ميليشيا فجر ليبيا الموالية للمؤتمر الوطني المنتهية ولايته وصلوا أول أمس الاثنين إلى مدينة إسطنبول التركية للمشاركة في اجتماع عاجل دعا إليه المبعوث الأممي إلى ليبيا برناردينو ليون؛ لمناقشة ترتيبات تأمين العاصمة طرابلس لتسهيل مهمة حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج، ما يؤكد على أن البعثة الأممية تعمل لصالح طرف بعينه.
ويأتي هذا الاجتماع الذي يُفترض أن تكون أعماله قد بدأت أمس، لترسيخ سطوة الميليشيات على طرابلس، وتكريس هيمنة المحور التركي القطري على ليبيا.
شارك في الاجتماع وفق المتابعون أبرز قيادات فجر ليبيا على رأسهم، عبدالرءوف كاره "كتيبة الإسناد"، وعبدالغني الككلي المعروف باسم إغنيوة "رئيس المجلس العسكري بوسليم"، وخالد الشريف "الجماعة الليبية المُقاتلة"، وبعض القيادات العسكرية الأخرى من كتيبة الحلبوص، ولواء المحجوب المنضوية جميعها تحت لواء ميليشيات فجر ليبيا بالعاصمة طرابلس.
ويقول كمال مرعاش الناشط السياسي الليبي: إن أغلب هؤلاء المشاركين في اجتماع إسطنبول مقربون من فتحي باش آغا الذي اختاره ليون لتولي رئاسة مجلس الأمن القومي، وسليمان الفقي، وهم معروفون بتأييدهم لجناح مصراتة المؤيد للتوافق، وهم بالتالي يدعمون تشكيلة حكومة الوفاق التي أعلنها ليون الخميس الماضي.
كذلك أكد مرعاش وفق صحيفة العرب اللندنية، أن هذا الاجتماع سيخصص لمناقشة جملة من الترتيبات الأمنية لحماية طرابلس بما يُسهل مهمة حكومة السراج.
وكشف في هذا السياق أن مشاركة خالد الشريف في اجتماع إسطنبول يحمل أبعادًا أخرى باعتباره يستهدف التسويق لمشروع قديم – جديد ألا وهو تشكيل حرس وطني لحماية الحكومة الجديدة يكون بديلًا عن الجيش الليبي.
وأشار الناشط الليبي إلى أن الشريف ذهب إلى إسطنبول لعرض ورقة مفصلة لهذا المشروع تتضمن خطة لحماية طرابلس، وتأمين مقرات الحكومة الجديدة، على المبعوث الأممي ليون، وهي خطة وصفها بأنها استنساخ لتجربة المنطقة الخضراء في العاصمة العراقية بغداد.
مرعاش لم يستبعد إمكانية مناقشة سبل انضمام الميليشيات المسلحة إلى الجيش الليبي في صورة رفض الورقة المتعلقة بتشكيل حرس وطني، فقد اعتبر المُحلل السياسي سامي عاشور أن اجتماع إسطنبول هو تكريس لسيطرة ميليشيا فجر ليبيا بالكامل على حكومة فايز السراج رغم الخلافات التي برزت خلال اليومين الماضيين حول بعض الأسماء التي أعلنها ليون.

عرقلة المفاوضات

عرقلة المفاوضات
ويرى مراقبون أن الخلافات التي تعمقت داخل ميليشيا فجر ليبيا، والمؤتمر الوطني المنتهية ولايته برئاسة نوري بوسهمين، قد تحول دون التوصل إلى اتفاق حول الترتيبات الأمنية لتسهيل عمل حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج.
وكانت ميليشيا فجر ليبيا قد أكدت أول أمس تأييدها ودعمها لفايز السراج لرئاسة حكومة الوفاق الوطني الليبية، لإقامة دولة مدنية وفق القانون والسيادة بعيدا عن القائد العام للجيش الليبي الفريق أول خليفة حفتر.
في ذات السياق لاقت الأسماء المطروحة ترحيبًا دوليًا، حيث قالت الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موجيريني: إن الليبيين يشعرون بالتعب جراء استمرار الأزمة في بلادهم وأنه حان الوقت لفرقاء الأزمة أن يرفعوا آخر تحفظاتهم ويقبلوا بتشكيل حكومة الوفاق الوطني.
وأضافت موجيريني، خلال جلسة خصصتها لجنة الشئون الخارجية في البرلمان الأوروبي في بروكسل لبحث الأزمتين الليبية والسورية، أمس: "دورنا في ليبيا هو للمواكبة، وأما القرار فهو ليبي في نهاية المطاف والليبيون تعبوا"، متابعة: "ليس بإمكان المجتمع الدولي فعل كل شيء بدل اللبيبين".
ويرى وزير الإعلام الليبي عمر القويري، أنه يجب تسليم السلطة بعد انقضاء ولاية مجلس النواب الليبي إلى مجلس عسكري أو رئيس مؤقت يدعو في غضون شهور إلى انتخابات جديدة، موجهًا انتقادات حادة للمبعوث الأممي إلى ليبيا، برناردينو ليون، مؤكداً فشل المفاوضات التي يجريها، واستبعد إمكانية نجاح تشكيل حكومة الوفاق الوطني، بجانب توعده لقطر وتركيا بالرد على دورهما السلبي في دعم المتطرفين في بلاده.
كان عددًا من النواب قاموا بطرح عدد من المخالفات التي جاءت في بنود الاتفاق التي طرحها ليون، وأصدروا بيانًا مساء أمس الثلاثاء 13 أكتوبر بمقر المجلس بمدينة طبرق أكدوا فيه على رفضهم التام للنتائج التي توصل إليها ملتقى الحوار السياسي الذي انعقد في مدينة الصخيرات بالمملكة المغربية وبإشراف مكتب الأمم المتحدة في ليبيا .

الإخوان سبب الأزمة

الإخوان سبب الأزمة
وقالت وكالة الأنباء الليبية التابعة إلى الحكومة الليبية المؤقتة: إن النواب لاحظوا أن ما صرح به ليون تضمّن العديد من الخروقات على مستوى الإعلان الدستوري وتعديلاته وما تضمنته مسودة الحوار وملاحقها .
وأفاد النواب أن صدور مثل هذا القرار من ليون، وملتقى الحوار هي بمثابة إعطاء من لا يملك لمن لا يستحق، هذه المخالفات تنم عن الاستهتار والاستهزاء القانوني والأخلاقي وعدم احترام إرادة الليبيين المتمثلة في مجلس النواب كطرف سياسي في الحوار.
وأكد النواب تمسكهم بالحوار كخيار استراتيجي فإننا نتمسك بالمبادئ والأحكام التي وردت بالمسودة الرابعة الموقعة بالأحرف الأولى.
وأعرب النواب عن عدم رضاهم بأي شكل من الأشكال على مرور هذه القرارات والمخرجات المشوبة بالعيوب والأخطاء، والتي توصلها إلى درجة البطلان لمخالفتها واتفاقية الحوار السياسي.
وتظل الإخوان هي النقطة السوداء، أمام عودة الاستقرار لليبيا، كما أنها تدفع إلى استمرار الجدل والارتباك للمشهد الليبي ونجاح المفاوضات الجارية، وكذا العائق الوحيد للحل السياسي في البلاد.

شارك