الإخوان والانتخابات البرلمانية.. بين الدعوة للمقاطعة والتصويت للسلفيين
السبت 17/أكتوبر/2015 - 02:51 م
طباعة

ساعات وتبدأ عملية التصويت على الانتخابات البرلمانية في جولتها الأولى 18 و19 أكتوبر 2015، وكلما اقترب موعد التصويت تتكشف الكثير من الحقائق ومعها مواقف الجماعة من القوى السياسية المشاركة في هذه الانتخابات، وتتعدد آراء المحللين السياسيين وخبراء الحركات الإسلامية حول مشاركة الإخوان الإرهابية في العملية الانتخابية من عدمه.

وتأكيدًا على دعوات المقاطعة التي تقودها الجماعة وبعض القوى السياسية الصغيرة كالاشتراكيين الثوريين وحركة 6 أبريل، فقد شارك العشرات من أنصار جماعة الإخوان، أمس الجمعة 16 أكتوبر 2015، في مسيرات محدودة بالقاهرة والمحافظات، للتنديد بالانتهاكات الإسرائيلية بالأراضي الفلسطينية المحتلة، والدعوة لمقاطعة انتخابات مجلس النواب المقرر انعقاد جولتها الأولى، غدًا وبعد غد.
ووصف أنصار الجماعة البرلمان المقبل بأنه «برلمان أحمد عز والحزب الوطني المنحل»، داعين المواطنين لعدم المشاركة، وهو ما رفضه البعض في مناطق متعددة؛ ما أدى لنشوب مشادات كلامية بين الطرفين.
وبدأت مظاهرات أنصار الجماعة بمسيرة من أمام مسجد الرحمن، بالمعادي، قبل صلاة الجمعة، وجابت الشوارع وسط ترديد الهتافات والشعارات المناهضة للنظام، وأخرى مسيئة للجيش والشرطة.
وفي العمرانية، دعت حركة «ألتراس ثورجي» المناصرة للجماعة، المواطنين للعزوف عن المشاركة في التصويت، ولكن الأهالي اتهموهم بالتخريب والسعي لنشر الفوضى في البلاد وتعطيل خطوات الإصلاح التشريعي التي تسعى إليها الحكومة.
وشدّد أعضاء الحركة على أنهم يخشون من عودة رجال عز وجمال مبارك، نجل الرئيس الأسبق، حسني مبارك، عبر بوابة البرلمان، والتي تمهد لاستعادة ممارسات وسياسات الماضي، لكن الأهالي ردوا بأن رجال مبارك لن تجرأوا على ذلك بعد ثورة ٢٥ يناير؛ لأن النظام سيكون لهم بالمرصاد.
وفي فيصل، أغلق العشرات من أنصار الجماعة شارع الملكة لمدة ١٠ دقائق؛ ما أدى لتزاحم مروري وغضب الأهالي، فاضطر أنصار الجماعة لفتح الشارع والسير إلى الشوارع الجانبية، مرددين هتافات داعمة للانتفاضة الفلسطينية، ودعا أنصار المعزول المواطنين لدعم الفلسطينيين في «انتفاضة السكاكين» وعدم تصديق الاتهامات الموجهة إلى حركة حماس بممارسة الإرهاب ضد مصر.
وفي الشرقية، شارك العشرات من الإخوان بمسيرات محدودة بمراكز المحافظة، للمطالبة بالإفراج عن المقبوض عليهم من الجماعة منددين بأحكام الإعدام الصادرة ضد عدد منهم، مؤكدين على استمرار حراكهم الثوري تلبية لدعم ما سموه تحالف الشرعية.
وشهدت قرية العدوة مسقط رأس الرئيس المعزول محمد مرسي، عدة سلاسل ومسيرات محدودة شارك فيها العديد من الرجال والنساء والأطفال، رافعين شارات «رابعة» وصور المقبوض عليهم وصور الرئيس المعزول وأعلام مصر على الطرق العامة والفرعية طافت شوارع المدن منددين بأحكام القضاء، ومرددين الهتافات المعادية للجيش والشرطة.
وحول الواقع العملي في الانتخابات وتصويت المصريين بالخارج قال الدكتور أحمد كمال أبو المجد، المفكر الإسلامي: إن اعتماد التيار السلفي على تصويت المصريين بالخارج لن يكون له نتيجة؛ خاصة أن التجربة السابقة للتيار الإسلامي جعلت معظم الجاليات في الخارج لا ترحب بتأييدهم. وأضاف أبو المجد أن الجاليات في الخارج تعلمت من التجربة السابقة، والتيار الإسلامي لن يستطيع أن يكسب أصوات أغلب الجاليات المتواجدة في الدول العربية.

الدكتور يسري العزباوي
وفي نفس السياق، قال الدكتور يسري العزباوي، الباحث بالنظم الانتخابية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: إن معظم قواعد التيار الإسلامي المتواجدة في خارج مصر لن تشارك في الانتخابات، كما أنها لن تستجيب لتحريض الإخوان ضد الانتخابات سواء بعمل مظاهرات أمام القنصليات والسفارات المصرية؛ لأن قواعد الدول المتواجدين بها لن تسمح لهم بذلك. وأضاف الباحث في النظم الانتخابية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن الجاليات المصرية بالدول الأوروبية لديها موقف من السلفيين والإخوان، وبالتالي لن يعطوا صوتهم لحزب النور، بينما المواقف التي اتخذتها الدول العربية من الإخوان ستشجع الجاليات المصرية في الخارج بعدم التصويت للسلفيين.

جورج إسحاق، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان
أما على الصعيد الداخلي فقد توقع جورج إسحاق، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، أن تدعم جماعة الإخوان، مرشحين بعينهم في الدوائر ذات الكتلة الإخوانية، مضيفًا أن العبء سيقع على أهالي الدائرة لإفشال ذلك المخطط، وعدم التصويت للمرشح المدعوم من قِبَل الجماعة. وأضاف إسحاق أن الدوائر التي تُعَد معقلًا لجماعة الإخوان، كأطفيح والصف وكرداسة وناهيا، لن تشهد عنفًا خلال يومي التصويت؛ بسبب ضعف قوة الجماعة هناك؛ الأمر الذي انعكس بشكل واضح على اختفاء المظاهرات والاحتجاجات، طوال الفترات الماضية.

مختار نوح، القيادي السابق بجماعة الإخوان
فيما انتقد مختار نوح، القيادي السابق بجماعة الإخوان، مهاجمة الجماعة للانتخابات البرلمانية، مؤكّدًا أن هذا الأمر دليل لفشلهم الذي يرفضون الاعتراف به. وقال نوح: "معظم من يخوضون الانتخابات البرلمانية المُقْبِلَة أشخاص عاديون ليس لهم علاقة بالسلطة، كما أن هناك أفرادًا كانوا منتمين لجماعة الإخوان، يخوضون الانتخابات أيضًا". وأشار نوح، إلى أن الدولة لم تتدخل في هذه الانتخابات، لا بترشح أحد أو دعم أحد، مضيفًا: "هذه الانتخابات أفضل من الانتخابات التي أجريت بمشاركة الإخوان 100 مرة، إذ أن التي شهدت مشاركة الجماعة حدث بها تزوير وكانت جماعة الإخوان توزع زيت وسكر وتعد الناخبين بالجنة".
ومن المعلوم أن المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب تشمل عددًا من الدوائر، التي تعد معقلًا لجماعة الإخوان الإرهابية، خاصة في محافظة الجيزة، فدوائر مثل كرداسة وناهيا، والطالبية والهرم، وأطفيح، وغيرها، ظلت مشتعلة حتى وقت قريب؛ حيث شهدت عددًا من التظاهرات وأعمال الشغب. وقد اختفت مظاهرات الاحتجاج لجماعة الإخوان الإرهابية في عدد من تلك الدوائر، فهدأت الاحتجاجات المفتعلة في منطقة ناهيا وكرداسة، بعد تقديم عشرات من المشاركين في أعمال الشغب للمحاكمة، وعلى رأسهم منفذي عملية الهجوم على قسم كرداسة.

الدكتور عمرو هاشم ربيع
كما نجح الأمن في السيطرة على مركز أطفيح، بعد أن اتخذته الجماعة لعدة أشهر، مركزًا لإطلاق مظاهرتها، وعرضها على القنوات الخاصة بالجماعة، لإظهار التظاهر كحالة عامة في البلاد، كما أن تصدي الأهالي لمحاولات الجماعة لإشعال الاحتجاجات وأعمال الشغب قلل من حدتها. وأكد الدكتور عمرو هاشم ربيع، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن العنف في الدوائر ذات الكتلة الإخوانية، سيظهر فقط، في حالة الدوائر التي يوجد بها مقعد واحد فقط؛ حيث ستكون المنافسة قوية على ذلك المقعد. وأضاف دكتور ربيع، أن المرجح خلال عملية التصويت، هو مقاطعة كتلة الجماعة للانتخابات، لكن في حالة نزولها، فإن أفراد الجماعة سيقومون بالطبع باختيار المرشح الأقرب إليهم أيديولوجيا، وهم مرشحو حزب النور، أو مرشحو التيار السلفي المستقلون بوجه عام.
وسيظل الموقف من الانتخابات البرلمانية إلى أن تبدأ عملية التصويت الفعلية محل تكهنات الكثير من المحللين السياسيين والخبراء في مجال حركات الإسلام السياسي، دون الخروج بمعلومة مؤكدة حول ما تقوم به جماعة الإخوان في تلك الانتخابات، خصوصًا أنه لم يصدر حتى الآن من الجماعة بيان أو موقف يؤكد على مشاركتها من عدمه، إلا بعض المسيرات الضعيفة التي تنادي بمقاطعة الانتخابات، وكذلك بعض التصريحات من قيادات في الجماعة تعد في النهاية تصريحات فردية خاصة لا تعبر عن موقف الجماعة، وتقوم بإطلاقها تلك القيادات لجس نبض الشارع السياسي وقياس ردود الأفعال.