مسئولية أمريكا عن تدهور أحوال أقليات الشرق الأوسط وراء عدم الاحتفاء بتقرير الحريات

الخميس 22/أكتوبر/2015 - 02:31 م
طباعة مسئولية أمريكا عن
 
يبدو أن الهيمنة الأمريكية في مجال الحريات بدأت تسقط خاصة بعد أن اكتشف أنها تُعاون تنظيمات إرهابية في دول الشرق الأوسط، وتسببت في معاناة الكثير من الأقليات بهذه المنطقة؛ لذلك صدر تقرير اللجنة الأمريكية حول أحوال «الحرية الدينية» في عام 2014، دون ضجيج إعلامي، كما كان في السابق. رغم أنّ العام الماضي قد شهد نشأة ما يسّمى بتنظيم داعش التي كان من باكورة إنجازاتها القضاء على المكوّن الديني التعددي في المناطق التي وصلت إليها، وأهمها الموصل وسائر قرى ومدن سهل نينوي في العراق. فتعمّد التقرير الحديث عنها وعن شقيقاتها مثل بوكو حرام وغيرها ممّا تتشابه أفعاله مع «داعش» من قتل وتدمير وتكفير، وإلغاء صريح ومباشر لكل ما هو مختلف أو «آخر» ديني وعقائدي وطائفي. وتعليقًا على التقرير قال الأب رفعت بدر المسئول عن المكتب الإعلامي الكاثوليكي بالأردن. 
لقد حفل العام الماضي، بهذه التيارات الإلغائية، وعانى ويلاتها الكثير من البشر، فغادروا قسرًا أرضهم وبلدانهم الأصلية التي عاشوا فيها مئات السنوات بتناغم تام مع مكوّنات أخرى لذات المجتمع. فأتى القرن الحادي والعشرون ليبين لهم أنه الأقسى والأمّر والأكثر أسى ووحشية، إذ أُجبروا على الرحيل وانتقلوا من «مواطنين» لهم اسهامهم الفعّال في بناء مجتمعاتهم، إلى «مهجّرين» مسجلين في مكاتب الأمم المتحدة، وإلى طارقي أبواب السفارات بحثاً عن أحضان دافئة لإيوائهم، مروراً بالبحار الباردة وأحياناً القاتلة.
مسئولية أمريكا عن
هذه هي الصورة القاتمة جداً التي تغطي تقرير أمريكا عابر البحار والأقطار لهذا العام العاصف، رغم أنه يقدّم بعض التحسن والايجابيات لدى بعض البلدان ويخص منها مصر التي لم يذكر عنها انتهاكات لحقوق السكان الدينية تحديداً، كما كان يفعل في السابق. ورغم أنّه يناقش أوضاع العالم –الدينية– ضمن منظار واحد يعتمد على مصطلحي «محاربة اللاسامية» Anti-Semitism من جهة و«الخوف من الإسلام» Islamo-phobia من جهة أخرى.
أردنياً، يعيد التقرير ما ينشره في كل عام، وبالأخص حول تضمين الدستور لحرية العبادة، وإقامة الشعائر الدينية، ويبيّن المشكلات القانونية التي تحصل في حالة تغيير الدين وتأثيره الاجتماعي والقانوني على حقوق الإرث وغيره من التعقيدات، كما يتعرّض للاعتراف الرسمي بالجمعيات الدينية الطارئة على مجتمعنا، وهي ليست بالمشكلة الكبرى طبعًا.
ويقدّم التقرير ثناءه للأردن من خلال أمرين: الأول زيارة البابا فرنسيس ولقائه بالملك عبدالله الثاني، وأثنى على تقدير جلالته لرسالة قداسته في نشر السلام والتسامح، مؤكداً تكافل الأردن بمسيحييه ومسلميه، لبناء المستقبل الواحد على قاعدة مشتركة قِوامها الاحترام المتبادل والسلام والعبادة لله.
وثانياً، أثنى التقرير على استقبال الأردن للمهجرين من الموصل وعلى تأكيد جلالة الملك والحكومة على استكمال الأردن دوره في أن يكون الملاذ الآمن للعرب المسيحيين المعرضين للاضطهاد. وهنا يقول التقرير: إنّ أعداد المهجرين هو ثلاثة آلاف شخص بينما هم في الواقع ثمانية آلاف.
وأخيرًا يأتي التقرير على حديث الساعة- الكتب المدرسية- فعوضاً عن الدعوة إلى تضمين المناهج المبادرات الأردنية في حقول الحوار بين الأديان، وبالأخص ذكر التاريخ العربي المسيحي في الأردن والمنطقة، يدعو إلى تذكيرها بتاريخ ما يسمى «بالمحرقة اليهودية» والدعوة إلى نبذ اللاسامية، وهنا طبعاً نستدل على الجهة التي تقف وراء صناعة التقرير السنوي الذي فقد تأثيره الإعلامي كما فقد الضجة التي ترافق صدوره كل عام. ففي كل نهار محرقة جديدة لشعب، ولم يعد شعب لوحده يمثل دور الضحية.
وفي المغرب أشاد تقرير وزارة الخارجية الأمريكية السنوي 2014 حول الحريات الدينية في العالم بسماح السلطات المغربية للمسيحيين واليهود بممارسة طقوسهم بكل حرية وعدم التضييق على رموزهم الدينية ولباسهم الديني، كما تطرق في الوقت ذاته إلى أبرز المعيقات التي تعترض ممارسة العقائد الدينية في المغرب وتدخل السلطات المغربية.
وأورد التقرير أن عدد المغاربة المسيحيين يصل إلى 4000 مغربي مسيحي، أغلبهم أمازيغ، يقيمون شعائرهم بالكنائس، فيما يقدر بعض المشرفين على الكنائس أن عددهم يصل إلى 8000 مغربي مسيحي.
مسئولية أمريكا عن
وأضاف التقرير ذاته أن عدد الشيعة في المغرب، يتراوح بين 3000 و8000 غالبيتهم من لبنان والعراق، مع نسبة قليلة من المغاربة الشيعة، في الوقت الذي يصل فيه عدد البهائيين إلى 400 يتمركزون غالبًا في المجال الحضري لمدينة طنجة .
وقال التقرير: إن السلطات المغربية تحترم حق غالبية المواطنين في ممارسة شعائرهم الدينية، وإن الدستور وباقي القوانين يحمي حرية المعتقد، لكن الحكومة تمنع خروج المواطنين من الدين الإسلامي وتمنع أنشطة غير المسلمين المندرجة ضمن التبشير.
ونوه التقرير السنوي الذي تصدره وزارة الخارجية الأمريكية حول الحريات الدينية بالجهود المبذولة من طرف المغرب من أجل تشجيع قيم التسامح والاحترام والحوار المتبادل بين الأديان.
وأكد التقرير أن المغرب سجل خطوات مهمة في مجال ترسيخ مناخ الحرية الدينية، حيث يعد من بين البلدان الرائدة في هذا الاتجاه داخل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
يشار إلى أن التقرير السنوي يستند إلى معطيات تهم بالأساس إحداث المرصد الدولي للديانات بالمغرب، وكذا احتضان المغرب للحوار الإسلامي اليهودي وهو اجتماع للجنة الدائمة اليهودية الإسلامية المحدثة عقب المؤتمر العالمي الأول للأئمة والحاخامات من أجل السلام الذي تم عقده ببروكسيل، علاوة عن إنشاء المتحف اليهودي بالدار البيضاء على اعتبار أنه البلد الوحيد الذي توجد به منشأة من هذا النوع، فضلا عن التنظيم السنوي لـ"مهرجان الموسيقى الروحية" بفاس؛ لكونه يشكل فضاء لالتقاء موسيقيين من مختلف الثقافات والديانات المختلفة: الإسلامية، المسيحية، اليهودية، الهندوسية، البوذية وغيرها، ناهيك عن الملتقيات الدولية التي يحضرها علماء ومفكرون ينتمون إلى ديانات مختلفة.
ولم يفت التقرير التذكير بالجهود التي يبذلها المغرب من أجل ترسيخ إسلام معتدل ومتسامح من خلال جملة من الإجراءات والتدابير التي اتخذها الملك محمد السادس، بوصفه أميرًا للمؤمنين؛ من أجل إعادة هيكلة الحقل الديني الذي عرف في السنوات الأخيرة تحولات جذرية.
يذكر أن وزارة الخارجية الأمريكية شرعت في إنجاز تقرير سنوي حول الحريات الدينية في العالم منذ عام 1999 بوصفها راعية حرية التدين وحماية حقوق الأقليات بمختلف ألوانها داخل الكرة الأرضية، وهو تقرير يصدر كملحق للتقرير السنوي لحقوق الإنسان حول العالم.
وتكمن وظيفة هذا التقرير في رصد واقع الحرية الدينية في مختلف بقاع المعمورة، ويعتمد في صياغته على هيئة دولية تقوم بجمع المعطيات اللازمة من مصادر متنوعة ومختلفة في مواقعها من دوائر حكومية رسمية، منظمات غير حكومية، وسائل الإعلام وما تتضمنه تقارير المنظمات الحقوقية والدينية، ناهيك عما تقوم به سفارات واشنطن في مختلف العواصم من تحركات للحصول على المعيقات الضرورية خدمة لبنك معلوماتها في هذا الباب.
وتقوم السفارات التابعة للولايات المتحدة الأمريكية بإرسال هذه المعلومات إلى واشنطن، إذ تتم مراجعتها من قبل مكاتب تابعة لـ "معهد الديمقراطية وحقوق الإنسان"، وبعدها تتم بلورة هذه المعطيات في تقرير سنوي يطلع عليه الرأي العام الدولي.
يجب فقط الإشارة إلى أن هناك انتقادات لهذه الأستاذية التي تتقمصها الولايات المتحدة الأمريكية، على اعتبار أن علماء الاجتماع الأمريكيون يعتبرون أن 15 إلى 20% من سكان الولايات المتحدة يعانون من فوبيا الأجنبي وذات النسبة تقريباً تعتبر أنه يجب منع معتنقي الإسلام من العمل في الحكومة.
وحسب معطيات مكتب التحقيقات الفيدرالي فإن 80% من الجرائم المرتكبة في الولايات المتحدة على أساس الكراهية كانت بدوافع عرقية ودينية.

شارك