حزب النور والسقوط المدوي.. الأسباب وردود الأفعال

الخميس 22/أكتوبر/2015 - 04:50 م
طباعة حزب النور والسقوط
 
لا شك أن السقوط المدوي لحزب النور في الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية 2015، والتي جرى التصويت عليها يومي 18، 19 أكتوبر الجاري، يثير علامات استفهام كثيرة لدى البعض، خصوصًا في ظل عزوف الناخبين عن المشاركة السياسية في هذه الانتخابات؛ مما كان يؤهل حزب النور لحصد أكبر عدد من الأصوات؛ لأنه كما كان يلاحظ أكثر الأحزاب تنظيمًا وتفاعلًا في أرض الواقع، فهو من أكثر الأحزاب التي جابت البلاد شرقًا وغربًا للدعاية الانتخابية، ويمتلك الأموال التي سمحت له بتقديم رشاوى انتخابية غير مباشرة، سواء بمعارض الملابس والأدوات الدراسية بأسعار مخفضة، أو بشوادر بيع السلع الغذائية واللحوم، أو حتى بالقوافل الطبية والتي كانت تقوم بالكشف على المرضى وإعطائهم العلاج المجاني، ورغم كل هذا لم يحقق الحزب نجاحًا انتخابيًّا، سواء كان على مستوى القائمة أو الفردي، والتي جرت جولتها الأولى في المحافظات التي كان يظن أنها مغلقة على حزب النور، ومن بينها الإسكندرية ومطروح والبحيرة، ولا شك أن هناك أسبابًا عديدة لهذا الفشل الذي أحاط بحزب النور في هذه الانتخابات، من بينها:
عماد عبد الغفور
عماد عبد الغفور
أولًا: خروج مجموعة كبيرة من التيار السلفي وقادته من الحزب سواء قبل ثورة 30 يونيو وما بعدها وتأسيسهم لأحزاب منافسة استقطبت مجموعات سلفية كبيرة وقواعد شعبية لديهم، مثل حزب الوطن بقيادة عماد عبد الغفور، وحزب الأصالة بقيادة إيهاب شيحة، وهو ما أدى لتفتت التيار السلفي، وانعكس ذلك بشكل مباشر على نتائج الحزب في الانتخابات الحالية جعلته يفقد كثيرًا من فرصة التواجد البرلماني كما كان في برلمان 2011.
ثانيًا: موقف الحزب من ثورة 30 يونيو وانحيازه للدولة أفقده تعاطف قواعده الشعبية الميالة للإخوان، والتي كان يستند إليها وجعلته يخسر حتى في معاقل نفوذه كالإسكندرية والبحيرة ومطروح، فضلًا عن الحملات التي شنتها جماعة الإخوان ضد الحزب وقياداته ودعوتها لأنصارها بعدم التصويت له.
ثالثًا: الخطاب الملتبس للحزب والذي شكك الكثيرون في موقفه وخلطه للدين والدعوة بالسياسة؛ مما أفقده ميزة اكتساب قواعد جماهيرية أخرى تعوضه عن قواعده التي فقدها عقب ثورة 30 يونيو وانشقاق أغلب قياداته عنه.
رابعًا: شيطنة الإعلام لحزب النور وتصويره بأنه الحزب الذي يسعى لخلافة الإخوان واتهامه بالتعامل مع الغرب على حساب المصالح الوطنية المصرية وضد الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ وهو ما أدى لتراجع شعبية الحزب تمامًا، فضلا عن أن الحزب بوضعه الحالي أصبح لا يمثل سوى 10% من التيار السلفي.
خامسا: الخطاب المعادي للأقباط والذي كان يتردد بكثافة خلال الفترة الماضية وتركز في فتاوى برهامي وغيره من قيادات الدعوة السلفية، أمثال برهامي وغيره والتي كانت تنادي بعدم تهنئة الأقباط بأعيادهم، وعدم تجديد كنائسهم أو بناء كنائس جديدة، كذلك عدم شرعية انتخابهم أو عضويتهم في البرلمان المصري لأن الولاية لا تجوز لكافر- على حد قولهم- ولم ينف الحزب أو يعترض على هذه الفتاوى بل أكدها نادر بكار أكثر من مرة في وسائل الإعلام المختلفة.
سادسًا: ضم حزب النور لأقباط معادين للكنيسة المصرية وهذا ما أجج حفيظة الأقباط تجاه الحزب، ووضع الحزب في مواجهة وعداء طائفي مع الكنيسة المصرية.
سابعًا: كثرة الحملات الشعبية الرافضة لحزب النور وممارساته وكشف، هذه الممارسات للشعب المصري أولا بأول مثل حملة "لا للأحزاب الدينية" والحملة الشعبية لمناهضة الأخونة، وغيرها من الحملات والإعلاميين الذين كثفوا دعايتهم ضد حزب النور.
محمود نفادي منسق
محمود نفادي منسق عام "ائتلاف لا للمصالحة"
ويقدم محمود نفادي منسق عام "ائتلاف لا للمصالحة" أسبابًا أخرى لسقوط حزب النور في الانتخابات، منها أن الناخبين المصريين أصبحوا رافضين تماما لفكرة وجود التيار الإسلامي في السياسة بعدما كشفت التجربة السابقة عن عدم درايتهم بشئون الحكم وتفضيلهم لمصالحهم الحزبية على حساب مصلحة الوطن، فضلًا عن أن تعاطف الشعب معهم في السابق كان راجعًا لمواجهتهم للحزب الوطني الحاكم المدعوم من مبارك، بينما في الوقت الحالي لا يوجد حزب حاكم، ولا يدعم الرئيس السيسي أي حزب سياسي، فكانت الاختيارات هذه المرة كاشفة عن تغير في المزاج العام المصري ومعبرة عن رغبة في التغيير والتطلع للأفضل.
وكشف نفادي عن مثال بسيط لما يقوله، ويؤكد أن الناخبين في مدينة الإسكندرية معقل السلفيين منحوا أصواتهم لسحر طلعت مصطفى شقيقة رجلي الأعمال المنتمين سابقًا للحزب الوطني هشام طلعت مصطفى وطارق طلعت مصطفى، وكانت عائلة طلعت مصطفى تدعم السلفيين في المحافظة ماديًّا واجتماعيًّا فذهبت أصواتهم لابنة العائلة العريقة ولم تذهب لمرشحي حزب النور.

ردود الأفعال

يونس مخيون رئيس حزب
يونس مخيون رئيس حزب النور
وكرد فعل عملي تجاه هذه النتيجة المخزية للحزب صرحت بعض المصادر الحزبية أنه من المقرر أن يتم في اجتماع اليوم الخميس تقييم سير العملية الانتخابية وما تم فيها من تجاوزات، ومناقشة مطالبات قواعد الحزب الشعبية بالانسحاب، مضيفًا أن سقوط قائمة حزب "النور" ومرشحيه خلال المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية، سوف يؤثر بالسلب على صورة الحزب، وسيعطي فرصة للمنافسين للإعلان رسميًّا عن سقوط التيار الإسلامي ونهايته سياسيًّا.
كما أن هناك معلومات شبه مؤكدة تفيد أن يونس مخيون رئيس حزب النور سيستقيل من منصبه ويتخلى عن رئاسة الحزب بعد سقوط مرشحيه، مضيفًا أن الاجتماع الطارئ للحزب اليوم قد يشهد مفاجآت بإعلان الحزب انسحابه من الحياة السياسية وعودته للعمل الدعوي.
طارق محمود الأمين
طارق محمود الأمين العام لائتلاف دعم صندوق تحيا مصر
المصائب لم تتوقف عند سقوط مرشحي حزب النور في الانتخابات بل امتدت لملاحقات قضائية قد تدفع بقياداته للمحاكمة، فقد تقدم طارق محمود الأمين العام لائتلاف دعم صندوق تحيا مصر ببلاغ للنائب العام ضد يونس مخيون رئيس الحزب، والتي قال فيها: إن الانتخابات لم تكن نزيهة وحيادية.
محمود، قال: إن تلك التصريحات تمثل إهانة صريحة للسلطة القضائية المشرفة على انتخابات مجلس النواب، ويضع الحزب تحت طائلة المساءلة القانونية، مضيفًا أن الشعب المصري لقن حزب النور درسًا لن ينساه، وأعادوه إلى حجمه الذي يستحقه، رغم ارتكاب الحزب للعديد من المخالفات الانتخابية من تقديم رشاوى للناخبين، والنقل الجماعي لهم، وتوجيههم خارج اللجان، وخرق الصمت الانتخابي، واستغلال الأطفال في الدعاية لمرشحيهم.
ياسر برهامي نائب
ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية
وفي السياق ذاته من ردود الأفعال قال ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية إنه لم يستطع إقناع أبنائه بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية، وإن القنوات الرسمية وخاصة المصرية شنت حملة تشويه ضد حزب النور، متهمًا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالتخلي عنهم.
وأضاف برهامي خلال مداخلة هاتفية في برنامج "صوت الناس" على قناة "المحور" المصرية أمس الأربعاء، أن 99% من الشباب عزفوا عن الانتخابات، وأقسم أنه لم يستطع إقناع أولاده بالمشاركة في العملية الانتخابية.
وهاجم أجهزة الدولة لشنها "حملة ظالمة تهاجم حزب النور وتتهمه بأنه إرهابي، وأن أعضاءه داعشيون"، حسب وصفه.
وقال برهامي موجهًا حديثه للرئيس السيسي: "نحن نحاجّك عند الله ونحاجّ من هم تحتك عند الله"، مؤكدا أن السيسي ترك حزب النور وحيدًا ليتم تشويه صورته، وأضاف أن "السيسي سابنا نتظلم.. سابنا تتشوه صورتنا".
وتساءل برهامي: "هل هذا جزاء الحزب لمساعدته في منع انهيار البلاد ودخولها في النفق المظلم؟"، وقال: إن ذلك "يُشمت فينا المخالفين الذين يسمون أنفسهم إسلاميين بأن النظام باع من وقف معه".
وأضاف أن هناك مطالبات قوية داخل حزب النور تطالب قيادته بالانسحاب من الانتخابات نتيجة ما سماه الظلم الذي تعرض له الحزب، وأن هناك "حملة إعلامية لم يسبق لها مثيل في تاريخ أي انتخابات برلمانية من أجهزة الدولة وقنواتها ضد حزب النور"، وخص بالذكر "القناة الأولى، والقناة الثانية، وقناة النيل للأخبار، وصحيفة الأهرام، والجمهورية، والأخبار".
وأشار برهامي إلى أن أجهزة الدولة وقنواتها الرسمية التي تحصل على رواتبها من الدولة تهاجم حزب النور باستمرار، وتساءل مستغربًا: "كيف نقول: إن الدولة منصفة وعادلة ولا تروّج لقائمة على حساب أخرى؟".
وخطاب برهامي هذا إنما يدل على ذهنية القبيلة والتفكير الماضوي الذي تتبناه الدعوة السلفية والحزب معًا، فما هو دور الرئيس السيسي في العملية الانتخابية الذي كان ينتظره برهامي؟ وما علاقة الرئيس بالصحافة ووسائل الإعلام؟ هل لم يعلم برهامي أن تدخل الرئيس في هذه الشئون يسيء للدولة وللرئيس، ويشكك في العملية الانتخابية بمجملها؟ ولماذا يتدخل الرئيس لصالح برهامي وجماعته دون التدخل لباقي القوى السياسية؟ فعقلية القبيلة تلك لا تصلح في إدارة شئون دولة، ومن هنا كان على حزب النور أن يتعلم بداية معنى الدولة الحديثة قبل أن يشارك في العملية الانتخابية.

شارك