أزمة "إغلاق مسجد الحسين".. صراع "سني-شيعي" وسط صمت رسمي

السبت 24/أكتوبر/2015 - 12:00 م
طباعة أزمة إغلاق مسجد الحسين..
 
جاءت أزمة اغلاق مسجد الإمام الحسين في القاهر، لتلقي بظلالها عربي، لدى رموز الشيعة في المنطقة، وخاصة في العراق، والتي واجهت إغلاق المسجد بغضب شديد، وسط صمت من الحكومة المصرية حتى الآن.

انتقادات مقتدى الصدر

انتقادات مقتدى الصدر
فقد دعا الزعيم الشيعي العراقي السيد مقتدى الصدر، الأزهر الشريف إلى منع قرار إغلاق مسجد الحسين خلال ذكرى عاشوراء، معتبرًا أن قرار المنع "سيكون إعادة لإرهاب شذاذ الأفاق الذين عاثوا في مصر الحبيبة فسادًا".
وقال الصدر وفق ما جاء على موقعه: إن "مسارعة السلطات لغلق هذا المقام المقدس أمام المحبين سيكون بداية نهايتهم كما حدث في الكثير من الأماكن وعلى رأسها (الهدام)"، وهو الوصف الذي يستخدمه الصدر للإشارة إلى الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. وأضاف: "ليست الحكومة المصرية من يحدد أن هذه الطقوس لها أصل في الإسلام أم لا"، ولذا أدعو الأزهر الشريف وشيخه إلى منع مثل هذه التصرفات الديكتاتورية".
ودعا الصدر من وصفهم بـ"المحبين" إلى "عدم التصرف بما لا يليق حتى تكون حجة لهؤلاء لمنع هذه الشعائر أو غلق المساجد"، مضيفًا: "ما كان العشق والحب لأهل البيت عليهم السلام ولا إظهاره جريمة لكي تتخذ ضدهم أي إجراءات قانونية".
واعتبر الصدر أن "مثل هذا الغلق وهذا المنع سيكون إعادة لإرهاب شذاذ الآفاق الذين عاثوا في مصر الحبيبة فسادًا.. فاحذروا"، وقال: إن "الحكومة أب للجميع ومثل هذه التصرفات هو ابتعاد عن هذا المبدأ ومبدأ الديمقراطية وحرية العقائد والشعائر".

شاهين يرفض التصريحات

شاهين يرفض التصريحات
فيما شن مظهر شاهين، مؤسس الحملة الشعبية لتعديل الدستور، هجومًا حادًا على مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري في العراق، بعد تطاول الأخير على مصر بسبب قرار وزارة الأوقاف المصرية بغلق مقام الإمام الحسين في القاهرة أمام الزوار خلال شهر محرم.
وقال «شاهين»، عبر صفحته الشخصية بموقع «فيس بوك»، مساء أمس: «تعقيب مقتدى الصدر على قرارات الأوقاف بغلق ضريح الإمام الحسين مرفوضة، وتهديداته لمصر لا مكان لها سوى مقالب القمامة، وأحذره من أن يسرح بخياله فيما هو أكبر من حقيقته. مصر وحدها هي من تقرر ومن تحافظ على ما يليق بها وبهويتها السنية الوسطية».

السلفيون المتشددون

السلفيون المتشددون
وكان حضور السلفيين المتشددين، بارزًا في الأزمة والتي دائمًا ما تؤدي إلى اشتعال الصراع المذهبي، فقد رفض ناصر رضوان، عضو ائتلاف أحفاد الصحابة وآل البيت، تصريحات زعيم التيار الصدري الشيعي في العراق مقتدى الصدر، التي أشارت إلى أن إغلاق ضريح "الحسين" بمثابة نهاية للنظام المصري. 
وبصفحة "ائتلاف المسلمين للدفاع عن الصحب والآل"، على شبكة التواصل الاجتماعي "الفيس بوك"، اعتبر الائتلاف أن إغلاق المسجد والرود الشيعية هي انتصار له ضد الشيعية، قائلا: "لما تحس بحرقة قلب أي شيعي في العالم على بيان وزارة الأوقاف وموضوع ضلالات الشيعة تحس فعلا بالنصر ... لما تحس بحرقتهم من غلق الضريح المزعوم ورفعهم للمظلوميات وكذبهم أن الوزارة تغلق المسجد والمسجد مفتوح بالفعل... تحس فعلا بالنصر".
وأشار رضوان إلى أن تصريحات مقتدى الصدر بمثابة رسالة لشيعة مصر لدعوتهم بزيادة الأعمال الإرهابية؛ خاصة لأن ولاءه لأسياده من المعممين في إيران والعراق وليس لمصر.
فيما قال علاء السعيد، المتحدث الرسمي لائتلاف الدفاع عن الصحب والآل: إن هجوم رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري بالعراق، على الحكومة المصرية بسبب غلق ضريح الحسين هو مجرد إطلاق تصريحات طفولية، حيث يعرف مقتدى الصدر بأنه الطفل المدلل لإيران، وقام بعمل ميليشيات المهدي في العراق. 

الأزهر دعوة للتعايش

الأزهر دعوة للتعايش
فيما صرح مرصد الأزهر في تقرير له، أن "التعايش بين السنة والشيعة ضرورة حياتية ومصلحة شرعية ملحة في العصر الحاضر في ظل المتغيرات الدولية التي يعيشها المسلمون اليوم، وقد تعايش السنة والشيعة عبر العصور المختلفة في ظل مجتمع واحد يسوده التعارف والحب والإخاء، وإن وجدت بعض الحوادث فهي قليلة نادرة، والمتأمل في واقع المسلمين اليوم يجد أن هناك أيادي خفية تعمل في الظلام للتفريق بين المسلمين سنة وشيعة، فيجب علينا أن نسد على أعداء الأمة الثغرات التي يدخلون إلينا من خلالها، وأن نتعاون فيما بيننا في القواسم المشتركة وهي كثيرة". 
وأضاف المرصد في تقريره أنه "علينا الاعتراف بالتعددية وقبول الآخر، واعتماد نهج الحوار في قضايا الخلاف، والابتعاد عن السباب واللعان والشتائم، كما أن التعايش السلمي لا يتحقق إلا بالمساواة بين أفراد الأمة في الحقوق والواجبات، وتكافؤ الفرص، من دون تمييز أو تصنيف، وبالاحترام المتبادل بالتوقف عن التعبئة والتحريض من كل جهة تجاه الأخرى، فعلى الشيعة ضبط انفعالاتهم، ومراعاة مشاعر إخوانهم من أهل السنة بمنع أي إساءة لأحد من الخلفاء وأجلاء الصحابة، التي ربما تصدر من جاهل أو مغرض منهم، وعلى أهل السنة إعادة النظر في موقفهم المتشدد تجاه إخوانهم الشيعة، والذين لا يقلون عنهم حرصًا على العقيدة، والتزامًا بالدين، وولاء للأمة وإن اختلفوا معهم في بعض التفاصيل العقدية والفقهية، لأدلة يقتنعون بها، ولاجتهاد قادهم إليها، يرونه حجة فيما بينهم، وبين الله تعالى، كما ينبغي الكف عن فتاوى التكفير، وخطابات التحريض التي قد تصدر من البعض، واستبدالها بالدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن، كما أمر الله تعالى في محكم كتابه". 
واختتم المرصد تقريره قائلًا: إنه "مما لا يشك فيه عاقل أن حال التشنج والنزاع داخل الأمة، يضعف قدرتها على مواجهة التحديات العاصفة، كما يتيح الفرصة للأعداء كي يلعبوا بأوراق هذا النزاع؛ لذلك فإن مدّ يد التعاون والتحالف بين السنة والشيعة، والمدارس الإسلامية الأخرى، هو من أوليات ما يدعو إليه العقل والشرع". 

المشهد المصري

المشهد المصري
قرار غير مدروس من قبل وزارة الأوقاف ومخالف للدستور، إلى وضع الحكومة المصرية والأزهر الشريف، في موقف صعب أمام الشعب المصري في تطبيق القانون والعدل، مع تصعيد السلفيين المتشددين وموقف مناوئ لهم من قبل بعض الشيعة في مصر، وهو ما يهدد إلى جر البلاد لحالة من الصراع السني الشيعي بفعل بعض المتشددين والمتعصبين من الطرفين فيؤدي إلى سقوط ضحايا، كما حدث في موقعة "أبوالنمرس"، والتي أدت إلى مقتل الشيخ الشيعي حسن شحاته، فهل ستتجنب الدولة المصرية هذه الأخطاء في المستقبل؟

شارك