حسن مالك.. خزينة "الإخوان" السرية
السبت 24/أكتوبر/2015 - 01:45 م
طباعة
تلقت جماعة الإخوان المسلمين، ضربة قوية وموجعة، عقب القبض على أبرز قياداتها رجل الأعمال الاقتصادي المعروف حسن مالك، والتي تم إلقاء القبض عليه أول أمس 22 أكتوبر 2015، من مقر سكنه بالتجمع الخامس، لاتهامه بالإضرار بالاقتصاد المصري، وقيادة جماعة أسست خلافًا لأحكام القانون والدستور، الغرض منها تعطيل مؤسسات الدولة ومنعها من ممارسة عملها.
ويعتبر القبض على الملياردير الإخواني حسن مالك، بمثابة "القشة التي قصمت ظهر البعير"؛ حيث كان أبرز رجال الإعمال الإخوانية الممولة لعناصر الجماعة داخل مصر، كما أطلق عليه الكثيرون بأنه الرجل الغامض والخزنة السرية لجماعة الإخوان المسلمين.
حسن مالك 57 سنة هو سادس قيادي إخواني يتم اعتقاله خلال ثلاثة أشهر بعد محمود غزلان، وعبدالرحمن البر مفتي الجماعة، ومحمد سعد عليوة، وحسان الشرقاوي، ومحمد وهدان.
من هو؟
حسن عز الدين يوسف مالك، ولد في 8 أغسطس 1958 بالقاهرة، وهو رجل أعمال مصري، وأحد أبرز رجال الأعمال الاقتصاديين المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين، وتخرج مالك من كلية التجارة جامعة الإسكندرية.
ولد في أسرة إخوانية بالكامل لدرجة أن والده، الذي كان يعمل تاجرًا للقماش في حي الأزهر، أطلق عليه اسم حسن تيمنًا بالمرشد الأول للجماعة حسن البنا.
قضى مالك سنوات دراسته في التعليم الحكومي قبل أن يلتحق بكلية التجارة بجامعة الإسكندرية ويكون من أبرز الطلاب المشاركين في احتجاجات الجامعة الشهيرة في عام 1977 ضد المفاوضات التي جرت بين الرئيس المصري الراحل أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيجن، والتي انتهت بتوقيع مصر على اتفاقية كامب ديفيد للسلام مع الجانب الإسرائيلي.
تزوج مالك، من جيهان عليوة ولديهما 7 أبناء هم: معاذ وخديجة وعمر وحمزة وأحمد وأنس وعائشة.
بداية عمله وانتماؤه للإخوان
عقب وفاة والده عز الدين مالك، ورث هو وإخوته "مصنع مالك" للغزل والنسيج في مدينة السادس من أكتوبر، فضلًا عن امتلاكه العديد من محلات القماش بالأزهر.
بدأ مالك الدخول إلى الحياة السياسية والعمل في عمر مبكر، وبالتحديد منذ أن كان طالبًا في الجامعة، كما انضم لجماعة الإخوان، حيث كان عضوًا في الحركة الطلابية الإخوانية بجامعة الإسكندرية.
عمل في التجارة منذ الصغر؛ حيث كان أول من افتتح معارض للسلع المعمرة، وحصل على توكيلات لمحلات عباءات، كان يمتلك شركة "سلسبيل"، أولى الشركات المتخصصة في البرمجيات والكمبيوتر، وكان شريكًا في محلات "الفريدة"، ثم محلات "بيت العباية الشرقية"، فضلاً عن محلات "سرار" للملابس الرجالية، ومحلات استقبال للأثاث الحديث، وكان يمتلك شركة "رواج" التي تم إغلاقها وتشميعها.
عقب تخرجه من الجامعة، انتخب رئيسًا لجمعية رجال الأعمال الأتراك بمصر، باعتباره رجلاً يسهم في التنمية التجارية التركية.
لمع صيته خلال العشرين عامًا الماضية كرجل أعمال كبير يملك عددًا من المصانع والشركات، كان يشرف على إدارتها.
هذا وقد ترأس مالك جمعية تنمية الأعمال "ابدأ"، وكان رئيس لجنة "تواصل" المنوط بها تحقيق الاتصال بين رجال الأعمال ومؤسسة الرئاسة في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي.
علاقته بخيرت الشاطر
يعتبر مالك أحد قيادات مسيرة النهوض الاقتصادي للإسلاميين عامة ولقيادات الإخوان المسلمين خاصة، إذ يطلق عليه في الأوساط السياسية والاقتصادية "خليفة الشاطر".
كان مالك من أقرب رفقاء، خيرت الشاطر نائب مرشد جماعة الإخوان المسلمين، والمعتقل الآن على خلفية عدة قضايا عقب عزل محمد مرسي.
بدأت العلاقة بين مالك والشاطر، عقب عودة الأخير عام 1986م من رحلة دامت أكثر من خمس سنوات زار خلالها كثير من الدول الغربية والإسلامية، واحترف مهنة التجارة.. عمد إلى تكوين شركة بالشراكة مع عدد من المنتمين للجماعة، كان على رأسهم حسن مالك الذي تعرف عليه في السعودية في عام 1983م، وبالفعل تكونت شركة سلسبيل للكمبيوتر.
ويقول الشاطر إن صلته بحسن مالك بدأت حينما كان بالسعودية وبريطانيا؛ حيث كان يدرس في بريطانيا دكتوراه في الهندسة وانشغل بالتجارة خلال هذه الفترة وهي تصدير أجهزة الكمبيوتر والمواد الغذائية إلى منطقة الخليج، موضحًا أن مالك كان آنذاك يعمل في هذا المجال في شركة استيراد للمواد الغذائية والتجارة عمومًا.
ويضيف الشاطر آنذاك، أنه كان يصدر سيارات مرسيدس من ألمانيا للسعودية وبدأت علاقته به في تلك الفترة من خلال التجارة، ثم عاد إلى مصر في عام 1986، وبدأ التفكير في العمل بشكل منفرد في مجال الكمبيوتر، وعندما وجد العمل مجزيًا، طرح الفكرة على مالك للشراكة معه، واتفقوا على إنشاء شركة للعمل في هذا المجال باسم الشركة الدولية للتنمية والنظم المتطورة "سلسبيل"، وقد أنشئت في نهاية سنة 1986، وبدأت نشاطها الفعلي في بداية عام 1987، ثم في أواخر عام 1988 تم إنشاء شركة جديدة لتطوير أساليب العمل الإداري والتدريب والدراسات والبحوث بالنسبة لشركات القطاع الخاص، وانضم إليهم في هذا المركز الإخواني المعروف طاهر عبدالمنعم.
وقال الشاطر آنذاك: إن "سلسبيل" استطاعت أن تنافس بعض الشركات في السوق، حتى إنها نافست على مناقصة الدورة الأولمبية بمصر، وأيضًا مناقصة بالجيش المصري، على حد قوله.
كذلك هناك شراكة بين مالك والشاطر بعدد من المشروعات الأخرى بخلاف "سلسبيل" مثل توكيل الأثاث "استقبال"، ومحال ملابس "الفريدة" وشركة "سنابل" للتجارة بنسبة 37.5 % لكل واحد منهما، إضافة إلى شركة الشهاب للسيارات وشركة فيرجينيا للسياحة، ويساهم فيها حسن مالك بنسبة %33، هذا فضلًا عن شركة الإنشاءات العصرية رامز قنديل وشركاه حيث يمتلك بها %52.
كما يمتلك القياديان الإخوانيان، إضافة إلى صديقهما عبد الرحمن سعودي، شركة المزارع السمكية، وشركة حسن مالك في المنصورة للملابس الجاهزة، إضافة إلى شركة سيوة لاستصلاح الأراضي، والتي تخص زوجة الشاطر وحسن مالك فقط، وشركة أجياد للخدمات ويمتلكها حسن مالك وخيرت الشاطر، وشركة دار الطباعة والنشر الإسلامية لحسن مالك وخيرت الشاطر.
فى عام 2000 اشترك مالك وأولاده والشاطر وأولاده في تأسيس شركة "رواج" برأس مال تراوح بين 6 إلى 7 ملايين جنيه، كما أسسا في نفس العام شركة مالك للملابس الجاهزة برأس مال قدره 6 ملايين جنيه وكان يتبع هذه الشركة متجرا العباءة الشرقية لبيع الملابس الحريمي الجاهزة المستوردة.
بينما كان مالك قد أسس مجموعة أخرى من الشركات بعيدًا عن الشاطر، منها شركة الأنوار التي تعمل في مجال الأدوات الكهربائية، بالإضافة إلى حصوله على الوكالة الحصرية لشركة استقبال التركية لبيع الأثاث، ووكالة أخرى حصرية لشركة سرار التركية لتجارة الملابس الجاهزة وشركة العباءة الفريدة، بالإضافة إلى أنه كان شريكًا بعدة أسهم في دار للطباعة والنشر تبين لاحقاً أنها تابعة لجماعة الإخوان.
لم تكن دار النشر وحدها التي تبين أنها تابعة للإخوان، بل إن التهمة الرئيسية التي كانت موجهة للشاطر ومالك هي غسيل أموال الجماعة، وعندما انتدبت المحكمة لجنة خبراء من إدارة الكسب غير المشروع والأموال العامة فإنها دونت في تقريرها بعض التفاصيل المهمة حول شركات حسن مالك، فأثبت التقرير وجود إخفاء وتمويه في المال المستتر بشركة مالك لتجارة الملابس الجاهزة، واعتبرت أن هذا التمويه تجلى في شأن المحلات الكائنة بالعقاد مول وأركيديا مول والتي أسبغ عليها تارة صفة الإيجار وتارة أخرى صفة التمليك، وتارة باسم حسن مالك، وأخرى باسم خيرت الشاطر، وثالثة باسم بهاء الشاطر، وهو ما اعتبر معه أن هناك تلاعبًا في قيمة رءوس الأموال الحقيقية المكونة للشركة والتي خلت الأوراق من بيان مصدرها الحقيقي، وقالت اللجنة بوضوح: إن رأس المال المدرج بعقود تلك الشركات لا يكفي إنشاء أو إدارة تلك الشركة، بالإضافة إلى ما حققته من أرباح لا يكفي لإدارة الشركة أو تغطية مشترياتها من الأصول.
انتهت القضية بمعاقبة كل من خيرت الشاطر وحسن مالك بالسجن لمدة 7 سنوات والتحفظ على ممتلكاتهما، بتهمة إدارة الأنشطة المالية لجماعة الإخوان ووجد مالك حيلة للإفلات من التحفظ على أمواله؛ حيث تم ضم نشاطاته التجارية إلى شركة جديدة تحمل اسم مجموعة "العز"، ولم يكن هو أو الشاطر ضمن المساهمين فيها، وإنما استبدل نفسه بشقيقه محمود الذي كان يمتلك نحو 80% من الشركة الجديدة، وتم توزيع باقي الأسهم على أبناء مالك الذين كان أغلبهم لم يبلغ سن الرشد بعد آنذاك، وبالتالي تولى محمود مالك إدارة المجموعة لحين خروج شقيقه من السجن.
نشأ في السجن خلاف بينهما دون الافصاح عن أسبابه حتى الآن، وفيما ذكرت مصادر مقربة من الطرفين، بأن الشركة الجديدة كانت سببًا في هذا الخلاف؛ نظراً لأن الشاطر لم يكن ضمن المساهمين فيها، وهنا قرر الطرفان أن يحدث تخارج من الشراكة بينهما، وتعقد الموقف بسبب وجود أموال الجماعة في المنتصف وتصاعد الخلاف إلى الحد الذي دعا مالك لأن يطلب رسمياً من مأمور سجن مزرعة طرة أن يتم نقله إلى زنزانة أخرى بعيدًا عن الشاطر.
مراحل اعتقاله
في 5 من شهر فبراير من عام 1992م، داهمت مباحث أمن الدولة شركه "سلسبيل"، واعتقلت الشاطر ومالك وكذلك طاهر عبد المنعم، وتم إغلاق الشركة، لمدة عام حتى تم الإفراج عنه، بتهمة إعداد خطة جماعة الإخوان المسلمين التي عرفت وقتها بخطة "التمكين".
وفي ديسمبر 2006، أحال الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، خيرت الشاطر وحسن مالك، ضمن 40 من قيادة من جماعة الإخوان المسلمين ورجال أعمال إلى المحاكمة العسكرية الاستثنائية لاتهامهم بقيادة جماعة محظورة تعمل على قلب نظام الحكم، وتعطيل العمل بالدستور وغسيل الأموال، رغم حصول الإخوان على 3 أحكام بالبراءة من المحاكم المدنية.
تمت مصادرة ممتلكاته وممتلكات أسرته عدة مرات في أعوام 1992، و2006، و2014.
وكانت لجنة حصر أموال الإخوان قد صادرت أموال مالك وتحفظت على العديد من الشركات المملوكة له.
وبلغ عدد الممتلكات المصادرة 28 محلًا، من بينها 9 فروع لشركة استقبال للأثاث، و6 فروع لشركة سرار للبدل الجاهزة، و15 فرعًا موزعة على شركات صالون للأثاث، والفريدة للملابس الجاهزة، والعز للتجارة ومالك للتجارة والملابس.
كما تحفظت اللجنة نفسها، المُشكّلة من قبل وزير العدل المصري، على أموال وشركات قيادات الجماعة البالغ عددها 66 شركة بفروعها.
صفقة الإفراج عنه
عقب ثورة 25 يناير كان مالك ضمن من أصدر بحقهم قرار بالعفو، لتبدأ مرحلة جديدة في حياته بتكوين أسطورة جديدة بعد حكم مرسي لم تكتمل، حيث رأس لجنة تواصل الرئاسية التي ضمت 20 رجل أعمال كان هم حلقة الوصل بين الرئاسة ورجال الأعمال آنذاك.
ووفق مصادر، مقربة من الجماعة، أنه أثناء ثورة يناير 2011 تفاوضت جماعة الإخوان سراً مع نظام مبارك، وهو أمر كشف عنه عبدالمنعم أبو الفتوح القيادي المنشق عن الجماعة، وكان لا يزال وقتها قياديًّا بالإخوان كما كشف عنه أيضاً هيثم أبوخليل في بيان استقالته من الجماعة الذي نشره بعد نجاح الثورة بأسابيع قليلة، وكان من ضمن ما تم الكشف عنه أن أبرز ما طلبته الجماعة في هذه المفاوضات السرية الإفراج عن مالك والشاطر تحت بند الإفراج الصحي وهو ما تم بالفعل لكن بعد سقوط نظام مبارك وأمام باب السجن تعانق الشاطر ومالك وحاولا نسيان الخلاف والاستعداد للتمكين.
تفاصيل اعتقاله في تهمة الإضرار بالاقتصاد
بدأت عملية القبض الأخيرة لحسن مالك وعدد من قيادات الجماعة، عقب توفر معلومات لدى قوات الأمن، مفادها اضطلاع قيادات التنظيم الإخواني الهاربين خارج البلاد بعقد عدة اجتماعات اتفقوا خلالها على وضع خطة لإيجاد طرق وبدائل للحفاظ على مصادر تمويل التنظيم ماليًّا، في إطار مخطط يستهدف الإضرار بالاقتصاد القومي للبلاد، من خلال تجميع العملات الأجنبية وتهريبها خارج البلاد والعمل على تصعيد حالة عدم استقرار سعر صرف الدولار لإجهاض الجهود المبذولة من جانب الدولة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي الذي ينشده الوطن.
وقالت الوزارة، في بيان: إن المعلومات كشفت تورط 2 من قيادات التنظيم، وهما: "حسن عز الدين يوسف مالك" صاحب مجموعة شركات "مالك جروب"، و"عبدالرحمن محمد محمد مصطفى سعودي" الهارب خارج البلاد مالك مجموعة شركات "سعودي" باستغلال بعض شركات الصرافة التابعة للتنظيم في تهريب الأموال خارج البلاد، أبرزها: شركة التوحيد للصرافة الكائنة 171 شارع 26 يوليو بالزمالك، وشركة النوران للصرافة الكائنة 1 ميدان الأوبرا بالقاهرة، والمملوكتان لعضو التنظيم كرم عبدالوهاب عبدالعال عبدالجليل، وشركة الغربية للصرافة والمملوكة لعضو التنظيم نجدت يحيى أحمد بسيوني.
أضافت الوزارة في بيانها أنه عثر بحوزتهم على مجموعة من الأوراق التنظيمية تضم مخططات التنظيم لضرب الاقتصاد المصري، والتكليفات الصادرة لعناصره بشأن الإجراءات المطلوبة لتخفيض قيمة الجنيه المصري، وجهاز "لاب توب"، ومجموعة من الفلاشات والأسطوانات المدمجة تم التحفظ عليها بمعرفة النيابة العامة، وكمية كبيرة من المبالغ المالية والعملات الأجنبية جارٍ حصرها، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية حيال الواقعة.
وأكدت مصادر مطلعة، أن عملية القبض على "مالك" استمرت أكثر من ٦ ساعات في مغرب يوم 22 أكتوبر 2015، تم خلالها مداهمة منزله بالتجمع الخامس، و٣ شركات صرافة تابعة لجماعة الإخوان الإرهابية في توقيت واحد، بتنسيق بين الأجهزة الأمنية المختلفة وقطاع الأمن الوطني بوزارة الداخلية.
ويأتي ذلك عقب الحملة التي شنتها السلطات المصرية، لتجفيف مصادر تمويل الجماعة، من خلال التحفظ على أموال وأملاك تابعة لها، فضلًا عن تعقب شخصيات ورجال أعمال تدعمها.
وقررت نيابة أمن الدولة العليا، مالك، وكرم عبدالوهاب صاحب شركة صرافة لمدة 15 يومًا على ذمة التحقيقات.
سبب أزمة الدولار الأخيرة
يقول خبراء في الأمن القومي: إن أجهزة الأمن لا تلقي القبض على أحد إلا بعد ثبوت أدلة إدانتهم، وما يؤكد جرائمهم التي يرتكبونها ضد الوطن، وأن الأزمة الاقتصادية الحالية تسبب فيها أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية.، موضحين أن القيادي الإخواني أحد أسباب الأزمة الاقتصادية؛ لأن عقليته اقتصادية واستخدمها ضد مصلحة الوطن، لافتين إلى أن إلقاء القبض على هؤلاء سوف يكون ضمن أسباب إنهاء الأزمة، موضحًا أن دور أجهزة الأمن لا بد أن يستمر بذلك الأداء لتخليص الوطن ممن يسببون له الأضرار.
ويقول المحلل المالي محمد بهاء الدين: إن السوق المصرية شهد موجة كبيرة من الارتفاعات لسعر صرف الدولار خلال الأسبوعين الماضيين، نتيجة متغيرات اقتصادية وسياسية وأمنية وبعض أمور أخرى، تتعلق بخروج تدفقات نقدية دولارية وانخفاض واضح لتحويلات المصريين بالخارج ما كان على الدولة أن تحدد منافذ خروج الدولار.
وأوضح بهاء الدين في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية أن هذا الأمر كان واضحًا باستغلال العديد من مكاتب الصرافة للظروف الحالية والإجراءات الخاصة بتحديد الحد الأقصى للإيداع والسحب من البنوك، فيما يتعلق بالعملات الأجنبية، إضافة إلى لجوء بعض رجال الأعمال الإخوان بتهريب أموالهم عبر بعض الشركات، وكانت الجهات المعنية تراقب ذلك.
وقال: إن هذا الأمر ظهر في القبض على رجل الأعمال الإخواني حسن مالك في ظل انخفاض قياسي لسعر الجنيه مقابل الدولار الأمريكي، ما يعد إشارة من صانع القرار للسير لمنحى آخر في التعامل مع أزمة الدولار، وبالتوازي مع تعيين طارق عامر محافظًا جديدًا للبنك المركزي.
اعتقال أولاده
في أول يناير الماضي، اعتقلت قوات الداخلية معاذ مالك، لاتهامه بدعم تنظيم الإخوان وتمويل أنشطته المحظورة التي تنطوي على التحريض على ممارسة العنف وتحبيذه.
وأسندت النيابة في تحقيقاتها إلى معاذ اتهامات الانضمام إلى جماعة مؤسسة على خلاف أحكام القانون، الغرض منها تعطيل مؤسسات الدولة.
وفي مارس الماضي، قررت محكمة جنايات القاهرة إحالة أوراق "عمر" مالك إلى المفتي في قضية اتهامه بإعداد غرفة عمليات لتوجيه تحركات التنظيم، بهدف مواجهة الدولة عقب فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة وإشاعة الفوضى في البلاد .
علاقته بتركيا
كان مالك قبل اعتقاله قد بدأ في مشروع لإنشاء مصنع بالعاشر من رمضان بالشراكة مع شركة تركية وقد تم شراء الأرض فعلاً؛ ولكن بعد اعتقاله توقف المصنع، فضلاً عن أنه بعد أن تم إغلاق وتشميع شركته "رواج" التي تدير باقي أعماله.
كان مالك أول من اتجه إلى السوق التركي حتى تم انتخابه رئيسًا لرجال الأعمال الأتراك في القاهرة؛ الأمر الذي دفع السفير التركي إلى تقديم مذكرة احتجاج رسمية إلى وزير التجارة والصناعة الأسبق رشيد محمد رشيد، إثر اعتقال مالك في عام 2010، وتعد علاقة مالك بتركيا هي النقطة الأبرز في تاريخه، حيث معروف أن تركيا من أكبر الدول الداعمة لجماعة الإخوان المسلمين.
أزمة داخل الجماعة
يرى محللون أن عملية اعتقال مالك من شأنها أن تزيد من أزمة جماعة الإخوان في الداخل؛ حيث إنه مصدر تمويلي هام لتحركاتها الاحتجاجية، وأيضًا لعدد من الخلايا المسلحة التي تدعمها.
وكشفت مصادر مقربة من جماعة الإخوان، أن القبض رجل الأعمال الإخواني، زاد من الخلاف الداخلي لجماعة الإخوان، حيث ترى القيادة الجديدة للجماعة أنها فرصة للإطاحة بالقيادات القديمة والتي تسيطر على مكتب إرشاد التنظيم.
وتشير المصادر إلى أن المكتب الإداري لجماعة الإخوان في تركيا، بدأ مساعي تولي الحقائب المالية والإطاحة بالمسئولين عن الملف المالي لجماعة الإخوان، بعد أن كان حسن مالك أحد من يتولون مسئولية هذا التمويل، موضحة أن مالك كان ينتمي للمجموعة التي تعتبر من القيادات القديمة للتنظيم.
وتسعى القيادات القديمة للجماعة لتولية أحد القيادات التابعة لها في الخارج مسئولية الملف المالي؛ كي لا تمكن القيادة الجديدة من الإطاحة بهم خلال الفترة المقبلة.
يقول طارق البشبيشي، القيادي السابق بجماعة الإخوان، في تصريحات له: إن القبض على حسن مالك تأخر كثيرًا وكان يتوقعه الإخوان، موضحًا أن مالك لم يلتزم بالشفافية في تعاملاته المالية والاقتصادية، وخضع لتوجهات تنظيمه الذي يسعى بكل الطرق لإفشال الدولة المصرية في الجانب الاقتصادي والنقدي، بعدما فشل في الجانب العسكري والأمني.
ووفق خبراء، فإن حسن مالك هو الركن الاقتصادي الثاني لجماعة الإخوان إلى جانب خيرت الشاطر، والذين كان يعتمد عليهما التنظيم بشكل أساسي في تقديم الدعم له، وعقب ثورة 30 يونيو والقبض على أغلب قيادات الجماعة أصبح الاعتماد عليه بشكل أكبر، وذلك من خلال علاقاته الاقتصادية في الخارج.
حسن مالك كان يمثل الكيان الاقتصادي والتجاري الأول في عهد الإخوان المسلمون، بحسب خبراء الاقتصاد؛ حيث لم يترك مجالًا تجاريًا واحدًا إلا وشارك فيه، فكانت استثماراته تتنوع بين الملابس والأثاث والأجهزة الإلكترونية والبرمجيات إضافة إلى الغزل والنسيج.
ضربة للإخوان
يعتبر القبض على حسن مالك هو الضربة الموجعة لإمبراطورية الإخوان المالية، كذلك قد يتسبب حبس مالك في الكثير من التوترات داخل الإخوان، فقد يدفع ذلك إلى تخبط الإخوان في المرحلة المقبلة، مع التحفظ على خزنتها السرية.