عقب حل حزب الحرية والعدالة.. تساؤلات حول مستقبل الأحزاب الإسلامية

السبت 09/أغسطس/2014 - 07:29 م
طباعة حل حزب الحرية والعدالة حل حزب الحرية والعدالة
 
جاء حكم محكمة المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار فريد تناغو، رئيس مجلس الدولة، بحل حزب الحرية والعدالة وتصفية أمواله وأيلولتها إلى الخزانة العامة الدولة، وتشكيل لجنة برئاسة مجلس الوزراء تقوم بأعمال التصفية لجميع الأموال المملوكة للحزب سواء في ذلك الأموال العينية أو المنقولة.
حل حزب الحريه والعدالة
حل حزب الحريه والعدالة
الحكم يفتح المجال حول مستقبل الأحزاب ذات المرجعية الدينية والتي تصل لشعرات الأحزاب في مقدمتها (حزب الوسط- حزب البناء والتنمية- حزب النور- حزب الفضيلة- حزب الوطن- حزب النهضة- حزب الأصالة) وغيرها من الأحزاب ذات المرجعية الدينية في مصر، وسط ترحيب من القوى السياسية بحل الذراع السياسي لجماعة الإخوان الإرهابية.
و1129 يوما.. هي عمر حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، الذي حل  في حكم نهائي غير قابل للطعن يوم السبت الماضي، الحزب الذي أنشئ في 2 يونيو 2011، حقق خلال الثلاثة سنوات الماضية أغلبية في غرفتي البرلمان المصري (الشعب والشورى)، قبل إسقاط حكمه في ثورة 30 يونيو.
وجاءت حيثيات الحكم التي استندت المحكمة في حكمها إليه بأن القرارات الصادرة من النائب العام والأحكام الصادرة ضد قيادات وأعضاء حزب الحرية والعدالة، لارتكابهم جرائم جنائية تمثلت في القتل والعنف والإرهاب ضد المواطنين، وهو ما أكدته التحقيقات وثبت استخدام مقرات الحزب في تخزين الأسلحة والمولوتوف والذخائر بما يتنافى مع القانون ونصوصه رقم 40 لسنة 77 بتنظيم عمل الأحزاب السياسية.

حيثيات الحكم تؤكد: حل الحرية والعدالة قانوني

عصام الاسلامبولي
عصام الاسلامبولي
وجاءت حيثيات الحكم "أن الحكم على أساس تخلف وزوال شروط بقائه واستمراره، حيث تبين للمحكمة من التحقيق الذي أجري مع رئيس الحزب محمد سعد الكتاتني في القضية رقم ٣١٧ لسنه ٢٠١٣ حصر أمن الدولة العليا أن الحزب خرج على المبادئ والأهداف التي يجب أن يلتزم بها الحزب لتنظيم وطني شعبي ديمقراطي".
وقالت الحيثيات: إن المنتمين للحزب خرجوا على وحدة الوطن والعمل على انقسامه وعدم استقراره كما حدث، ووفقا لما آل إليه أمر رافضي ثورة 30 يونيو، فنشروا الفوضى في ربوع البلاد، وأشاعوا العنف بديلا للحوار والديمقراطية وتهديد السلام الاجتماعي.
وتابعت الحيثيات، "أنه ثبت للمحكمة أن جماعة الإخوان المسلمين ما هي إلا جزء من التنظيم العالمي للإخوان وفق ما أفاد به رئيس الحزب، وأن المرشد العام في مصر هو المرشد العام لهذا التنظيم، وتبين للمحكمة أن التنظيم العالمي تنظيم سياسي إلى جانب أنه دعوي، وأنه وفق ما أفاد به رئيس الحزب لا يمكن الفصل فكريا وأهدافا ووسائل، لممارسة الإخوان بمصر لنشاطها السياسي بمعزل عن تلك الأفكار، والأهداف، والوسائل التي ينتجها التنظيم العالمي لوحدة الفكر والهدف.
وأردفت الحيثيات، أنه لما كان حزب الحرية والعدالة قد أنشأته جماعة الإخوان المسلمين بمصر والتي هي جزء من التنظيم العالمي، وبالتالي فإن هناك تبعية فكرية بين الحزب والجماعة، باعتبارها هي المنشئة له، وربما تكون هناك تبعية ثابتة فكريا بين الحزب وهذا التنظيم بما يكون معه.. الحزب مصطبغ بصبغة الفرع التابع لهذا الأصل دون أن يغير ذلك تأسيس الحزب وفقا لإجراءات قانون نظام الأحزاب السياسية، إذ إن العبرة بواقع الأمر وصحيح التكييف وليس بما يستر هذا الواقع.
وبناء على ما تقدم يغدو الحزب متخلفا في شأنه بعض شروط استمراره أعمالا لحكم قانون الأحزاب السياسية، وبالنسبة لأموال الحزب فقد قضت المحكمة بتصفيتها وأيلولتها إلى الخزانة العامة الدولة فور النطق بالحكم، فيما  أمرت المحكمة بتشكيل لجنه برئاسة السيد رئيس مجلس الوزراء تتولى أعمال التصفية للأموال العينية أو المنقولة المملوكة للحزب.

توقعات بحل الأحزاب الإسلامية

الاحزاب الدينية
الاحزاب الدينية
من جانبه أكد الفقيه الدستوري والمحامي بالنقض عصام الإسلامبولي، أن الدستور الجديد يحظر قيام الأحزاب على أساس ديني، متوقعًا حل جميع الأحزاب القائمة على أساس ديني وعلى رأسها النور والأصالة والبناء والتنمية.
وأوضح الفقيه الدستوري، أن الدعاوى التي أقامها البعض أمام المحكمة الإدارية العليا للمطالبة بحل تلك الأحزاب تتماشى مع النص الدستوري، وهو ما يرجح إمكانية الحكم بحل تلك الأحزاب.
وأوضح أن حكم حل الحرية والعدالة، يؤكد أن شخصية الحزب انتهت، ومن ثم لا يجوز التعامل باسم الحزب، وبالتالي لا يمكن خوض الانتخابات البرلمانية القادمة أو أي انتخابات تحت مسمى حزب الحرية والعدالة، موضحا أنه بمجرد صدور الحكم، انقضت الشخصية القانونية للحزب ولا يجوز له إصدار صحيفة، وبالتالي تئول كل أمواله وممتلكاته والأصول العقارية والمنقولة إلى الدولة.
وأكد المستشار رفعت السيد، رئيس محكمة جنايات القاهرة الأسبق، أن الحكم يعني انتهاء الحزب شرعيا شأنه شأن الحزب الوطني، ومن ثم لا وجود له والانضمام إليه محظور قانونًا، ويئول هو وكل ما يتبعه إلى ملكية الدولة كاملا، مضيفا أن حل الحزب لا يعني حرمان أعضائه من مباشرة الحقوق السياسية، من حقهم الترشح كمستقلين كل حسب دوره، فمن صدرت أحكام جنائية ضده يحرم من الترشح، ومن لم يصدر ضده أي أحكام من حقه الترشح.
وأكد الدكتور شوقي السيد، الفقيه الدستوري، أن الحكم واضح وكاشف عن ذاته ويتفق مع الدستور وإن تأخر صدوره، مشيرا إلى أنه بمقتضى الحكم لن يكون للحزب أي وجود وسيحرم أعضاءه من مباشرة الحقوق السياسية، وسيتم التعامل معه كما تم مع الحزب الوطني الذي صدر قرار سابق بحله النهائي وعودة أمواله ومقراته للدولة.

النور.. لن نحل

الدكتور طلعت مرزوق
الدكتور طلعت مرزوق
فيما رأى حزب النور أن حل حزب الحرية والعدالة هو جاء لتبنيه العنف والفوضى، ووجود أحكام  قضائية ضد قيادات الحزب، وهو أمر مختلف عن وضع حزب النور القانوني.
وأكد مساعد رئيس حزب النور للشئون القانونية الدكتور طلعت مرزوق، أن الموقف القانوني للحزب سليم تماما، وأن أي دعاوى مرفوعة لحل الحزب مصيرها الرفض.
وأوضح مرزوق، أن أمين عام لجنة شئون الأحزاب السياسية المستشار محمد عيد محجوب أكد- في تصريح رسمي في يناير 2014 تم نشره بجميع وسائل الإعلام بمناسبة إقرار التعديلات الدستورية- أن حزب النور من واقع دراسة أوراقه تبين أنها سليمة ولا يوجد ضمنها ما يفيد بخلط الدين بالسياسة، أو ما يثبت أن الحزب تم تأسيسه على أساس ديني، وفي هذه الحالة ستكون الممارسة هي الفيصل الوحيد لإثبات ما إذا كان الحزب دينيا أو غير ذلك.
وأضاف محجوب أن "اللجنة ستنظر في برنامج كل حزب وأهدافه وآليات تنفيذ هذه الأهداف، وإذا ما استشعرت مخالفة لأهداف وآليات تنفيذها، فإن اللجنة ستتوجه فورا للنائب العام وتحيل إليه أوراق الحزب المشكوك في أمره، لتتولى النيابة العامة مهمتها في تحقيق الواقعة ثم يعيدها للجنة شئون الأحزاب التي ترسلها بدورها بعد ذلك إلى المحكمة الإدارية العليا دائرة الأحزاب السياسية ليصدر حكم قضائي بحل الحزب".
وأوضح أن (الحرية والعدالة) هو الحزب الوحيد الذي أحالت اللجنة أوراقه إلى النائب العام بعد تورط قياداته في قضايا جنائية، لافتا إلى أن النيابة العامة قررت في أبريل الماضي حفظ البلاغات المطالبة بحظر نشاط حزب النور، ومنها البلاغ رقم 37677 لسنة 2014 عرائض النائب العام، مشددا على سلامة موقف الحزب القانوني تماما.

البناء والتنمية.. الحل إقصاء

عصام دربالة
عصام دربالة
الأمور مختلفة داخل الجماعة الإسلامية والتي ظلت منذ 30 يونيو 2013 وحتى الآن حليفا قويا لجماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة، رغم كل النصائح للجماعة بفك ارتباطها بالإخوان.
وقال عصام دربالة، رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية: إن الدلالة الخطيرة لحل حزب الحرية والعدالة ومن ثم قد يلحق به الأحزاب الإسلامية الأخرى- يؤدي إلى إقصاء التيار الإسلامي.
وأضاف في بيان للجماعة الإسلامية أن مصر لن تتقدم إلا بإنهاء السياسات الإقصائية والسعي لمشاركة جميع المصريين في بناء مستقبل الوطن، وهو ما مارسه عمليا حزب البناء والتنمية في مواقف عديدة دعا فيها إلى مشاركة الجميع في بناء الوطن وتنازل عن بعض حقوقه في سبيل تحقيق التوافق بين تياراته المختلفة.
وأوضح، أن سياسة حل الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية سياسة مهددة للأمن القومي؛ لأنها تؤدي إلى إخراج شريحة كبيرة من أبناء الوطن خارج إطار العمل القانوني، وهو ما سيدفع إلى سعي بعضهم لاستخلاص ما يرونه حقهم بكافة الطرق.
وأصبح مستقبل الأحزاب الإسلامية في مصر، بناء على توجهاتهم السياسية ومدى التزامهم بالقانون والدستور وعدم تبنيه أعمال العنف، ضد المواطنين ومؤسسات الدولة.
وفي النهاية الأحزاب الإسلامية قد تكون معرضة لانتكاسة ومأزق يصعب تجاوزه، ويتوقف مستقبلها على توجهات قادتها وأعضاء هذه الأحزاب.

شارك