"الحويجة" مفتاح دحر "داعش" في الموصل
الثلاثاء 27/أكتوبر/2015 - 10:53 ص
طباعة

يعد قضاء الحويجة بالعراق الخاصرة الجنوبية لمدينة الموصل التي تسيطر عليها داعش والمعقل الرئيسي لها بالعراق، وتعد مدينة الحويجة هي مركز القضاء التابع لمحافظة كركوك وتقع جنوب غرب مدينة كركوك بحوالي 30 ميلًا، ويقدر عدد سكان القضاء 450 ألف نسمة، غالبيتهم من العرب السنة من عشائر وقبائل الجبور والعبيد وشمر والدليم.

وتتمثل أهمية القضاء فيما يلي:
1- يعد قضاء الحويجة من المصادر الاقتصادية الهامة لتنظيم داعش؛ حيث إنها منطقة ريفية، ويكثر بها الزراعة وتُنتج فيها العديد من المحاصيل الزراعية كالقطن والذرة والحنطة والشعير وكانت تعتبر الحويجة ثاني أكبر قضاء مصدر للخضروات في العراق.
2- تعد طريق إمدادات هامًّا لتنظيم داعش في الموصل والاستيلاء عليها سيسبب له العديد من المشاكل اللوجستية.
3- التعداد السكاني الكبير للقضاء يجعل عملية اقتحامها أمرًا غاية في الصعوبة، وهو ما تحاول داعش الاستفادة منه من خلال التهديد المستمر لسكان القضاء.
4- يعد القضاء ثاني أكبر معاقل تنظيم داعش ويستخدمه منطلقًا لهجماتهم نحو كركوك وبيجي وتكريت.
5- يعد قضاء الحويجة من أهم معاقل داعش في مناطق غرب وجنوب كركوك، والتي بتحريرها ستؤمن مناطق بيجي ومناطق كركوك وصولًا لحمرين.
6- تشكل عصب الحياة ونقطة الارتكاز المتقدمة لتسهيل مهمة القوات الأمنية في محاصرة عناصر داعش بمناطق الحويجة والموصل.

وقد عادت الحويجة إلى الأحداث بعدما أعلن أشتون كارتر وزير الدفاع الأمريكي عن أن تنظيم داعش أعدّ مقابر لسبعين سجينًا في معتقل الحويجة بالعراق، وأن الاستخبارات الأمريكية من خلال عمليات المراقبة والمعلومات التي وصلتها من البيشمركة وصلتها تأكيدات أن داعش سيعدم المعتقلين؛ لذلك اضطرت القوات الخاصة الأمريكية لشنّ الهجوم وتحرير الرهائن، وأن الرهائن الذين تمّ تحريرهم قالوا إنهم كانوا على علم بأنه سيتمّ إعدامهم في الصباح، وأن بين المعتقلين في الهجوم عناصر من التنظيم الإرهابي، وأن القوات الخاصة الأمريكية استولت على ملفات وكمبيوتر من المعتقل ما سيساعدها في الاطلاع أكثر على نشاطات التنظيم، وأن الأمريكيين سيكثّفون هذا النوع من العمليات مع أننا خسرنا جندياً خلال العملية.

وتضمنت تفاصيل عملية اقتحام معتقل الحويجة يوم 22 أكتوبر 2015م ففي الساعة الثانية صباحاً، قامت قوة مشتركة من قوة دلتا الأمريكية وقوات البيشمركة الكردية بإنزال جوي ضم300 جندي أمريكي و40 جنديا كرديا و5 مروحيات شينوك ومروحيتي أباتشي وطائرة أف 16 على معتقل هو عبارة عن بيت يقع بمنطقة معزولة عن القرية، ويعود لقاضي في محكمة الحويجة ونتج عن العملية تحرير حوالي 70 معتقلا كان يتخذهم التنظيم رهائن واعتقال حوالي 4 أفراد من التنظيم ونقلهم إلى الولايات المتحدة، قتيل واحد من الجيش الأمريكي و4 جرحى من البيشمركة وقد قتل ما يُقارب الـ70 داعشيا وجثثهم شاهدها أغلب سكان القرية والقرى القريبة، وأقلعت الطائرة من مكان هبوطها وهي تحمل الأسرى وتحمل القتلى والجرحى من الجنود وتم تفخيخ البيت الذّي كان يتخذه الدواعش سجنًا لِأسراهم وتفجيره بالكامل من قبل القوة المنفذة للإنزال قبل الإقلاع".
وأعلنت الولايات المتحدة أن أكثر من 20 فردًا من المعتقلين المحررين ينتمون لقوات الأمن العراقية، وأن العملية تمت بتنسيق مع حكومة كردستان، ويعد الرقيب الأول جوشوا ويلر بذلك أول جندي أمريكي يقتل في العراق منذ بدء عمليات التحالف ضد داعش، وأول جندي يقتل بعد الانسحاب الأمريكي من العراق في 2011م .

وأكد خالد المفرجي النائب عن محافظة كركوك أن المنقولين زعامات كبيرة في التنظيم الإرهابي، ويملكون معلومات مهمة عن التنظيم وخططه بالعراق، وأن قضاء الحويجة في كركوك يعد من المراكز الاستراتيجية لداعش"، وأن القضاء يوجد فيه سجن يضم ثلاث فئات: الأولى هم دواعش معاقبون من التنظيم، والثانية السكان الذين يسكنون بالمناطق التي يسيطر عليها التنظيم وهم معارضون له، ومن أبرز قيادات "داعش" الذين تم نقلهم خلال عملية الإنزال هم: حكم الجيجاني من أهالي ناحية العباسي بقضاء الحويجة، وأبو عمر من سليمان بيك"، وإنهما يعملان بداعش ومن قياداته ويمتلكان معلومات كبيرة وخطيرة والخطط التي يستخدمها التنظيم في حربه على العراق .
وسائل إرهاب داعش في الحويجة
عقب سقوط الموصل في يونيو 2014م، سيطرت داعش، على الأبنية الحكومية والأمنية في قضاء الحويجة ونواحي الزاب والرياض والعباسي والرشاد في جنوب غرب كركوك، واستخدمت العديد من الوسائل الوحشية لإرهاب الأهالي بداية من القتل والذبح وحتى الاعتقال، ومن أشهر وسائل داعش في قضاء الحويجة ما يلي:
"العضاضات"

عقب استيلاء تنظيم داعش على القضاء بدأ بتسيير دوريات نسائية، تُعرف بـ"العضاضات"، في القضاء، تكون مهمتها معاقبة النساء والفتيات اللواتي لا يلتزمن بـ"اللباس الشرعي" الذي فرضه التنظيم في مناطق سيطرته من خلال رصد المخالفات لتعليمات "داعش"، لـ"تنقض" بعدها "العضاضة" على المرأة المخالفة و"تعضها" من عدة أنحاء من جسمها بصورة مؤلمة تجعل الضحية تبكي وجعاً، أن هذا "الإجراء العقابي" تطبقه "نسوة داعش" في عدة مناطق يسيطر عليها التنظيم وهذا التصرف أثار الهلع بين نساء الحويجة التي يهيمن عليها التنظيم منذ حوالي العام، مشبهاً وظيفة "العضاضة" بما يقوم به "الكلب المسعور".
الجلد
يفرض التنظيم "عقوبات" أخرى على نساء وفتيات الحويجة، كالجلد لكل امرأة تخرج دون محرم، سواء كانت فتاة شابة أو امرأة كبيرة في السن وتحديد اللباس المقبول للرجال بالزي الأفغاني وإجبار السكان على مزاولة مهن يفرضها التنظيم، بالإضافة لمنع التدخين وممارسة لعبة كرة القدم بين الشباب والصبيان وفي حال مخالفة تلك التعليمات، يتعرض الشخص، إن كان رجل أو امرأة، لعقوبة الجلد.
القضاء على الخدمات الأساسية
أصبح قضاء الحويجة يفتقر للخدمات الأساسية، وفي الأغلب يعتمد السكان للشرب على مياه مشروع غير مصفى، كما لا توجد كهرباء ولا خدمات صحية بالقضاء، فيما الاتصالات "مسموحة للدواعش فقط".
العمليات العسكرية

تقود قوات البيشمركة عملية واسعة لتحرير الحويجة من سيطرة تنظيم داعش حيث شدد نجم الدين كريم محافظ كركوك على أهمية التنسيق بين القوات المشتركة وقوات البيشمركة لتحرير الحويجة من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي، وإن قوات متطوعة من أهالي كركوك تُسهم بعملية تحرير الحويجة ونواحيها، وإن اجتماعاً أمنياً موسعاً عقد في محافظة كركوك ضم كل من آمر وحدات 70 لقوات البيشمركة بكركوك شيخ جعفر شيخ مصطفى، ومسئول فرع الاتحاد الوطني الكردستاني اسو مامند، ورئيس المجلس القيادي كركوك / كرميان للحزب الديمقراطي الكوردستاني صلاح دلو، وقائد شرطة محافظة كركوك، وقادة محاور البيشمركة، وقادة وضباط الشرطة والأسايش، مبينا أن المجتمعين بحثوا سير العمليات العسكرية في قاطع بيجي ومناطق جنوبي كركوك وغربيها.
وأضاف أنه "تم التأكيد على أهمية التنسيق الأمني بين القوات المشتركة في دحر وكسر شوكة إرهاب داعش وتحرير جميع المناطق من دنسهم، وأن قوات متطوعة من أهالي كركوك تساهم بعملية تحرير الحويجة ونواحيها، وأن نائب محافظ كركوك راكان سعيد موجود وينسق مع القوات المحررة في عملية التحرير، وأن القوات المشتركة تقدمت في منطقة حمرين، ووصلت إلى قرية الرمل التي تعود للشيخ أنور العاصي، وهي قريبة من ناحية الرشاد، وأن القوات الأمنية وقوات البيشمركة تتقدمان بقوة في مناطق غرب كركوك، وأنها انطلقت بعملية عسكرية مشتركة صوب مناطق غرب كركوك وفي الحويجة تحديداً؛ حيث أسفرت العملية عن تحرير خمس قرى في القضاء، وتعد من أهم القرى وكبراها في قضاء الحويجة، والسيطرة عليها يعني تقدمًا سريعًا لتحرير الحويجة وباقي مناطق جنوب وغرب محافظة كركوك".

وقد استعادت قوات البيشمركة، خلال الـ24 ساعة الماضية، عددًا من القرى الواقعة جنوب غرب كركوك من سيطرة "داعش وتضارب الأنباء عن قرب اقتحام "الحويجة" التي تعد أكبر مناطق تواجد المسلحين في كركوك، وأن الهجوم على تلك القرى كان من طرف القوات الكردية فقط وبغطاء جوي أمريكي، وهذا ما عقّد عملية تطويق الحويجة، التي ما زالت تبعد عن تواجد "البيشمركة" بعشرات الكيلومترات، فضلًا عن عدم تحرك قوات انطلاقًا من شمالي صلاح الدين وتعد منطقة الفتحة القريبة من بيجي نقطة ارتباط بين الحويجة وصلاح الدين، ويسيطر على أجزاء من هذه البلدة المهمة متطوعون من قبائل شرقي صلاح الدين مسنودة بقطعات عسكرية.
وتفيد مصادر في قيادة العمليات المشتركة بأن القوات بدأت هجوماً واسعاً على قضاء الحويجة غربي المحافظة، من نهاية أكتوبر 2015م، وبدعم من طيران التحالف الدولي لتحريره، وتحيط القوات المشتركة بالحويجة بمسافة 20 كم، ويشهد محيط الحويجة حالياً معارك طاحنة بين القوات المشتركة ومسلحي داعش".

وقال سعيد مموزيني القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني: "إن قوات البيشمركة تمكنت في وقت قصير، من تحرير 12 قرية في منطقة تدعى (غراء) جنوب غرب كركوك كانت بيد داعش، وإن القوات الكردية استطاعت قتل عدد كبير من مسلحي داعش، كما فرضت سيطرتها بشكل كامل على تلك القرى، وبدأت بتفكيك الألغام والمنازل المفخخة، وإن تلك القرى، التي تم تحريرها بمساعدة طيران التحالف الدولي، تقع بين مدينة كركوك والحويجة، وإن البيشمركة مهتمة بإبعاد خطر المسلحين عن كركوك أولا، ومن ثم تحرير الحويجة التي تحتاج إلى تعاون مع أطراف عسكرية اتحادية، وإن القوات الكردية "تمكنت من إبعاد خطر داعش عن كركوك بنحو 60 كم".

وقال حسن توران، النائب العراقي عن كركوك: إن "قوات البيشمركة تقدمت في منطقة تل الورد، جنوب غرب كركوك، بمسافة 10 كيلومترات، ولم يتأكد لنا وجود تحرك من جهة أخرى أو وجود هجوم من جهة الفتحة جنوب الحويجة، وإنها لا يمكن أن تحرر ما لم يتم محاصرتها من مناطق شمالي صلاح الدين".
مما سبق نستطيع أن نؤكد أن تنظيم داعش الدموي لا زال يحافظ على معاقله الرئيسية، ولكن هذا الوضع لن يستمر طويلًا فهناك تعاون بين أكثر من جهة عراقية لحصاره ومحاولة تصفية كل جيوبه، وستكون "الحويجة" الاختبار القادم لداعش في العراق.