مع استمرار صراع الميليشيات في ليبيا.. تدخل عسكري يلوح في الأفق
الثلاثاء 27/أكتوبر/2015 - 04:37 م
طباعة

باتت الأوضاع في ليبيا، تشتعل يومًا بعد الآخر في ظل عدم توافق الأطراف المتناحرة على الوصول إلى حل مُرْضٍ يدفع البلاد إلى الاستقرار، فضلًا عن فشل البعثة الأممية في إقناع الأطراف المتناحرة بالموافقة على المسودة الأخيرة التي طرحها المبعوث الأممي لدى ليبيا برناردينو ليون، ورفض الأطراف المتناحرة التشكيل الجديد لحكومة الوفاق الوطني.

هذا وتشهد مدينة بنغازي حالة من الفوضى العارمة؛ حيث اندلعت اشتباكات عنيفة أمس الاثنين 26 أكتوبر 2015 في منطقة الليثي القديم في مدينة بنغازي الساحلية، شمال شرقي ليبيا، بين الجيش الليبي وداعش، وتأتي الاشتباكات بعد نحو يومين على سلسلة غارات جوية نفذها سلاح الجوي الليبي على مواقع تنظيم داعش وما يسمى بـ"مجلس ثوار بنغازي"، وذلك عقب مقتل متظاهرين مناهضين للمتشددين في بنغازي.
وقالت المصادر: إن قوات الأركان الجوية الليبية نفذت "ضربات جوية على معاقل ما يعرف بمجلس شورى ثوار بنغازي وداعش" في المدينة.
واستهدفت الضربات معاقل الميليشيات المسلحة وتنظيم داعش بعد قصف، الجمعة، طال متظاهرين موالين للشرعية في ساحة الكيش، كانوا ينددون بمقترح المبعوث الأممي إلى ليبيا، وهو القصف الذي أدى إلى مقتل 12 شخصًا وإصابة 39 آخرين بجروح.
وكانت المظاهرات قد عمت المدينة احتجاجًا على المشروع الذي تطرحه الأمم المتحدة لتشكيل حكومة وفاق وطني؛ ما دفع "مجلس ثوار بنغازي"، قبل نحو أسبوع، إلى التهديد باستهداف مظاهرة مماثلة.
والسبت أيضًا، قصفت طائرات تابعة لسلاح الجو الليبي شاحنة محملة بالذخائر كانت في طريقها إلى مسلحي داعش في مدينة بنغازي.
ومع رفض البرلمان المعترف به دوليًّا والمقيم في طبرق، الأسماء المطروحة لحكومة الوفاق الوطني، تقف المباحثات حائرة ما بين رفض البرلمان وغموض موقف الإخوان المتمثلة في المؤتمر المنتهية ولايته والمقيم في العاصمة طرابلس، والذي لم تبد موقفًا واضحًا وصريحًا حتى الآن.

وتقف العراقيل أمام نجاح الحوار الليبي، فرصة للتدخل العسكري في ليبيا، وعلى غرار ما حدث في سوريا وتدخل روسيا عسكريًا، قد يكون هذا مؤشر خطير للتدخل في ليبيا.
وكان المبعوث الأممي إلى ليبيا، برناردينو ليون قال: إن جلسات الحوار التي جرت مؤخرًا في مدينة الصخيرات المغربية، والمفاوضات التي يجريها حاليًا مع مختلف الأطراف الليبية، تصب في مصلحة كل الليبيين.
وأضاف ليون: يجب على الجميع أن يعمل على كيفية العودة إلى عملية الاتفاق والعمل كذلك على تجنب هذه الفرصة.
وأكد على أهمية العودة إلى ما تم الاتفاق عليه في الصخيرات والتأكد على أن الجميع يشعرون أنه شامل، والجميع في ليبيا سيشعر أن هذا أمر جيد بالنسبة لهم، ونحن نعتقد أنه من الممكن تحقيق ذلك.
وكانت تونس والجزائر أعلنا أن هناك أسلحة مهربة من ليبيا في ظل حالة الفوضى المسلحة التي تعيشها حاليًا.
في هذا السياق، قال الخبير الاستراتيجي الجزائري، أحمد ميزاب: "إن ثلاث جولات للحوار الليبي في الجزائر، هي من أنجح الجولات التي تمت في هذا الإطار، فقد استقبلت الجزائر أكبر عدد من الفصائل والأطراف الليبية الفاعلة والمعنية بالسلم والمصالحة والوفاق، وتم الإعلان عن البيان الذي ضم 11 نقطة، ثم المرحلة الثانية التي تم فيها رسم الخطوط العريضة لإدارة المرحلة الانتقالية وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية"، مؤكدًا على حضور بلاده في الملف الليبي؛ حيث تم استقبال أكثر من 200 شخصية ليبية، تمثل كامل الطيف الاجتماعي والسياسي، وذلك لإدراك الجزائر لخطوة الملف الليبي وانعكاساته الأمنية والسياسية على المنطقة، لا سيّما على تونس "الحلقة الأضعف في هذه المعادلة بحكم أنها تتلقى الكثير من تداعيات هذه الأزمة، سواء من خلال وجود اللاجئين الليبيين فوق أراضيها، أو من خلال التهديدات المستمرة للتنظيمات الإرهابية؛ ولذلك تسعى الجزائر لبناء رؤية مشتركة مع تونس.

ويرى الخبير الجزائري أن التدخل العسكري في ليبيا، مسألة وقت، قائلا: "أعتقد أنه من المقاربات الخاطئة الظن بأنه بمجرد التوصل إلى حكومة وفاق وطني ستنتهي كل الصراعات في ليبيا، الوضع هناك غير ذلك تماما"، موضحًا أن الوضع يحتاج لحوار ومصالحة اجتماعية، ثم بعد ذلك التطرق إلى المحور الأمني عبر وضع استراتيجية لجمع السلاح بعد إدماج الميليشيات التي يمكن إدماجها في الجيش الليبي، ومحاربة الميليشيات الخارجة عن القانون، ثم التوجه لبناء حكومة وحدة وطنية، والتي يجب أن يتبناها كل الليبيين".
وأكد أن التدخل العسكري في ليبيا بات مسألة وقت، مضيفًا أن هناك كثيرون يريدون التلاعب بهذا المصطلح لأغراض معينة، بيد أن الموقف الجزائري واضح، وهو ضد التدخل العسكري؛ لأن التدخل العسكري قد يفجر المنطقة بأكملها وينشر الفوضى الأمنية، لا سيّما وأن التنظيمات الإرهابية الموجودة في ليبيا كثيرة ومتعددة.
وعما إذا كان التدخل العسكري القادم يمكن أن يكون مفيدًا، أشار ميزاب إلى أن أي تدخل عسكري في ظل الوضع الحالي سينقل حالة اللا أمن واللا استقرار في ليبيا إلى خارج الحدود، وكل دول الجوار الليبي معنية بهذه المسألة؛ لذلك فإن الجزائر- ومعها تونس ودول أخرى- تطالب باستبعاد التدخل العسكري إلى حين بناء أرضية اجتماعية سياسية وأمنية، بعد ذلك يمكن الحديث عن دعم الجيش الليبي في إطار محاربة الإرهاب.
وكانت روسيا أبلغت بعض دول الجوار الليبي، من تخوفها بتمدد الجماعات المسلحة إلى أراضيها؛ ما أدى إلى دراسة موسكو للتدخل عسكريًا في ليبيا، وكذلك كان الاتحاد الأوروبي يبحث خطة التدخل العسكري في ليبيا، لوقف العمليات الإرهابية التي توغلت في المناطق جميعها.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين
كانت صحيفة الخبر الجزائرية، كشفت، مؤخرًا أن طائرات استطلاع طويلة المدى وقمرًا صناعيًّا روسيًّا عسكريًّا، تراقب مواقع يسيطر عليها تنظيم داعش في ليبيا منذ عدة أسابيع، وتتركز المراقبة في المناطق الساحلية الشرقية قرب الحدود المصرية الليبية، عبر شريط ساحلي يمتد من 200 إلى 300 كلم.
وأضافت أن الروس أبلغوا الجزائر ومصر وتونس بأنهم قلقون من زيادة نفوذ تنظيم داعش، كما أبلغوهم المخاوف من تحول ليبيا إلى منطقة تدريب للجماعات السلفية الجهادية، بدل العراق وسوريا، وهو ما يفتح الباب أمام احتمال توجيه ضربات جوية أو صاروخية بصواريخ جوالة روسية، ضد تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا، مشيرة إلى أن الروس مهتمون بأربعة أمور: الأول هو تأثير تواجد تنظيم داعش في ليبيا على حركة الملاحة البحرية في البحر المتوسط، مع وجود أنصار تنظيم داعش في مناطق ساحلية وامتلاكهم أنواعًا عدة من الصواريخ، أما الأمر الثاني: فهو المعلومات التي تشير إلى تواجد مسلمين متشددين من أصول روسية وشيشانية في صفوف تنظيم داعش في ليبيا، والثالث: فهو مصير بعض الأسلحة الروسية المتطورة التي كانت بحوزة نظام القذافي وتم نهبها بالكامل، والرابع هو المخاوف من تصنيع أسلحة كيميائية في ليبيا من قبل تنظيمات سلفية جهادية مرتبطة بالقاعدة وداعش.
ووفق محللين فإن التدخل العسكري الروسي في ليبيا مستبعد الآن، إلا أن الروس يراقبون الوضع الآن في ليبيا تماما مثلما راقبوه لفترة طويلة في سوريا قبل أن يتدخلوا بها، مما يؤشر على نوايا الاستعداد للتدخل العسكري في ليبيا.