وسط تنافس أمريكي روسي.. هل يستفيد العراق في القضاء على "داعش"؟
الثلاثاء 27/أكتوبر/2015 - 08:00 م
طباعة

في الثلاثين من شهر سبتمبر الماضي شنت المقاتلات الروسية هجوما على مواقع تنظيم "داعش" في سوريا على حد زعم القيادة الروسية، ويفهم من هذا الهجوم أن روسيا قررت، بعد مضي خمس سنوات على الحرب المستعرة في سوريا، التدخل بقوة في تلك الأزمة، بعد إعلان الكرملين منح الرئيس فلاديمير بوتين تفويضا بنشر قوات عسكرية في سوريا، بعد طلب الرئيس السوري بشار الأسد مساعدة عاجلة من موسكو، هذا التدخل لاقي ترحيبا من القوي السياسية العراقية المقربة من ايران والتي تسعي الي دور روسي في بلاد الرافدين لمواجهة تنظيم "داعش".
ائتلاف المالكي:

يسعى برلمانيون من ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء العراقي السابق والمقرب من إيران نوري المالكي، لتشريع قانون يفوض روسيا بضرب مواقع تنظيم "داعش" في العراق، وسط رفض من قوى سياسية أخرى.
و دافع عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون موفق الربيعي عن الحملة البرلمانية لإقناع الكتل الأخرى بمنح روسيا تفويضاً لضرب تنظيم "داعش" في العراق وإلزام الحكومة بدعوة "التحالف الرباعي" للتدخل في العراق، مبيناً أن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية لا يزال متلكئاً ومتردداً في ضرب مواقع التنظيم الحيوية، ولا يمكن الاعتماد عليه مستقبلاً.
وأشار الربيعي إلى "ضرورة مواصلة الحملة التي أطلقت داخل البرلمان لمنح التفويض لروسيا من خلال إقناع الكتل الأخرى وإزالة مخاوفها ومنحها التطمينات اللازمة لرفع تحفظاتها"، موضحاً في تصريح صحافي أن "هذه الخطوة ستخلص رئيس الوزراء، حيدر العبادي، بصفته القائد العام للقوات المسلحة من الضغوط التي يتعرض لها من التحالف الدولي".
من جهته رحب معين الكاظمي أكبر مساعدي قائد ميليشيا بدر في تصريح لرويترز أمس بالضربات الجوية الروسية على مقاتلي تنظيم داعش في العراق في تصريحات من شأنها أن تثير المزيد من قلق الولايات المتحدة، وقال إن فصيله يتطلع لرؤية طائرات حربية روسية تقصف مواقع ومقرات تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وكل طرق إمداداته المشتركة مع سوريا. وأضاف أنه يرحب بمثل هذا التدخل من الروس للقضاء على داعش.
قوى سياسية ترفض:

فيما يرفض "تحالف القوى العراقية" التدخل الروسي في العراق بشكل قاطع، وقال رئيس كتلة التحالف في البرلمان، أحمد المساري، أن التدخل الروسي سيزيد من حجم المشاكل الداخلية، داعياً روسيا وإيران وأيّ دولة أخرى للدخول في التحالف الدولي إن كانت جادة في محاربة الإرهاب.
كما اعتبر القيادي في تحالف القوى ورئيس كتلة "متحدون" البرلمانية، أسامة النجيفي، أن "التدخل الروسي في العراق سيفاقم الصراع الداخلي ويحول العراق الى ميدان لتصفية الحسابات"، موضحاً في بيان "لا يوجد شيء رسمي اسمه التحالف الرباعي، بل يوجد فقط مركز استخباراتي رباعي مشترك بين العراق وسورية وإيران وروسيا".
الحكومة ترحب:

فيما أكد رئيس وزراء العراق حيدر العبادي الخميس 1 أكتوبر، أن العراق سيرحب بضربات جوية حال وجهتها روسيا لتنظيم "داعش" في العراق.
وقال العبادي في حوار مع تليفزيون "فرانس 24" الفرنسي إنه لم يناقش مع روسيا توجيه ضربات جوية لـ "داعش" في بلاده حتى الآن، لكنه ذكر أن ذلك محتمل وبغداد ستدرس مثل هذا العرض إذا قدم إليها وسترحب به.
وأشار إلى أن بغداد تتلقى قدرا كبيرا جدا من المعلومات من سوريا ومن روسيا أيضا بشأن تنظيم "الدولة الإسلامية".
وفي وقت سابق أعلن مكتب العبادي ترحيب العراق بالتنسيق الروسي للقضاء على الإرهاب، مؤكدا أن الغارات الروسية في سوريا "عامل سريع" للقضاء على تنظيم "داعش" في العراق.
تحالف رباعي:

وتم اختيار بغداد لتكون مركزًا للمعلومات الاستخباراتية عن التحالف الرباعي بين روسيا والعراق وايران وسوريا، والذي اعلن عنه عقب التدخل الروسي العسكري المباشر في سورية فقط، أكدت بغداد رسمياً وجود تنسيق عسكري روسي عراقي إيراني سوري، للقضاء على تنظيم (داعش)، ليكتمل بذلك تنسيق الحلف الروسي الإيراني السوري العراقي على مختلف المستويات السياسية والعسكرية.
فيما اكد مسؤول روسي في مركز المعلومات للتحالف الرباعي في بغداد أن العراق وسوريا وروسيا وإيران يتشاركون حقوقا متساوية .
وبحسب ما نقلت وكالة سبوتنك الروسية، قال الممثل الرسمي لروسيا في مركز المعلومات للتحالف الرباعي في بغداد الجنرال سيرجي كورالينكو إن "العراق وسوريا وروسيا وإيران يشاركون بشكل متساو في الحقوق والواجبات في عمل مركز المعلومات من اجل التنسيق لمكافحة تنظيم داعش الارهابي".
واضاف كورالينكو ان "مسؤوليات الأطراف المشاركة في التحالف الرباعي سيتم انشاؤها بموجب مرسوم خاص لاعتمادها قريبا".
الموقف الروسي:

وفيما أكدت روسيا أنها ستبحث توجيه ضربات جوية في العراق إذا طلبت منها بغداد ذلك، أفادت الأخبار أن قيادة الجيش السوري تلقت قبل عدة أيام كتابا رسميا من وزارة الدفاع العراقية، ورد فيه أن بغداد لا مانع لديها في حال اضطرت المقاتلات الحربية التابعة لسلاح الجو السوري لاختراق الأجواء والأراضي العراقية أثناء تنفيذ تلك المقاتلات غارات جوية على أرتال داعش في المناطق القريبة من الحدود السورية العراقية.
وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يتحدث لشبكة "سي بي سي" الإخبارية عن سعيه إلى وضع ما وصفه بـ "إطار منسق مع الشركاء لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسورية"، مضيفاً "اقترحنا التعاون مع دول المنطقة. نحاول وضع نوع من الإطار المنسق".
وشدد ميخائيل بجدانوف، المبعوث الروسي في الشرق الأوسط، على أن القوات الجوية الروسية لن تقصف أي مواقع لـ"داعش" في العراق إلا بعد أن تطلب العراق منها ذلك، مشيرا إلى أن روسيا تدعو الجميع إلى عدم التطرف واحترام القوانين والشرعية الدولية.
موقف أمريكي:

ومع بدأ روسيا التوجه الي العراق، التقى رئيس هيئة الأركان المشتركة للولايات المتحدة الجنرال جوزيف دنفورد، مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، بمكتب الأخير في بغداد، وتباحثا في الشؤون الأمنيّة والسياسيّة للعراق والمنطقة".
وذكر المكتب الإعلامي لحيدر العبادي، أنّ "العبادي ودنفورد بحثا تطوّرات الأوضاع الميدانيّة في الحرب ضدّ داعش في الأنبار وبيجي".
وأوضح في بيان صحافي أنّ "الجانبين أكّدا على زيادة الدعم للعراق، خصوصاً في مجالات تدريب وتسليح القوّات العراقيّة، وتدريب الشرطة وزيادة جاهزيّتها لمسك الأرض".
فيما ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، ان إدارة الرئيس الامريكي باراك أوباما تنظر في وضع قوات أمريكية على الأرض، وتحديداً في الخطوط الأمامية في كل من العراق وسوريا، وذلك نقلاً عن مسؤولين في البيت الأبيض.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في البيت الأبيض بأنه من غير الواضح كم عدد القوات الإضافية المطلوبة لتنفيذ التغييرات، التي يجري النظر فيها من قبل الرئيس باراك أوباما، لكن من المرجح أن تكون قوات صغيرة نسبياً.
وأشارت الصحيفة إلى أنه "كان هناك قائمة من عدة خيارات قدمت إلى الرئيس أوباما من قبل القادة الميدانيين، تم فحصها من قبل مستشاري الأمن القومي للرئيس، بما فيهم وزير الدفاع ووزير الخارجية جون كيري، في سلسلة من الاجتماعات على مدى الأسابيع القليلة الماضية".
وتشمل هذه الخيارات، وفقاً للصحيفة "تدابير أكثر تكلفة وطموحاً، مثل مناطق حظر الطيران أو المناطق العازلة التي تتطلب عشرات الآلاف من القوات البرية الفعالة لحماية المدنيين الأبرياء، لكنه لم يحصل على تأييد أي من مستشاري أوباما، حيث حذر كبار المسؤولين الأمريكيين من أن هذه التدابير تنطوي على إمكانية لوضع الولايات المتحدة في صراع مباشر مع النظام السوري والقوات الروسية والإيرانية التي تدعمه".
تحرير بيجي:

مع وجود صراع روسي امريكي عيل العراق، ونجحت القوات الأمنية وحلفاؤها من الفصائل الشيعية في تحرير قضاء "بيجي" في صلاح الدين خلال يومين بينما لم تتمكن من ذلك طيلة ستة أشهر، فيما نجحت قوات الجيش وحلفاؤها من مقاتلي العشائر من الوصول إلى مسافة مئات الأمتار من مركز مدينة الرمادي خلال أيام قليلة بعد أن فشلت في ذلك منذ خمسة أشهر.
وعلى ما يبدو فان الصراع الجديد في العراق بين التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، والتحالف الرباعي الذي يضم روسيا والعراق وإيران وسورية كان له اثر ايجابي على جهود الحكومة العراقية في محاربة داعش.
المشهد العراقي:

بعيداً عن الأوضاع الميدانية للمعارك في صلاح الدين والأنبار، هناك حقيقة واضحة وهي أن السباق الأميركي الروسي الجديد في الشرق الأوسط أصبح في مصلحة العراق، هل نجحت الحكومة في إتباع دبلوماسية متوازنة بين الطرفين؟
الانتصار الاميركي حصل في الأنبار حيث تؤيد العشائر السنية الولايات المتحدة، وترفض مشاركة روسيا في معارك المدينة، أما الانتصار الروسي حصل في صلاح الدين حيث يسيطر "الحشد الشعبي" على مقاليد الامور في المدينة وهم يؤيدون روسيا ويرفضون مشاركة الولايات المتحدة في المعارك.. فهل يستفيد العراق من التنافس الروسي الأمريكي في مواجهة "داعش" والقضاء عليه ببلاد الرافدين؟
ولفتت الصحيفة إلى أنه من المتوقع أن يشن هجوماً عسكرياً على الرقة، العاصمة الفعلية لتنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا، في المستقبل القريب، الذي إن تم بنجاح فإنه سيمثل انتكاسة كبيرة للتنظيم وفقاً للصحيفة.