التحالف يسقط أسلحة لقوات الشرعية في تعز.. تحضيرات أممية مكثفة لعقد المفاوضات
الأربعاء 28/أكتوبر/2015 - 05:09 م
طباعة

دخلت الحرب في اليمن شهرها الثامن، وسط تقدم واضح للقوات الشرعية المدعومة من التحالف العربي، في عدد من الجبهات، وتحرير عددٍ من المحافظات، سيطرة القوات الموالية للشرعية بمساندة قوات من التحالف على غالبية مناطق محافظة مأرب، والتي تحتل موقعاً استراتيجياً وسط اليمن، وتقع بمحاذاة محافظة صنعاء (الضواحي)، وهو الأمر الذي مثل تحوّلاً نوعياً في مسار العمليات الميدانية، يعتبر الأهم بعد تحرير المحافظات الجنوبية في الأشهر الماضية.
الوضع الميداني
تلقى الجيش الوطني المدعوم بالمقاومة الشعبية دفعة جديدة من الأسلحة من قوات التحالف العربي بقيادة السعودية، بعملية إنزال جوية في جبهة الضباب في مدينة تعز.
وتحقق المقاومة تقدمًا متواصلًا تحت غطاء جوي من التحالف الذي استهدف عددًا من مواقع الميليشيات الحوثية في حذران والتلال القريبة من منطقة الربيعي، كما أغار على معسكر اللواء 22 حرس في منطقة الجند شرق المدينة.
وفي صنعاء جدد طيران التحالف غاراته فجرًا على معسكرات الموالية للمخلوع صالح في منطقة النهدين ومعسكر الحفا عند سفح جبل نقم شرق العاصمة.
فيما تواصل ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح قصفها للأحياء السكنية في تعز، بينما صدت المقاومة الشعبية زحفاً نفذه المتمردون الحوثيون من الناحية الغربية للمدينة.
في سياق استهدافها للمواقع الاستراتيجية والمراكز القيادية لميليشيات الحوثي والمخلوع صالح، قصفت مقاتلات التحالف العربي مخازن ذخيرة وأسلحة تابعة لميليشيات الحوثي في محافظة المحويت؛ ما أسفر عن تدمير المخازن بالكامل، ودبابات كانت في مبنى المجمع الحكومي بحسب مصادر محلية.
كما شن طيران التحالف غارات على مقرات للمتمردين الحوثيين في حي الجراف شمال العاصمة صنعاء.
وفي منطقة خولان بين صنعاء ومأرب، تكبد الحوثيون ومقاتلو المخلوع صالح خسائر كبيرة، إثر استهداف التحالف لموقع عسكري بتسع غارات جوية، شنها على جبل المثقل في منطقة الأعروش.
وأوضحت مصادر أن الغارات دمرت دبابات ومدفعية تابعة للحوثيين، وصواريخ كاتيوشا ومنصات صواريخ باليستية في الجبل.
أما في محافظة الضالع جنوب اليمن، فكشفت مصادر في المقاومة الشعبية عن إلقاء القبض على القيادي الحوثي أبو يعقوب في كمين نصبته المقاومة.
كما أفادت مصادر أخرى عن مقتل القيادي الحوثي يوسف المداني أثناء اجتماع في منزله مع قيادات ميدانية في محافظة حجة.
وفي تعز، واصلت ميليشيات الانقلابيين كعادتها، استهداف الأحياء السكنية، بينما تكبدت خسائر جسيمة إثر إحباط المقاومة اليمنية زحفاً نفذه المتمردون الحوثيون من الناحية الغربية للمدينة، أثناء محاولتهم استعادة تبة "المنعم" بمنطقة الربيعي.
فيما تتوجه المملكة المغربية، لإرسال فرقاطتها البحرية "طارق بن زياد" إلى السواحل اليمنية، للمشاركة في عمليات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، الذي تقوده السعودية، ونقل موقع المشهد اليمني-عن صحيفة "هسيبرس" المغربية- أن قيادة البحرية المغربية استدعت الفرقاطة "طارق بن زياد" إلى ميناء القاعدة البحرية المغربية بمنطقة القصر الصغير، قرب مضيق جبل طارق، وعلى متنها قوات بحرية خاصة ستتكفل بحماية مناطق محددة من السواحل اليمنية. مبرزة أن المملكة تعتبر الأمن القومي والاستراتيجي لدول الخليج من أمنها واستقرارها.
المشهد السياسي

وعلى صعيد المشهد السياسي، استقبل الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، اليوم، شيخ مشايخ قبيلة الزرانيق، قائد المقاومة الشعبية في تهامة يحيى محمد منصر، واطلع على جهود المقاومة واستبسالها بمحافظة الحديدة في مواجهة مسلحي الحوثي أو من يسمون أنفسهم "أنصار الله"، وقوات الرئيس السابق علي صالح، وعدوانها الهمجي على المواطنين العزل في قراهم ومناطقهم في تحدٍّ صارخ لكل القيم والأخلاق الإنسانية في حرب ممنهجة لاستباحة الأرض وتهجير السكان للشتات والنزوح. وثَمَّن الرئيس صمود أبناء تهامة الشرفاء في وجه من وصفها بـ"الميليشيا الباغية"، مؤكدًا أن "الدولة ستقدم لهم الدعم اللازم لمواجهة ميليشيا الحوثي وصالح الانقلابية حتى يتم دحرها وتحقيق الانتصار عليها"، حسب ما أوردته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ). من جانبه أكد قائد المقاومة الشعبية في تهامة، عزم المقاومة على تحرير كافة المناطق التي تسيطر عليها الميليشيا الانقلابية بمحافظة الحديدة في ظل دعم السلطة الشرعية وقوات التحالف للمقاومة الباسلة في المحافظة.
فيما حذر نائب الرئيس اليمني رئيس الوزراء خالد بحاح من أن الفشل في استعادة الشرعية في اليمن ستكون له تداعيات إقليمية وعالمية، مشيرًا إلى أن "الإخفاق سيشجع ويدعم المتطرفين". وأكد بحاح في حديث صحفي مع صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أن "النصر سيرسل رسالة قوية للعالم مفادها أن اليمنيين عازمون على الدفاع عن حقهم الثابت في تقرير المصير وتحقيق الازدهار في إطار السلام.. ونشر تلك القيم في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط".
وشَدَّد على العزم على استعادة العاصمة اليمنية والشرعية للبلد والأمل لكل اليمنيين. وأضاف أنه في الوقت الذي يوجد الكثير الذي يتعين القيام به ولكن الطريق الشاق لاستعادة الانتعاش قد يبدأ مع استعادة السيطرة على الأراضي فقد تقدمت قوات الجيش والائتلاف الوطني اليمني إلى شمال محافظة مأرب وعلى أعتاب العاصمة صنعاء، وأننا "عازمون على استعادة عاصمتنا واستعادة الشرعية لبلدنا والأمل لكل اليمنيين"، حسب قوله.
وأشار إلى أن جماعة الحوثي تحظى في كل ممارساتها بدعم من قوة إقليمية، في إشارة إلى جمهورية إيران الإسلامية. وأكد بحاح حرص بلده على إقامة علاقات طيبة مع جميع الدول بما في ذلك جمهورية إيران الإسلامية شريطة الالتزام بالمبادئ المتبعة في ميثاق الأمم المتحدة والخاصة بعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول، لكن على طهران أن تختار "إما أن تستمر في زرع الفتنة والحفاظ على علاقات مع جماعة الحوثي مثيرة للمشاكل، وبين أن تتعامل مع السلطة اليمنية الشرعية".
المشهد الإقليمي

وعلى صعيد المشهد الإقليمي أصدرت السلطات في المملكة العربية السعودية، قرارًا رسميًّا قضى بسحب الحصانة من وزير الخارجية رياض ياسين. ونسب موقع "إرم" إلى مصدر في المملكة العربية السعودية، وصفه بـ"الخاص" أن "السعودية كانت قد منحت الوزير المُكلّف رياض ياسين، وفقاً لإجراءاتها البروتوكولية، سيارة مدرعة وسيارتين للمرافقة والحراسات الشخصية في إجراء تقليدي تقوم به عدد من الدول لوزراء الخارجية كحصانة خاصة. وأشار المصدر إلى أن المملكة رفعت الحصانة عن ياسين وألغت كافة الإجراءات المتعلقة بذلك، كما سحبت كافة السيارات والحراسات منه، وأبلغت الرئاسة اليمنية بعدم رغبتها في التعامل مع رياض ياسين. وبين المصدر "ياسين" نتيجة لذلك القرار لاستخدام 4 سيارات من السفارة اليمنية في الرياض، لتأدية مهامه وأعماله الشخصية هو وأقاربه في المكتب، لافتًا إلى أن "ياسين" متهم بتعطيل مهام السفارة إلى جانب نهبه أموال العمل القنصلي، والتي وصلت إلى مليون وسبعمائة ألف ريال سعودي؛ مما أغضب رئيس الجمهورية اليمنية، فيما يتوقع أن تتم إحالته إلى التحقيق للفصل في التهم المنسوبة إليه".
فيما وصف عضو مجلس الأمة الكويتي السابق المحامي ناصر الدويلة، التآمر الدولي على المنطقة العربية بالـ"خطير"، معربًا عن عدم ارتياحه للوضع في اليمن. وقال الدويلة في سلسلة تغريدات على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي: إن "الوضع في اليمن غير مريح لوجود أكثر من سبع لاعبين بأجندات مختلفة"، لافتًا إلى أن "السياسة السعودية الخارجية تكافح كل المتناقضات بأعجوبة". ودعا دول الخليج إلى تحويل استراتيجيتنا تدريجيًّا في اليمن من "التدخل المباشر إلى إنشاء جيش وطني لتطهير باقي اليمن، وعلى الشعب اليمني تحمل مسئولية". وأشار إلى أن على الكويت وسلطنة عمان تعزيز الجبهة الخليجيه بزيادة تنسيق الجهود، في حين أن على السعودية "العمل على تصفية الخلافات الهامشية بين كل دول الخليج بسرعة". وقال: "تحتاج السعودية إخراج المعدات القديمة من الخدمة والاستعجال لاستكمال تسليح اللواء الرابع وباقي الألوية التي لا تزال في جدول التطوير بسرعة". ودعا قادة قطر إلى "بناء قوة برية" لا تقل عن فرقة مدرعة ومنظومة دفاع ساحلي وجوي لجعل قطر كظهر "القنفذ ضد المعتدين".
المشهد الدولي

وعلى صعيد المشهد الدولي، أكد الرئيس عبدربه منصور هادي، أن الحكومة تتعامل بإيجابية مع كافة الجهود التي يتبناها المجتمع الدولي وعلى رأسها الجهود التي يبذلها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ومبعوثه الخاص إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ الرامية لإنهاء الانقلاب وإحلال الأمن والاستقرار في مختلف المدن والمحافظات، وذلك من خلال التطبيق الكامل لقرارات مجلس الأمن الدولي وخاصة القرار رقم 2216. جاء ذلك خلال استقباله، اليوم، في مقر إقامته المؤقت بالعاصمة السعودية الرياض رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن السفيرة باتينا موشايت؛ حيث جرى بحث العلاقات الثنائية بين اليمن ودوّل الاتحاد الأوروبي وسبل تعزيزها وتطويرها في مختلف المجالات. وأشاد الرئيس بكافة الجهود المخلصة التي تبذلها الدول العربية الشقيقة ودول الاتحاد الأوربي الصديقة من خلال وقوفهم إلى جانب أمن واستقرار ووحدة اليمن وشرعيته الدستورية، ودعمهم لقرارات مجلس الأمن الدولي ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وكذا مساندتهم لليمن في مختلف المراحل والظروف وخاصة في هذه المرحلة الاستثنائية التي تمر بها.
من جانبه، عبّرت رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن السفيرة باتينا موشايت، عن تقديرها للجهود التي يقوم بها الرئيس في ظل الظروف الراهنة والأوضاع الصعبة التي تمر بها اليمن. وذكرت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ)، التي تديرها الحكومة الشرعية، أن موشايت باركت الخطوات الشجاعة التي اتخذتها الحكومة اليمنية "لوقف الحرب واستئناف العملية السياسية واستكمال الاستحقاقات الوطنية المرتكزة على تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2216". ولفتت إلى أن جهود الاتحاد تصب دائماً في دعم الجهود التي تتخذها الحكومة اليمنية لإرساء خطوات السلام التي يستحقها الشعب اليمني، مؤكدة مواصلة دعم دول الاتحاد الأوروبي لتلك الجهود وتقديم أوجه الدعم لليمن في كافة المجالات خلال المرحلة القادمة.
المسار التفاوضي

وعلى صعيد المسار التفاوضي، كشف المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، عن أن التحضيرات لعقد مفاوضات بين الأطراف اليمنية قد تستغرق أسبوعين، مشيراً إلى أنها قد تُعقد في جنيف أو العاصمة العُمانية، مسقط.
ولد الشيخ، وفي تصريحات لإذاعة الأمم المتحدة، تحدث عن تفاصيل المحادثات التي كان من المقرر أن تتم قبل نهاية أكتوبر، غير أنه أشار إلى وجود قرار بالعمل قبل فترة للتحضير لتلك المفاوضات "من أجل ألا يحصل الارتباك الذي حدث من قبل".
كما أكد أن الأساس للمفاوضات المقبلة أنها ستكون تحت مظلة تطبيق قرار مجلس الأمن 2216، كما ورد في رسالة الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، إلى الأمم المتحدة، قبل أكثر من أسبوع.
وأضاف: "نحن نقول من البداية: إن المفاوضات أو الحل السلمي في اليمن سيكون على أساس ثلاث ركائز، الركيزة الأولى هي المبادرة الخليجية وآلية تنفيذها، الثانية هي الحوار الوطني ومخرجاته، والثالثة هي قرارات مجلس الأمن بما فيها القرار 2216".
وحول العقبات التي تقف في طريق المحادثات، أشار ولد الشيخ إلى أمرين، الأول هو عدم الثقة بين الطرفين، إذ كلما اقتربت من المفاوضات "نجد انعداماً للثقة"، والأمر الآخر، هو أن "الأطراف تتحدث فيما بينها عن طريق وسائل الإعلام ولا تلتقي"، مؤكداً أنه لا بد من أن يلتقي الطرفان على طاولة المحادثات وجهاً لوجه.
وحول العناصر الرئيسية التي ستوجه المحادثات، أوضح ولد الشيخ، أن "النقطة الأولى الأساسية لليمنيين هي وقف إطلاق النار"، كما رأى أنه لا بد من التطرق إلى قضايا تتعلق ببناء الثقة بما فيها إطلاق سراح السجناء، والقضية الإنسانية، بالإضافة إلى "إيجاد ممرات إنسانية لمدن مثل تعز، التي تختنق اليوم وتموت عطشا، وفتح الموانئ لوصول المساعدات"، وكذلك "المحافظة على ألا يكون هناك أي استفزاز على الحدود اليمنية السعودية" بحسب قوله.
وشدد المبعوث الأممي في ختام حديثه على أهمية أن يدعم مجلس الأمن المفاوضات، التي ستنعقد قريباً، مشيراً إلى أنه لمس من السعودية في زيارته الأخيرة دعم الحل السلمي، وأضاف: "يقولون نحن بالرغم من أننا دخلنا هذه الحرب بناء على طلب من الحكومة، لا نرى أن هناك حلا إلا الحل السلمي لهذه الحرب".
المشهد اليمني

سبعة أشهر مرت على بدء التحالف العربي بقيادة السعودية، عملياته في اليمن ضد جماعة الحوثيين ولاستعادة الشرعية، حقق جزءًا من أهدافه، ولكن ما زالت العاصمة صنعاء تحت سيطرة الحوثيين، فيما فشلت الجهود الأممية للتوصل لاتفاق سياسي، وسط تفاقهم الوضع الإنساني، وانتشار ملحوظ للقاعدة وتنظيم "داعش"، وتبقى آمال اليمنيين منعقدة على جولة المفاوضات القادمة للتوصل لاتفاق لإنهاء الصراع الدموي بالبلاد.