حالة فكرية سياسية، تراود التغيير الجذري الشامل للواقع القائم، في مجالاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتتسم الراديكالية باتخاذ موقف نقدي عنيف من النظريات والأفكار السائدة، وعلى الصعيدين السياسي والاجتماعي تتبنى رفضًا كاملاً وتقدم بدائل مضادة.

ظهر مصطلح الراديكالية مع بداية تنامي الفكر الأوربي الحديث، الذي أسس لبناء الدولة الحديثة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، ودخل المصطلح في عالم السياسة للمرة الأولى في بريطانيا، عندما استخدمه تشارلز جيمس سنة 1797، في سياق دعوته إلى إصلاح النظام السياسي البريطاني تحت شعار الإصلاح الجذري وتحقيق المزيد من الديمقراطية والمطالبة بحق الاقتراع الدستوري لكل المواطنين دون نظر إلى أصولهم الطبقية.

اتخذت الراديكالية في أوروبا منهجًا توافقيًّا بين أهدافها الثورية وأساليب الليبرالية القائمة على الحرية السياسية والاقتصادية وتغيير الدستور والقوانين عبر الأساليب البرلمانية، وهي بذلك النهج تختلف عن الماركسية الثورية التي تؤمن بالثورة الشعبية واللجوء إلى العنف المسلح.

مع تعدد واختلاف الاتجاهات الراديكالية، فثمة مبادئ مشتركة تجمعها في الساحة الأوروبية، وأبرز هذه المشتركات: الوفاء لقيم الثورة الفرنسية، العقلانية، الدفاع عن المصالح. ومن ناحية أخرى، فإن الراديكالية موجودة بأشكال شتى خارج المجتمعات الأوربية، وتنشد التغيير وفقًا لطبيعة الواقع الذي تتفاعل معه، لكنها قد تلجأ إلى طرح بدائل مغايرة للثوابت الفكرية التقدمية التي صاحبت ظهور الفكر الراديكالي في أوربا، ومن هنا قد تنحو للتعبير عن مناهج وأطروحات تنتسب إلى الماضي والمحافظة أكثر من انتسابها إلى معطيات الواقع وآفاق المستقبل.