صراع العبادي المالكي.. هل يؤدي إلى سقوط الائتلاف الحاكم في العراق؟
الأحد 08/نوفمبر/2015 - 01:10 م
طباعة

خريطة القوى والصراع تتسع في العراق في محاولة للإطاحة برئيس الوزراء حيدر العبادي، وعودة نوري المالكي أو شخص قيادي مقرب من أصحاب المصالح والنفوذ في بلاد الرافدين لتولي المنصب مع استمرار العبادي في إصلاحاته ومحاربته لقوى الفساد.
من مفارقات المشهد السياسي الحالي أن رئيس الوزراء حيدر العبادي يستمد قوته من أحزاب وقوى سياسية من خارج انتمائه السياسي، بينما الكتلة التي ينتمي إليها العبادي وهي "دولة القانون" والحزب الذي ينتمي إليه "الدعوة" ينتقدان العبادي ويهددان بسحب تأييدهما له، وهذه القضية مرتبطة بنفوذ ما زال يمتلكه رئيس الوزراء السابق المالكي على نواب "دولة القانون".
العبادي في النجف

وفي إطار الصراع بين جناح العبادي في ائتلاف دولة القانون وحزب الدعوة الجناح الأقوى والأكثر تأثيرا بقيادة رئيس الوزراء العراقي السابق ورئيس ائتلاف القانون رئيس حزب الدعوة والرجل المقرب من إيران نوري المالكي، بات العبادي في مواجهة مع حلفاء الأمس وخصوم اليوم.
بعد 24 ساعة من إعلان المرجعية الشيعية العليا موقفها الداعم لرئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي كما ورد في خطبة ممثلها الشيخ عبد المهدي الكربلائي في خطبة أول من أمس (الجمعة) والتنديد بمجلس النواب واتهامه بالعمل على الالتفاف على إجراءاته الإصلاحية قام رئيس الحكومة بزيارة مفاجئة إلى النجف، واجتمع مع اثنين من كبار مساعدي المرجع الشيعي الأعلى آية الله على السيستاني واستمع إلى توجهاتهما.
وقد اجتمع العبادي فور وصوله إلى النجف مع أبرز مساعدي السيستاني وهم بشير النجفي وإسحاق الفياض، وعرض عليهما برنامج حكومته في إصلاح الأوضاع السياسية في العراق، وتبادل معهما وجهات النظر في تسريع عملية الإصلاح وتلقي نصائحهما.
وزار رئيس الوزراء حيدر العبادي المرجع الديني الشيخ بشير النجفي، وذلك بعد انتهاء لقائه المرجع الديني إسحاق الفياض.
كما التقى العبادي في مدينة النجف الأشرف بالمرجع الديني سماحة الشيخ محمد اليعقوبي. وجرى خلال اللقاء بحث التحديات التي يواجهها البلد وتوحيد الجهود لمواجهة عصابات داعش الإرهابية إضافة إلى الأزمة المالية والسبل الكفيلة لمواجهتها والحرب على الفساد والمفسدين.
داعمو للعبادي

الأمر لم يتوقف عند المراجع الدينية، بل كان هناك قبول مع عدد من القوى السياسية وفي مقدمتها تيار الصدر، والمجلس الأعلى الإسلامي.
و التقى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في النجف الأشرف، وأكد أن اجتماعه مع مقتدى الصدر جاء باعتباره شخصية مهمة لدفع العراق إلى الأمام.
وأضاف "أنه هنا من أجل تدعيم الوحدة الوطنية، ومن أجل أن تتوحد جهود العراق، الذي هو بحاجة إلى التعاون لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي".
من جانبه أكد مقتدى الصدر، أن اللقاء كان مثمرًا، ولمستُ من رئيس الوزراء إصلاحًا كبيرًا من كل النواحي الأمنية والسياسية والمالية والخدمية، متأملا للحكومة والوضع الأمني إلى أكثر إيجابية.
وجرى خلال اللقاء، تباحث أهم القضايا التي تخص العراق والمنطقة التي تهم البلد، وتم خلال اللقاء أيضًا العمل على دفع عملية الإصلاح.
كما أكد القيادي في كتلة المواطن بالبرلمان العراقي صلاح العرباوي، اليوم السبت، أن كتلته والمجلس الأعلى الإسلامي الذي يتزعمه عمار الحكيم، داعمة لرئيس الوزراء حيدر العبادي، لافتًا إلى أنه لا توجد نية لسحب الثقة منه.
وقال العرباوي، في تصريحات صحفية: إن "رئيس الوزراء حيدر العبادي لديه رغبة وإرادة ولكن ترجمتها ليست بالشكل المطلوب"، لافتًا إلى أنه "ينبغي على العبادي أن لا يكون وحيدًا إذا أراد أن يمضي بعيدًا".
وأضاف العرباوي، أن "المجلس الأعلى وكتلة المواطن لا تزال داعمة لرئيس الوزراء حيدر العبادي، لكن لديها بعض المؤشرات والأخطاء"، مؤكدًا أنه "لا توجد نية لسحب الثقة عن العبادي خلال الوقت الحاضر".
جناح المالكي

الأسبوع الماضي اتهم 60 نائبًا من ائتلاف "دولة القانون" العبادي بالتفرد في السلطة وعدم التشاور مع باقي الكتل السياسية وهددوا بسحب التفويض منه، واعترضوا على الإصلاحات الحكومية التي نفذها العبادي، وأعطوه مهلة ثلاثة أيام لتوضيح موقفه.
وكشفت تقارير إعلامية، أن المكتب السياسي ومجلس شورى حزب الدعوة الإسلامية، التي عقدت بسرية بالغة في إحدى قاعات مطار المثنى لم يشارك فيها العبادي؛ لعدم دعوته إليها، كما لم توجه الدعوة أيضًا إلى الشيخ عبدالحليم الزهيري الذي يتولى رئاسة مجلس الشورى، والنائب علي العلاق ومستشاري رئيس الحكومة طارق نجم وصادق الركابي ووليد الحلي وأربعتهم أعضاء في المكتب السياسي للحزب، وقرروا بدء الإجراءات لفصل العبادي وعدد من القياديين المؤيدين له من الحزب تمهيدًا لسحب الثقة منه في مجلس النواب.
بعدها فوجئ العبادي بانقلاب كتل ائتلاف القانون في البرلمان عليه في هذا التوقيت الصعب.
وكان المالكي أبدى، الخميس 5 نوفمبر، تأييده لسحب التفويض البرلماني من رئيس الوزراء حيدر العبادي وفق مبدأ الفصل بين السلطات، وفيما أكد أنه ما زال محتفظا بمنصب نائب رئيس الجمهورية، انتقد المعارضين لمشاركة روسيا في قتال تنظيم "داعش".
وأضاف المالكي: "إننا ندعم العملية السياسية إيمانا منا بأن النجاح ليس من مهمة شخص واحد والفشل أيضًا ليس مسئولية شخص واحد"، مشددًا بالقول: "يجب أن نكون موحدين في دعم العملية السياسية".
وتابع المالكي، أن "مجلس النواب في سحبه للتفويض الممنوح، معناه أن كل هذه القرارات التي اتخذت يجب أن تراجع".
من جانبه قال عضو ائتلاف "دولة القانون- بغداد"، محمد العكيلي: إن البرلمان العراقي لا يدرك الدستور جيدًا حتى يفوض العبادي الذي فشل في تحقيق برنامجه، وكذلك ضعفه في إدارة العديد من الملفات.
وأضاف "العكيلى"، أنه يوجد في اليمن تكتلات سياسية ترفض سياسات حيدر العبادي، موضحًا أن مؤيدين للعبادي يدعون أن المعارضة مدعومة من نوري المالكي رغم تأكيده بأنه لا يرغب في العودة إلى رئاسة الحكومة في العراق.
وتنحصر أبرز الخلافات بين الغريمين بإصرار العبادي على إقالة المالكي من منصبه وتقديمه للقضاء بتهمة الفساد وسقوط الموصل والتسبب باحتلال تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) لمدن عدة من البلاد وإفراغ ميزانية الدولة، وإدخالها في أزمة مالية خانقة. فيما يستغل المالكي الورقة الروسية الجديدة ويصرّ على رفع موازنة ميليشيات "الحشد الشعبي" من مليار دولار إلى مليارين سنوياً، ويعارض قانون العفو العام وتشكيل قوات الحرس الوطني بمناطق شمال وغرب العراق (السنية)، فضلاً عن ملفات أخرى تتعلق بسياسة الحزب الخارجية مع كتل أخرى، على اعتبار أن العبادي هو مرشح حزب "الدعوة" لحكومة العراق.
جناح المالكي وغالبية نواب "دولة القانون"، هؤلاء يرفضون إصلاحات العبادي، ويرفضون إقرار "الحرس الوطني"، وينتقدون "التحالف الدولي" بزعامة الولايات المتحدة، ويطالبون بالسماح لروسيا بتنفيذ غارات جوية في العراق.
حسب مراقبين فإن القطرة التي أفاضت كأس الغضب الإيراني من العبادي هي تعيينه مؤخرًا عماد ضياء الخرسان أمينًا عامًّا لديوان مجلس الوزراء الذي تربطه علاقة وطيدة بالإدارة الأمريكية وهو من دعاة الدولة المدنية في العراق.
وجاء هذا القرار ليضاف إلى إحجام العبادي عن تلبية مطلب الأحزاب الدينية والميليشيات الشيعية بضرورة الاستنجاد بالطيران الروسي في الحرب ضدّ تنظيم داعش؛ الأمر الذي عدّه قادة تلك الأحزاب والميليشيات إذعانًا للضغوط الأمريكية.
المشهد العراقي

المشهد العراقي يؤكد على صراع سياسي مرجعي يتمثل في العبادي والمالكي، فالعبادي مدعومًا بقوى عراقية والمرجع الشيعي الأعلى السيد علي السيستاني، يعد رأس حربة في مواجهة النفوذ الإيراني في العراق عبر المالكي وعددٍ من قادة الميليشيات الشيعية بالبلاد، الصراع يعد الأبرز في البيت الشيعي العراقي، وهو ما يهدد بسقوط حزب الدعوة العراقي مع استمرار الصراع بين القوى الشيعية.