كنائس الشرق ترتب لإطلاق استغاثة عالمية عن خطورة وضع المسيحيين

الإثنين 09/نوفمبر/2015 - 10:20 ص
طباعة كنائس الشرق ترتب
 
 كشف بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي إغناطيوس يوسف الثالث يونان أن هناك ترتيبات تجهز لها كنائس الشرق لإطلاق نداء من أجل الوضع المأساوي للمسيحيين الذين قاربوا على التلاشي في سوريا والعراق، ووصف البطريرك الأمر بالقضية المصيرية وموضوع حياة أو موت. إنه الحمل الثقيل الرابض على قلبه، في قيامه وقعوده، في ذهابه وإيابه. في الحديث عن الوجود المسيحي في الشرق، "المسيحيون معرضون اليوم كسائر المكونات الصغيرة في المنطقة، للتلاشي والانقراض والاندثار. وعندما نقول: "إنهم اندثروا خارج أرضهم، فهذا يعني أنهم توزعوا في بلاد العالم، وأن رسالتنا ككنائس شرقية وتراثنا المتعدد ولغاتنا الطقسية وتقاليدنا القديمة ستضيع كلها"، يقول يونان في حديث إلى جريدة "النهار". اللبنانية: 
"قبل ساعات قليلة فقط، كان في مصر، يتشارك في هموم المسيحيين مع عدد من الأتراب البطاركة، في إطار اجتماعات اللجنة التنفيذية لمجلس كنائس الشرق الأوسط التي انعقدت بضيافة الكنيسة القبطية، برئاسة البابا تواضروس الثاني، في مركز مار مرقس في مدينة نصر- القاهرة. 3 أيام من الاجتماعات التي طاولت مختلف المسائل. وكان "الموضوع الأهم"، على قول يونان، "إننا نبذل جهدنا، بإزاء الأمور المخيفة التي يتعرض لها المسيحيون في الشرق الأوسط، خصوصًا في سوريا والعراق، فنعقد لقاء لرؤساء كل الكنائس في الشرق ليصدروا نوعًا من نداء، يكون صوتاً للمسيحيين الذين يواجهون أصعب مرحلة في تاريخهم منذ ميلاد المسيحية".
كنائس الشرق ترتب
النداء سيكون موجهًا إلى المجتمع الدولي، "لنضعه أمام مسئولياته"، يؤكد يونان. "نطلقه باسم كل رؤساء الكنائس والطوائف المسيحية في الشرق الأوسط، على تنوعها. وفي ظل التغطية الإعلامية له، نأمل في أن يحرك العائلة الدولية التي، للأسف، تستفيد من هذه الأزمات والخضات والفوضى في المنطقة أو تحرض عليها لمصالحها، ناكرة الشعارات والقيم التي قامت على أساسها دولها أو وضعتها لها".
يناير 2015 هو الموعد الذي تم التوافق عليه لعقد لقاء مبدئي. "الاقتراح الذي نال الموافقة هو إقامة اللقاء قبل عيد الميلاد، أي في النصف الثاني من يناير ربما نحو 21 أو 22 منه"، يفيد: المكان لم يُحسم أيضا، غير أن "الغالبية تفكر في لبنان". ويتدارك البطريرك: "إذا كان لبنان اقترح أولا، فلتمتعه أكثر بحرية الرأي، ولما يقدمه من مجال لجذب، ليس للإعلام المحلي والإقليمي فحسب، إنما أيضًا الدولي. وبما أن الموضوع هو الوجود المسيحي وما يتعرض له من أحداث وأزمات مخيفة، لا سيما في سوريا والعراق، قلت بأنه يمكن تشجيع اللاجئين المسيحيين السوريين والعراقيين على المشاركة خارج مكان اللقاء، لنبين للعالم وضعنا. القضية ليست استجداء امتيازات، بل نريد حقوقنا كمواطنين في أرضنا. يسلخ المسيحيون من أرضهم ويقتلعون منها، ولا ذنب لهم إطلاقا في ذلك".
يعرف جيدًا البطريرك مخاوف المسيحيين. طعمها في فمه. قبل نحو أسبوع، كان في بغداد ليحيي مع رعاياه الذكرى الخامسة لمجزرة كاتدرائية سيدة النجاة (31/10/2010)، والتي سقط فيها 47 شهيدًا، منهم الكاهنان الشابان ثائر ووسيم. "منذ تلك المذبحة، لم يعد المسيحيون يشعرون بأي اطمئنان"، يقول. أخبار الإرهابيين وأفعالهم المدمرة تقض المضاجع كل ساعة. "من يقومون بتلك الأعمال الإرهابية عقولهم مغسولة، وضمائرهم معمية"، يضيف.
الوضع "المصيري" يلزم مواجهة على الخطوط الأمامية، "بذلًا كبيرًا للجهود"، وفي الوقت نفسه يبيّن عجزًا أمام واقع مستحيل. على سبيل المثال، من الطروح التي تداولها البطريرك مع أترابه البطاركة من أكثر من عامين، تشكيل وفد منهم يعقد لقاءات في عواصم دول القرار؛ بغية تحريك الأمور. " ليس لدينا العدد الذي يشكل ضغطًا على المجتمع الدولي، ولا البترول أو المال الذي يمكننا من التأثير، حتى على الإعلام، أو القدرة على إخافة أحد. فإيماننا المسيحي يقول بأنه يجب أن نكون من فاعلي السلام، ولا عصابات إرهابية مخيفة لدينا. واقعيًّا، ليس لدينا تلك العناصر الثلاثة التي للأسف تهم العالم اليوم. ولو كانت لدينا، لربما كانوا أخذونا أكثر في الاعتبار".
أياً يكن، فالبطريرك يتحيّن الظروف الصغيرة والكبيرة ليبقي قضية الوجود المسيحي في الشرق من الأولويات. عندما كان في الفاتيكان أخيراً للمشاركة في "سينودس العائلة"، عرض على الكرسي الرسولي "اقتراحًا يقضي بأن يدعو الفاتيكان إلى مؤتمر ليوم واحد، للنظر في قضية الوجود المسيحي في الشرق الأوسط. وقد أصغى إلى أمين سر دولة الفاتيكان المونسنيور بييترو بارولين. وهو لا يستطيع أن يعطي جوابًا، قبل أن يراجع البابا"، يقول يونان.
في تلك الساعة، قال "إنه يتوجب على الفاتيكان، بما أنه السلطة المعنوية الأقوى في العالم، أن يدعو من لديهم القرار بمصير الشعوب الضعيفة، كبلادنا، إلى البحث في الموضوع. وقد يكون من المدعوين وزراء خارجية الولايات المتحدة، روسيا، الاتحاد الأوروبي، الأمين العام للأمم المتحدة وغيرهم، مع عدد من البطاركة المعنيين مباشرة؛ وذلك كي نقول لهؤلاء المسئولين بأننا نعيش وضعًا مصيريًّا، أي "اما نكون أو لا نكون".
إنه الموضوع الأهم، الوجود المسيحي في الشرق، الذي يدخل به إلى اجتماعات مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في بكركي اليوم. "وجود المسيحيين في أرض أجدادهم. هذا ما يجب أن نفكر فيه. وضعنا في العراق وسوريا مخيف... وتتحقق تلك الظاهرة التي كنا نفكر فيها وهي انحسار الوجود المسيحي في الشرق برمته". هذا ما يود أن يعرضه مع سائر البطاركة، "بحيث ندرج الموضوع في البيان الختامي للمجلس، مع دعوة رؤساء الكنائس إلى عقد اللقاء في كانون الأول 2015، وتجديد طلبنا للكرسي الرسولي تفعيل مطالبته للدول بما يخص الوجود المسيحي في الشرق. وبالتالي لا نكتفي بالأقوال ولا بالصلوات. علينا أن نكون اليوم حكماء، ونستخدم للأسف وسائل العالم، في مطالبتنا بحقوق الضعفاء المقتلعين من بيوتهم، والذين بدءوا يفقدون الأمل".

شارك