أردوغان يبدأ خطواته نحو تعديل الدستور.. وتصاعد الانتقادات الغربية لحرية الصحافة
الإثنين 09/نوفمبر/2015 - 10:05 م
طباعة

تتجدد المخاوف المعارضة التركية بشأن تنامى نفوذ العدالة والتنمية بعد فوزه في الانتخابات الأخيرة، إلى جانب اقتراب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من تحقيق مطامعه في تعديل الدستور، والتحول إلى النظام الرئاسي بدلا من البرلماني، وبسط نفوذه على كل مؤسسات الدولة، في الوقت الذى تتزايد فيه المخاوف الغربية من استمرار حملات القمع ضد المعارضة ووسائل الإعلام .
يأتي ذلك بعد أن صرح اليوم كبير مستشاري الرئيس التركي، والمتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية التركية، "إبراهيم كالين"، إن الجدل بشأن الدستور ليس جديدًا، وهناك حاجة واضحة لتغيير الدستور الحالي لأنه صيغ بعد الانقلاب العسكري عام 1980".

أضاف أن تركيا تغيرت كثيراً، وتعززت قوتها الاقتصادية، حتى أصبحت في المرتبة 17 عالميًا، والـ 7 أوروبيًا، لذلك فهي بحاجة طبيعية لدستور جديد، فإن الدستور الحالي تم تعديله مراراً، لدرجة أفقدته جوهره، وجعلته بمثابة كتاب قانون كبير، مشددا على أنه سبق واتفقت الأحزاب السياسية في البرلمان على أكثر من 60% من المواد التي يجب أن تكون في الدستور الجديد، لكن ما زالت الخلافات قائمة حتى الآن".
واعتبر محللون أن ما وصلت إليه نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، يكشف عن دقة السيناريو الذى رسمه أردوغان، فور تراجع التصويت له في انتخابات يونيو الماضي، حيث سبق ونشرت صحيفة "زمان" التركية خارطة الطريق، تحت عنوان "خطة المراحل الثلاث لأردوغان لإجراء انتخابات مبكرة"، وتم تنفيذ هذه الخطة بالحرف الواحد خلال خمسة أشهر إلى أن تحقق الهدف المرجو منها في نهاية المطاف، ونجح العدالة والتنمية في تحقيق انتصار في انتخابات قلّما يوجد مثلها في التاريخ السياسي.
واعتمدت المرحلة الأولى من خطة المراحل الثلاث على التخلي عن لهجة التوتر وتقديم صورة للناخب مفادها "وصلتنا على رسالتك"، والمرحلة الثانية عدم تشكيل حكومة ائتلافية لكن إلقاء اللوم والمسؤولية في هذا الموضوع على أحزاب المعارضة، أما المرحلة الأخيرة فهي تحميل حزب الشعوب الديمقراطي الكردي مسؤولية الأعمال الإرهابية والعنف في البلاد.
وفى الوقت نفسه لم تتمكن المعارضة من اختيار رئيس للبرلمان بعدما حصلت على نسبة 60 % ، كما شكلت المعارضة صورة مفادها أنها "غير كفء" بعدما عجزت عن اختيار رئيس لهيئة الإذاعة والتليفزيون التركي، وانطبع في أذهان المجتمع صورة ذهنية فحواها أن المعارضة هي المعضلة الكبرى في تركيا.

ويرى محللون أنه بالرغم من بدء حزب العدالة والتنمية مشاورات لتشكيل حكومة ائتلافية مركزًا على نقطة عدم الحصول على نتائج إيجابية من الأحزاب الأخرى، إلا أن حزبي الشعب الجمهوري والحركة القومية عجزا عن كشف هذه الحيلة، وخطة المماطلة" التي لجأ إليها الحزب الحاكم كانت ناجحة؛ إذ استطاع أن يصف الحركة القومية بــ"المعارض وغير الموافق" على تشكيل الائتلاف، أما الشعب الجمهوري فكان مجرد ممثل صامت في لعبة العدالة والتنمية بدلا من تشكيل لعبته الخاصة به في غضون هذه الفترة، وعلى الرغم من أن حزب العدالة والتنمية هو السبب في توجه البلاد إلى انتخابات مبكرة إلا أنه نجح في إلقاء المسؤولية على عاتق الحركة القومية عن طريق جهوده في إقناع الرأي العام، وبالفعل حمّل الناخب الحزب القومي مسؤولية عدم تشكيل حكومة ائتلافية، ولم يلق بالمسؤولية على العدالة والتنمية.
وفى تقرير لوكالة "جيهان" التركية، رصدت انه في الوقت الذي تسببت فيه أعمال الشغب والفوضى التي قام بها عناصر منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية في تقويض اللهجة السياسية لحزب الشعوب الديمقراطي الكردي، كما خسر حزب الشعوب الديمقراطي من الحفاظ على الأصوات الموجهة إليه.
كما رصد المحللون تركيز حزب العدالة والتنمية على تقديم الوعود الاقتصادية لجميع أطياف المجتمع، والتأكيد على استعادة التنمية والاستثمار قريبا، وانعاش الاقتصاد التركي من خلال حكومة الحزب الواحد والابتعاد عن شبح الحكومة الائتلافية لغياب التوافق الحزب، وهو ما سيكون اشكالية كبيرة للحزب ما لم يتم تعديل الأوضاع الاقتصادية بشكل عاجل يشعر به الناخب.
وهناك تحديات خارجية ستواجه العدالة والتنمية للتفاعل معها، وأبرزها القضية السورية وتنامى نفوذ تنظيم داعش الإرهابي وأمن الحدود والمناطق الموحدة الخاضعة لإدارة الأكراد في شمال سوريا وقضية الأكراد، وكذلك الموقف من روسيا وخاصة في الزمة السورية، في ضوء ميول أردوغان للموقف الغربي، واستغلال عضوية تحالف حلف الأطلسي في التقرب من الغرب في موقفهم العدائي تجاه روسيا والحصول على مكتسبات عديدة.
وفى الوقت نفسه كان من اللافت للنظر هو اصرار الحزب واردوغان على الدعوة لانتخابات ثالثة مبكرة لو فشل العدالة والتنمية في الحصول على الاغلبية المطلوبة، وهو ما برز في تصريحات محمد علي شاهين نائب رئيس الحزب عندما قال "إن لم ينفرد حزبنا بالحكم ستشهد تركيا انتخابات جديدة".

من ناحية أخرى، وتأكيدا على المخاوف الغربية من القمع الأردوغانى ضد الصحافة والاعلام والمعارضة، كشفت تقارير غربية أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما ينوي الحديث عن تدخلات الحكومة التركية في حرية الصحافة خلال الأشهر الأخيرة أثناء قمة مجموعة العشرين التي ستُعقد يومي 15 و16 نوفمبر الجاري في مدينة أنطاليا وأن ذلك أدى إلى ظهور أزمة بين واشنطن وحزب العدالة والتنمية، والاشارة إلى أن أوباما قرر الحديث في مؤتمر صحفي عن وضع الإعلام التركي، وأن البيت الأبيض يحاول إثناء أنقرة عن فرض الرقابة على الصحفيين المعارضين، وبالرغم من أن حزب العدالة والتنمية قد لا يسمح سوى للصحفيين الموالين له بحضور المؤتمر، إلا أن واشنطن تبحث عن طريقة بديلة ليتابع المؤتمر الصحفيون المعارضون أيضًا.