استنفار أوروبي بعد أحداث باريس الدامية.. وقرارات أمنية لملاحقة الإرهابيين

السبت 14/نوفمبر/2015 - 05:42 م
طباعة استنفار أوروبي بعد
 
استنفار أوروبي بعد
رفعت العواصم الغربية درجات التأهب الأمني بعد أحداث باريس الدامية، في ضوء تبني تنظيم داعش الإرهابي مسئوليته عن الحادث، في الوقت الذي تبحث فيه السلطات الفرنسية اتخاذ مزيد من الخطوات التي يمكن من خلالها مواجهة هذا الحادث، وملاحقة الإرهابيين، وتشديد الإجراءات الأمنية، بعد أن أصدر تنظيم داعش بيانًا أكد فيه أنه "قام ثمانية إخوة ملتحفين أحزمة ناسفة وبنادق رشاشة باستهداف مواقع منتخبة بدقة في قلب عاصمة فرنسا، منها ملعب "دي فرانس" أثناء مباراة فريقي ألمانيا وفرنسا، ومركز باتاكلون للمؤتمرات، وأهدافًا أخرى."
ويرى محللون أن لهذه العملية تداعيات كبيرة على مختلف الأصعدة، وسيكون لهذه الجريمة نتائج سلبية على محادثات فيينا بشأن الأزمة السورية، وكذلك تدفق اللاجئين إلى أوروبا، وخاصة إلى  فرنسا، والحرب على الإرهاب وخاصة تنظيم داعش في سوريا.
من جانبه أكد الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند أنه سيتحدث إلى البرلمان يوم الاثنين في اجتماع طارئ، والإعلان عن كثير من التفاصيل لمواجهة هذه التطورات لمحاصرة الإرهاب، بعد مقتل أكثر من 140 مواطنًا وإصابة أكثر من 200.
وتم تعليق كل الأنشطة الرياضية في باريس وألغى فريق يو تو لموسيقى الروك حفلا، كما تم إيقاف خدمات قطارات الأنفاق في باريس، وصدرت أوامر بإغلاق المدارس والجامعات والمباني البلدية ، مع استمرار بعض خدمات السكك الحديدية والطيران.
استنفار أوروبي بعد
توجه أولاند فيما بعد إلى مكان أعنف هجومًا في العاصمة وهو قاعة باتاكلان، وتوعد بأن تشن الحكومة حربًا "لا هوادةَ فيها" على الإرهاب، وتمت تعبئة أجهزة الطوارئ، وألغيت إجازات الشرطة، وتم استدعاء 1500 فرد من تعزيزات الجيش إلى منطقة باريس، واستدعت المستشفيات أطقمها للتعامل مع الضحايا.
وتبث محطات الإذاعة تنبيهات لسكان باريس بضرورة البقاء في بيوتهم وإخلاء الشوارع، وتحث السكان على إيواء أي شخص تَقَطَّعَتْ به السبل في الشارع.
  ويرى متابعون أن هذه الهجمات هي الأسوأ في أوروبا منذ تفجيرات القطار في مدريد عام 2004 والتي قتل فيها 191 شخصًا.
وفي تحليل له، قال المحلل السياسي الألماني بيرند ريجرت: إن الهجمات التي تعرضت لها فرنسا أصابت أوروبا كلها بالصدمة، فهدف الإرهابيين الجبناء ليس فقط هؤلاء الضحايا بشكل عبثي، وإنما استهداف أوروبا كلها، واستهداف جميع الناس المتحضرين، واستهداف البشرية جمعاء، كما عبر عن ذلك الرئيس الأمريكي باراك أوباما.
استنفار أوروبي بعد
وأضاف أنه تحت تأثير الصدمة والغضب، كان علينا رؤية هؤلاء الإرهابيين ينفذون عملياتهم بدقة ويقتلون دون تمييز، فرنسا، أوروبا، العالم أجمع، عليه أن يقف وينهض ليرد، ومنفذو الهجوم  يجب محاربتهم بجميع الوسائل، القوى الخفية، والزعامات الدينية للقتلة الدنيئين، سواء كانوا في العراق أو سوريا أو أينما كانوا، يجب العثور عليهم والقضاء عليهم على وجه السرعة. 
وأشار إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وحتى ربما حلف الناتو بقواته الأوروبية، كل هؤلاء عليهم مجتمعين محاربة تنظيم "داعش" الإرهابي في العراق وسوريا، وذلك على وجه السرعة، وأنه بعد هجمات باريس في يناير الماضي شارك ساسة جميع الدول في مسيرة التضامن في خطوة مؤثرة، وكانت التفاتة جيدة، لكنها لم تعد كافية؛ إذ يبدو أن القتلة الذين لا ضمير لهم، لا يفهمون سوى لغة العنف.
ونوه إلى أن تجنيد المقاتلين المحتملين المستعدين للعنف بين أوساط الشباب الأوروبي من قبل التنظيم الإرهابي، والآن بات من الملح جداً أن نواجه التطرف بجهود أكبر، وعندما يذهب مواطنون أوروبيون إلى سوريا أو العراق، لتلقي تدريبات تجعلهم جهاديين، فعلى الأقل يجب منع هؤلاء من العودة إلى أوروبا بجميع الوسائل، موضحًا أنه يجب وضع جميع الخلافات الثنائية بين الدول جانباً الآن، إذ بات الجمع مستهدفين من قبل الإرهاب، فقد واجهت روسيا يوم الجمعة تحذيرات بوقوع هجمات إرهابية محتملة، وتركيا وقعت في مرمى الإرهابيين في أكتوبر الماضي، بينما كانت مدريد مسرحاً لعمليات إرهابية عام 2004 وبعدها لندن عام 2005، لا أحد يعرف بدقة عدد الخلايا النائمة والخلايا الإرهابية المتواجدة في أوروبا والولايات المتحدة، بانتظار ساعة الصفر، ويمكن للأسرة الدولية مواصلة اهتمامها بمصير الرئيس السوري بشار الأسد، لكن بعد أن يتم كسر شوكة تنظيم "داعش"، إضافة إلى أزمة اللاجئين باتت أوروبا تواجه الآن أزمة الإرهاب، كتحد لم يكن في الحسبان؛ لذا على أوروبا الآن أن تظهر قدرتها على الاصطفاف والعمل سوية، فأمن جميع مواطناتها ومواطنيها بات اليوم عُرْضة خطر.. العيش المشترك الآمن بات في خطر.
استنفار أوروبي بعد
من جانبه أكد الخبير التقني ديفيد لي أن تأثير هجمات باريس أصبح واضحًا للجميع، ونحن نذكر مرة أخرى كيف يمكن لشبكات الإنترنت وخاصة مواقع وسائل الإعلام الاجتماعية في التعامل مع الأحداث الإرهابية، موضحًا أن هذه المواقع كان لها دور كبير في الكشف عن كثير من التطورات المتعلقة بهذه الأحداث الإرهابية، واقتحام الشرطة للمسرح بناء على استغاثة الرهائن.
وأوضح في تحليل له لموقع الـ BBC أن مواقع التواصل الاجتماعي كان لها دور في بث رسائل طمأنة من الرهائن لذويهم، والاستفادة من هذه التقنية في الكشف عن كثير من التفاصيل التي ما كانت ستصل لوسائل الإعلام بدون ما تناقلته هذه المواقع.
وتماشيًا مع ما سبق، استعان الباريسيون بتويتر في محاولة لمساعدة المتواجدين في المناطق التي شهدت هجمات إرهابية ليل الجمعة أو في الشوارع القريبة من منازلهم، والبعض من المارة طلب المساعدة بالفعل مرسلًا عنوان تواجده.
وفي هذا السياق  تدرس الدول الأوروبية تشديد الإجراءات الأمنية على حدودها، وتقييد حرية التنقل للأجانب، في ضوء استمرار تهديدات تنظيم "داعش" لروسيا ودول أخرى بشن هجمات على أراضيها "قريبا جدًّا"، والتأكيد على مواصلة استهداف الدول المشاركة بالحرب على داعش في سوريا حتى تتوقف هذه العمليات.

شارك