في بيانه الختامي "مؤتمر تجديد الخطاب الديني": آليات تفكيك فكر التطرف
الإثنين 16/نوفمبر/2015 - 06:30 م
طباعة


رغم ان المؤتمر الدولي العام الخامس والعشرين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية لم يأتي بجديد ولا بتجديد للخطاب الديني لأسباب كثيرة من أهمها الابتعاد عن فقه الواقع وعدم الاعتراف بأهمية مراجعة كتب التراث التي تحض على التطرف وعدم اتباع المناهج العلمية الحديثة في مناقشة قضايا التراث ما جعل القائمين على شأن المؤسسات الدينية وبالتالي المتصدرين لمشهد تجديد الخطاب والفكر يعيدون انتاج القضايا القديمة والاجوبة القديمة بغض النظر عن تاريخية الفكر الا انه في ختام المؤتمر امس الأحد 15 نوفمبر 2015، والذي حضره شيخ الأزهر، ووزير الأوقاف بمصر، ووزراء أوقاف ومفتون وعلماء من 70 بلد إسلاميا، قاموا بإصدار بيان ختامي للمؤتمر الذي استمرت فعالياته يومين.
وجاء في البيان الختامي: "اجتمعت كوكبة من علماء الأمة ومفكريها في المؤتمر الدولي العام الخامس والعشرين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية الذي عُقد بمدينة الأقصر يومي 14 و15 من شهر نوفمبر الجاري، وتدارسوا خلال اجتماعاتهم ما يمر به العالم في الآونة الأخيرة من أزمات سياسية وأمنية وفكرية، نتجت عنها ممارسات خاطئة، وظواهر مقيتة كالإرهاب والعنف والتطرف الفكري ، مما يهدد الأمن والسلم العالمي ، ويضرب استقرار كثير من الدول والمجتمعات الإنسانية في مقتل.
وانطلاقًا من المسئولية الشرعية والوطنية والإنسانية الملقاة على عاتق العلماء والمفكرين، وبعد جلسات علمية وحوارية ونقاشية مطولة، انتهى المجتمعون إلى تقرير ما يأتي:
أولاً : أهم أسباب التطرف والغلو :

1- الانغلاق , والجمود ، والتقليد الأعمى ، وسوء الفهم ، والوقوف عند حرفية النصّ ، والابتعاد عن فقه المقاصد والمآلات، وعدم فهم القواعد الكلية للتشريع ، وإتاحة الفرصة لتصدر غير المؤهلين وغير المتخصصين لبعض جوانب المشهد الدعوي .
2- متاجرة بعض الجماعات والتنظيمات بالدين , واتخاذه مطيّة لتحقيق مصالح سياسية وحزبية ، مع إيثار مصالح الجماعات والتنظيمات على المصالح العليا للدين والوطن , وغلبة التدين الشكلي والتدين السياسي على التدين الخالص لله (عز وجل) .
3- نجاح بعض القوى الاستعمارية في استقطاب عملاء لها في كثير من الدول العربية والإسلامية ، سواء على وجه المصالح المتبادلة , والوعود الوهمية لبعض الجماعات ، أم عن طريق شراء الذمم والولاءات .
ثانيًا : آليات تفكيك الفكر المتطرف وعلاج أسبابه:

1- التأكيد على قصر الخطابة والدعوة والفتوى على أهل العلم المتخصصين دون سواهم ، وقصر الخطبة على المسجد الجامع دون الزوايا والمصليات ، ودعم موضوع الخطبة الموحدة .
2- العمل على تجفيف منابع التطرف بالجامعات ، وذلك من خلال منع تجنيد الشباب عن طريق حوارات علمية عن الإسلام وروحه السمحة تتسم بالواقعية والموضوعية والعقلانية ، وبما يمس القضايا العصرية مسّا واقعيًا ، وكذلك عن طريق منع تحويل القاعات المخصصة للمذاكرة أو الترفيه بالجامعات والمدن الجامعية إلى زوايا لتجنيد طلاب الجامعات لصالح الجماعات المتطرفة والمتشددة ، والاستعاضة عن ذلك بمسجد جامع في كل جامعة وكل مدينة جامعية يقوم بالإشراف عليه من الناحية الدعوية العلماء المتخصصون من الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف وأئمتها.
3- التحصين المبكر للأطفال والناشئة , والحرص على عدم وقوعهم في أيدي المتشددين ، وبخاصة في مرحلة الروضة والتعليم الابتدائي ، وعدم إسناد تدريس مادة التربية الدينية إلى غير المتخصصين , وعدم تمكين أي من المنتمين للتيارات المتطرفة أو المتشددة من تشكيل عقول أبنائنا في هذه المراحل السنية المبكرة ، مع التوسع في مجال ثقافة الطفل بأعمال هادفة ، مثل مجلة " الفردوس " التي تصدر عن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، ومجلة " نور " التي صدرت أخيرًا عن الرابطة العالمية لخريجي الأزهر الشريف .
4- مواجهة الجماعات المتطرفة بتفكيك شبهاتها والرد عليها بالأدلة العلمية الدامغة ، وذلك عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة ، حتى لا تنطلي هذه الأفكار الضالة المنحرفة على عقول الناس ، وبخاصة النشء والشباب , مع التوسع في الدراسات والبحوث والكتب والمجلات التي تعمل على تفكيك هذا الفكر ، وبخاصة تلك التي تصدر عن الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء المصرية ، مثل كتاب " مفاهيم يجب أن تصحح " الذي أصدرته وزارة الأوقاف المصرية , وتمت ترجمته إلى أربع لغات , هي : الإنجليزية , والفرنسية , والألمانية , والسواحلية , مع التوصية بترجمته إلى اللغات الأخرى , وأن تكون مادة الثقافة الدينية مقررًا أصيلاً في جميع المراحل التعليمية .
5- ضرورة التنوع الثقافي من خلال الانفتاح على الآخر والتواصل معه ، مع إعداد الموفدين إعدادًا متميزًا وبخاصة في مجال اللغات بما يؤهلهم للتواصل مع الآخر , والتوسع في مجال الترجمة والنشر , والانفتاح والتواصل الثقافي الداخلي على شاكلة "ملتقى الفكر" الذي نظمته وزارة الأوقاف بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة طوال شهر رمضان ، بما يجمع العلماء والمفكرين والمثقفين والأدباء والإعلاميين على مائدة فكرية واحدة , مع التأكيد على أهمية وجود بناء معلوماتي قوي ومحترف يستطيع مواجهة ما ينشر من أفكار هدامة تصحيحًا وتفنيدًا ومراجعة , حرصًا على عقول الشباب وغيرهم من أن تتخطفها أيدي المتشددين.

6- التأكيد على أهمية قيام وسائل الإعلام باستضافة العلماء المتخصصين الذين يحملون الفكر الوسطي المستنير وإبراز فكرهم ، وعدم السماح لحملة الفكر المتطرف والمتشدد أو المتحلل من الوصول إلى الشباب عبر القنوات الإعلامية المرئية أو المسموعة أو المقروءة , مع التركيز على نشر الخطاب الديني الوسطي القائم على عظمة الأخلاق وحسن المعاملة واحترام الآخر وتقديره والابتعاد عن التدين السياسي والتدين الشكلي الظاهري البعيد عن جوهر الدين .
7- تعميق جسور التواصل والتعاون بين الأزهر الشريف ووزارات : الأوقاف ، والتربية والتعليم ، والتعليم العالي , والثقافة ، والشباب والرياضة ، ودار الإفتاء المصرية , والمؤسسات الإسلامية الوسطية بالدول العربية والإسلامية , من أجل تفكيك الفكر المتطرف والقضاء عليه ، وبيان خطورته على الفرد والمجتمع والعالم ، مع العمل على بناء تكتل عربي وإسلامي وإنساني لمواجهة قوى الشر والتطرف والإرهاب .
8- العمل على تحقيق الاجتهاد الجمعي الذي يدعى إليه كبار علماء المسلمين ممن يحملون هموم العالم , ويعملون على حلّ مشكلاته , لينظروا غير هيابين ولا وجلين في القضايا المشكلة والعالقة , خصوصًا ما كان منها متعلقًا بقضية الإرهاب , وتحديد مفهوم دار الإسلام , والالتحاق بجماعات العنف المسلح , والخروج على المجتمع وكراهيته , واستباحة دم المواطنين بالقتل أو التفجير , أو ما كان متعلقًا بحقوق الإنسان والحرية , أم كان متعلقًا بأمور الاجتماع وأولها قضايا المرأة , وتحديد أوائل الشهور العربية بالحساب الفلكي , ومسائل الحج , وبخاصة الإحرام من جده للقادم جوًا أو بحرًا , ورمي الجمرات في سائر الأوقات , وغير ذلك مما يفرضه واجب الوطن وواجب الوقت وحاجة الناس , مع استنهاض الأمة لاستصدار فتاوى تُوجب العمل وتحرّم التقاعس والكسل , شريطة ألا يُفتى في هذه القضايا الدقيقة بفتاوى مجملة ونصوص عامة لا تنزل إلى الأرض ولا تحسم القضية ولا تغير الواقع .
9- الإشادة بإقامة هذا المؤتمر في مدينة الأقصر والتوصية بتكرار التجربة في المؤتمرات المختلفة ، العلمية , والثقافية ، والاقتصادية , وغيرها , في محافظات الجمهورية المختلفة , لتسليط الضوء على ما تحويه مصرنا الغالية بمحافظاتها المختلفة من كنوز حضارية وأثرية وطبيعية وتاريخية ، حيث إن لكل محافظة روحًا خاصة وعبقا خاصًا ، كما أن لها إسهامها في التاريخ المصري والحضارة المصرية , وهو ما يجب الوقوف عليه والتعريف به " .
وكانت مدينة الأقصر قد استضافت على مدار يومي السبت والأحد ، وبرعاية الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ، وحضور فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر ، ووزير الأوقاف بمصر ، الدكتور محمد مختار جمعة ، ومحافظ الأقصر ، الدكتور محمد بدر ، المؤتمر العام الخامس والعشرين ، للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، حول " رؤية الأئمة والدعاة لتجديد الخطاب الديني وتفكيك الفكر المتطرف " والذى احتوى على ثلاثة محاور هي : أسباب التطرف وسبل إزالتها ، وآليات تفكيك المتطرف ،والخطاب الديني بين حتمية التجديد وخطواته ، وترأس جلساته وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة ، وتولى أمانته العامة ، الدكتور محمد على عجيبة ، أمين عام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية .