بعد حظر الحركة الإسلامية.. الإخوان في إسرائيل بين التصعيد والمهادنة
الأربعاء 18/نوفمبر/2015 - 12:00 م
طباعة

قررت الحكومة الأمنية الإسرائيلية المصغرة إعلان الحركة الإسلامية بالداخل في المنطقة الشمالية- فرع جماعة الإخوان المسلمين داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة "الخط الأخضر"- حركة خارجة عن القانون الإسرائيلي ويحظر التعامل معها كما يحظر عليها ممارسة أي نشاطات.
حظر الحركة الإسلامية

فقد أعلنت الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني، الثلاثاء 17 نوفمبر، تلقيها أمرًا من الشرطة الإسرائيلية، بحظر نشاطها.
وقال بيان صادر عن الحركة: "تلقت العديد من مؤسسات الحركة الإسلامية أوامر بحظر نشاطها؛ حيث اقتحمت قوات كبيرة من الشرطة الإسرائيلية والوحدات الخاصة، مؤسسات تابعة للحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني".
وأضاف: "علم حتى اللحظة اقتحام مؤسسات في أم الفحم ومدينة يافا، وأن المؤسسات المقتحمة هي: كيوبرس ومجمع ابن تيمية، وعمارة الشافعي؛ حيث مقر صحيفة صوت الحق والحرية، وموقع فلسطينيي 48، كما اقتحمت القوات الإسرائيلية منزل نائب رئيس الحركة الإسلامية الشيخ كمال خطيب في كفر كنا، وأخطرته بالمثول للتحقيق".
من جهته، اعتبر رئيس الجناح الشمالي من الحركة الشيخ رائد صلاح أن هذه الإجراءات تعتبر ظالمة ومرفوضة، وأن الحركة ستبقى قائمة ودائمة.
وكان المجلس الوزاري المصغر للشئون السياسية والأمنية الإسرائيلية قد قرر مساء الاثنين الإعلان عن الجناح الشمالي من الحركة الإسلامية حركة غير قانونية.
وصرح رئيس الوزراء بنيامين ناتنياهو أن "القرار اتخذ بهدف وقف التحريض الخطير الذي تمارسه هذه الحركة تفاديًا للمساس بحياة المواطنين الأبرياء".
ماذا يعني القرار؟

يعني هذا القرار أن أي شخص ينتمي إلى هذه الحركة من الآن فصاعدًا أو يقدم لها خدمات يعتبر مخالفًا للقانون، وقد يتعرض إلى عقوبة السجن.
وقالت الحكومة الإسرائيلية في بيان: إن "أي شخص ينتمي إلى هذه الحركة أو يقدم خدمات لها أو يعمل في إطارها- بات يرتكب جريمة عقوبتها السجن"، مضيفةً أن السلطات صادرت كل ممتلكات الحركة.
وفي أعقاب قرار المجلس الوزاري داهمت قوات من الشرطة مكاتب ومقرات 17 مؤسسة تنتمي إلى الجناح الشمالي من الحركة، كما تم تجميد حسابات مصرفية تابعة لها.
واستدعت السلطات الإسرائيلية ثلاثة من قادة الحركة الإسلامية للتحقيق معهم في مركز شرطة حيفا، وهم رئيس الحركة الشيخ رائد صلاح ونائبه الشيخ كمال الخطيب ومسئول ملف القدس والأقصى في الحركة الإسلامية سليمان أحمد.
وفي تعليق لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو قال: "على الدولة الديمقراطية أن تدافع عن نفسها. عليها أن تحمي نفسها من كل من يسعى إلى تقويضها. إن الجناح الشمالي للحركة الإسلامية في إسرائيل يعمل ضد الدولة. إنه يحرض على العنف ضد مواطنين أبرياء، ويقيم علاقات وطيدة مع حركة حماس الإرهابية ويقوض الدولة من الداخل بهدف إقامة خلافة إسلامية بدلًا منها".
وكان لدى رئيس الشاباك يورام كوهن تحفظات خلال جلسة مجلس الأمن حول قرار الحظر قائلًا: إنه لا يوجد لدى الشاباك معلومات استخباراتية أو أدلة تربط بشكل مباشر بين الحركة الإسلامية ونشاطات إرهابية، بحسب تقرير صحيفة هآرتس.
دعوات للإضراب

ولاقى قرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي رد فعل مضاد من قبل القوى السياسية العربية داخل الخط الأخضر؛ حيث دعت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، وهي جهاز ناشط للدفاع عن حقوق العرب في إسرائيل إلى إضراب شامل الخميس القادم، ووقفة احتجاجية الجمعة على مفارق الطرق.
وقال رئيس اللجنة وعضو الكنيست السابق محمد بركة: "إن قرار حظر الحركة الإسلامية هو قرار سياسي وليس قرارًا أمنيًّا، حتى إن جهاز الشاباك (الأمن الداخلي) معارض للحظر، وبالطبع نحن لسنا معهم، لكن ذلك يؤكد عدم وجود سبب أمني".
واعتبر أن الحظر يعكس "مصالح سياسية لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو".
في تعليق على إعلان الحكومة، قال عضو الكنيست طلب أبو عرار عن القائمة العربية المشتركة: إن إسرائيل "أعلنت الحرب على الوسط العربي في إسرائيل، وعلى إسرائيل تحمل العواقب".
وقال أبو عرار للإذاعة الإسرائيلية: إن "الحركة الإسلامية" غير مسئولة عن موجة العنف الأخيرة. وحمل سياسات رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو بشأن الحرم القدسي مسئولية التسبب بـ"الانتفاضة الثالثة".
فيما أصدرت الحركة الإسلامية (الجنوبية)، بخصوص إخراجها عن القانون قالت فيه: إن "حكومة العدوان والفاشية الإسرائيلية أقدمت على تنفيذ مخططها بإعلان الحركة الإسلامية برئاسة الشيخ رائد صلاح تنظيما غير قانوني، وقامت بمداهمة وتفتيش مؤسساتها، ومصادرة ممتلكاتها واستدعاء عدد من الإخوة للتحقيق، منهم الشيخ رائد صلاح والشيخ كمال خطيب، وغيرهما من الإخوة قيادة الحركة الإسلامية الجناح الشمالي".
وأضافت أنه "تابعنا إجراءات وزارة الحرب الإسرائيلية الهمجية والمستنكرة منذ ساعات الليل، وقمنا بالتواصل مع الإخوة في الحركة الإسلامية الشمالية، وكذلك برئيس وأعضاء لجنة المتابعة للتصدي السريع لهذه الهجمة الشرسة على كل أبناء وقيادات وقوى شعبنا الفلسطيني في الداخل".
واستنكرت الحركة الإسلامية (الجنوبية) قرار حكومة إسرائيل الباطل، وتؤكد أنه لن يترتب عليه إلا المزيد من التمسك بثوابتنا الدينية والوطنية، وبمقدساتنا وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك، ولن يرهبنا عدوان إسرائيل عن أن نقوم بواجبنا تجاه قضايانا العادلة. ولن يزيدنا قرار حكومة إسرائيل إلا وحدة في الموقف ورصًّا لصفوفنا، ولن تستطيع إسرائيل وسياساتها تفريقنا، ولا الاستفراد بأحدنا، وسيكون مثلنا مع إخواننا في الجناح الشمالي لحركتنا المباركة، كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.
الحركة الإسلامية "الجناح الشمالي"

تأسست الحركة الإسلامية في إسرائيل على يد الشيخ عبد الله نمر درويش من مدينة كفر قاسم بالقرب من تل أبيب في أواخر السبعينيات، وتستمد فكرها من فكر الإخوان المسلمين.
وبدأ درويش الدعوة الدينية بعد أن التحق لدراسة الشريعة بالمعهد الديني في مدينة نابلس العام 1971، وبدأ بث الدعوة في أوساط الشباب. وفي 1979 تأسس تيار ديني من وحي هذه الدعوة سمي "التائبين". وقام أعضاء هذا التيار بتأسيس منظمة سرية شبه عسكرية باسم "أسرة الجهاد" دعت إلى تحرير فلسطين بالجهاد المسلح وإعلان حرب اقتصادية على إسرائيل.
واتهمت إسرائيل المجموعة بإحراق ممتلكات يهودية، وسجن على إثرها الشيخ درويش لمدة ثلاث سنوات. عمل بعد الإفراج عنه على تركيز نشاط حركته على البنية التحتية الاجتماعية، فشكلت الحركة شبكة من عشرات الجمعيات والروابط القانونية، وأسست رياض أطفال وعيادات ونوادي رياضية وكلية دينية في كفر قاسم، وقرى وبلدات المثلث التي يسكن فيها مسلمون فقط.
وصارت الحركة الإسلامية توجه كوادرها لدراسة الشريعة في مدينتي نابلس والخليل في الضفة الغربية. ويقول قادة الحركة إنهم يعملون في إطار القانون الإسرائيلي، ولكن في بعض الأحيان تمت محاكمة قادتها بتهمة التعاون مع عناصر مضادة للدولة مثل حركة حماس أو القيام بفاعليات غير قانونية.
وشاركت الحركة الإسلامية عام 1989 في انتخابات المجالس المحلية العربية في إسرائيل وحصلت على رئاسة خمسة مجالس.
انشقت الحركة الإسلامية بعد توقيع معاهدة أوسلو إلى شقين عام 1996، واحد يمثله الشيخ عبد الله نمر درويش، وهو تيار براجماتي يحاول الوصول للتعبير عن رأيه داخل الكنيست ويسمى الجناح الجنوبي ويرأسه الآن الشيخ حماد أبو دعابس. وحصلت الحركة في انتخابات الكنيست الأخيرة في مارس الماضي ضمن مشاركتها في القائمة العربية المشتركة على ثلاثة مقاعد في الكنيست. وتربط الحركة علاقات وطيدة بالسلطة الوطنية الفلسطينية.
بينما يقود التيار المتشدد أو الجناح الشمالي الذي لا يؤمن بالمشاركة في البرلمان الإسرائيلي الشيخ رائد صلاح الذي درس الشريعة في مدينة الخليل. علما أن هذا الجناح يسعى إلى الحصول على مقاعد في المجالس المحلية؛ ليكون قريبًا من القاعدة الشعبية.
والشيخ رائد صلاح من مدينة أم الفحم. خدم والده في سلك الشرطة الإسرائيلية حتى وفاته. ولديه أخ يعمل محققًا، وآخر مدعيًا عامًّا لدى الشرطة الإسرائيلية. انتسب هو نفسه مدة ستة أشهر إلى كلية الشرطة قبل أن يقرر دراسة الشريعة.
وتدعو الحركة سنويًّا إلى إقامة مهرجان الأقصى الذي يتم خلاله جمع تبرعات هائلة. كما تدعو إلى إقامة التظاهرات التضامنية مع المسجد الأقصى. وأغلقت السلطات الإسرائيلية مرارًا مؤسسات اجتماعية تابعة للجناح الشمالي بحجة دعمها لحركة حماس المحظورة في إسرائيل.
واعتقل صلاح وعدد من قادة الحركة وناشطيها مرات عدة بتهم التحريض وبتهم أخرى.
للمزيد عن رائد صلاح اضغط هنا
مستقبل الإخوان

حظر الحركة الإسلامية "الجناح الشمالي" أو الدخول في مواجهات قانوينة، مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي ليست أول مرة، منذ انشقاق الحركة إلى شمال وجنوب، وتشهد الحركة الإسلامية "الجناح الشمالي" تصعيدًا بينها وبين حكومة تل أبيب من وقت إلى آخر.
ففي 5 سبتمبر 1999 وقع حادثَا تفجير في مدينتي طبريا وحيفا؛ حيث انفجرت سيارتان مفخختان قيل: كان يقودهما أشخاص من سكان قريتي دبورية والمشهد في الجليل الأعلى، اتهمتهم الشرطة الإسرائيلية بالانتماء للجناح الشمالي من الحركة الإسلامية (بزعامة الشيخ رائد صلاح)، ومنذ ذلك الحين بدأت موجة من الخطوات ضد الجناح الشمالي من قبل أجهزة الأمن الإسرائيلية.
الحظر سيؤدي إلى معوقات في نشطات الحركة ومؤسساتها الكبيرة والتي تتخطى الـ17 مؤسسة ما بين تعليمية وخيرية، وإعلامية، ونشطات دينية.
وتبقى حكومة نتانياهو تترقب رد فعل الجماهير العربية لترى هل سيكون غضبًا واستنكارًا ليومين أو ثلاثة لتعود الحياة بعدها كما كانت قبلها، أم أن الجماهير العربية ستفهم وتعي أن مستقبل وجودها مرهون بوقفة ثابتة أمام هذا الحكم العسكري الجديد موديل 2015؟
كل المؤشرات تشير إلى أنه لن يكون هناك تصعيد بتبني العنف من قبل أعضاء الحركة الشمالية، تماشيًا مع الأوضاع الإقليمية والدولية والحرب على الإرهاب، خاصة بعد تفجيرات باريس.
وفي حالة التصعيد فإن حكومة نتانياهو قد تضمن التهدئة عبر النواب العرب في الكنسيت الإسرائيلي؛ مما يؤدي إلى تحقيق تل أبيب أهدافها من الحظر بعرقة نشاط الحركة الإسلامية.. فهل سيصعد الإخوان المسلمون في إسرائيل أم سيختارون المهادنة؟