التجنيد الإجباري للشباب السوري "وقود" معركة النظام والمعارضة المُسَلَّحة

الأربعاء 18/نوفمبر/2015 - 03:09 م
طباعة التجنيد الإجباري
 
 دائمًا ما يبحث أطراف الصراع في سوريا عن وقود لمعركتهم المستعرة منذ 4 سنوات.. النظام السوري لديه أساليبه التقليدية في جذب المقاتلين له من خلال التجنيد الإجباري للشباب السوري، بينما المعارضة المسلحة تلجأ إلى استمالتهم من خلال دعوات الجهاد، وكلاهما في النهاية يتعامل معهم على أنهم "وقود" للمعركة التي لا تنتهي. 
التجنيد الإجباري
 فبعد أن قام النظام السوري بتوزيع نشرة على الأفرع الأمنية بأسماء 80 ألف شاب مطلوب لخدمة الاحتياط في الجيش، قبل حوالي الشهر، وبدأ فعلا في سحب الشباب من مواليد 1981 وحتى مواليد 1991 م للخدمة في قوات الجيش العربي السوري خرج زهران علوش قائد جيش الإسلام الذي يعد من أقوى القادة العسكريين في الفصائل السورية المسلحة قاطبة والعدو اللدود لتنظيم داعش الدموي بعد أيام من إشاعة مقتله يدعو الشباب السوري للانضمام لفصائل الثوار تجنبًا لتجنيد النظام لهم.
وقال: "أدعو كافة أهلنا في المناطق المحتلة أن يرتحلوا إلى المناطق المحررة تجنبا للتجنيد الإلزامي الذي يفرضه النظام على أبنائنا ويزج بهم لقتال المجاهدين، فالموت بقذائف الحقد الأسدي خير وأشرف من الموت برصاص المجاهدين".
التجنيد الإجباري
 حديث علوش كشف عن السياسية التي ينتهجها النظام السوري   والمعارضة لتعويض الخسائر التي مني بها كلا الطرفين خلال اشتباكات في الأشهر السابقة، ويتهرب العديد من الشبان السوريين القاطنين في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام من التجنيد الإجباري مستخدمين شتى الوسائل الممكنة للحيلولة دون التحاقهم بالخدمة العسكرية، منها الخروج في تظاهرات احتجاجية، على الرغم من أن معظمهم موال للجيش.
ويعتمد النظام بشكل خاص على تجنيد الشبان الدروز والمسيحيين والعلويين والإسماعيليين، انطلاقًا من كون المناطق التي خرجت عن سيطرته منذ بدء النزاع معظمها ذات غالبية سنية وتشعر هذه المكونات اليوم بأنها تدفع ثمنًا باهظًا لدعم بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة، وهو ما أكدت عليه سما نصار الناشطة الحقوقية في محافظة اللاذقية معقل الأقلية العلوية التي ينتمي إليها الأسد "حتى لو كان الناس في المناطق الموالية يؤيدون النظام والجيش لكن أقلية منهم تريد الالتحاق بخدمة العلم".
التجنيد الإجباري
ويرى جوشوا لانديس مدير مركز الأبحاث للشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما الأمريكية أنه في موازاة حرب الاستنزاف التي تغرق فيها سوريا لا بد للنظام من أن يلجأ إلى ممارسة المزيد من الإكراه لسد النقص في صفوف الجيش، "وهو ما أكدت عليه تقارير ميدانية بأن النظام الحاكم يفرض منذ عام 2013، تجنيدًا قسريًّا في صفوف الشباب، في ظل الخسائر التي يعاني منها الجيش الذي تكبد على مدار أكثر من 4 سنوات ويمارس النظام السوري شتى أنواع التهديد والمضايقات في حال رفض الشاب الالتحاق بجبهات القتال، فيما تجد عائلته نفسها في مواجهة موجة من المساءلات؛ ما دفع جزءًا كبيرًا من الشباب إلى الهروب من فترة الخدمة العسكرية التي تمتد لعامين من حيث المبدأ، لكن يمكن أن تطول لمدة أكثر إذا تطلب الوضع ذلك.
 وكشف العديد من التقارير عن أن 80 ألف عنصر من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، بينهم 47 ألف عسكري، قتلوا في النزاع الذي أدى إلى مقتل أكثر من 220 ألف شخص. 
التجنيد الإجباري
وعلى الجهة الأخرى تلجأ الفصائل المسلحة أيضًا إلى التجنيد الإجباري الذي لا يعد، حكراً على جيش النظام السوري فقط، بل تنظيم "داعش" دخل على الخط أيضاً، وبدأ بالإعلان عن الأمر في مدينة الرقة، ما يضع آلاف الشباب السوريين، أمام خطر السحب إلى قوات التنظيم، والارتباط بالأحزمة الناسفة، وركوب المفخخات!
ففي خلال شهر ديسمبر 2015م، عمّم التنظيم قراراً، على القطاع الشمالي لمحافظة الرقة، شمال سوريا، مطالباً الشباب، المتجاوزين حاجز الـ14 سنة، بالتوجه إلى أقسام الشرطة التابعة له، لتسجيل أسمائهم، تمهيداً لضمهم، إلى قواته، وبعدما أصدر التنظيم تعميمه، بالتجنيد الإجباري في صفوفه، هدد الأهالي، ومن يخالفونه، بعقوبة "المحاسبة الشرعية"، التي تبدأ بتكفير المخالف، وهو ما يشرع القتل، وتنتهي في أحسن الظروف، بدورة شرعية مطولة، تصل به، إلى مبايعة داعش مكرهاً أو مصادرة أملاكه.
ومن جهة ثالثة هناك تجنيد من نوع آخر؛ حيث بدأ لواء ثوار الرقة التابع للجيش الحر والمنضوي في غرفة عمليات "بركان الفرات" في الآونة الأخيرة بسياسة مشابهة لسياسة الوحدات الكردية المتحالف معها في تجنيد شبان المناطق التي يسيطر عليها شمالي محافظة الرقة إجبارياً.
التجنيد الإجباري
وقال "محمد الصالح"، عضو حملة "الرقة تذبح بصمت": إن اللواء أبلغ عدداً من القرى العربية في ناحية "عين عيسى" بضرورة تقديم شابين من كل قرية للقتال في صفوفه، علماً أن عدد سكان كل قرية لا يتجاوز المئة نسمة، بعد موجة التهجير التي طالت قرى هذه المناطق، وإلا فإن اللواء سيجبر أهالي هذه القرى على تأمين ثمن بنقية آلية مقابل كل شاب يرفض الالتحاق، وأن القائد العسكري للواء ثوار الرقة "أبو حيدر" قام بنفسه تبليغ أهالي هذه القرى بالقرار ويتولى بنفسه جمع ثمن السلاح أو إلحاق الشبان بوحداتهم العسكرية.
ومن تلك القرى التي شملها القرار "الخالدية، طماميح، العوض، صيدا، الهوشان، دغيلب" وكامل قرى منطقة عين عيسى الواقعة غرب مدينة تل أبيض، والتي يتمركز فيها عناصر لواء ثوار الرقة وغرفة بركان الفرات، ويقدر المبلغ المتوجب على أهالي تلك القرى دفعه بحوالي ثلاثمئة ألف ليرة سورية ما يوازي ألف دولار أمريكي مقابل كل شاب يرفض الالتحاق.
التجنيد الإجباري
ونقل ناشطو الحملة عن بعض سكان المنطقة رفضهم لمثل هذه الأساليب، وقال أحدهم إنه سيرحل مع عائلته إلى تركيا في حال وقوع الاختيار على ولده، فليس لديه القدرة على افتدائه بثمن بندقية.
ويعد لواء ثوار الرقة هو الفصيل الوحيد من الرقة الذي يقاتل تنظيم "داعش" وعناصره هم من أبناء الرقة، وانتسبوا للواء لقناعتهم بقتال النظام وتخليص الرقة من تنظيم "داعش" الذي أجبرهم على الخروج منها، ولم يتم إجبارهم على الالتحاق بصفوف اللواء، ولم تكن سياسة اللواء تنص على التجنيد الإجباري، أما الآن فتشريعات الإدارة الذاتية لحزب الاتحاد الديمقراطي PYD بدأت تتفشى في قرارات اللواء لإجبار الناس على الالتحاق بصفوفهم.
كما تنتهج الوحدات الكردية التابعة لحزب PYD سياسة التجنيد الاجباري في المناطق التي تسيطر عليها منذ أعوام، وتجبر الميليشيات التابعة للحزب كل عائلة بتقديم شاب أو فتاة منها للخدمة في صفوف الوحدات، في حين يعفى من الخدمة الوحيد لأهله، والأسر التي لديها أبناء في قوات "الأسايش" وقوات الحماية، كما يعفى أعضاء حركات التحرر الوطني الكردستانية. 
 وفي
التجنيد الإجباري
الجيش السوري الحر لم يعد يعتمد على الجنود على المنشقين لزيادة أعداد مقاتليه، فقد عمدت العديد من الكتائب التابعة له والمنتشرة في المدن والقرى السورية الواقعة تحت سيطرة النظام إلى فتح مراكز تجنيد للشباب الراغبين في الانضمام له لمحاربة النظام السوري، وقام بتأسيس عدد كبيرًا من المراكز في المدن السورية لتسهيل انضمام الشباب السوري إلى القطع العسكرية التابعة له، وإن الهدف الرئيسي لهذه المراكز هو تغطية المدن والقرى التي لا يزال نظام الأسد يسيطر عليها.
ويقول مسئول عن أحد مراكز التجنيد في مدينة اللاذقية: إن «المركز عبارة عن بيت لأحد مناصري الثورة، ونقيم شبكة اتصال وتنسيق مع الشباب المقيمين في المنطقة، تحديدًا الراغبين في الالتحاق بصفوف المقاومة المسلحة ضد نظام الأسد، ويتم تجميع الشباب وتوزيعهم على المناطق المشتعلة وفقًا للحاجة، وإن معظم الشباب الذين يتم تجنيدهم في مدينة اللاذقية يتوجهون إلى جبل الأكراد والقرى المحيطة به، وإن الجيش الحر في تلك المناطق يحتاج إلى أعداد كبيرة من المنضمين لمقاومة النظام الأسدي، وهذه المراكز غير الثابتة والتي يتم تغيير أماكنها بشكل يومي تم استحداثها بعد عسكرة الثورة".
التجنيد الإجباري
وقال ضابط في الجيش السوري الحر: "إن هذه الاستراتيجية تم اتباعها في المدن السورية الواقعة تحت سلطة نظام الرئيس بشار الأسد؛ لأن الشباب المنتفض في هذه المناطق لا يستطيع التواصل مع الثوار في المناطق الأخرى؛ بسبب التضييق الأمني الشديد وليس الهدف من هذه المراكز تجنيد الشبان بشكل إجباري، على غرار ما يفعل نظام الأسد؛ لأن المناطق التي أقيمت فيها المراكز تقع تحت سطوة النظام، وبالتالي لا نستطيع أن نجبر أحدًا على الالتحاق بنا، وأن الثورة تحظى بتأييد جميع الناس، وهناك رغبة عارمة عند الشباب في الانضمام إلى كتائب الجيش السوري الحر، فلا داعي أبدًا لإجبار أحد"
التجنيد الإجباري
مما سبق يتضح لنا أن سياسة التجنيد الإجباري للشباب السوري ليست قاصرة على النظام السوري، وإنما هي خط "قمعي" لجميع أطراف الصراع السوري في محاولة للبحث عن وقود لمعركتهم المستعرة منذ 4 سنوات، فبجانب النظام السوري وأساليبه التقليدية نجد المعارضة المسلحة تلجأ إلى استمالتهم من خلال دعوات الجهاد والتكفير وكلاهما في النهاية يحولهم إلى "وقود" لمعركة لا تنتهي. 

شارك