مجلس حكماء المسلمين "منارة" الاعتدال في مواجهة التطرف

الأحد 22/نوفمبر/2015 - 05:28 م
طباعة مجلس حكماء المسلمين
 
 يعد مجلِس حُكَماء المُسلمين الذي تأسيس في 19 يوليو عام 2014م واتخد من العاصمة الإمارتية أبوظبي مقرًّا له- أحد أهم منارات الاعتدال التي يقودها الأزهر الشريف في العالم الإسلامي؛ من أجل نشر سياسة الاعتدال والتسامح في مواجهة التطرف والعنف. 
مجلس حكماء المسلمين
 ويهدف مجلس الحكماء إلى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، وتجميع ثلة من علماء الأمة الإسلامية وخُبَرائها ووُجَهائها ممن يتسمون بالحكمة والعدالة والاستقلال والوسطيَّة، للمساهمة في تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، وكسر حدَّة الاضطراب والاحتراب التي سادت مجتمعات كثيرة من الأمَّة الإسلاميَّة في الآونة الأخيرة، وتجنيبها عوامل الصِّراع والانقسام والتشرذُم. يعتبر المجلس- الذي يتخذ من العاصمة الإماراتية أبوظبي مقراً له- أول كيان مؤسسي يهدف إلى توحيد الجهود في لم شمل الأمة الإسلامية وإطفاء الحرائق التي تجتاح جسدها، وتهدد القيم الإنسانية، ومبادئ الإسلام السمحة، وتشيع شرور الطائفية والعنف التي تعصف بالعالم الإسلامي منذ عقود.
 وقد أجمَعَ مؤسسوه على ضرورةِ تشكيل تيَّارٍ فاعل يتَصدّى لتيَّار العُنف والإرهاب، من خِلال فعلٍ جماعي قَويٍّ ومُنظَّمٍ يلمُّ شملَ الأمَّة ويُوحِّد جهودَ أهلِ العلم والحِكمة، ويُواكِب تطوُّرات الواقع بكلِّ تفاصيله، ليُقدِّمَ للعالمين رُؤًى مُستنيرةً مُقتبَسةً من الهديِ الإلهي، ومُستفادةً من تجارب البشريَّة، تُزاوِج بين التأصيل النَّظَري والتوصيل العَمَليِّ، وأكَّدوا أنَّ داء التطرُّف والغُلوِّ لا عِلاجَ له إلا من صَمِيم الشريعة الإسلاميَّة نفسِها، وباستخدام نفسِ اللغة والمفاهيم الإسلاميَّة التي يَستَنجِدُ بها المتطرِّفون في مَساعيهم التَّخريبيَّة، مُحرِّفين لها عن مَقاصِدها النبيلة من خلال وضع خُطَّةٍ استراتيجيَّة مُتكامِلة لتفعيل السِّلم في العالم، والإسهام في نزع فَتِيل الإرهاب بكافَّة أشكاله؛ الفكري والمسلَّح، وسوف تَعملُ لجانُ المجلس على إطلاق مُبادرات عمَليَّة مَلموسة، يُشرِفُ على إنجازها الشبابُ بتَأطيرٍ من العلماء، وسيَتمُّ الإعلانُ عن هذه المبادَرات في مَطلَع السَّنة الميلاديَّة الجديدة، وهي مُبادراتٌ بعضُها مُتوجِّه إلى النَّظَر في مناهج الأمَّة وتُراثها، بهدَفِ إجراء مُراجَعات جادَّة لكثيرٍ من الأفكار الدَّخيلة الملتبِسة بلُبُوس المفاهيم الأصيلة، والتي أَوْقَعت الأمَّةَ في أتون الاحتِراب والتناحُر، وبعضها الآخَر عملي وميداني يُعزِّزُ قُدرات الأمَّة على الإسهام الفَعَّال في صِناعة السلام العالمي والدَّفع بأبنائها في مَيادِين الإبداع الفكري والاختراع العلمي بما يَنفعُها ويَنفَعُ الناسَ أجمعين.
مجلس حكماء المسلمين
وتشكل رئاسة الإمام الأكبر له الشيخ الدكتور أحمد الطيب أهمية خاصة له حيث أكسبه صفة الاستقلالية الدوليَّة من خلال قيادة عددٍ من كبار علماء المسلمين حول العالم ممن يُوصفون بالوسطية؛ من أجل تحقيق السِّلم والتعايش في العالم الإسلامي، ومحاربة الطائفية. 
وتشكل هيئته التأسيسية التي تتكون من الدكتور  أحمد الطيب، شيخ الأزهر وعبد الله بن بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة. ومحمد قريش شهاب، وزير الشئون الدينية سابقًا في إندونيسيا وإبراهيم الحسيني، رئيس هيئة الإفتاء بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية في نيجيريا وأبو لبابة الطاهر حسين، رئيس جامعة الزيتونة سابقًا في تونس وأحمد بن عبد العزيز الحداد، كبير مفتي مدير دائرة الإفتاء في دائرة الشئون الإسلامية والعمل الخيري في دبي وحسن الشافعي، عضو هيئة كبار علماء الأزهر ورئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة وشارمن عبد الحكيم جاكسون، أستاذ بجامعة كاليفورنيا الجنوبية وعبد الرزاق قسوم، رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وعبد الله بن عمر نصيف، رئيس مؤتمر العالم الإسلامي وغازي بن محمد، الأمير الأردني، رئيس مجلس أمناء مؤسسة آل البيت للفكر الإسلامي في الأردن وكلثم المهيري، أستاذة في معهد دراسات العالم الإسلامي بجامعة زايد ومحمد تقي الدين العثماني، قاضي ونائب رئيس دار العلوم في باكستان ومحمود حمدي زقزوق، وزير الأوقاف سابقًا في مصر أحد أهم العناصر الداعمة لجهوده في نشر سياسة التسامح والاعتدال في العالم، بالإضافة إلى خلق مجتمعات آمِنة تُوقِّر العلمَ والعلماء، وتُرسِّخ قيمَ الحوار والتسامح واحترام الآخَر، وتَنعمُ بالسلام.  مع إحياء دور العُلَماء واستثمار خِبراتهم في ترشيد حرَكة المجتمعات المسلمة، والإسهام في إزالة أسباب الفُرقة والاختلاف، والعمل على تحقيق المصالحة.

المرتكزات الفكرية

 المرتكزات الفكرية
 اعتمد مجلس الحكماء على عدد من المرتكزات الفكرية على رأسها: 
1-  تحديد أولويات الأمَّة وفق مُقاربات شرعيَّة وعلميَّة جديدة تعملُ على إرساء قِيَمِ الأمن والسِّلم الاجتماعي.
2-  بيان أُسُسِ التعاون والتعايش بين مُواطني البلد الواحد والبلدان المسلمة المختلفة.
3-  تعزيز الثِّقة وتشجيع العلاقات الوديَّة والاحترام المتبادَل بين أصحاب الدِّيانات والمذاهب المتعدِّدة داخل المجتمع الواحد؛ تحقيقًا للسِّلم والوِئام العام.
4-  التعرُّف إلى الآخَر وبيان الأسس الشرعيَّة والعلميَّة للتعامل معه.
5-  إتاحة الفرصة لعددٍ من حكماء الأمة ينهَوْن عن الفساد في الأرض، ويصنعون الحلول الدائمة لتعزيز السِّلم في المجتمعات.
6-  تجسيد وإبراز قيم الإسلام في التعامُل مع الآخَر في المجتمعات المسلمة وغيرها، ونشر ودعم مبادئ حُسن الجوار والاحترام المتبادَل بين الشعوب.
7-  الوقوف على الأسباب الجذريَّة للصِّراع والشِّقاق داخل المجتمعات المسلمة، ووضع الحلول المناسبة لمعالجتها والحدِّ منها.
8-  العمل على بثِّ السكينة والطمأنينة النفسيَّة والروحيَّة بين أفراد المجتمع بما يُحقِّق حالةً من الوفاق في داخل المجتمعات تَضمَنُ بالدرجة الأولى الكُليَّات الخمس؛ من حِفظ الدين والنفس والعِرض والعقل والمال.
مجلس حكماء المسلمين
9-  العمل على تقوية المناعة الذاتيَّة للأمَّة ضدَّ التطرُّف والعُنف الناشئ داخلها كيفما كان اتجاهه ومصدره.
10-  تحرير المفاهيم، خاصةً الشرعيَّ منها، وتصحيحها وإزالة ما اعتوَرَها من التباسٍ أو تحريف؛ لتعود إليها حقائقُها الأصيَّلة وأهدافها النبيلة.
11-  العمل على بثِّ ثقافة السلم وترسيخ فقه السلم في المجتمعات المسلمة، باعتباره حقًّا ضامنًا لكلِّ الحقوق ومقصدًا أسمى..
12-  العمل على نشر وترسيخ فقه الاختلاف وحلِّ النزاعات بالوسائل السلمية في الأمَّة بما يَضمنُ المحبة والتآلُف وصيانة الدماء والأعراض والأموال على كافَّة المستويات.
13-  العمل على نشر وترسيخ ثقافة فقه الأولويَّات وفقه الواقع بما يُؤدِّي إلى إعلاء المصالح العُليا للإنسان والأوطان على المصالح الخاصَّة.
مجلس حكماء المسلمين
14-  العمل على ترسيخ القيم الروحية والخُلقية في المجتمعات المسلمة.
15-  العمل على استعادة العلماء مكانتَهم وريادتَهم داخل المجتمعات المسلمة بما يُعيد إلى الأمَّة مرجعيَّتها العلمية الحضارية، ويُرسِّخ ثقتها بعُلَمائها؛ باعتبارهم ضميرَها المستقل المعبِّر عن حقائقها وأصولها.
16-  بلورة خطابٍ جديد يُعطي الأولويَّة للنشء والشباب بما يُناسب احتياجاتهم، ويُحقِّق آمالَهم، ويُشجِّعهم على الانخِراط الفعلي في ثقافة السلام ونبذ الكراهية والعُنف.
17-  التنسيق والتعاون مع الهيئات العلمية المعتَبرة بالعالم بما يتوافق مع المنهج الوسطيِّ وروح تعزيز السلم والحوار والتسامح.
18-  تحديد وتصحيح المفاهيم الشرعية والإسلامية الملتبِسة ورفع اللبس عنها، ونشر قيم السلم وجعلها في إطارٍ مقصدي شرعي واضح، وبيان التأصيل الشرعي بعد توصيف الواقع في قضايا ومستجدَّات الأمَّة.

مواقفه

مواقفه
كان للمجلس ولا يزال العديد من المواقف الوطنية التي تعبر عن توجهه المتسامح ومنها:
أزمة اليمن 
ناشد جميع الأطراف الاحتكام إلى العقل  دعا إلى دعم وحماية الشرعية في اليمن حفاظًا على السلم والاستقرار، وحث جميع الأطياف الممثلة للشعب اليمني على الابتعاد عن الاصطفاف المذهبي أو الطائفي، محذرًا من الانجرار خلف مخططات سياسية لا تحمد عقباها، ومناشدًا اليمنيين الاحتكام إلى العقل والنأي بأنفسهم عن كل ما يؤجج الصراع ويشعل نار حرب أهلية.
وقال في بيان: "إن جسد الأمة الإسلامية لم يعد يتحمل مزيدًا من الارتفاع في درجة حرارته التي تتصاعد نتيجة تزايد حدة الاحتراب والاقتتال بين مكونات المجتمعات المسلمة، وقد تابع المجلس ما جرى في اليمن خلال السنوات الماضية من أمور تدمي القلوب وتوجع الأرواح وزاد من فداحة المأساة ومرارتها وبشاعتها إصرار فصيل على العبث بسلم اليمن واستقراره سعيًا وراء السلطة؛ مما دفعه إلى رفض كل المبادرات والمساعي السلمية وتعطيل جميع الحلول السياسية التي كان من ضمنها المبادرة الخليجية ولقد انقلبت هذه المجموعة (الحوثيين) على ما تبقى من ملامح الدولة اليمنية متوسلة الإكراه وإرغام الآخرين بقوة السلاح لفرض هيمنتها على مقدرات البلاد والعباد كان منها اجتياح صنعاء واحتجاز رئيسها الشرعي عبدربه منصور هادي، ومن ثم الزحف إلى بقية المناطق لنشر الخراب والدمار دون خوف أو وجل من سفك الدماء وتمزيق البلاد وزجها في حرب أهلية قد لا تكون لها نهاية.
مجلس حكماء المسلمين
وتابع: "إن منطق إحكام سيطرة فئة من المجتمع على بقية الفئات بقوة الحديد والنار هو منطق الظالمين الذين لا يرعون إلا مصالحهم الشخصية التي يقدمونها على مصلحة الوطن، وإذ يؤكد المجلس دعمه المطلق لأي جهود من شأنها وضع حد للدماء النازفة والخراب الشامل والشر المستطير في أي بلد عربي مسلم فإنه يرى أهمية دعم وحماية الشرعية باليمن حفاظا على السلم والاستقرار ويدعو جميع الأطياف الممثلة للشعب إلى الابتعاد عن الاصطفاف المذهبي أو الطائفي ويحذرها من الانجرار خلف مخططات سياسية لا تحمد عقباها، كما يدعو اليمنيين إلى الاحتكام إلى العقل والنأي بأنفسهم عن كل ما يؤجج الصراع ويشعل نار حرب أهلية" .
وأضاف: «إن مجلس الحكماء لا يرمي أبدًا أن يكون طرفًا في صراع سياسي أو ديني أو مذهبي ولا يهدف إلى مؤازرة طرف على حساب طرف آخر أو نصرة طائفة أو مذهب بعينه، وإنما يؤكد على ضرورة أن تؤدي الجهود المبذولة في مكافحة التطرف إلى ردع الفئات المستقوية بالسلاح على الدولة وكذلك المستضعفين، مما يساهم في إرساء الاستقرار والأمن والوصول إلى توافق بين كافة اليمنيين ليقرروا بأنفسهم كيفية إدارة شئون بلدهم دون إقصاء لأحد، ومن دون أي تدخل يأتي من خارج الحدود ويناشد نزع فتيل الأحقاد وتعطيل الفتن».

مواجهة الإرهاب والعنف

مواجهة الإرهاب والعنف
دعا إلى وقف حالة الاحتراب الأهلي وفتنة الإرهاب المتقدة في العالم التي اصطلت بشرها المستطير كافة المجتمعات، فدمرت البلدان وأساءت للأديان مع ضرورة تشكيل تيار فاعل يتصدى لتيار العنف والإرهاب من خلال فعل جماعي قوي ومنظم يلم شمل الأمة، ويوحد جهود أهل العلم والحكمة ويواكب تطورات الواقع بكل تفاصيله ليقدم للعالمين رؤى مستنيرة مقتبسة من الهدي الإلهي ومستفادة من تجارب البشرية تزاوج بين التأصيل النظري والتوصيل العملي .
واعتبر أن داء التطرف والغلو لا علاج له إلا من صميم الشريعة الإسلامية نفسها وباستخدام نفس اللغة والمفاهيم الإسلامية التي يستنجد بها المتطرفون في مساعيهم التخريبية محرفين لها عن مقاصدها النبيلة، ووضع خطة استراتيجية متكاملة لتفعيل السلم في العالم والإسهام في نزع فتيل الإرهاب بكافة أشكاله الفكري والمسلح وسوف تعمل لجان المجلس على إطلاق مبادرات عملية ملموسة يشرف على إنجازها الشباب بتأطير من العلماء وتتغيى الخروج بالأمة من نفق الفتنة المظلم وسيتم الإعلان عن هذه المبادرات في مطلع السنة الميلادية الجديدة وهي مبادرات بعضها متوجه إلى النظر في مناهج الأمة وتراثها بهدف إجراء مراجعات جادة لكثير من الأفكار الدخيلة الملتبسة بلبوس المفاهيم الأصيلة والتي أوقعت الأمة في أتون الاحتراب والتناحر، وبعضها الآخر عملي وميداني يعزز قدرات الأمة على الإسهام الفعال في صناعة السلام العالمي والدفع بأبنائها في ميادين الإبداع الفكري والاختراع العلمي بما ينفعها وينفع الناس أجمعين.
مجلس حكماء المسلمين
 وأرسل أربع رسائل مقتضبة إلى الشباب والأمة والحكام والعالم . قائلا: "إلى شباب الأمة نصيحة مشفق أن لا يحاولوا ما يفوق طاقة الأمة وعافية المجتمع المسلم فيرهقوا أنفسهم ويرهقوا أمتهم ويستعدوا عليها الأمم في غير طائل ويهدروا القيم الإصلاحية والشرعية، وأن يصغوا إلى صوت الحكمة، وأن يعلموا أن فرص العدالة مع السلم أفضل من فرصها مع الحرب حكاما ومحكومين.
وإلى الأمة جميعها بكل شرائحها وفئاتها بيان وموعظة حكامًا ومحكومين- بوجوب إطفاء نار الفتنة وحقن الدماء وترك النزاع والشقاق وتحجيم الخلاف، وأن يجنحوا دائما للحوار والتوافق فما أضر بالأمة شيء كما أضرت بها الانشطارات الفكرية والاصطفافات الطائفية والإقصاء والاستقطاب، فعلى جميع الأطراف في الأمة أن تجتهد بإخلاص وتجرد .. فعلى جميع الأطراف في الأمة أن تتعلم من سيدنا الحسن رضي الله عنه الانهزام لوجه الله تعالى لتسترجع الأمة عافيتها وتتحد كلمتها.
وإلى ولاة الأمر دعوة إلى بذل كل ما هو متاح لتحقيق مستوى من العدل والازدهار لجميع المواطنين مما يسهم– لا محالة– في إطفاء نائرة الفتنة، وأن يفعلوا الوعي الذي بدأ يتشكل لدى كبار صناع القرار في العالم بضرورة الاستمداد من حكمة العلماء وتجاوز المقاربات الأمنية والعسكرية كحل وحيد، والعدول عن ذلك إلى تبني حلول فكرية مجتمعية شاملة.
وإلى العالم أجمع إعلان ببراءة الإسلام مما ألصق به من تهمة الإرهاب فالإسلام صانع السلام على مدى أربعة عشر قرنًا، ولا يمكن أن يحكم عليه انطلاقا من حالة ظرفية لها أسباب تاريخية متشعبة وهو إعلان باستعداد حكماء الأمة في الإسهام في صناعة السلام العالمي على بصيرة بمنطلقاتهم الفكرية ومسئولياتهم الحضارية، وإن المجلس ليؤكد احترامه لجميع الآراء مهما اختلفت ما دامت ملتزمة بالسلم والسلام المجتمعي واحترامه لتلك الآراء لا يعني قبولها.

نص كلمة شيخ الأزهر في افتتاح مجلس حكماء المسلمين

نص كلمة شيخ الأزهر
داعش عصابات الموت
 أكد الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، ورئيس مجلس حكماء المسلمين، أن "الله وحده يعلم إلى أين يتجه مستقبل البشرية القريب مع عصابات الموت، ومقاولي الشر، وسماسرة الدماء، وأن الإرهاب مرضٌ فكريٌ ونفسِيٌ، يبحث دائمًا عن مبرِّرات وُجُودِه في متشابهات نصوص الأديان وأن بواعث الإرهاب ليست قصرًا على الانحراف بالأديان بل كثيرًا ما خرج الإرهاب من عباءة مذاهب اجتماعية واقتصادية بل وسياسية، موضحًا أن الإرهاب لا دِينَ ولا هوية له، ومن الظلم البين بل من التحيز الفاضح، نسبة ما يَحدُث الآن من جرائم التفجير والتدمير، التي استشرت هنا أو هناك إلى الإسلام".
وأضاف أن "من واجب الإنصاف والموضوعية، الفصل التام بين الإسلام ومبادئه وثقافته وحضارته، وبين قلة قليلة لا تمثل رقمًا واحدًا صحيحًا في النسبة إلى مجموع المسلمين المسالمين المنفتحين على الناس في كل ربوع الدنيا والذين أقدموا على ارتكاب جريمة حرق المصحف، وحرق بيوت الله في الغرب، أن يعلموا أن هذه الأفعالَ هي- الأخرى- إرهاب بكل المقاييس، بل هي وقود للفكر الإرهابي الذي نعاني منه وأن تجفيف ينابيع الفكر الإرهابي يجب أن يتم من خلال منظومة متكاملة، تشمل التعليم والثقافة والشباب والإعلام وخطاب ديني، معبرًا عن حقيقة الإسلام وشريعته، فيما قدّم الشكر لشابات وشباب علماء الأزهر الذين قادوا قوافل السلام التي بعث بها مجلس الحكماء إلى 11 عاصمة من عواصم أوروبا وأمريكا وإفريقيا وآسيا".
مجلس حكماء المسلمين
وتابع: "اسمحوا لي في البداية أن أستهل اجتماعنا هذه المرة، بالتوقف عند مصيبة الإرهاب التي ابتلى بها العالم كله الآن، ووصل إلى أماكن وبلدان بعيدةٍ، ما كنا نظن أن يصل إليها، لقد طال الإرهاب الأسود لبنان العروبة والتعايش، وطال في الأسبوع الماضي العاصمة الفرنسية باريس، مدينة العلم والثقافة، واغتال من أبنائها وبناتها ما يزيد عن 100 من القتلى والضحايا، وأصاب مئات أخرى من خيرة شبابهم ومواطنيهم ولم يكن لأي من هؤلاء الأبرياء يدًا فيما حاق بهم من مصائب وكوارث وموت وخراب، وما إن بدأنا نفيق من كارثة باريس، حتى جاءت كارثة مالي، وقتل عدد من الرهائن المحتجزين في باماكو، والله وحده الذي يعلم إلى أين يتجه مستقبل البشرية القريب مع عصابات الموت، ومقاولي الشر، وسماسرة الدماء".
 واختتم حديثه بقوله: "كنا نظن أن ما حاق بنا، نحن العرب والمسلمين، في الشرق من آثار الدَّمار الذي طال البشر والحجر هو نهاية المأساة، وأن تدمير دول عربية وإسلامية بأسرها على رءوس أهليها وتشريدَهم وهَيَمانهم على وجوههم في القفار والبحار، هو كل ما تخبئه لنا الليالي والأيام، وأن التاريخ والواقع المعاصر يُثبِتُ أن بواعث الإرهاب ليست قصرًا على الانحراف بالأديان نحو فُهومٍ مغشوشةٍ مُدلّسة، بل كثيرًا ما خرج الإرهاب من عباءة مذاهب اجتماعية واقتصادية بل وسياسية، وراح ضحية الصراع والحروب من هذه المذاهب والفلسفات المادية".

شارك