معارضة برزاني لإيران تدفع الشيعة إلى رفض سيطرت الأكراد على "سنجار"

الإثنين 23/نوفمبر/2015 - 05:00 م
طباعة معارضة برزاني لإيران
 
سادت حالة من التوتر لم يكن أحد يتوقعها بين التيار الشيعي المتشدد في العراق، والأكراد على خلفية الانتصار الذي حققه الأكراد وسيطرته على بلدة سنجار غربي نينوي، رغم أن السيطرة على البلدة الصغيرة تعتبر نصرًا يعرقل خطوط الإمداد بين الموصل والرقة، مدينتي "داعش" الرئيستين، والتي يستخدمها عناصر التنظيم في التنقل بشكل عام بين سوريا والعراق، وقد ارتبط اسم بلدة "سنجار" بسبي النساء الإيزيديات. 
وفسر البعض غضب الشيعة من انتصار الأكراد، في بلدة "سنجار" أنها أول مدينة خارج كردستان العراق، لم يحررها الحشد الشعبي الموالي لطهران، بل حررتها البيشمركة الكردية بدعم أمريكي واضح، فضلاً عن التصريح المثير للجدل الذي أطلقه رئيس إقليم "كردستان" من البلدة مسعود البرزاني، إنه لن يرفع أي راية في "سنجار" سوى علم الإقليم.
برزاني المدعوم بقوة من أمريكا، بدا أنه يحاول جر البلاد إلى منحى من العنف الجديد في البلاد، فضلاً عن رغبته في استغلال الأوضاع الميدانية في البلاد بضم أراضٍ جديدة للعرب إلى إقليم كردستان، وقال السكان العرب الذين لم تتلطخ أيديهم بدماء الأكراد الإيزيديين: هم إخوتنا، في إشارة إلى الاحتفاظ بالمدينة، وضمها إلى أراضي إقليم كردستان، الذي يحكمه الأكراد منذ عام 1991؛ حيث إنها كانت تتبع قبل استيلاء التنظيم عليها في العام الماضي محافظة نينوي الشمالية. وأكد قائلًا: "سنجار تحررت بدماء البيشمركة، وأصبحت جزءًا من كردستان".
مسعود البرزاني رئيس
مسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان العراق
وأكد برزاني أن تحرير سنجار أهمية كبيرة، وسيؤثر كثيرًا في عملية تحرير الموصل، ولا شك في أن تحقيق الانتصار في أي مكان له تأثير في المناطق الأخرى. موضحًا أن البيشمركة انتقمت ببطولة من داعش، ولم تسبق أي جهة البيشمركة في تحرير سنجار. وأضاف أنه سيتم العمل مع الحكومة المركزية من أجل تحويل سنجار إلى محافظة.. داعيًا جميع الأطراف والمجتمع الدولي إلى إعادة إعمار سنجار.
وشدد على أن الأكراد الإيزيديين سكان سنجار جزء أساسي من الشعب الكردي، وتحرير مدينتهم درس لمن يحاول الاعتداء على الشعب الكردي؛ حيث إن البيشمركة قد انتقمت لما ارتكبه مسلحو داعش من جرائم ضد الأكراد الإيزيديين. 
خبراء في الشأن الكردي، أكدوا أن رفع علم حزب "العمال الكردستاني" سيواجَه برفضٍ قاطع، وأن حزب العمال الكردستاني التركي الذي دخل المدينة من جهة الحدود السورية، كان هذا يعني أن البرزاني رفض رفع راية موالية لجنرال حرس الثورة الإيراني قاسم سليماني؛ ما أدى في بغداد إلى غضب حلفاء سليماني وحلفاء نوري المالكي.
وعبثاً حاول الأكراد أن يثبتوا أن البرزاني لم يقصد منع رفع علم العراق في البلدة المتنازع عليها بين العرب والأكراد؛ لأن الدعاية وخطاب التصعيد ملآ وسائل الإعلام طوال الأسبوع الماضي، بل شهدت بلدة تركمانية مهمة تقع جنوب كركوك وهي طوزخورماتو، أول اشتباك جدي بالأسلحة بين قوات شيعية وكردية منذ إطاحة صدام حسين عام 2003.
ولوحظ أن التوتر بلغ حداً جعل المرجعية الدينية تطلق تحذيرها بشأنه. والمثير أن التصادم لم يحصل مع قوات البرزاني الذي يعارض سياسات إيران تقليدياً، بل مع قوات الاتحاد الوطني بزعامة جلال الطالباني المقرب تقليدياً من إيران والحريص على علاقات ودية جداً مع الشيعة.
معارضة برزاني لإيران
وبدا للحظة أن هناك خطة منسقة لتأجيج الأجواء بين الأكراد والشيعة؛ ففي وقت واحد تداولت وسائل الإعلام فيديوهات تظهر أكراداً يحرقون علم العراق، وعرباً يحرقون العلم الكردستاني، بينما انطلقت دعوات تهدئة من رئيس الجمهورية العراقي فؤاد معصوم وهو كردي، ومرجعية النجف العليا وحلفائها الذين يمثلون الاتجاه المعتدل، ظلت محطات تلفزيونية موالية للميليشيات الشيعية المتشددة تعيد ذكر البرزاني بوصفه أحد أعداء العراق، مع أن الاشتباكات مع الحشد الشعبي خاضتها قوات الطالباني لا البرزاني، في بلدة "طوزخورماتو" ذات الأغلبية التركمانية الشيعية.
خبراء في الشأن الشيعي قالوا: إن حكومة حيدر العبادي غير راضية عن سلوك البيشمركة الكردية والحشد الشيعي جنوب كركوك، إلا أنها كانت أضعف من أن تتدخل لفض النزاع، ولذلك فإن مفاوضات التهدئة جرت بين المسلحين أنفسهم لا الجهات السياسية الحكومية!
ويقول هؤلاء: إن آخر ما يريده حزب الطالباني هو الاشتباك مع الشيعة، كما أن القيادات الشيعية لن تتورط في نزاع مكلف كهذا، وفي أرضٍ بعيدة نسبياً عن مناطق نفوذها الكبرى جنوب بغداد، إلا أن الجماعات المسلحة الموالية لطهران هي التي تتحرك بحماس ضد الأكراد، وبنحو يوحي بوجود صلة مع غضب طهران بسبب استيلاء أربيل وواشنطن على بلدة سنجار الحيوية جغرافياً؛ ما يؤشر إلى أن طهران لن تسكت عن محاولات الولايات المتحدة منع الحشد الشيعي من دخول المناطق السنية والمختلطة على طول الحدود السورية من الموصل شمالاً حتى الأنبار المحاذية للنجف.

شارك