قائمة الأردن للتنظيمات الإرهابية.. تخلق مواجهة جديدة بين عمان والجماعات الدموية
الإثنين 23/نوفمبر/2015 - 05:22 م
طباعة

تعد المملكة الأردنية الهاشمية من أكثر دول الجوار السوري تأثرًا بالصراع في دمشق، ليس فقط بسبب الآلاف من اللاجئين السوريين الذين فروا إليها هربًا من القتال الدامي، ولكن بسبب مخاطر تسلل العناصر الإرهابية إليها عبر الحدود، ووجود بنية واضحة لأفكار الجهاد داخل المجتمع الأردني.

السلطات الأردنية بدأت بالفعل للتحضير لقائمة للجماعات الإرهابية في سوريا؛ لتجنب تسلل عناصرها إلى الداخل الأردني؛ لتعرف من ستواجه خلال الفترة القادمة، وبدأت بالفعل في التحضير لاستضافة مؤتمر خلال أيام، ستقترح فيه على المشاركين في المؤتمر تصنيف حوالي 7 جماعات تقاتل على الأراضي السورية في قائمة الجماعات الإرهابية وستضم القائمة تنظيم داعش، جبهة النصرة، جند الأقصى، أحرار الشام وجند خرسان، إضافة إلى تنظيمين آخرين مرتبطين بتنظيم القاعدة.
الأردن بدأت في تنسيق جهودها لوضع قائمة "الجماعات الإرهابية" في سوريا بعدما اتفق المشاركون في اجتماع فيينا الثاني بشأن سوريا، على أن تتولى إجراء اتصالات مع المراجع السياسية والأمنية في دول عربية شقيقة، إضافة إلى دول صديقة؛ من أجل التنسيق معها في اعتماد أسماء الجماعات الإرهابية؛ مما دفعها إلى تكثيف مراقبتها لتحركات الفصائل المسلحة على الأرض السورية لتوثيق أعمالها وعرضها على المشاركين في المؤتمر؛ لما تتمتع به من خبرات في التعامل مع هذه الجماعات المتطرفة وحربها عليها منذ فترة ليست بالقصيرة.

ويكشف توافق القوى العظمى والإقليمية على اختيار الأردن لإعداد قائمة بالمنظمات الإرهابية في سوريا عن عدة أسباب، على رأسها:
1- قدرة الأردن على المحافظة على أجواء الأمن والاستقرار، وعدم تعرضها لأعمال إرهابية كبيرة خلال الفترة الماضية، وخاصة في وجود التنظيم الدموي بالقرب من أراضيه ووجوده في وسط لا يتمتع بالاستقرار منذ عقود.
2- حالة التعايش التي استطاع أن يحافظ عليها، على الرغم من تركيبته السكانية المعقدة وزيادة التعقيد بتوافد مئات ألوف اللاجئين من العراق وسوريا، وتعرض المنطقة لزلزال احتلال العراق، والأزمة السورية وتحولها إلى حرب طاحنة، وبالطبع تأثيرات القضية الفلسطينية المتواصلة منذ نحو سبعة عقود.
3- المعلومات الاستخباراتية الكبيرة التي بحوزة الأجهزة الأمنية الأردنية مع تماسها المباشر مع قضايا المنطقة في العراق وسوريا وفلسطين ولبنان، واستقبالها لاجئين وسياسيين من هذه البلدان، إضافة إلى كونها البوابة لبلدان الخليج نحو جنوب سوريا.
4- التنسيق الأمني المباشر للأجهزة الأمنية الأردنية مع نظيراتها في المنطقة من دون استثناء، حتى مع إسرائيل للمحافظة على استقرار البلد صاحب أطول حدود معها.
5- التنسيق والتعاون الاستخباري مع الجانبين الروسي والأمريكي وغيرهما من القوى الكبرى عالميًّا، عبر تدريب القوى الأمنية للسلطة الفلسطينية، وعدد من البلدان العربية.

6- الموقف السياسي البراجماتي للقيادة الأردنية في التعامل مع قضايا المنطقة، وتعلمها الدروس من اصطفاف الأردن في حرب الخليج الثانية مع الرئيس الراحل صدام حسين، وما جرته من ويلات اقتصادية، وأجواء عدم استقرار إثر حصار بلدان الخليج وقطع جزء مهم من المعونات عقابا على موقف الملك الراحل الحسين بن طلال الداعم للعراق.
7- احتفاظ الأردن بـ"شعرة معاوية" في الشأن السوري مع الحكومة السورية والرئيس بشار الأسد، على الرغم من أنها الساحة الخلفية لعمل التشكيلات العسكرية العاملة في الجنوب السوري.
8- منع الأردن جبهة النصرة والجيش السوري الحر من السيطرة على معبر نصيب الحدودي مع سوريا مع اشتداد المعارك في جنوب سوريا، وسيطرة كتائب عسكرية ذات مشارب أيديولوجية وتبعيات مختلفة على المناطق المحاذية للجولان المحتل ومحافظة الرمثة.
9- مشاركة الأردن في التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لضرب تنظيم "داعش" في سوريا، وعدم اعتراضه على الضربات الجوية الروسية، ووجود مراكز تنسيق مشتركة مع البلدين.

ويقابل وضوح أسباب اختيار الأردن لوضع قائمة المنظمات الإرهابية في سوريا والمكاسب السياسية لعمان غموض وتخوف من التداعيات المحتملة على أمن واستقرار البلاد، كما تطرح أسئلة حول انعكاسات ذلك على علاقات الأردن مع القوى الإقليمية، ولعل أهمها:
1- صعوبة التوفيق بين نظرة مختلف وجهات النظر العالمية والإقليمية إلى طبيعة وتصنيف الأطراف المحاربة في سوريا، والرغبة في وسمها بالإرهاب من عدمه.
2- الخوف من أن تدرج المنظمات الإرهابية وخاصة "داعش" الأردن كهدف رئيس لعملياتها الانتقامية خاصة عقب اعتداءات باريس الإرهابية، وتهديد الولايات المتحدة وكل من يساهم في قصف مواقع التنظيم في سوريا، وتعاظم المخاوف من أعمال انتقامية مع الضربات الموجعة التي يتلقاها التنظيم ولجوئه إلى عمليات إرهابية للتخفيف من عزيمة البلدان المحاربة له، وكسر التأييد الشعبي لدحره.
3- الخشية من تحرك أنصار الجهادية السلفية في الأردن، التي تقدر بالآلاف مع عائلاتهم للمحاربة في صفوف "داعش" وتنظيمات إرهابية أخرى في العراق وسوريا.

وقد أثبتت الأردن جدارتها في التعاون مع المجتمع الدولي في مجال مكافحة الإرهاب؛ حيث قامت بالمشاركة في لجان للتعاون في المجالين الأمني والاستخباراتي مع دول أعربت عن استعدادها للتعاون مع العراق في محاربة الإرهاب، وتخشى من تمدد عصابات "داعش" إلى أراضيها، إضافة إلى تعاون أمني واستخباراتي منفرد، مع تركيا ومصر وألمانيا وفرنسا، كما عقدت اتفاقًا أيضاً على تعاون استخباراتي وأمني في بغداد مع كل من روسيا وإيران وسوريا للمساعدة والمشاركة في جمع المعلومات عن التنظيم الإرهابي وامتداداته، خصوصاً مع تزايد القلق الروسي من تواجد آلاف المتطرفين الذين يقومون بأعمال إجرامية مع داعش.
فيما استبعد محللان أردنيان تورط تنظيم "داعش" في مواجهة عسكرية مع الأردن على المدى المنظور، وقال عامر السبايلة المحلل السياسي، والخبير بالدراسات الشرق أوسطية: "بالنسبة للأردن هناك الكثير من المعطيات التي تشكل قلقًا له بلا شك، عقب اقتراب التنظيم من المناطق الحدودية الأردنية المباشرة في ظل غياب استراتيجية دولية أو إقليمية موحدة تمنع الحد من انتشاره وتوسعه وتمدده، وأن اقتراب التنظيم من الحدود الأردنية يسقط تمامًا الفرضيات التي كان الساسة الأردنيون يتحدثون عنها، على قاعدة أن الأردن يستطيع خلق حزام أمني في منطقة الأنبار غرب العراق ومنطقة جنوب سوريا قوامها السكان والعشائر، ليشكلوا بالتالي خط دفاع أول عن البلاد في وجه التنظيم الأكثر تطرفًا في العالم، ولا أعتقد أن داعش يستطيع في هذه المرحلة تنفيذ هجوم مباشر على الحدود الأردنية، لكن بلا شك هناك تكتيكات قد يتم اللجوء إليها لاحقًا، باعتباره يسيطر على منطقة التشابك الحدودية للأردن وسوريا والعراق، والتي تعتبر في طبيعتها منطقة رخوة أمنيًا، وخاصرة ضعيفة، استخدمت غالبًا في التهريب وكممرات لتسلل المسلحين".

وقال فايز الدويري المحلل العسكري: "أستبعد تورط "داعش" في الإقدام على التقدم باتجاه الأراضي الأردنية؛ لأن التنظيم يرسّخ وجوده في سوريا والعراق، وأولوياته حاليًا العراق ثم سوريا، وأنه من حيث المبدأ فإن الاستراتيجية العسكرية الأردنية ستكون دفاعية عن أمنه الوطني وحدوده، وسيمضي في إحباط ومنع أي محاولات تسلل أو اقتحام، إلا أن الأردن قد يعمد إلى إعادة توزيع قواته وإعادة تموضعها وانتشارها الحدودي.. وإذا حصلت تجاوزات وتم حدوث اختراق حدودي- وهو ما قد يحدث لأية دولة- فهنا يمكن أن يبادر الأردن بتوجيه ضربات انتقامية محدودة، لأهداف منتقاة بعناية عبر عمل استخباري مكثف، أما أن يدخل في حرب مفتوحة ويرسل قواته إلى عمق العراق وسوريا فلا أتصور حدوث ذلك".

مما سبق نستطيع أن نؤكد أن المملكة الأردنية الهاشمية التي تتشارك مع العراق في 181 كم، ومع سوريا 375 كم، لن تكون بمنأى عن الصراع الإرهابي الدائر في كلا الدولتين، على الرغم من الإجراءات الأمنية الاستباقية التي تقوم بها؛ لأنها أصبحت جزءًا من البنية المعلوماتية لمجموعة الدول المعنية بالصراع السوري العراقي.