استهداف "بوكو حرام" للشيعة.. نيجيريا تدخل دائرة الصراع المذهبي
السبت 28/نوفمبر/2015 - 12:05 م
طباعة

في تكرار للهجمات الانتحارية في المنطقة العربية من قِبل الجماعات المتشددة، وقع شيعة نيجيريا ضحية لهجمات "بوكو حرام" الإرهابية في البلاد، وسقط العشرات من الضحايا والمصابين في تفجير انتحاري يزيد من عبء الوضع الأمني داخل البلاد وسط اتساع نطاق أهداف الجماعة المتشددة.
هجوم انتحاري

قتل 21 شخصًا على الأقل في تفجير انتحاري استهدف موكبًا للشيعة قرب مدينة كانو الشمالية في نيجيريا، أمس الجمعة، بحسب منظمي الموكب.
وولاية" كادونا" يوجد بها السواد الأعظم من شيعة نيجيريا وهي مقر "المنظمة الإسلامية" التي يرأسها الشيخ إبراهيم الزكزاكي.
ووقع الهجوم في قرية داكاسوي على بعد نحو 20 كلم جنوب المدينة خلال موكب لاتباع حركة نيجيريا الإسلامية الشيعية.
وصرح محمد توري الذي كان يقود الآلاف من كانو إلى زاريا في ولاية كادونا المجاورة، للصحافيين من موقع التفجير: "تعرض موكبنا لهجوم انتحاري فقدنا 21 شخصًا، وأصيب العشرات بجروح"، مضيفا: "نحن لسنا متفاجئين من تعرضنا لهجوم؛ لأن هذا هو الوضع في جميع أنحاء البلاد".
وقال: "إن ذلك لن يوقفنا عن ممارسة شعائرنا الدينية، وحتى لو قُتلنا جميعًا في تفجير، فإن آخر شخص يبقى سيؤدي هذا الواجب.
وتلطخ الطريق بالدماء، إلا أن المشاركين في الموكب أكملوا مسيرهم وكان معظمهم بملابس سوداء ويحملون رايات وكان يحيط بهم حراس الأمن".
وقال أحد المنظمين طلب عدم الكشف عن هويته: "إن الانتحاري اقتحم الحشد قبل أن يتم رصده، وفجر نفسه".
وأضاف: "كان يرتدي ملابس سوداء مثل الجميع، واعتقل مساعده واعترف بأن جماعة بوكو حرام أرسلتهما".
شيعة نيجيريا

تنامي نفوذ الشيعة في نيجيريا واتساع نطاق الحركة الشيعية لدرجة بات يوصف نفوذهم بأنه "دولة داخل الدولة"، بما يشكل تهديدًا حقيقيًا على البلاد. بحسب محللين.
ويقدر عدد الشيعة في نيجيريا من 1 مليون إلى 3 ملايين مسلم، وينتشرون في ولاية زاريا، عاصمة كادونا الشمالية، وكذلك لهم أتباع في ولاية كانو وسوكوتو، ويمارسون نشاطاتهم في حرية تامة لدرجة أنهم يجاهرون الآن بسب الصحابة في مساجدهم دون خوف.
وتعد "المنظمة الإسلامية" التي يرأسها الشيخ إبراهيم زكزاكي، والذي تصفه وسائل الإعلام الإيرانية بـ"زعيم شيعة نيجيريا"- أهم المؤسسات الشيعية في نيجيريا.
وتعد مدينة كادونا معقلَ الحركة الشيعية الرئيسية في نيجيريا، وتُصدر الحركة الشيعية هناك صحيفة يومية واسعة الانتشار منذ عقدين، كما تقول الحركة إنها ستطلق قريبًا محطة إذاعية عبر موقعها على شبكة الإنترنت، وذلك عبر الموجات الرئيسية للدولة، وستطلق كذلك قناة تلفزيونية.
كما أن هناك العديد من الأفلام الوثائقية التي تمتدح الحركة الشيعية وقادتها والتي تباع بكثرة للسكان المحليين في المدينة في صورة أسطوانات "دي في دي"، وذلك بعد ترجمتها إلى لغة الهاوسا المحلية.
ولم يكن للشيعة وجود قبل الثورة الإسلامية في إيران 1979 ورفع قائد الثورة آية الله الموسوي الخامنئي، شعارات تصدير الثورة، فبعدها بسنوات عرفت نيجيريا التشيع على يد إبراهيم زكزاكي، والذي كان في مقتبل عمره والحاصل على بكالوريوس الاقتصاد من جامعة أحمد بن بللو؛ حيث اعتنق المذهب الشيعي، وبدأ في نشره داخل البلاد، وقرأ الترجمات الإنجليزية للكتب الشيعية التي كانت توزعها سفارة إيران مجانًا، وحافظ الزكزاكي على قاعدة التقية في عدم إظهار مذهبه لحوالي 15 عاماً، حتى ظهرت في عام 1995 حقيقة تشيعه، عندما أجرت معه إحدى الصحف الإيرانية حوارًا قدح خلاله أبي هريرة؛ ما دفع الكثيرين من أنصاره إلى الانشقاق عنه بعدما أعلن تشيعه علنًا ولأول مرة.
ونقل التقرير عن المحلل السياسي النيجيري محمد كبير عيسى قوله: إن هذه الحركة (الشيعية) تشكل تهديدًا حقيقيًّا على البلاد.
ويضيف عيسى- وهو أحد كبار الباحثين بجامعة أحمدو بيلو- أن الحركة الشيعية بقيادة الشيخ زاكزاكي تعد "دولة داخل الدولة".
ويقول أيضًا إنه يعلم أن الحركة تقوم بإجراء تدريبات عسكرية لأعضائها، كما يؤكد: "عند الشروع في القيام بتدريبات عسكرية، فهناك بالتأكيد نوع من الترقب لشيء ما، وهناك أيضًا توقعات معينة".
انقسامات الشيعة

ومع تمدد المذهب الشيعي بدأت خلافات جوهرية في الظهور أدت إلى انقسام الشيعة إلى قسمين، أحدهما يمثله زكزاكي الذي يعادي الدولة ويصفها بالطاغوت، وقد خاض أنصاره العديد من الصدامات العنيفة مع السلطة عبر عقود من الزمن، وهناك حاليًا نحو 120 معتقلًا من أتباعه في سجون الدولة.
فيما يمثل القسم الثاني اثنان من أهم أتباعه، وهما: حمزة الأول وصالح زاريا، وكلاهما تلقى علوم التشيع في إيران وقد انشقا عن زكزاكي، بعدما اعتبراه جاهلًا بالعلوم الشرعية، وعلى العكس تمامًا أبديا رغبة في الانخراط في مؤسسات الدولة المختلفة، وانتشر نشاطهما بين الشباب في الجامعات، وهو ما حدا بالمراقبين إلى اعتبارهما رأس الحربة القادمة في نشر المذهب الشيعي في نيجيريا.
دور إيران

وتعتبر السلطة في إيران نشر المذهب الشيعي سبيلًا لتوسعة نفوذها؛ إذ يعتبر من يعتنق المذهب الشيعي عبر القنوات الإيرانية أنه تابع لـ"لولاية المطلقة للفقيه" الذي يرتكز عليه النظام الحاكم في إيران حسب دستوره.
ومن أهم وسائل انتشار المذهب الشيعي في نيجيريا، نشر رسائل وكتب المذهب الشيعي، وترجمة بعضها إلى اللغات المحلية كـ"الهوسا"، مثل: دعاء (ناد علياً)، ومختصر (مفتاح الجنان).
تقديم السفارة الإيرانية العشرات من منح الدراسية للشباب للدراسة في معاهد وجامعات طهران، فقد أوفدوا بهذه الطريقة بعثات تعليمية، وهو ما يساهم في نشر التشيع.
المشهد النيجيري

عانت نيجيريا من سنوات عديدة من صراع طائفي "إسلامي- مسيحي"، واليوم دخلت البلاد مرحلة الصراع المذهبي "سني- شيعي" مع تفجيرات متكررة، من قِبل جماعة "بوكو حرام" المتطرفة، ضد مواطني نيجيرا على مختلف عقائدهم ومذاهبهم، فهل ستستطيع نيجيريا التغلب على العنف الطائفي والمذهبي، أم أن ضحايا التطرف ستأخذ في الارتفاع؟