الأزمة الليبية تفضح ازدواجية المعايير الأمريكية
الثلاثاء 26/أغسطس/2014 - 10:51 م
طباعة


غارات جوية تستهدف الميليشيات المسلحة فى ليبيا
دخلت الأزمة الليبية منعطفًا جديدا، في ظل الحديث عن غارات جوية تقوم بها دول غير معروفة، وإن تردد الحديث ضلوع دول خليجية تعمل على مهاجمة الجماعات الاسلامية المسلحة التي تروع المواطنين العزل، يأتي ذلك في الوقت الذى كشفت فيه تقارير غربية عن قلق الولايات المتحدة من تورط بعض الدول التي تستخدم أسلحة أمريكية لضرب المدنيين، وهو ما يفتح الباب أمام فرض عقوبات على هذه البلدان نتيجة هذه الخطوة.

التوتر فى ليبيا يقوض محاولات الاستقرار
الغريب في الأمر أن الولايات المتحدة تشن غارات جوية لاستهداف تنظيم "داعش" الإرهابي في العراق، وهناك محاولات لاستهداف التنظيم في سوريا أيضا، نتيجة ما يرتكبه التنظيم من جرائم إرهابية، وغير إنسانية، وما ترتب على عملياته الوحشية من قتل الأقليات الدينية في العراق وتهجيرها، إلى جانب سرقة النفط العراقي والسوري، وتهديد دول العراق، وتعمل على مواجهة التنظيم تحت شعار الحرب على الارهاب، في حين تدين الولايات المتحدة بشكل غير رسمي أي عملية تستهدف الميليشيات المسلحة في ليبيا.
ويري مراقبون أن هناك دولًا تعترف بدعم الميليشيات المسلحة في ليبيا وأبرزها تركيا وقطر، والاعتراف بوجود دور فعال في الإطاحة بمعمر القذافي ونظامه، والكشف عن الاتصالات التي تمت بين هذه البلدان والولايات المتحدة وحلف الناتو، وكذلك بعض الدول الأوروبية من أجل إسقاط القذافي، إلا أن محاولة دعم اللواء خليفة حفتر القائد العسكري الليبي السابق تواجه برفض شديد، خوفا من تبعية حفتر وتعاونه مع مصر ودول أخرى، وهو ما يعرقل المصالح الغربية في ليبيا.

تصاعد الادخنة فى سماء طرابلس
من جانبها كشفت نيويورك تايمز في تقرير لها نقلا عن مسئولين أمريكان، عن قيام كل من مصر والإمارات بغارات جوية في ليبيا الأسبوع الماضي مستهدفة إسلاميين متشددين يتقاتلون من أجل السيطرة على العاصمة الليبية طرابلس، وأن الولايات المتحدة لم تستشر بشأن الهجمات، وإنها فوجئت بها، موضحا قلق الولايات المتحدة بشأن أن تكون أسلحة أمريكية استخدمت في تلك الغارات، في انتهاك للاتفاقات التي بيعت بناء عليها تلك الأسلحة.
كشفت الصحيفة أن الإمارات وفرت الطائرات الحربية، وطائرات التمويل الجوي والأطقم، بينما سهلت مصر سبل الوصول إلى قواعدها الجوية.

الناطقة باسم الخارجية الأمريكية جين بساكي
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية، جون كيمبرلي، إن الولايات المتحدة الأمريكية تعتقد أن الإمارات العربية المتحدة ومصر شنتا غارات على أهداف داخل ليبيا خلال الأيام القليلة الماضية، دون تقديم أي تفاصيل إضافية.
وتأتي هذه التصريحات بعد أن رفضت الناطقة باسم الخارجية الأمريكية، جين بساكي، تأكيد صحة التقارير التي تحدثت عن غارات لطائرات أجنبية في ليبيا، كما رفضت التعليق على الاتهامات التي وجهتها قوى ليبية إلى مصر والإمارات بالمشاركة فيها، ولكنها أكدت رفض بلادها لـ"التدخل الخارجي" في الأزمة الليبية، معلنة أن واشنطن تواصلت مع القاهرة مؤخرًا.
الموقف الأمريكي يقابله نفي من الإمارات، وكذلك مصر، والتأكيد على عدم الضلوع في عمليات عسكرية داخل ليبيا، وإعلان مصر فتح باب الحوار مع الإدارة الأمريكية للتأكد من صحة هذه الاتهامات.

من جانبها أكدت صحيفة الخليج الإماراتية في افتتاحيتها لعدد الثلاثاء، أنه شيئاً فشيئاً تتحول ليبيا إلى دولة فاشلة، لا نظام ولا سلطة، ولا قانون، ولا مؤسسات رسمية فاعلة، إنما فوضى عارمة تضرب أطنابها في كل أرجاء البلاد، وصراعات مسلحة بين ميليشيات مختلفة المشارب والتوجهات، ومحاولات من البعض لجمع قوات نظامية تستطيع إنقاذ ما يمكن إنقاذه .
وأكدت الصحيفة أن ليبيا تحولت إلى نموذج لما آل إليه وضع التدخل الأجنبي في الدول العربية من أجل تحقيق الديمقراطية والحرية كبديل للنظم الاستبدادية، فكان أن تم ترك ليبيا على قارعة الطريق نهباً للفوضى تلعق جراحها، مؤكدةً أن "أخطر ما في الأمر أن ليبيا على يد هؤلاء لم تعد تشكل خطراً على نفسها، بل على دول الجوار والإقليم، ما يستدعي الإسراع إلى قيام تحالف عربي يتجاوز الاجتماعات التنسيقية بين الدول المجاورة، والقيام بتحرك فوري وفاعل في إطار استراتيجية واضحة لصد هذا الوباء الذي يحمل أسماء مختلفة مثل "داعش" و"أنصار الشريعة" و"الإخوان" والذي لا ينفع معه إلا الاستئصال من الجذور ".

المسلحون يسيطرون على المطارات
من ناحية أخرى سارع الاتحاد الأوروبي بإعلان اعترافه بشرعية البرلمان الليبي المنتخب، بعد دعوات المؤتمر العام المنتهية ولايته الانقلاب على السلطة، وتشكيل حكومة جديدة، واعلان حالة الطوارئ، وهو ما ينهى مرحلة من الانشقاق داخل النظام الليبي، ويعيق بناء دولة المؤسسات، ويزيد من المجهول.
دعا الاتحاد البرلمان الليبي إلى بذل كل جهد ممكن لتمثيل جميع الليبيين، مؤكدا على رفض الاتحاد السعي لتحقيق أهداف سياسية من خلال استخدام القوة المسلحة، الحوار السياسي هو الحل الوحيد لمعالجة الأزمة الحالية، وأن المسئولين عن العنف الذي يقوض التحول الديموقراطي في ليبيا والأمن القومي يجب مساءلتهم.