(البطريرك الحادي عشر ).. البابا يوليانوس تلميذ الفيلسوف بنتينوس
السبت 26/ديسمبر/2015 - 11:00 م
طباعة
تتناول هذه النافذة، تاريخ مشيخة الأزهر، وتاريخ بطاركة الكنيسة المصرية من خلال التسلسل الزمني.. بغرض التعرف عن قرب على تاريخ الأزهر الشريف والكنيسة المصرية، والادوار الدينية والاجتماعية والسياسية والفكرية لهؤلاء الاعلام (المشايخ والبطاركة)... باعتبار ذلك جزءًا أصيلًا وفاعلًا من تاريخ مصر.
********
وُلد في مدينة الإسكندرية وحظي بالتلمذة على يد الفيلسوف بنتينوس، أثناء قيامه بنظارة مدرسة الإسكندرية اللاهوتية، فنمى كثيرًا في العلم والمعرفة حتى فاق كثيرًا جميع زملائه ، بتقواه وقداسة سيرته العفيفة، فاستحق أن يُرسم قسًا بمدينة الإسكندرية.
سيامته بابا الإسكندرية:
عند انتقال البابا أغربينوس البطريرك العاشر في 181 م.، تم اختيار القس يوليانوس بطريركًا خلفًا له، فرُسِم في عهد مرقس أوريليوس. وعندما رأى أن الوثنيين لا يسمحون للأساقفة بالخروج من مدينة الإسكندرية كان يخرج منها سرًا ليرسم كهنة في كل مكان.
من أعمال هذا البابا الجليل قيامه بوضع مقالات وميامر كثيرة لأسلافه البطاركة تخليدًا لذكراهم وفائدة لخلفائهم. وكان مداومًا على تعليم الشعب ووعظه وافتقاده. ولم يذكر لنا المؤرخون كثيرًا عن أعمال البابا يوليانوس الرعوية ولكنهم جميعًا كالوا له المديح على فضائله. وعاش هذا البابا في نسك ووداعة إلى أن تنيّح بسلام في سنة 191 م.، عن مدة بطريركية قدرها عشر سنين.
من هو بنتينوس الإسكندري؟
يرى المؤرخون الأقباط أن العلامة بنتينوس ولد بالإسكندرية من أصل مصري، أما القول بأنه يوناني فهذا مجرد تخمين وحدس، على اعتبار أنه كتب باليونانية، ولغة الكتابة لا تقطع بحقيقة جنسيته الكاتب، ولاسيما في العصر الذي كانت فيه اللغة اليونانية لغة الثقافة في العالم.
ويرى البعض أنه من صقلية، مستندين في ذلك إلى تلقيب اكليمنضس السكندري لأستاذه بنتينوس بـ"النحلة الصقلية"، لكن هذا الرأي لا يمكن الأخذ به لأن النحل الصقلي كان له شهرته العالمية في ذلك الزمان، وكان تلقيب بنتينوس بالنحلة مجرد إشارة انسياب أقواله العسلية وعذوبة تعليمه المشبع وما يحمله من قوت وغذاء
أما عن زمن ولادته، فعلى ما يبدو أنه وُلد في أوائل القرن الثاني الميلادي، لكن يصعب تحديد سنة ميلاده بدقة.
اتفق المؤرخون على أن بنتينوس كان رواقياً وفيلسوفاً مشهوراً، ويشهد بذلك يوسابيوس القيصري المؤرخ الكنسي والقديس جيروم أيضاً، فكان بنتينوس رواقياً غايته القصوى الأخلاق والإيمان بالله مصدر كل الخيرات، متهذباً بالفلسفة اليونانية التي جعلته معلماً وفيلسوفاً، وتعلم في المدرسة الرواقيةوكان محباً للطهر والفضيلةويذكر التاريخ الكنسي شهادة العلامة أوريجين عنه أنه مثال أو بالأحرى أقدم مثال يمكن أن يُورده عن معلم مسيحي استطاع أن يفيد من دراسته الوثنية.
وكان بنتينوس دائم القراءة في الثقافة اليونانية، ومدحه تلميذه العلامة أوريجين قائلاً أنه في دراسته للفلسفة إنما يتمثل ببنتينوس ويحاكيه، إذ أن بنتينوس ربح الكثير من المثقفين خلال معرفته للفلسفة، وحاجج العقلانيين والفلاسفة ليكسبهم للمسيح يسوع، فهذا الاتجاه ادخله بنتينوس، وتطور على يدي تلميذه اكليمنضس وأعيد ترتيبه وصياغته منهجياً بواسطة أوريجين.ويُنسب للعلامة بنتينوس إدخال الفلسفة والعلوم إلى مدرسة الإسكندرية لكسب الهراطقة والوثنيين المثقفين الذين أعدت لهم دراسات خاصة تقدم الأساسيات الإيمانية مستخدمة الفلسفة كسلاح للمحاججة والإقناع، ثم دراسات متقدمة عن الحكمة الإلهية والمعرفة الروحية.
اعتنق بنتينوس المسيحية على يدي اثيناغوراس الفيلسوف المسيحي مدير مدرسة الإسكندرية اللاهوتية... إذ وجد بنتينوس في الإيمان المسيحي تشابهاً كبيراً مع الرواقية ووجده سمائياً طاهراً متسامياً بصورة أوضح وأكمل.تتلمذ على الفيلسوف الكبير اثيناغوراس أستاذ الإكليركية في أيامه، وصار بنتينوس مسيحياً، وساعد أستاذه وتدرج حتى صار مديراً للكلية الإكليريكية، وعموداً للإيمان في زمنه.