الحركة الإسلامية الشيعية.. "حزب الله" في نيجيريا
الخميس 11/أكتوبر/2018 - 03:15 م
طباعة
علي رجب
مدخل:
لم يكن للشيعة وجود ملحوظ كطائفة في نيجيريا قبل الثورة الإسلامية في إيران 1979 ورفع قائد الثورة آية الله الموسوي الخامنئي، شعارات تصدير الثورة، فبعدها بسنوات عرفت نيجيريا التشيع على يد إبراهيم زكزاكي، الذي أصبح الأمين العام لجمعية الطلبة المسلمين بنيجيريا [1977-1978]، ونائب الرئيس في الشئون الدولية للهيئة الوطنية عام 1979 جامعة أحمد بلّو زاريا، حيث زاد نشاطه في تلك الفترة، ما أهله ذلك إلي تقلّد عدة مناصب حسّاسة في (اتحاد الطلاب المسلمين) M,S,S للجامعة، وقد استفاد من هذه الفرصة خير استفادة، حيث أظهر لزملائه وأصدقائه داخل الجامعة أهدافه التي تجول في خاطره من ضرورة الإصلاح في البلاد ونصرة المستضعفين والوحدة بين الأمة الإسلامية والعودة إلى نهج الإسلام الأصيل، متأثرًا بشعارات الثورة الإسلامية في إيران.
فبحلول أواخر السّبعينيات بدأت تنشأ تدريجياً حركة شبابية دينية ذات طابع إسلامي بحت في نيجيريا ـــ داخل الجامعات الوطنية والمؤسسات التعليمية ـــ عبر اتحاد الطلاب المسلمين ( M.S.S )، وكانت تلك الحركة تحت قيادة السيد الزكزاكي نفسه. ولقد تطورت تلك الحركة الشّبابية إلى أن أصبحت الحركة الإسلامية في نيجيريا الحالية، كما تسمى بالحركة الشيعية (Yan shi'a) أو الإخوة المسلمون (Yan Uwa Musulmi) أو الإخوة (Yan uwa) أيضاً.
ولقد استفاد السيد الزكزاكي من المؤتمر الذي يقيمه اتحاد طلاب الجامعات النيجيرية الذي يسمى ب ( I.V.C) أيّام التّعطيلات، يشارك فيه عدد كبير من طلاب الجامعات والمعاهد والمدارس الثانوية من جميع أنحاء البلاد وفي إحدى هذه المؤتمرات، الذي أقيم بمدينة كتسينا ( KATSINA) سنة 1978م في مدرسة ( A.T.S) بعد أن ألقى السيد محاضرته دعا الحاضرين إلي جلسة مفتوحة داخل مسجد المدرسة، حيث حضر قرابة أربعين طالباً (منهم الشخصية البارزة في الحركة الشيخ محمد محمود تور) وبعد سماعهم كلمات السيد عاهدوا الله عهد الرّجال على القيام بالحركة الإسلامية مع نشر أفكارها الإصلاحية في مناطقهم، ثم ختمت الجلسة بالتّوقيع ولصق الصّور مع كتابة العناوين على ورقة مخصصة للجلسة .
عُرف الزكزاكي بنشاطه الديني وهو طالب في الجامعة، فأنشأ "المنظمة الإسلامية في نيجيريا" التي أصبحت باعتناقه المذهب الشيعي الاثني عشري، مؤسسة تعمل بقوة مطردة على نشر هذا المذهب، وإن كانت تقول - في موقعها الإلكتروني- إن نشأتها سبقت نجاح الثورة الإيرانية.
وفي سنة 1980م سافر الشيخ الزكزاكي إلى إيران تلبية لدعوة وُجهت إليه، حيث ولأول مرة التقى فيها بالإمام الخميني، ثم أصبح أستاذًا ومرجعاً للتقليد بالنسبة إليه في مدرسة أهل البيت في نيجيريا.
التأسيس:
وعقب عودته من طهران أسس الزكزاكي، الحركة الإسلامية أو "المنظمة الإسلامية" في نيجيريا في أوائل 1980، لتكون هيئة جامعة لمؤيديه ولشيعة نيجيريا الذين يؤمنون بولاية الفقيه، التي تدعمها إيران.
وفي نفس السّنة ألقى محاضرة أخرى على نفس المنوال بمدينة زاريا، فهكذا ذاع خبر الزكزاكي ودعوته في جميع أنحاء نيجيريا وخارجها.
والزكزاكي، يعد تلميذ آية الله السيد طباطبائى مشرفاً على الحوزة العلمية في دولة غانا خلال الثمانينات من القرن الماضي.
توسعت "جماعة الزكزاكي" بمرور الوقت طوال الثمانينيات حتى أصبحت تضم عشرات الآلاف من الأعضاء.
ويحرص "الزكزاكي" على تعليق صورة لزعيم الثورة الإيرانية الخميني، كما يحرص هو وأتباعه أيضًا على متابعة الأحداث الجارية في إيران، ويعارض زعيم الشيعة في نيجيريا القيام بأي عمل عسكري ضد إيران، ويقول: إن ذلك لن يكون له تأثير فقط على نيجيريا، ولكن على جميع أنحاء العالم.
والحركة الإسلامية، في نيجيريا حركة سياسية واجتماعية ودينية جعفرية وهي أكبر تنظيم يضم الشيعة الإمامية في نيجيريا وغرب إفريقيا عموما، وتهتم الحركة بالأوضاع العامة للمسلمين الشيعة وإقامة الاحتفالات والمآتم لآل البيت، فضلا عن الأنشطة الاجتماعية والثقافية وغيرها خصوصًا الاحتفال بالمناسبات الإسلامية وخاصة لدي اتباع المذهب الاثني عشري الجعفري، فضلا عن التوعية والتبليغ للمذهب.
ووفقا لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي": في السنوات الأخيرة، زاد حجم عضوية الحركة الشيعية واتّسع نطاقها بعد أن كانت حركة صغيرة ومحدودة، وذلك في الوقت الذي تحول الاهتمام فيه إلى حركة بوكو حرام، وهي حركة إسلامية سنية تحارب من أجل إقامة دولة إسلامية في نيجيريا.
وتنامي نفوذ الشيعة في نيجيريا واتساع نطاق الحركة الشيعية لدرجة بات يوصف نفوذهم بأنه "دولة داخل الدولة" نظرا لارتفاع عدد تجمعاتهم في البلاد ووجود جمعيات عديدة تتحدث عنهم في مقدمتها تنظيم "الحركة الإسلامية" في نيجيريا والتي اسسها الشيخ إبراهيم الزكزاكي.
المرتكزات الفكرية:
1-المذهب الاثني عشري هو المرجع الفكري للحركة الإسلامية .
2-الدفاع عن المستضعفين من الشيعة" المؤمنين" في نيجيريا وخارجها.
3-الولاء التام لـ"ولاية الفقيه"، والتي يمثلها المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران.
لا تخفي المنظمة انتماءها لأيديولوجيا الثورة الإيرانية القائمة على المذهب الجعفري الشيعي ونظرية ولاية الفقيه، بل إنها تعلن في جميع المناسبات ولاءها للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية، وتعمل -بجانب مؤسسات إيرانية في البلاد مثل "منظمة آل البيت" و"منظمة حيدر"- على نشر المذهب الشيعي باعتبارها إحدى أذرع إيران بنيجيريا والمنطقة.
أهداف الحركة:
1ــ أن يتسنى للإخوة المؤمنين في الحركة معرفة بعضهم بعضاً.
2ــ إيجاد روح الإخاء والألفة والمحبة بين الإخوة.
3ــ تفويت الفرصة أمام الجواسيس الذين يعملون ليلا و نهارا من أجل التّخريب وايجاد الفتن داخل صفوف الإخوة .
4ــ تسهيل نقل أوامر القيادة العامة للحركة إلى الإخوة وخاصة التي تحتاج الى السّر التامة في النقل.
5ــ التأكيد على شمولية الحركة وكونها لا تختصّ بقومِ دون قوم أو قبيلة دون الأخرى.
6ـ السعي على إيجاد المبلّغين في كل قرية أو مدينة أوحيٍّ سكني مهما صغر، كي يسهل تعرّفهم على أخلاق وعلوم أهل البيت عليهم السّلام عن قريبٍ، كما أنّ اندماج و تعايش الإخوة حسب حدود الشرع مع المجتمع أكبر عامل لنجاح الحركة.
7ـ إرشاد المجتمع عملياً الى أنّ الإسلام دينٌ حيويٌ فيه كل شئ وصالح للتطبيق في كل زمان ومكان .
8 ـ تسهيل عملية ادارة الحركة مع التأكيد على شفّافيتها ومرونتها، ثمّ جعلها في متناول الجميع، الصغير منهم والكبير والمرأة والرجل و الحضري والبدوي .
9ـ مراعات الظروف والخصوصيات لكل منطقة أو قوم لأنّ العادات والتقاليد والثقافة و الأعراف تختلف كما أنّ ما يصلح تطبيقه في منطقة قد لا يصلح في أخرى.
التمدد والانتشار:
من المعلوم أن نيجيريا مقسمة جغرافياً إلى 36 ولاية و774 محافظة ولم تكن فعّالية الحركة مقتصرة في داخل إطار نيجيريا فقط، بل انما تشمل الدّول الأخرى وخاصة المجاورة لها ايضاَ .
تأخذ الحركة من مدينة زاريا ( ZARIYA) مقرّ قيادة الحركة، كما يشرف كل واحد من تلك القيادات على عدد من مندوبي الحركة في الأقاليم والولايات سواءٌ كانت داخل خريطة نيجيريا الجغرافية أم خارجها.
وعلي مستوى الولايات والأقاليم فهي مقسمة إلى دوائر وحلقات ثمّ المجالس وعلى رأس كلٍ منها مندوب أو وكيل الذي يكون مسئولاً أمام المجلس القيادي الولائي، كما أنّ الولاية - ككل - تخضع تحت قيادة وكيل واحد بصفته المشرف المباشر على جميع مندوبي الحركة و وكلائها في المدن والمحافظات والمحلِّيات والأحياء السّكنية والقرى الموجودة داخل الحدود الجغرافية للولاية .
ومن جانب آخر هناك إدارات أُخرى للمؤسسات والهيئات والمنظّمات التي أسست بأوامر الزكزاكي أو باقتراح بعض أفراد الحركة، للأهداف الإنسانية أو المذهبية أو الخَدمات الاجتماعية والإعلامية وغيرها، فمديرو هذه المؤسسات يخضعون تحت إشراف تلك القيادات الحركية حسب التسلسل المذكور أعلاه .
مجلس القيادة:
ومن أبرز قيادات المنظمة: إبراهيم الزكزاكي، وهو الامين العام والاب الروحي للمنظمة وشيعة نيجيريا
وقد كرّمته الحكومة الإيرانية في شهر فبراير 2015 -في إطار الاحتفالات بالذكرى الـ36 للثورة الإيرانية، في حفل حضره مسؤولون إيرانيون كبار عرفانا بدوره في خدمة ايران.
-الشيخ محمد محمود توري نائب المؤسسة والذي قتل في احداث 12ديسمبر 2015.
-إبراهيم موسى وهو المتحدث الإعلامي باسم المنظمة الإسلامية
والدكتور مصطفى سعيد المسؤول الطبي .
-السيدة جومي جيليما مسؤولة قسم النساء بالحركة الإسلامية .
-يعقوب يحيى وهو امين الحركة والرجل الأول للمنظمة في ولاية كشنا.
- محمد دار الحكمة عضو قيادي بالمنظمة.
أهم مؤسسات الحركة:
أسست الحركة الإسلامية عدة مؤسسات تعليمية وانسانية داخل وخارج نيجيريا والتي تعمل في مجالات وأصعدة ومستويات مختلفة ولكل ادارةٍ أجهزة مستقلّة. نكتفي هنا بذكر ثلاثة من المؤسسات الإنسانية بالإيجاز على سبيل المثال كما يلي: ــ
1: مؤسسة الشّهداء:
تأسست هذه المؤسسة المباركة في يوم السبت 17 من شهر رجب سنة1411 من الهجرة، الموافق يوم 1ـ1ـ1992ميلادي بمدينة زاريا (ZARIYA )، وهي مؤسسة انسانية تقوم برعاية ابناء الشهداء وكفالة الأيتام و الأرامل وغيرها.
2: مؤسسة الزهراء الخيرية:
تأسست هذه المؤسسة المباركة في 2010م الموافق1432من الهجرة، لتكون عمدة لبقية مؤسسات الحركة، وخاصّة التي تعمل في مجال الخدمات الاجتماعية والانسانية كحفر الآبار وشقّ قنوات المياه وتخليص المسجونين ومساعدة الأرامل والمحتاجين وغيرها.
3: مؤسسة الصحة {ISMA}:
تعتبر هذه المجموعة أنها رابطة للأطباء والممرضين التابعين للحركة الإسلامية الذين يعملون في المجال الطبي بالقطاع العام أو الخا .
4- المؤسسات الإعلامية:
وللحركة الإسلامية في نيجيريا، أذرع إعلامية بلغات محلية واللغة الانجليزية، وفي مقدمتها، صحيفة "الميزان" اليومية والتي تصدر بلغة الهوسا منذ نحو عقدين، والتي تعتبر القوة الإعلامية الضاربة للشيعة حيث تنشر فيها مقالات علماء الشيعة وعلى رأسهم الزكزاكي، وتتبع نشاطاتهم داخل وخارج البلاد وتهتم بنشر الأخبار التي تخص إيران.
بالإضافية الي صحيفة "الميزان"، هنا جريدة" المجاهد" الصادرة بالإنجليزية، بل نجحوا أيضا في ظل شهر العسل بينهم وبين الحكومة في شراء ساعات بث في الإذاعة والتليفزيون ليبثوا من خلالها برامجهم التي تحمل أفكارهم.
وهناك موقع الحركة الإسلامية بالعددي من الغلات في مقدمتها اللغة محلية "الهوسا"، واللغات الانجليزية والفرنسية والفارسية.
وترعى المنظمة شبكة كبيرة من المدارس والمستشفيات والمراكز الثقافية والاجتماعية في شمالي نيجيريا وجنوبيها، إضافة إلى مؤسسات اقتصادية مثل "منتدى التجارة". وتنظم مسابقات في الشعر والنثر تقدم فيها جوائز للفائزين، كما توفر منحا للشباب للدراسة في معاهد وجامعات إيران.
وتنظم مظاهرات حاشدة في المناسبات الشيعية المختلفة، مثل يوم عاشوراء والجمعة الأخيرة من رمضان التي جعلتها طهران يوما عالميا للقدس. وتعتبر المنظمة مواكبها الدينية ومظاهراتها السياسية من أنشطتها المهمة باعتبارها "وسيلة لنشر رسالة الحركة بين الناس"، رغم أن بعض هذه الفعاليات وقعت فيها اشتباكات مع الشرطة أدت إلى خسائر في الأرواح والممتلكات.
ذراع عسكري:
وشكلت الحركة الإسلامية بقيادة الزكزاكي مليشيا عسكرية تطلق على نفسها مسمى (جيش المهدي).
وتقول تقارير أمنية نيجيرية إن مجموعة الزكزاكي تمثل الوجه الآخر لجماعة بوكو حرام الإرهابية النيجيرية المقربة من تنظيم داعش، ولهذه المجموعة عدد من المسلحين المدربين في إيران، وقد سبق أن هاجموا الجيش ورجال الأمن، كما شنوا هجمات ضد المسلمين السنة في عدة مدن شمالية في محاولة لإشعال حرب طائفية في البلاد.
مجموعة إبراهيم الزكزاكي تمثل الوجه الآخر لجماعة بوكو حرام الإرهابية النيجيرية المقربة من تنظيم داعش، يبلغ عدد مليشيات أكثر من 3 آلاف مقاتل نيجيري.
وسبق لميليشيا إبراهيم الزكزاكي أن قامت بمحاولات عدة لاغتيال رئيس أركان الجيش النيجيري خلال 2015 ولكنه نجا من كل تلك المحاولات.
وتدرب مليشيات العسكرية النيجيرية طوال الوقت بالتدريب على القتال، وهو ما كشفه المحلل السياسي النيجيري محمد كبير عيسى لأحد المواقع الإخبارية، لافتا إلى أن الحركة الشيعية باتت "دولة داخل الدولة"، وإنه يعلم أنها تقوم بإجراء تدريبات عسكرية لأعضائها، مما يكشف عن تدبير الشيعة لعمل ما في المستقبل.
كما حذر من إمكانية نشر المذهب الشيعي في دول إفريقية أخرى انطلاقا من نيجيريا والتي يأتي إليها الكثير من التجار، في ظل اشتغال الشيعة بالتجارة وتأسيسهم منتدى التجارة لتعزيز نفوذهم الاقتصادي لتسهيل عملية نشر مذهبهم بين التجار الوافدين.
الانقسامات:
ومع تمدد المذهب الشيعي بدأت خلافات جوهرية في الظهور أدت إلى انقسام الشيعة إلى قسمين، وكانت مجموعة "الزكزاكي" الذي يعادي الدولة النيجيرية ويصفها بالطاغوت، وقد خاض أنصاره العديد من الصدامات العنيفة مع السلطة عبر عقود من الزمن، وهناك حاليا نحو 120 معتقلا من أتباعه في سجون الدولة.
فيما يمثل القسم الثاني اثنان من أهم اتباعه وهما: حمزة الأول وصالح زاريا، وكلاهما تلقى علوم التشيع في إيران وقد انشقا عن الزكزاكي، بعدما اعتبراه جاهلا بالعلوم الشرعية، وعلى العكس تماما أبديا رغبة في الانخراط في مؤسسات الدولة المختلفة، وانتشر نشاطهما بين الشباب في الجامعات، وهو ما حدا بالمراقبين إلى اعتبارهما رأس الحربة القادمة في نشر المذهب الشيعي في نيجيريا.
الدور الإيراني:
منذ نجاح الثورة الإسلامية بقيادة آية الله السيد الموسوي الخميني علي تصدير الثورة إلى الخارج، وتوظيف الخلافات المذهبية للتأثير في الأقليات الشيعية في معظم دول العالم خلال العقود الثلاثة الأخيرة، عبر ربط هذه الأقليات من الناحية العقدية بالمشروع الإيراني الهادف إلى خلق أذرع تعمل لمصلحتها، ما يسمح لها بالتمدد وإلحاق الضرر بأمن واستقرار الدول المستهدفة، إن استوجب الأمر.
وتسعى إيران إلى تواجد في معظم دول العالم ذات الأهمية الاستراتيجية او ذات الموارد الغنية، من خلال شبكة من المنظمات الحكومية وغير الحكومية نسميها "شبكة العمل الإيرانية (أيان). ويشارك أعضاء تلك الشبكة في صياغة وتنفيذ العناصر السرية لأجندة السياسة الخارجية الإيرانية.
وهناك ثلاث جهات فاعلة في " أيان": فيلق الحرس الثوري الإسلامي- قوات القدس، وزارة الأمن والاستخبارات الإيرانية وحزب الله اللبناني.
كما تعتمد ايران على منظمتين من المنظمات المحلية الرئيسة للتنسيق والإشراف على الترويج للثورة دولياً: وزارة المخابرات والحرس الثوري- فيلق القدس. ويعمل كلاهما بشكل وثيق مع حزب الله اللبناني ومع شبكة معقدة من الوكلاء والكيانات المعتمدة، بما في ذلك جماعة الاخوان المسلمين والجماعات الشيعية الموالية وحتى تنظيم القاعدة.
ويتولى تنفيذ هذه المهمة كل من منظمة المجمع العالمي لأهل البيت التي يشرف عليها خامنئي بشكل مباشر، بالتعاون مع جهاز المخابرات "اطلاعات"، واستخبارات الحرس الثوري من خلال فيلق القدس، الأمر الذي يكشف طبيعة هذا المشروع وأبعاده، وفي هذا الإطار لم تكن الدول الإفريقية بعيدا عن الطموح الإيراني، حيث عملت على نشر المذهب الشيعي بنسخته الإيرانية، على غرار ما هو حاصل في العراق، وسورية، ولبنان، واليمن وبعض دول الخليج العربي.
وحرص إيران على الزحف نحو إفريقيا يعود بشكل كبير إلى الجانب الاقتصادي والرغبة في الاستثمار والهيمنة وإيجاد موطئ قدم لها على إفريقيا للحصول علي ثرواتها، فإفريقيا بها مخزونات قابلة للاستخراج من النفط الخام والغاز والفحم واليورانيوم -تثير شهية أي دولة لديها نية في لعب دور إقليمي ودولي- تقدَّر بنحو 13- 14.5 تريليون دولار، و1.7 تريليون دولار من الثروة الكامنة والإنتاج في قطاعات مثل: الزراعة والسياحة والمياه، قدَّرتها دراسة حديثة أعدتها (أفريكا إنفستور) و (أفريكا غروب) للأبحاث الاستثمارية.
ووصلت العلاقات التجارية بين إفريقيا وايران لأكثر من مليار دولار، الرقم الذي قد لا يبدو ضخمًا هو بشكل ما باب مهم من أبواب الدخول الإيراني لتحقيق أهداف أخرى قد لا تتحقق إلا عن طريق الاستثمار والشراكة التجارية
ولإيران أكثر من 30 سفارة في القارة السمراء الأمر الذي منحها التمتع بصفة العضو المراقب في الاتحاد الإفريقي، واغلب هؤلاء السفراء هما قادة في الحرس الثوري ويعملون على نشر التشيع الإيراني في إفريقيا.
ارتكزت الخطة التي وضعها ايران لنشر التشيع في غرب إفريقيا المنطقة على ثلاثة عناصر أساسية:
1- التركيز على ضعيفي المستويات من حملة الثقافة العربية الإسلامية فتم استيعابهم ضمن برامج المراكز والمعاهد التي اهتموا بإنشائها في هذه الدول، فهناك 25 مدرسة إعدادية تتبع لمؤسسات إيرانية تنتشر في أربع ولايات شمالية في نيجيريا، لافتا أنها تقبل سنويا ما لا يقل عن 10 آلاف طالب وطالبة .
2- إرسال بعض الشباب إلى لبنان وايران، لدراسة وتعلم المذهب الشيعي قبل إعادتهم إلى المنطقة دعاة للفكر الشيعي.
3- التركيز علي العمل الاجتماعي والاغاثي حيث انتشرت العديد من عمليات الاغاثة الإيرانية في المناطق الفقيرة وتقديم خدمات عبر جمعيات خيرية لتكون ستارا للتشيع.
وكانت أبرز الدول الإفريقية التي تمكنت الدولة الإيرانية من النفوذ فيها هي نيجيريا، نظرا لثقلها البشري، حيث تعد أكبر البلاد الإفريقية من ناحية التعداد السكاني، فضلا عن موقعها الاستراتيجي والثروات الطبيعية التي تحتويها في مقدمتها النفط.
وسعت طهران الي وجود اذاع واوراق سياسية لها في نيجيريا، وكان العمل علي وجود شيعية ايرانيون هو ابرز الاهداف الإيرانية ليضمن ولائهم التام للمرشد الأعلى في طهران، فدعمت ايران “الشيخ إبراهيم زكزاكي" الذي وصفه الإعلام الإيراني بـ"زعيم شيعة نيجيريا"، تحت إشراف القسم "7000 – فيلق إفريقيا" الذي يتولاه الضابط بالحرس الثوري "سيد علي أكبر طبطبائي" كان يحمل جواز سفر باسم أكبر طه مسبي.
ويرى مراقبون أن إيران تسعى من وراء دعم الزكزاكي وجماعته إلى تأسيس ميليشيا عسكرية على غرار حزب الله في لبنان، لتكون أداة الضغط على الحكومات النيجيرية، لتنفيذ مطالب وأهداف السياسة الإيرانية في القارة الإفريقية بشكل عام، وفي نيجيريا بشكل خاص، نظرا لأهميتها الاقتصادية والاستراتيجية، باعتبارها أهم الدول المنتجة للنفط في القارة السمراء.
ويضيف هؤلاء المراقبون أن من بين الأهداف الإيرانية أيضا تأسيس حزب سياسي يضع هدفه الأساسي الوصول إلى سدة الحكم في نيجيريا، أو يصبح أحد أهم أذرع المؤسسات الحاكمة أو المشاركة في الحكم، وعلى أقل تقدير يكون أكبر الأحزاب المعارضة، فيما يضمن تمرير السياسة الإيرانية في نيجيريا.
كما تمثل أهمية نيجيريا في أنها من أكبر الدولة الإسلامية في وسط وغرب إفريقيا وتمثل مرمزا استراتيجيا للتحركات الإيرانية في القارة السمراء.
وكان الدعم الاقتصادي والعمل الاجتماعي والإغاثي من أهم الأساليب التي أدت إلى تغلل إيران في نيجيريا، كما لم تتردد الأسر الفقيرة في إرسال أبنائها للتعلم في مدارس تدعمها ايران في نيجيريا، مما ادي الي غرس المذهب الشيعي في عقول الصغار، ويتم تعليمهم في عدد من المدارس اللغة الفارسية، وقد قام الملحق الثقافي الإيراني في مايو عام 2009 بعقد مؤتمر في جامعة لاجوس بعنوان “ما هي التحديات في تعلم اللغة الفارسية وثقافتها في المجتمع النيجيري”، كذلك يتم اختيار بعض الطلاب المتفوقين لإرسالهم إلى إيران لتلقي علوم المذهب هناك والعودة لنشره في البلاد، والعمل كمعلمين في هذه المدارس.
كما شكلت الجالية اللبنانية الكبيرة بنيجيريا، اهم اوراق للنفوذ الإيراني في البلاد، إذ قدرت صحيفة الأخبار اللبنانية في تقرير لها في يناير 2012 عدد أفراد الجالية اللبنانية بنحو 30 ألفا، ينتشرون في أرجاء نيجيريا، ومنها مدينة كانو، حيث يعيش أكثر من 3 آلاف شخص يعملون في تجارة المنسوجات والبلاستيك والجلود.
ومن بين هؤلاء اللبنانيين هنالك من هو مرتبط بحزب الله اللبناني وجماعة الحركة الإسلامية التي يتزعمها الزكزاكي، ما يؤكد وجود علاقة تنظيمية تربط الجهتين.
وعمل الحرس الثوري علي تأسيس حركة وتنظيم لإبراهيم الزكزاكي بالإضافة الي رعايته ماديا واعلاميا عبر وسائل الاعلام الشيعي بشكل عام والمرتبطة بالأجندة الإيرانية بشكل خاص وتقديمه علي انه رمز للمقاومة في نيجيريا عبر القضية الفلسطينية ومحاربة التغلغل الغربي وخاصة النفوذ الإيراني.
فأنشأت طهران "الحركة الإسلامية" بزعامة إبراهيم يعقوب الزكزاكي أوائل الثمانينات من القرن الماضي، والتي ساهمت بشكل ملحوظ في نشر التشيع وان يكون ذراع ايران القوية في نيجيريا.
وفي نوفمبر1989 دعمت إيران إلى عقد مؤتمر دولي حول الأديان في إفريقيا والذي عقد في جامعة "عثمان دان فوديو" النيجيرية، وخرج المؤتمر بتأسيس المجلس الإسلامي في إفريقيا.
وتؤكد مؤسسة PEW في آخر إحصائية لها عام 2009 أن عدد الشيعة في نيجيريا يقارب 3 ملايين و900 ألف نسمة.
وبدأت السفارة الإيرانية في بداية الثمانينات استقطاب الطلاب النيجريين، وكان إبراهيم الزكزاكي ابرز هؤلاء الطلاب الذي أصبح يمثل الممثل المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي، في نيجيريا ويلقبه الإعلام الإيراني بزعيم شيعة نيجيريا.
ووفقا لتقارير صحفية، فقد تم تعيين الزكزاكي من قبل الحكومة الإيرانية أمينا عاما للحركة الإسلامية "حزب الله" النيجيرية، على غرار نظيره، حسن نصر الله، مشيرة إلى أن إيران قدمت التدريب "في حرب العصابات: صنع القنابل واستخدام الأسلحة مثل المسدسات والبنادق وقذائف "آر بي جي"، وتصنيع قنابل يدوية".
نشر التشيع ودعم الزكزاكي، كان من ضمن المخططات الإيرانية في نيجيريا، ومن ضمن هذه المخططات ان نيجيريا كانت مركزا للنقل وتهريب السلاح للجماعات الانفصالية في السنغال وجامبيا ونيجيريا ومالي.
ولعب ما يسمى “الاتحاد الإسلامي للطلبة الأفارقة في إيران” دورا كبيرا في استقطاب الشباب الإفريقي بشكل عام، والنيجيري على وجه الخصوص، وتسفيرهم إلى إيران، تقول صفحة “الاتحاد على الفيسبوك” ليبلغ الشاهد منكم الغائب حول هذه الغرفة، وهي تتعلق بكل الأفارقة المتخرجين والمشغولين بالدراسة في الجمهورية الإسلامية في إيران”.
كذلك تدعم طهران الكثير من المؤسسات لنشر الفكر الشيعي في نيجيريا ومن أهمها مؤسسة “حيدر- نيجيريا” والتي تقول عن نفسها على موقع التواصل الاجتماعي: “مؤسسة حيدر – نيجيريا: من المؤسسات المهمة في تاريخ الاستبصار في نيجيريا، ولها دور كبير جدا في نشر مذهب أهل البيت عليهم السلام في نيجيريا.
وعقب هجوم الجيش النيجيري، في 12 ديسمبر2015، علي مقر الحركة الإسلامية واعتقال الشيخ الزكزاكي، أحدث مثال على ذلك الجدل الذي أثارته إيران، خلال اليومين الماضيين، حين احتجت رسميا لدى دولة نيجيريا على هجوم شنّه الجيش ضد مجموعة صغيرة من الشيعة في بلدة زاريا (شمال البلاد). وما زاد من الجدل، وفي الوقت نفسه أثار القلق، موقف الرئيس الإيراني، الذي يعكس موقف المرشد الأعلى والنظام في إيران، حيث أجرى اتصالا مباشرا بنظيره النيجيري، محمد بخاري، طالبه فيه بإنشاء لجنة تقصي حقائق في حادث زاريا.
وأعقبه اتصال أجراه وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، بنظيره النيجيري جيفري أونياما لكي يطلب منه أن تتحرك حكومته “فورا وبشكل جدي لتجنب العنف” ضد الشيعة في نيجيريا، كما استدعت طهران القائم بالأعمال النيجيري إلى مقر الخارجية الإيرانية التي طالبت السلطات النيجيرية “بشكل جاد بتحديد أبعاد الحادث ومعالجة الجرحى وتعويض الخسائر والأضرار في أسرع وقت ممكن”، كما أوردت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية.
وقال خبراء إن الموقف الرسمي الإيراني بدا وكأنه يتحدّث عن جالية إيرانية في نيجيريا وليس عن مجموعة من المواطنين النيجيريين المسلمين الذين يعتنقون المذهب الشيعي، والذين تمّت مواجهتهم أمنيا على خلفية محاولة إثارة الشغب والإخلال بالأمن بعدما استهدفوا قافلة تحمل قائد أركان الجيوش النيجيري يوسف بوراتاي في محاولة لاغتياله.
هذه الحادثة، وفق الخبراء، كانت لتمرّ مرور الكرام، لولا تصريحات إيران، التي اعتبرها البعض تدخّلا في الشأن النيجيري الخاص، ولم يستبعدوا أن تكون طهران وراء التصعيد الذي تمّ على خلفية هذه الحادثة، حيث تجمع العشرات أمام سفارة نيجيريا في طهران للاحتجاج على “مجزرة بحق الشيعة”، فيما نظمت تظاهرة أخرى ضمت المئات من الطلاب في إحدى جامعات العاصمة النيجيرية.
وكشف الأمين العام للجماعة الإسلامية في نيجيريا، من النشاط الإيراني في بلاده، مشيرا «إلى أنها دربت 3 آلاف شاب نيجيري للالتحاق بالصراع الدائر في سوريا والانضمام لقوات الأسد وبقية الميليشيات التي تقاتل لجانبه ومنها حزب الله".
وذكر داود عمران، الأمين العام للجماعة، أن المقاتلين التي تسعى طهران لإرسالهم لسوريا، خضعوا للتأهيل اللازم للانخراط في المعارك، بإشراف من السفارة الإيرانية في أبوجا والقنصلية في لاغوس. وطالب حكومة بلاده بالتصدي لتلك التحركات التي تمثل تحديا صارخا وتعديا على السيادة النيجيرية وخارجة عن الإطار القانوني.
وأوضح أن إيران لها مشاريع كثيرة ممولة بملايين الدولارات لتشييع المسلمين في نيجيريا، مؤكدا أن تلك تنفذ من قبل أربع مؤسسات إيرانية في طليعتها(المنظمة الإسلامية او الحركة الإسلامية) التي يتزعمها إبراهيم يعقوب الذي يعتبر شيخ الشيعة في نيجيريا، وعن طريقه تمول إيران نشاطاتها وله آلاف من الأتباع.
ووفقا لدبلوماسي إيراني سابق، تم تعيين الزكزاكي من الحكومة الإيرانية، على غرار حزب الله اللبناني، مشيرا إلى أن إيران تقدم مع التدريب "في حرب العصابات: صنع القنابل واستخدام الأسلحة مثل المسدسات والبنادق وقذائف الـ"آر بي جي"، وتصنيع قنابل وقنابل يدوية .
وفي فبراير 2013 أعلن جهاز الاستخبارات النيجيري عن اكتشاف خلية عسكرية قال إنها تتلقى تعليمات من عناصر إيرانية، كانت تهدف إلى مهاجمة أهداف إسرائيلية وغربية في نيجيريا. وقال المتحدث باسم الجهاز، مارلين أوغار، في ذلك الوقت، إن المجموعة خططت كذلك لاغتيال الحاكم العسكري السابق لنيجيريا، إبراهيم بابانجيدا.
كما كشفت وكالة رويترز في أواخر مايو من العام نفسه أن أجهزة الأمن النيجيرية عثرت في منزل بمدينة كانو الشمالية على أسلحة خزنها مواطنون لبنانيون، وكان من المخطط استخدامها في شن هجمات على أهداف إسرائيلية وغربية.
ووصف رئيس قسم أمن ولاية كانو، باسي ايتانج، المنزل بأنه يؤوي خلية إرهابية مرتبطة بحزب الله اللبناني. وجاء في بيان آخر للجيش أن الأسلحة كانت تشتمل على مضادات للدبابات، وقذائف صاروخية وألغام مضادة للدبابات والأفراد وغيرها من الأسلحة الخطرة. وأشارت التحقيقات لاحقا إلى وجود مخطط لاغتيال السفير السعودي في نيجيريا، واعترف بذلك أحد المتهمين ويدعى أحمد روضة خلال جلسة محاكمته بأبوجا.
وفي ديسمبر 2010 كشفت مصادر دبلوماسية غربية ان شحنة الأسلحة الإيرانية المهربة الى نيجيريا التي تضمنت 13 حاوية تضم مواد للبناء تخفي اسلحة ومدافع أرسلها «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني واكتشفتها السلطات النيجيرية في ميناء أبابا في لاغوس ربما تكون موجهة إلى ميليشيات محلية تعمل في نيجيريا والخارج مثل منظمة «حسبة» التي تفرض الشريعة الإسلامية في مقاطعة كانو شمال البلاد، ومنظمة «باكو حرام» التي تنشط في الشمال، وحركة «تحرير دلتا النيجر» التي تقاتل من أجل السيطرة على عائدات النفط في الشمال.
وكانت مصادر نيجيرية ذكرت ان بعض هذه الأسلحة كان وجهته السنغال وبالتحديد الى حركة «القوات الديموقراطية في كازاماس» التي تنشط في مناطق التمرد في السنغال جنوب غامبيا.
ووفقاً للمصادر فإن «الشحنة كانت جزءاً من الاستراتيجية الإيرانية لتعزيز نفوذها ووجودها في القارة الافريقية، كجزء من المهمة الكبرى المعطاة لـ«الفريق الافريقي» في فيلق القدس، وقالت إن ضابطين من الحرس الثوري هما عظيم أغاجاني وطباطبائي كانا مسؤولين عن العملية، سارعا بعد اكتشاف امرها الى اللجوء الى السفارة الإيرانية في لاغوس وقالت إن وزير الخارجية المقال منوشهر متقي نجح بإبرام صفقة بعد ممارسته ضغوطاً كبيرة على السلطات النيجيرية بضم طباطبائي الذي دخل بجواز سفر دبلوماسي الى نيجيريا الى وفده العائد، مقابل تسليم الآخر الأقل رتبة وقالت إن الأول ربما يعرف بدقة تفاصيل الأنشطة الإيرانية السرية في إفريقيا".
ليست كل أنشطة حزب الله في غرب إفريقيا جنائية بطبيعتها، على الرغم من أن كثيراً منها يبدو كذلك اليوم.
وفي عام 2010، ضبطت السلطات النيجيرية 13 حاوية مليئة بالأسلحة مثل قذائف مدفعية من عيار 107 مم ومدافع هاون وقنابل يدوية كانت في طريقها إلى غامبيا. ولتجنب الاعتقال، لجأ إيرانيان - قائد فيلق القدس في إفريقيا، علي أكبر طباطبائي، وعظيم آغاجاني ـ إلى السفارة الإيرانية في أبوجا.
وفي مايو عام 2013، أدانت السلطات النيجيرية آغاجاني وشريكه النيجيري وحكمت عليهما بـ 5 سنوات في السجن.
العلاقة مع حزب الله :
ربما يكون وجود حزب الله في نيجريا قبل الوجود الإيراني، من خلال الجاليات اللبنانية في نيجيريا وغرب إفريقيا.
ولحزب الله مشاريع اقتصادية في نيجيريا وغرب إفريقيا حيث يدير مؤسسات اقتصادية ضمن منافذ لغسيل الأموال عبر إفريقيا. وفي مطلع العام الحالي كشفت وزارة الخزانة الأميركية عن شبكة لتمويل ودعم حزب الله مركزها نيجيريا. وتتكون من ثلاثة أشخاص ينشطون في التجارة ولهم محلات سوبر ماركت وفنادق وشركات استثمارية يستخدمونها كواجهة للتغطية على أعمال مشبوهة من بينها جمع الأموال، والتجنيد والرصد لفائدة الحزب اللبناني.
ومن بين الأسماء التي ذكرها التقرير الأميركي مصطفى فواز، وهو عضو في منظمة تابعة لحزب الله، وقد اعتقل في نيجيريا سنة 2013، وأقر بانتمائه للحزب، كما اعترف بأسماء آخرين ينتمون للشبكة. والعضو الثاني هو شقيقه فوزي فواز، عضو في الحزب الشيعي، وقد تولى مهام العلاقات الخارجية له في أبوجا.
وكانت السلطات النيجيرية ألقت القبض عليه، وبحوزته أسلحة ثقيلة. وقد أظهرت التحقيقات معه تورطه في أنشطة إرهابية مختلفة. والشخص الثالث عبدالله تاحينه، وهو عضو بارز في جماعة حزب الله في نيجيريا يتولى جمع التبرعات لصالح الحزب، وتقول وزارة الخزانة الأميركية إنه خضع لدورات عسكرية في لبنان قبل انتقاله إلى هذا البلد الأفريقي.
وفي عام 2004 تحطمت طائرة تابعة لاتحاد النقل الأفريقي عند إقلاعها من مطار كوتونو، وقد اتضح أن تلك الطائرة كانت تحمل مسؤولا في حزب الله واثنين من مساعديه، وكان بحوزتهم مبلغ مليوني دولار. وقيل آنذاك إنها كانت عبارة عن تبرعات قدمها بعض الأثرياء اللبنانيين الذين يمارسون نشاطا اقتصاديا في إفريقيا لصالح الحزب. وقد قال حينها، ماثيو ليفيت، مدير برنامج ستاين لمكافحة الإرهاب في معهد واشنطن للدراسات إن “ناشطي حزب الله في إفريقيا يقومون باستثمار وغسيل كميات كبيرة من الأموال ويقومون بتجنيد ناشطين محليين، وجمع معلومات استخباراتيّة”.
واستقبل قبل اشهر حزب الله في بيروت زعيم شيعة نيجيريا الزكزاكي، حيث زار العديد من مواقع الحزب وخاصة متحف حرب تموز.
العلاقة مع الدولة:
وقد شهدت العلاقة بين الحكومات النيجرية وجماعة الزكزاكي، منعطفات كثيرة بدأت بتوترات في الماضي، ثم ما لبثت السلطات أن سمحت لهم بتأسيس المدارس، وفتحت المجال أمامهم لممارسة نشاطهم "الدعوي" بشكل كبير، ففتح الشيعة أبواب مدارسهم على مصراعيها مجانا أمام أطفال المسلمين.
وبدأ الزكزاكي الصراع مع السلطة في سبتمبر 2009، حينما اشتبك أنصاره مع الشرطة في زاريا؛ مما أدى إلى وقوع إصابات وقتلى من الجانبين.
وقد شهدت مظاهرة سيّرتها المنظمة بمناسبة يوم القدس العالمي في عام 2014 مصادمات بين المتظاهرين وقوات الأمن التي أطلقت الرصاص الحي، مما أسفر عن مقتل 33 شخصا بينهم ثلاثة من أبناء زعيم المنظمة الزكزاكي الأربعة.
وفي 27 نوفمبر 2015 قــُتل 21 شخصا على الأقل في تفجير انتحاري استهدف موكبا دينيا نظمه الآلاف من أتباع المنظمة في قرية داكاسوي على بعد نحو 20 كلم جنوب مدينة كانو (ثانية مدن نيجيريا سكانا). وقد تبنت جماعة بوكو حرام المسؤولية عن التفجير، وأعلنت المنظمة الحرب على هذه الجماعة المسلحة.
وفي 12 ديسمبر2015 شن الجيش النيجيري، هجوما في زاريا ضد مسلحين من الحركة الإسلامية النيجيرية، بتهمة محاولة اغتيال قائد أركان الجيوش النيجيري، ودمر الجيش مسجدا ومنزل زعيم الحركة الشيخ إبراهيم الزكزاكي الذي دافع عنه مئات المسلحين.
وأوضح المتحدّث باسم الجيش النيجيري العقيد ساني عثمان، في بيان نشر على الموقع الإلكتروني للجيش، إن "الطائفة الشيعیة وبناء على أوامر قائدهم، إبراهيم الزكزاكي في زاريا، هاجمت موكب رئيس أركان الجيش الذي يرافقه 73 عسكريا، بينما كان في طريقه لزيارة شيهو إدريس في زاريا”. وتابع البيان موضّحا أن “المئات من أبناء الطائفة الذين يحملون السلاح، وتحصّنوا في الطرق، رفضوا كل التوسلات للتفريق ثم بدأوا بإطلاق النار ورشقوا الموكب بمواد خطرة”.
وأصيب الشيخ الزكزاكي بجروح بالغة أثناء الهجوم، وهو في وضع حرج، بحسب الطبيب الذي عالجه في كادونا (شمال نيجيريا). وقال متحدث باسم الحركة: إن زوجته وأحد أبنائه قتلا وكذلك المسؤول الثاني في الحركة محمد توري.
واندلعت أعمال العنف الأخيرة عندما أغلق شيعة، السبت، طريقا رئيسيا أمام حسينية في زاريا، حيث تجمع المئات للصلاة، وقال الجيش: إن الشيعة هاجموا قافلة رئيس أركان الجيوش يوسف بوراتاي، مما دفع الجنود للرد، إلا أن الحركة نفت ذلك.
العلاقة مع بوكو حرام:
العلاقة بين الجماعات المتشددة يغلب عليها العداء والصراع، وجماعة جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد أو ما تعرف بـ"بوكو حرام"، المنظمة الإسلامية او الحركة الإسلامية يغلب عليها طابع الصراع والنزاع.
وقد نفذت حركة "بوكو حرام" المتشددة، عشرات الهجمات التي شيعة نيجيريا وأدت الي مقتل وإصابة المئات.
في نهاية نوفمبر 2015،، فقد هاجمت الجماعة موكباً تابعاً للحركة، مما أدّى إلى استشهاد 22 شخصاً في ولاية كانو الشمالية، كما أن هجوم الأمس حصل أثناء تشييع أبناء المدينة لأحد ضحايا بوكوحرام.
وفي عام 2005، شهدت ولاية سكتو شمال البلاد هجمات ارهابية دموية استهدفت الدور المتاجر والمدارس الدينية للشيعة، فأضرمت فيها النيران، وتعرضت النسوة والاطفال للقتل بطرق بشعة.
المؤسس.. إبراهيم الزكزاكي:
ولد في 1953 شمال نيجيريا من أسرة دينية لها تاريخ في مقاومة المظالم التي تعرض لها سكان الشمال النيجيري درس اللغة العربية والعلوم الدينية والاقتصاد سافر إلى إيران في 1980 وأسس المنظمة الإسلامية في نيجيريا، والتي حسب التسمية الإيرانية يطلق عليها حزب الله في نيجيريا تم اعتقاله من قبل السلطات في نيجيريا في 12 ديسمبر 2015 بتهمة ضلوعه في محاولة اغتيال قائد أركان الجيش النيجيري۔
للمزيد عن شخصيته وحياته واعتقاله۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔ اضغط هنا
الحركة الإسلامية.. المشهد الآن:
تعد الحركة الإسلامية أو المنظمة الإسلامية، والتي تمثل إحدى أهم المنظمات الشيعية في نيجيريا وغرب إفريقيا، الأن في موضع اتهام من قبل السلطات النيجيرية في ظل وجود شبهات حول نشاط المنظمة بعيدا عن الجانب الدعوي ولكن شبهات متعلقة بالأمن القومي النيجيري، لذلك كان أحداث 12 ديسمبر والتي ادت إلى اعتقال الزكزاكي الأمين العام للمنظمة، ووضعت أعضاءها بشكل خاص وشيعية نيجيريا بشكل عام في موضع تساؤل حول دور المنظمة في الإضرار بالأمن القومي النيجيري والذي يخوض أكثر من معركة شرسة فتظل هجمات "بوكو حرام" الإرهابية، والحرب العالمية ضد الإرهاب، والدور القوي الذي لعبته إيران في ادانة اعتقال الزكزاكي والهجوم علي حسينة "بقية الله" والتي تعد اشهر حسينيات المنظمة في نيجيريا.. فهل سينجو شيعية نيجيريا من براثن الاتهام السياسي بالولاء لإيران؟ أم سينتصر الجانب الوطني لديهم بتقديم صورة جيدة عن الدور الاجتماعي والخدمي والسياسي بما يخدم مصالح نيجيريا ويحافظ على التنوع الطائفي والمذهبي داخل البلاد؟.