وسط تقدم "داعش" في سوريا.. أمريكا ترهن التدخل العسكري بالتغيرات السياسية

الجمعة 29/أغسطس/2014 - 09:18 م
طباعة اوباما وسوريا اوباما وسوريا
 
يبدو أن الرئيس أوباما، الذي التقى بفريقه الأمني، لم يقرر بعد الإعلان عن استراتيجية تستهدف تنظيم داعش في سوريا، فهناك عوامل كثيرة عليه أخذها في الاعتبار، منها بناء تحالف إقليمي ودولي، ومساعدة المعارضة المعتدلة في سوريا، والتعجيل بتشكيل حكومة في العراق، حيث يعول أوباما على مشاوراته مع حلفائه الأوروبيين في مؤتمر حلف شمال الأطلسي أول سبتمبر، وكذلك دعم الكونغرس قبيل تمدد الضربات العسكرية لداعش في سوريا.

أوباما مع "داعش" بسوريا

أوباما
أوباما
وقال أوباما في مؤتمر صحفي إنه لم يتم تحديد استراتيجية للتدخل في سوريا حتى اللحظة، وقال إنه طلب من الوزير جون كيري التوجه للشرق الأوسط للمساعدة على بناء تحالف ضد "داعش"، وطلب من وزير دفاعه إعداد مجموعة من الخيارات لمواجهة التنظيم.
وأشار إلى إمكانية وجود دور لتحالف دولي بتقديم دعم جوي للقوات العسكرية العراقية، وتوفير تدريب وعتاد، وأكد أوباما أن الأولوية تكمن في ضمان دحر التقدم الذي أحرزه تنظيم داعش في العراق.
وفيما يخص سوريا، قال أوباما إن الأسد لا يملك القدرة على الدخول لمناطق يسيطر عليها "داعش"، وبالتالي فإن أمريكا ليست مضطرة لأن تختار بين داعش أو الأسد، وأشار إلى أن كسر شوكة داعش على المدى الطويل يتطلب استراتيجية إقليمية بالتعاون مع السُنة في العراق وسوريا.
وردًا على سؤال "العربية"، أقر أوباما بأن داعش استولى على أسلحة أمريكية بعد سقوط الموصل، وقال إن القوات العراقية بحاجة إلى دعم وتدريب من المجتمع الدولي، مضيفاً أن القوات الأمريكية وهي الأفضل في العالم – على حد قوله - بإمكانها اقتلاع تنظيم داعش بسهولة، لكنه سيعود بمجرد مغادرتها، لذا فالاستراتيجية سياسية في المقام الأول.

دعوة سورية للمواجهة

وليد المعلم
وليد المعلم
فيما يعد تغيرًا في الموقف السوري تجاه الولايات المتحدة الأمريكية، من حالة المعاداة إلى التوافق، قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم، اليوم الاثنين، إن الحكومة السورية مستعدة للتعاون مع الجهود الدولية والإقليمية لمحاربة الإرهاب، بشرط أن يتم ذلك بالتنسيق معها، مؤكدًا أن بلاده مستعدة للتعاون مع أي ائتلاف دولي أو إقليمي لمحاربة الإرهاب، حتى ولو ضم الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، وأكد المعلم أن أي تدخل عسكري في سوريا لابد أن يتم بالتنسيق مع سوريا وبشكل مسبق.
وقال المعلم في مؤتمر صحفي عقده في دمشق "نحن جاهزون للتعاون والتنسيق مع الدول الإقليمية والمجتمع الدولي من أجل مكافحة الإرهاب". وعما إذا كانت هذه الجهوزية تشمل التنسيق مع الولايات المتحدة وبريطانيا، قال "أهلا وسهلا بالجميع".
وأضاف إن بلاده مستعدة للتعاون "من خلال ائتلاف دولي أو إقليمي أو من خلال تعاون ثنائي".
وردًا على سؤال عن ضربات جوية محتملة فوق الأراضي السورية قد يقوم بها الأمريكيون، قال "إننا جاهزون للتنسيق والتعاون لأننا نحن أبناء الأرض ونعرف كيف تكون الغارة مجدية أو عدم جدواها، لذلك من يريد العدوان على سوريا لا يوجد لديه مبرر إلا بالتنسيق معنا إذا كان راغبا بمكافحة الإرهاب وأي شيء خارج عن ذلك هو عدوان".
وعما إذا كانت الدفاعات الجوية السورية ستسقط طائرات أمريكية تقوم بقصف مواقع لتنظيم "الدولة الإسلامية" في البلاد، قال المعلم "لدينا أجهزة دفاع جوي إذا لم يكن هناك تنسيق فقد نصل إلى هذه المرحلة، نحن نعرض التعاون والتنسيق بشكل مسبق لمنع العدوان".
وتابع "نحن نرحب بأي جهد ضد جبهة النصرة وداعش، ولكن السؤال هل الغارات الجوية وحدها ستقضي على تنظيمي النصرة وداعش في سوريا. أنا لا أعتقد ذلك"، ونفى المعلم وجود أي تنسيق مع الأمريكيين حتى الساعة في مسألة استهداف التنظيمات المتطرفة.
وبدأ المسئولون الأمريكيون يلوّحون بأمر مشابه في ما يتعلق بسوريا، ويقول مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان في الجيش الأمريكي، لمن يريد أن يفهم الرسالة: «يمكن هزم داعش إذا جرت معالجة الأزمة السورية». هذا الكلام المخفّف، قياساً بما قاله وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قبل أيام ضد الرئيس بشار الأسد، موجَّه في الدرجة الأولى إلى إيران.

توسع داعش

داعش وافاق التوسع
داعش وافاق التوسع
تمكن تنظيم داعش الارهابي  من احتلال آخر معاقل الجيش السوري التابع لبشار الأسد في شمال سوريا، وذلك بسيطرتهم على مطار "الطبقة العسكري" بمحافظة الرقة في وقت مبكر اليوم، ما أدى لمقتل أكثر من 500 شخص معظمهم من جنود بشار الأسد الذين كانوا بداخل المعسكر بينما لاذ الباقون بالفرار.
وتناثرت جثث جنود النظام السوري حول وبداخل مطار الرقة العسكرية، بينما احتفل أنصار التنظيم في المدن المجاورة للمطار، والتي يسيطر عليها التنظيم بتوزيع الحلوى على المواطنين وعمل مسيرات احتفالية في مدينة الطبقة التي سيطر عليها التنظيم.
في المقابل، أوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) نقلًا عن مصدر عسكري قوله "بعد معارك عنيفة خاضتها الوحدات المدافعة عن مطار الطبقة العسكري نفذت قواتنا عملية إعادة تجميع ناجحة بعد إخلاء المطار، ولا تزال توجه الضربات الدقيقة للمجموعات الإرهابية بالمنطقة وتكبدها خسائر فادحة".
وتأتي سيطرة التنظيم بعد معارك استمرت أكثر من سبعة أيام استخدم فيها مقاتلو التنظيم أسلحة ثقيلة مكنتهم من السيطرة على رابع مطارات سوريا العسكرية من حيث القوة، لتصبح الرقة أول محافظة سورية تخرج بكامل مساحتها عن سيطرة النظام السوري.

الطريق

سفير الأميركي السابق
سفير الأميركي السابق
وحول مواجهة تنظيم "داعش" الإرهابي في سوريا.. قال السفير الأمريكي السابق في دمشق روبرت فورد: قد تكون هناك حاجة لضربات جوية أمريكية في سوريا، ولكن هذا التكتيك لن يكون الأكثر أهمية لتحقيق النجاح، ولن تكون استراتيجية تقديم المزيد من المساعدات المادية للثوار كافية لاحتواء "تنظيم الدولة الإسلامية" على المدى الطويل، فكما حدث في العراق، يجب أن يكون هناك تغيير سياسي أيضًا.
وفي المقابل، مساعدة نظام الأسد الضعيف لتعزيز موقعه في دمشق ليست حلاً ناجحًا على المدى البعيد، النظام السوري الحالي لا يمكنه دحر الدولة الإسلامية الآن، فهو يجذب العشرات من الجهاديين الجدد كل يوم، مساعدة الأسد سوف تضاعف أعداد المجندين، فبدلاً من ذلك تحتاج سوريا إلى حكومة جديدة، كما هو الحال الآن في العراق.
ونوه فورد إلى أن الولايات المتحدة كانت تأمل أن يتم التفاوض بشأن حكومة سورية جديدة في جنيف، حيث عقد مؤتمر دولي في وقت سابق هذا العام يهدف إلى إيجاد حل سياسي للصراع السوري، ولكن الأسد رفض أي مفاوضات جادة، فحلفاؤه الروس والإيرانيون، قدروا أن هذا النظام يمكنه الاستمرار، ومع عدم وجود البديل برأيهم، لم يبذلوا أي جهد لإقناع النظام بأن يتنحى.
ويختم فورد مقاله قائلاً: يقول أحد المراقبين الأمريكيين البارزين، من الحماقة أن نعتقد أن مساعدتنا للمقاتلين المسلحين المعتدلين يمكنها الإطاحة بالأسد، لكن إسقاط نظام الأسد لم يكن هدفنا من قبل، ولا ينبغي أن يكون الآن، ينبغي أن نسعى لمساعدة المعارضة السورية لإلحاق أضرار كافية بنظام الأسد، بحيث يوافق النظام على التفاوض على حكومة جديدة تكون مهمتها الأولى هي محاربة الدولة الإسلامية وطردها أخيرًا من سوريا.

شارك