مكتبة الإسكندرية تختتم مؤتمرها حول صناعة التطرف

الثلاثاء 05/يناير/2016 - 11:11 م
طباعة مكتبة الإسكندرية
 
اختتمت مكتبة الاسكندرية اليوم مؤتمرها الذى جاء تحت عنوان "صناعة التطرف.. قراءة في تدابير الموجهة الفكرية"، بمشاركة  أكثر من 250 مثقف ومفكر وخبير في مجالات التطرف والإرهاب وعلم الاجتماع والعلوم السياسية والإسلامية، ناقشوا على مدار ثلاثة أيام سبل المواجهة الفكرية للتطرف والإرهاب، من خلال عدة محاور؛ منها بنية حركات التطرف، مقاربة العلوم الاجتماعية للتطرف، نقد خطابات التطرف، الإعلام والتعليم ومواجهة التطرف، الأمن القومي، الفضاء الرقمي والتطرف، والإرهاب الداخلي في أوروبا.
مكتبة الإسكندرية
من جانبه أكد الدكتور إسماعيل سراج الدين في الختام مجموعة من الأفكار التي أكدت عليها جلسات المؤتمر، أولها أن الفكر لا يحارب إلا بالفكر، وأن التاريخ يشهد أن الرأي هو الذي يتغير بالكلمة، أما الفكرة الثانية فهي التأكيد على أهمية التسلح بالعلم في مواجهة التطرف والفكر الظلامي، ولصناعة التقدم وتحقيق التنمية، بينما تركز الفكرة الثالثة على أن الفهم المعاصر للدين، وضرورة الرجوع إلى كتابات رواد الفكر الإسلامي الإصلاحي واستعمال المنهج المتجدد من خلال أدوات البحث المعاصر والانفتاح على الآخر. 
شدد على أن مواجهة التطرف غير منفصلة عن تحديث المجتمع ككل، سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا، مشددًا على أهمية محاربة التهميش والاهتمام بجواب الحكم الرشيد والمواطنة والعدالة الاجتماعية، كما أن مواجهة التطرف ليس قضية عابرة أو موسمية لكنها حية وممتدة، أما الفكرة السادسة فهي الاهتمام بالبحوث الاجتماعية في فهم ظاهرة التطرف التي تواجه مجتمعاتنا وتهدده.
وشدد سراج الدين فى ختام المؤتمر على أن صناعة التطرف؛ مبينًا أنها تقوم على عشرة أعمدة؛ أولها المنتج الفكري المتطرف، وثانيها السياق والنص الذي يمكن لهذا الفكر أن ينمو فيه، وثالثها الجمهور وقدرة هؤلاء المتطرفين على فهم وتحليل واستهداف جمهور معين وخلق خطابات تناسبه، أما العمود الرابع فهو التسويق والقدرة على استعمال الأدوات المختلفة كالإعلام للوصول للجمهور، ثم يأتي العمود الخامس وهو التجنيد، يليه التدريب والتخصص، وخلق هيكل إداري لصناعة القرار، ثم التمويل، وإنشاء التحالفات الخارجية، وصولاً لآخر عمود وهو القدرة على التجدد والتحديث باستمرار لمواكبة الواقع المتغير والتفاعل معه.
أوضح أن مكتبة الإسكندرية ستتوسع في شراكاتها عربيًا ودوليًا، وتكثيف الاتصالات مع المراكز البحثية التنويرية في العالم العربي، لتحليل ظاهرة التطرف والإرهاب ومعرفة أسباب نموها في عالمنا العربي وسبل مواجهتها، وأضاف أن المكتبة قد قامت بالفعل بالاتفاق مع منظمة الإيسيسكو ومجلس أوروبا لعقد أنشطة وفعاليات في أوروبا حول المسلمين في أوروبا.
من جانبها أكدت الدكتورة بدرة قعلول؛ مدير المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية في تونس، على أننا لا يمكننا أن نتعافى من التطرف والإرهاب في عالمنا العربي إلا بالفكر، وأكدت على أهمية تحديد المصطلحات، هل ما نواجهه هو تطرف أم إرهاب؟ 
وشددت على أهمية فهم آليات عملية الاستقطاب التي تقوم بها المنظمات المتطرفة لجذب الشباب، مبينة أن الشباب العربي يعاني من حالة من الإحباط وفقدان الأمل ورغبة في التغيير؛ ومن هنا يقع فريسة لتلك التنظيمات، موضحة أن الاستقطاب يبدأ من الفضاء الإلكتروني، حيث يوجد 45 ألف موقع إلكتروني ينشر الأفكار والخطابات المتطرفة.
أشارت إلى أن الدراسات التي قام بها المركز توضح أن الشباب المنخرطين في داعش هم شباب مهمشين اجتماعيًا، كما أن للمرأة دور كبير في عملية الاستقطاب، ويتم إسناد العديد من المهام للمرأة في هذا التنظيمات مما ينذر بخطر إنشاء وبناء أجيال متطرفة. 
بينما شدد محمد أبو حمور؛ الأمين العام بالوكالة لمنتدى الفكر العربي، على أن التطرف في العالم العربي له عدة أسباب، أهمها عدم رضا المواطنين والجهات المختلفة بسبب غياب العدالة في توزيع الفرص، والتشكيك في الخطابات الدينية سواء لتعصب بعضها أو لارتباط بعض الدعاة بالحكام، والإحباط الذي أصاب المواطن العربي والذي يدفعه للتغيير والهرب سواء من الأوضاع المتردية للأمان أو من الدنيا للآخرة مثلما تروج الجمعات المتطرفة، أما السبب الرابع والأخير فهو تردي الأوضاع الاقتصادية ووصول البطالة في الوطن العربي إلى 17.5%، وهو ثلاثة أضعاف المستوى العالمية. 
أوضح أبو حمور أن مواجهة الأزمة الراهنة يكون من خلال محورين؛ الأول هو أن يكون للعرب قضية وخطة، حتى لا نكون جزء من خطط الآخرين، والثاني هو ضرورة النمو والتطور، فالشيء الذي لا يتطور ينقرض.
وفى هذا السياق قالت أنعام بيوض؛ مدير عام المعهد العالي العربي للترجمة بالجزائر، عن أهمية الترجمة في تغيير المشهد الثقافي وإحداث تنويعات في الخريطة الثقافية وتغيير حالة الركود التي أصابت الوضع الثقافي واللساني واللغوي. ولفتت إلى أن المركز يقوم بمشروع الترجمة العلمية الذي يهدف إلى تغيير نمطية التفكير وفتح الآفاق لفكر علمي ومستنير ونقدي، بالإضافة إلى مشروع الثقافة العلمية الذي يهدف إلى نشر الثقافة العلمية في العالم العربي.
أوضحت أن اللغة هي في الأساس أحد أهم مقومات الشخصية، وأن الشباب العربي أصيب بإحباط ثقافي بانتقاله إلى لغة أخرى في مرحلة معينة من مراحل التعليم مما عكس عليه شعور بالدونية. وأكدت أن اللغة هي وسيلة للتعرف على الذات ومصالحتها،  مشددة على أهمية مراجعة الخطاب الديني، وأن ندرس الخطاب الذي تأصل فينا وأنشأنا وتربينا عليه، وأن نسائل تراثنا التاريخي والديني بأسئلة حقيقية، حتى نخرج بخطط إجرائية للتخلص من التطرف.
وفي كلمته، قال الشيخ حسن الأمين إن القضاء على التطرف في العالم العربي يحتاج مجموعة من الإجراءات؛ ومنها تعديل المناهج الدراسية لنشر الفكر الوسطي والمعتدل، والإيمان بأهمية التنوع في أوطاننا واستغلاله لصالحنا، وجرف المتاريس النفسية بين المواطنين، وإعادة النظر في مناهج المعاهد الدينية الأكاديمية وتوحيدها لتدريس الحريات الفكرية والدينية وحقوق الإنسان، وأخيرًا ضمان أن تقوم الأحزاب السياسية على أساس البرامج التي تقدمها وليس على أساس ديني.

شارك