داعش ووهم مدنه "المقدسة".. دابق نموذجا

الخميس 21/يناير/2016 - 06:12 م
طباعة داعش ووهم مدنه المقدسة..
 
تحمل العديد من المدن السورية والعراقية والعربية وحتى الإسلامية أهمية خاصة لتنظيم  داعش المتطرف فما بين الأهمية الإستراتيجة  والجغرافية واللوجستية تُبقي الأهمية الدينية هى صاحبة الزخم الأكبر للتنظيم باعتبارها تشكل "شحذ" لهمم مقاتليه وتجيَّش لعواطفهم ضد خصومهم وفرصة لنشر أفكار التنظيم الدموى المتطرفة حول المقدسات وتعد بلدة دابق السورية نموذجًا على ذلك..
داعش ووهم مدنه المقدسة..
ويخوض التنظيم حاليًا اشتباكات عنيفة بينه وبين الفصائل المقاتلة والإسلامية في سوريا، في محاولة لمنعهم من التقدم نحو بلدة دابق الاستراتيجية، والتي تشكل أهمية دينية كبيرة لدى التنظيم، والتى سيطر عليها في منتصف أغسطس عام 2014، عقب اشتباكات بين مقاتلي الكتائب الإسلامية والكتائب المقاتلة، في معركة أطلقت عليها الدولة الإسلامية تسمية ”الثأر للعفيفات”؛ حيث شحذ همم مقاتليه وجيَّش عواطفهم، تحت دعوى أن هذه المعركة هي ثأر "للأخوات”، اللواتي اعتدي عليهن و”اغتصبن” من قبل مقاتلي الكتائب المقاتلة في مدينة حلب وبلدة تل رفعت، واللواتي لا يزلن معتقلات لدى هذه الكتائب، بالإضافة إلى الترويج إلى أنها "معركة دينية فاصلة"، وعلى مقاتليه الثبات والإقدام في الاشتباكات؛ لأن معركة دابق سوف تكون منطلق للجيوش الإسلامية للسيطرة على العالم وقتال الروم. 
واستند التنظيم الدموي على أحد الأحاديث النبوية الواردة في صحيح مسلم عن أبي هريرة  رضي الله عنه، "أنَّ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تقوم الساعة حتى تنزل الروم بالأعماق– أو بدابِقَ – فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ، فإذا تصافوا قالت الروم: خلوا بيننا وبين الذين سُبُوا مِنَّا نقاتلْهم، فيقول المسلمون: لا والله، كيف نُخَلِّي بينكم وبين إخواننا؟ فيقاتلونهم؟ فينهزم ثُلُث ولا يتوب الله عليهم أبدًا، ويُقتَل ثلثُهم أفضل الشهداء عند الله، ويفتتح الثلث، لا يُفتَنون أبدا، فيفتَتحِون قسطنطينية، فبينما هم يقتسمون الغنائم، قد عَلَّقوا سُيوفَهُهْم بالزيتون، إذ صاح فيهم الشيطان: إنَّ المسيحَ الدَّجَّالَ فد خَلَفَكم في أهاليكم، فيخرجون، وذلك باطل، فإذا جاؤوا الشام خرج، فبينا هم يُعِدِّون القتال، يُسَوُّون صفوفَهم، إذ أقيمت الصلاة، فينزل عيسى ابن مريم، فأمَّهم، فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب في الماء فلو تركه لانزاب حتى يهلك، ولكن يقتله الله بيده- يعني المسيح- فيريهم دَمه في حربته".
داعش ووهم مدنه المقدسة..
ويرى أنصار التنظيم  أن العلامات على تحقق النبوءات الواردة بالحديث النبوي بدأت تظهر بالفعل، مع انضمام مقاتلين من الغرب إلى التنظيم، والاستعدادات الدولية لمقاتلة التنظيم عبر التحالف الذي يتوسع باضطراد، وتدخل تركيا ضد التنظيم، ما يبرر بالتالي مهاجمة القسطنطينية “إسطنبول” التي هي اليوم مدينة تقطنها غالبية مسلمة فعندما استعرت معركة كوباني كتب أحد مقاتلى التنظيم ويدعى  “أُسَيد البغدادي” يقول  “ما يحدث في عين الإسلام   المجاورة لدابق ليس شيئا عبطيا؛ بل مخطط له منذ قرون بشرنا بهذه المعركة المصطفى، وستنزل 80 دولة صليبية لا محال وسنهزمهم“
وقرية دابق من القرى التاريخية التي تقع شمال مدينة حلب على مساقة 45 كم، وتبعد عن الحدود التركية حوالي 15 كم تقريبا وتتبع لمنطقة أعزاز، ويقول عنها “بيتر بيرجن” محلل شؤون الأمن القومي بقناة  CNNالأمريكية “التنظيم يعتقد بصدق بأنه يمثل الإسلام، وعناصره يقاتلون الجميع بما في ذلك تنظيم القاعدة، لاعتقادهم باقتراب موعد معركة “يوم القيامة” في دابق السورية  وهم يعتبرون أن هناك صراعا كونيا بين الخير والشر، ويؤمنون بأنهم يقفون إلى جانب الخير وأن يوم القيامة يقترب، ولذلك فإن اسم مجلتهم، وهو دابق، يرتبط باسم منطقة في سوريا يعتقد أنها ستشهد المعركة النهاية يوم القيامة بين الغرب والقوى الإسلامية، وهو يعتقدون أنهم بطور التحضير لهذه المعركة لدرجة أنهم لن يمانعوا بالتدخل الغربي البري ضدهم بسوريا؛ لأن ذلك سيبرهن عن صحة تنبؤاتهم على الرغم من أنهم  لا يشكلون  أكثر من 0.0001 في المائة من المسلمين؛ إلا أنهم يعتقدون فعلا أنهم يمثلون الإسلام ويستمدون أفكارهم من القرآن ومن النبي محمد، وقولنا بأن ذلك غير صحيح هو تجاهل للواقع الذي يتحدثون هم عنه“.
داعش ووهم مدنه المقدسة..
وهناك أسباب أخرى لتمسك داعش بالبلدة على رأسها : 
1- أن تجارب داعش في التوغل بريف حلب الشمالي كان نتيجتها الفشل، والتنظيم يعرف ذلك لكن يريد بأي شكل من الأشكال إحكام السيطرة على بلدة دابق بريف اعزاز، وهو مادفعه مراراً للهجوم على بلدة أخترين المجاورة لدابق في محاولة للسيطرة على الأخيرة التي تحتل عند عناصر داعش ملحمة فاصلة ستحدد الرابح من الخاسر.
2- انها تحمل أسم صحيفته الرئيسية "دابق"  كأول صحيفة خاصة به كان هدفها التوجه للغرب بالاضافة الى انها توزع في مناطق كثيرة من العراق بما فيها المناطق الشيعية، كون بلدة دابق لها أهمية في المعتقد الشيعي أيضاً كمعركة حاسمة قبل "قيام الساعة".
وبنفس المنطق الكاذب  يحاول التنظيم الدموي  تحفيز الروح المعنوية لمقاتليه  تحت دعوى  تحرير القدس وفلسطين باعتبارها ومدنها من الأراضى  المقدسة  حيث قال أبو بكر البغدادي  زعيم التنظيم  في تسجيل صوتى كان عنوانه الآية القرآنية  الكريمة “فتربصوا إنا معكم متربصون”  " أن الدولة الإسلامية تستعد لبدء "معركة تحرير الأقصى" في القدس قريباً وإن الدول الغربية لا تجرؤ على إرسال قوات برية إلى معاقل التنظيم، بسبب الإخفاقات السابقة في العراق وأفغانستان  "نعم فلسطين" ويعتقد اليهود أننا نسيانها وشغلنا عنها.. لا أيها اليهود، لم ننس فلسطين ولن ننساها أبداً  وأننا سنحاصر إسرائيل وننحرر القدس ويا جنود الدولة الإسلامية تحلو بالصبر، لأنكم على الطريق الصحيح، اصبروا لأن الله معكم."
داعش ووهم مدنه المقدسة..
وقد أكد العديد من المحللون على  إن الخطاب يركز بشكل أساسي على تعزيز الروح المعنوية لمقاتلي داعش،  والاستفادة من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني،  في تحفيزهم باعتباره  الصراع الدينى الأهم    وهو نفس الامر الذى كرره  حول المملكة العربية السعودية وقيادتها للتحالف الإسلامي  بقوله "لو كان تحالفاً إسلاميا لأعلن نصرته ونجدته لأهل الشام، وأعلن حربه على النصيرية وأسيادهم الروس" مما يؤكد على ان التنظيم جذب  أعداد إضافية من الشباب  لمواصلة حربه لتحرير "مدنه المقدسة" من خلال دغدغة عواطف المقاتلين بإثارة موضوع فلسطين وتحرير القدس الشريف والإستيلاء على المدن المقدسة في المملكة العربية السعودية .
داعش ووهم مدنه المقدسة..
مما سبق نستطيع التأكيد على أن  التنظيم الدموى لازال يستخدم الواعز الديني   حول المعارك الكبرى في  المدن المقدسة في  الإسلام لجذب مقاتلين جدد اليه مع تحفيز المقاتلين داخل صفوفه ولكنه لايدرك أن هذه التفسيرات قد تكون في غير صالحة كما في حالة معركة "دبق" فالتفسير التاريخي  والديني لو طبق على ما يجري اليوم فالنبوءة ربما تعني هلاك داعش نفسها ، فلو حدثت هذه الملحمة هذه الأيام، فإن الجهة الأكثر خسارة ستكون داعش نفسها بسبب تحالف الغرب مع المسلمين العرب ضدهم، وستكون نهايتهم بالتالي قبل معركة “دابق” التي يشير لها الحديث الشريف.

شارك