"داعش" على أجندة حلف "الناتو" .. وتباين بشأن الأسد
الخميس 04/سبتمبر/2014 - 09:22 م
طباعة

فيما يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تريد الذهاب منفردة إلى العراق وسوريا لمقاتلة تنظيم "داعش" الإرهابي، بل تريد تحالف قوى من شركائها الأوربيين في حلف الناتو، لعدم دفع فاتورة الحرب وحدها.
قمة الناتو

تأتي أهم الملفات التي يناقشها أعضاء حلف الأطلسي "الناتو" في مقاطعة "ويلز" محاربة تنظيم "داعش" الإرهابي، وسيناقش الزعماء، ومن بينهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، سبل مواجهة تنظيم "داعش" الإرهابي الذي ظهر كتهديد جديد للحلف في جناحه الجنوبي.
ويجهز كل من رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون والرئيس الامريكي بارك أوباما، الأرضية المناسبة لبدء شن غارات جوية دولية متعددة الجنسيات على تجمعات تنظيم (الدولة الإسلامية) وكذلك إرسال قوات من حلف شمال الأطلسي لتدريب القوات العراقية.
وقال الرئيس الأمريكي يوم الأربعاء إن بلاده تعتزم قتال الدولة الإسلامية إلى أن تتلاشى قوتها في الشرق الأوسط، وإنها ستسعى إلى تنفيذ العدالة في ما يتعلق بقتل الصحافي الأمريكي ستيفن سوتلوف، وأشار أوباما إلى أن القضاء على تنظيم (داعش) المتشدد سيستغرق وقتًا، نظرًا إلى فراغ تعانيه السلطة في سوريا وكثرة عدد المقاتلين المتمرسين في القتال، الذين خرجوا من عباءة تنظيم القاعدة خلال حرب العراق، فضلًا عن الحاجة إلى بناء تحالفات تشمل المجتمعات السنية المحلية.
وقال أوباما في مؤتمر صحافي في تالين عاصمة أستونيا: "خلاصة القول هي أن هدفنا واضح، وهو إضعاف وتدمير (الدولة الإسلامية)، بحيث لا تعود خطرًا لا على العراق وحسب، بل وعلى المنطقة والولايات المتحدة".
وأضاف "مهما كان ما يعتقد هؤلاء القتلة أنهم سيحققونه بقتلهم أميركيين أبرياء مثل ستيفن فقد باؤوا بالفشل بالفعل... فشلوا لأن الأميركيين - مثلهم مثل شعوب العالم - شعروا بالاشمئزاز من همجيتهم. ولن يتم إرهابنا".
و قال الامين العام لحلف شمال الأطلسي اندرس فو راسموسن يوم الخميس إنه واثق من أن دول الحلف ستفكر بجدية في اي طلب للمساعدة تتقدم به حكومة العراق للتصدي لمتشددي داعش.
بريطانيا تعلن محاربة "داعش"

فيما أعلن رئيس الحكومة البريطاني كاميرون أن بلاده تدرس تزويد أكراد العراق بالسلاح لمواجهة تنظيم داعش، في الوقت الذي أكدت إيطاليا أنها ستمد الأكراد بأسلحة وأنها قد تبدأ في ذلك الأسبوع المقبل.
وقال رئيس الوزراء البريطاني، إن بريطانيا تدرس مد القوات الكردية في العراق بالسلاح والتدريب لمساعدتها في التصدي لمقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية". يذكر أن بريطانيا نفذت عمليات إسقاط جوي لمساعدات إنسانية بالإضافة لعمليات مراقبة وتسليم إمدادات عسكرية للقوات الكردية المتحالفة مع حكومة بغداد المركزية.
ووافقت دول أوروبية بينها ألمانيا وفرنسا وإيطاليا بالفعل على إرسال كمية من الأسلحة الخفيفة للقوات الكردية كي تستخدمها في مواجهة المتشددين المسلحين الذين اجتاحوا شمال العراق، وأضاف كاميرون لقناة آي.تي.في التليفزيونية "نحن على استعداد لبذل المزيد، وندرس إن كنا سنقدم لهم السلاح بأنفسنا أو سنقوم بتدريب الميليشيا الكردية بشكل مباشر.. نلعب بالفعل دورا هناك لكن بإمكاننا فعل المزيد".
وكانت وزيرة الدفاع الإيطالية روبرتا بينوتي، قالت أمس الأربعاء لبرلمان بلادها إن إيطاليا قد يصبح بإمكانها بدء تسليم أسلحة إلى القوات الكردية بحلول الأسبوع القادم بمجرد أن تستكمل الترتيبات النهائية مع السلطات العراقية. وتشمل الاسلحة 200 بندقية آلية و2000 قذيفة صاروخية و950 ألف طلقة ذخيرة سترسل من فائض مخزونها العسكري ومن مخزونات الأسلحة السوفيتية الصنع التي تمت مصادرتها اثناء حروب البلقان في التسعينيات.
إشادة عراقية

واعتبر رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمار الحكيم، قرار الامم المتحدة الأخير بتشكيل حلف دولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية خطوة على الطريق الصحيح، وإن جاء متأخرا بعض الشيء، وقال إن "العراقيين تُركوا في مواجهة الإرهاب منذ أكثر من خمس سنوات، وقد حذرنا الجميع من أن الإرهاب كالخلايا السرطانية، إذا لم يجد ما يأكله فسيأكل نفسه، وليست هناك دولة أو مجتمع بعيد أو بمنأى عن الإرهاب وأفكاره المنحرفة".
وحذر من وجود "الآلاف من الشباب الضال المنحرفة عقيدتهم وهم يتجولون أحراراً في العالم وهم قنابل موقوتة وجاهزة للانفجار على أي هدف غير عابئة بالابرياء من الضحايا، لان فكرهم المنحرف يقدم اليهم الجنة على اشلاء الابرياء، ويصور لهم النصر بقطع رؤوس الضحايا".
وطالب الحكيم دول العالم بترك المعايير المزدوجة في الحرب على داعش الارهابية، وقال إن الخلايا السرطانية لا تكافح في جهة وتترك في الجهة الأخرى تحت أي ذريعة وأي ظرف، في إشارة إلى عدم ضرب التنظيم في سوريا. واشار الى ان داعش ولد في العراق، ولكنه نما في سوريا، والان انتشر في العالم.. معتبرًا ان الحاضنة والانفلات في الداخل السوري سبب في تحول داعش لهذه الدرجة من التنظيم والجهوزية والخطورة والتمدد.
الناتو بين "داعش" و"الأسد"
ويرى مراقبون أن الرسالة التي بعث بها رئيس هيئة قيادة أركان القوات المسلحة الأمريكية مارتن ديمبسي، بأنه "يمكن هزم داعش إذا جرت معالجة الأزمة السوريا" وما قاله وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قبل أيام ضد الرئيس بشار الأسد، يعني بوضوح في المنطق الأطلسي إعادة توزيع القوى والحصص في سوريا على غرار الخطة المرسومة للعراق، بمعنى آخر: "إذا أردتم مساعدتنا للقضاء على "داعش" في سوريا فعليكم دفع ثمن كبير، نساعدكم على ضرب داعش ونقرر مصير سوريا" لذا لا بد لهذا الإخراج من عامل عربي مساعد وقد حصل في اجتماع وزراء خارجية خمس دول عربية في السعودية في مطلع هذا الأسبوع.
ولكن، ثمة من يدفع في أمريكا لعدم التعاون مع النظام السوري ويطالب بعض هؤلاء بإبعاد الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة كمقدمة ضرورية للمساعدة على إنهاء "داعش" في سوريا، ويعتقدون أن ما حصل مع نوري المالكي قابل للحصول في دمشق وفي المقابل، هناك فريق أكبر وبينه كبار ضباط المؤسسة العسكرية الأمريكية يرى أن دمشق باتت أكثر قابلية للتعاون مع واشنطن وأصبحت الظروف مواتية لفتح قنوات تعاون جدى مع الجيش السوري لضرب "داعش" بعد خروج حماس من سوريا ونجاح تجربة تبادل الكثير من المعلومات بين أجهزة سوريا وغربية جرت في العامين الماضيين عبر الوسيط الروسي، ويفضل توسيع التعاون مع دمشق أكثر.
المشهد الآن

قد يكون هناك تغير محتمل في الخارطة السياسية بالمنطقة، تقتضيه المساعي المتباينة لمواجهة تنظيم "داعش"، والتي أفضت في الأيام السابقة إلى التقارب المؤقت بين الفرقاء القدماء، لمواجهة تضخم وتوسع هذا التنظيم الإرهابي، بموجب تهديده مصالح الجميع.
فالانتصارات الكبيرة التي حققها ما يسمى بـ"تنظيم الدولة الإسلامية" في العراق وسوريا، وتهديداته التي طالت عددًا من دول المنطقة كإيران والسعودية، فضلاً عن قتله مواطنين أمريكيين، ما أدى إلى تحالف الأقطاب تركيزًا نحو هذا الهدف.
ومن هذه الأقطاب، النظام السوري الذي أكد سابقاً جاهزيته للتعاون مع كل الجهود الرامية لإنهاء "داعش"، مما قد يُحدث تحوّلات مهمة حتى في الصراع الدائ بسوريا، وقد أكد نظام الأسد رغبته المشاركة في أي عمل دولي ضد "داعش"، ليطَرَح بعض التكهنات عن إمكانية تقارب سعودي- سوري لتحقيق ذلك، وإن كان مشوبًا ببعض التردد بسبب التعاون مع أعداء الأمس، لكن الجميع أصبح الآن يعمل بمبدأ "أنقذ نفسك من داعش" ثم راجع موقفك.