عقب مقتل 50 قياديا من أحرار الشام.. هل بدأ العد العكسي لنهاية الفصائل المحاربة بسوريا؟

الأربعاء 10/سبتمبر/2014 - 02:03 م
طباعة عقب مقتل 50 قياديا
 
أصبح صراع التنظيمات المسلحة في سوريا تواجه حرب البقاء، في ظل المساعي الدولية للقضاء علي التنظيمات الإرهابية، وإنهاء الأزمة السورية بشكل سلمي، مع نفاقهم ضريبة تسليح الجماعات المتطرفة.

مصرع 50 قياديا بحركة أحرار الشام

مصرع 50 قياديا بحركة
ولقي 50 قياديا في جماعة "حركة أحرار الشام" الإسلامية السورية المعارضة مصرعهم، بينهم زعيمها "حسان عبود"، في انفجار ضخم استهدف اجتماعا لمسئولي الحركة وقادة الألوية، مساء الثلاثاء، في ريف إدلب شمال غرب سوريا، وفقا لما ذكرته تقارير إعلامية ونشطاء.
نعت "الجبهة الإسلامية" التي تنتمي إليها جماعة "حركة أحرار الشام" على حسابها على "تويتر" القائد العام للحركة حسان عبود المعروف بأبي عبد الله الحموي وقادة آخرين، مشيرة إلى أنهم قتلوا في "انفجار لم تتبين حقيقته بعد".
وأفادت تنسيقيات الثورة، بأن "التفجير وقع بعد أن حضر إلى المبنى المعروف باسم (صفر) كل قادة الحركة؛ ما أدى الى مقتل جميع الموجودين وهم: عبود ورئيس المؤسسة العسكرية للحركة أبو طلحة، وأمير الحركة في حلب سابقاً، عضو مجلس شورى الجبهة الإسلامية أبو يزن الشامي، وقائد لواء الإيمان في حماة أبو الزبير، وقائد لواء بدر ومسئول مكتب التخطيط للحركة أبو أيمن، وأمير إدلب سابقاً أحمد يوسف بدوي الملقّب بـ"أبو يوسف، وأمير حركة أحرار الشام حديثاً بعد استقالة أبو عبد الله أبو الخير طعوم، وأبو عبد الملك الشرعي". 
وشارك "حسان عبود"، في معارك تحرير المطارَين العسكريّين في: تفتناز بريف إدلب، و كشيش (الجرّاح) بريف حلب، إضافة إلى معارك التحرير في محافظة الرقة، ومعارك تحرير القاعدتين الجويتين في الدويلة بريف إدلب، وخناصر بريف حلب، ومعارك أريحا، ومنطقة إيكاردا، وغيرها…
ويقع ريف إدلب تحت سيطرة مجموعات عدة من المعارضة المسلحة على رأسها "الجبهة الإسلامية" وجبهة "ثوار سوريا"، وكتائب أخرى مقاتلة ضمن هيئة الأركان التابعة للجيش السوري الحر.
تتشكل "أحرار الشام" من أربعة فصائل اندمجت فيما بينها وهي جماعة الطليعة الإسلامية وحركة الفجر الإسلامية وكتائب الإيمان المقاتلة، بالإضافة إلى كتائب أحرار الشام. تقول مصادر مطلعة على الميدان الحربي السوري: إن الحركة تضم 18 ألف مقاتل، يتزعمها "الحموي" الذي يجاهر بانتمائه إلى السلفية الجهادية وينتشر في الكثير من المدن السورية. وانسحب تنظيم "الدولة الإسلامية" المتطرف من مجمل محافظة إدلب في مارس 2014 تحت ضربات مقاتلي المعارضة.
سمي تنظيم الحركة الإسلامية لأحرار الشام السوري، اليوم الأربعاء، "هشام الشيخ" زعيماً جديداً له بعد مقتل قائده حسان عبود، المعروف بأبي عبد الله الحموي، أمس في اعتداء وقع شمالي سوريا.

تأسيس الحركة

تأسيس الحركة
إن حركة أحرار الشام الإسلامية أعلنت عن نفسها في نهاية 2011 وذلك باتحاد أربع فصائل إسلامية سورية وهي "كتائب أحرار الشام" و"حركة الفجر الإسلامية" و"جماعة الطليعة الإسلامية" و"كتائب الإيمان المقاتلة، وانضوت مع فصائل إسلامية أخرى في "الجبهة الإسلامية"، وتنتشر قوتها الضاربة في محافظات إدلب وحلب وحماة، حيث برزت قوتها في مواجهة جيش النظام في مواقع عدة كتفتناز وجبل الزاوية ومدينة حلب وسراقب وأريحا والرقة. 
قامت بتأسيس الحركة نواةٌ من النخب السلفية، التي كانت تنشط في المجال الدعوي ونشر الفكر السلفي قبل الثورة والتي زاد تشبيكها مع بعضها في محطّاتٍ عديدةٍ كسجن صيدنايا، وقد عرفت الحركة، عند انطلاقها، بعلاقاتها المميزة مع لواء صقور الشام الذي يقوده عيسى الشيخ، زميل حسان عبود في سجن صيدنايا ، كما امتازت الحركة باحتوائها عددًا كبيرًا من النخب المؤهلة دينياً في كليّات الشريعة الحكومية وترؤسهم للمراكز الهامّة في الحركة على الصعيدين الشرعي والعسكري.
عُرفت الحركة بمرونتها في انتقاء عناصرها من أهالي المناطق الثائرة فـ"عناصر «كتائب أحرار الشام» متفاوتو الالتزام وقليلو الانسجام في مظهرٍ واحدٍ على ما يفترض انتماءهم إلى جماعةٍ «سلفيّةٍ جهادية». إنهم من سوريي الداخل الذين لم تتح لهم خبراتهم المحدودة في العمل «الإسلامي» احتكاكاً بخبرات «السلفية الجهادية» العالمية، وهم في الوقت نفسه طامحون لوراثة جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما يدفعهم إلى تفادي الانكفاء بمظاهرهم وأنشطتهم عن المؤمن العادي من السوريين، وعن ممارسة طقسٍ دينيٍّ تقليديٍّ قد لا ينسجم مع الطقس السلفي في الممارسة، مع الإبقاء على «العقيدة» حبيسة النوايا، على ما تتيح السلفية من تقية". ويقول أبو عبد الله: إن الكتائب تضمُّ في صفوفها شباباً ثائراً "قد يكون عندهم تقصيرٌ في بعض الصفات الإسلامية مثل التدخين والتقصير في أداء صلاة الجماعة والاستماع للأغاني"، مضيفاً أن قيادة التنظيم تسعى "لترسيخ المفاهيم الإسلامية الصحيحة" البعيدة عن التشدد بالتدريج وإعذار من يخالفهم".
وخاضت حركة أحرار الشام معركة ضخمة في يناير 2013استهدفت من خلالها مطار تفتناز العسكري للمروحيات، حيث تمكنت كتائب الحركة وبمشاركة من جبهة النصرة ولواء صقور الشام من تحرير مطار تفتناز العسكري بشكل الكامل والسيطرة على ما يحويه من طائرات ومعدات وذخائر، كما شاركت بفعالية مع الجيش الحر ولواء صقور الشام في معارك وادي الضيف في بلدة معرة النعمان بريف ادلب.

مقتل قائد عسكري بجبهة النصرة

مقتل قائد عسكري بجبهة
أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان بأن أحد القادة العسكريين بجبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) قتل أمس الثلاثاء في اشتباكات مع قوات النظام والمسلحين الموالين لها في منطقة بطيش بالقرب من حلفايا بمحافظة حماه، في محافظة دمشق، فتحت قوات النظام نيران رشاشاتها الثقيلة على مناطق في شارع الثلاثين، وسط إطلاق نار من قناصة قوات النظام على مناطق في شارع اليرموك، وقال المرصد في بيان: إن عنصراً على الأقل من قوات النظام قتل في الاشتباكات ذاتها.
وكان محافظ دمشق وقائد قوات الدفاع الوطني وأعيان في حيي القدم والعسالي وممثلين عن الفصائل المسلحة في الحيين بجنوب دمشق، توصلوا إلى اتفاق بعد أشهر من المفاوضات نص على وقف إطلاق النار بين الطرفين، وانسحاب الجيش العربي السوري من كل أراضي حي القدم وإعادة انتشار حواجز الجيش على مداخله فقط، وكذلك إطلاق سراح معتقلي القدم والعسالي من سجون النظام وعلى رأسهم النساء والأطفال. وتم إطلاق بعضهم كبادرة حسن نية، وأن يكون الجيش الحر المسؤول عن تسيير أمور المنطقة بشكل كامل دون تسليم السلاح.

من وراء اغتيال قادة أحرار الشام

من وراء اغتيال قادة
كان حسان العبود أول من هاجم تنظيم "داعش" الإرهابي واعتبرهم عدوا للحركات المقاتلة للجيش العربي السوري، ولداعش مصلحة في هذه العملية، وسارع البعض إلى توجيه أصابع الاتهام إلى «داعش» بتنفيذ التفجير الذي استهدف قيادات «أحرار الشام»، مستندين إلى واقعة إلقاء القبض في ريف إدلب أمس على خلية كانت تتجسس لصالح تنظيم «الدولة الإسلامية». 
 وأيضاً تصب عملية اغتيال قادة أحرار الشام  بالطبع في خانة الدولة السورية، وللسوريين مصلحة في فرط عقد قوة أحرار الشام، وربما لجماعات المسلحة الأخرى دور ومصلحة في اغتيال قادة الحركة والذي يعتبر بداية النهاية لوجود أحرار الشام في المنطقة، إلا أن البعض الآخر اعتبر أن مثل هذا التفجير لا يمكن أن يتم إلا بتواطؤ عدة أجهزة استخبارات، إقليمية ودولية؛ لأن ما حدث ليس أمراً عابراً، بل سيترك تأثيره على مجمل تطورات المشهد السوري في المرحلة المقبلة، خصوصاً إذا انهارت الحركة وفشلت في ترميم خسارتها. 
ويأتي هذا التفجير في الوقت الذي كانت الحركة تعاني من ضغوط كبيرة لمحاولة استقطابها لهذه الجهة أو تلك – وقد أشارت «السفير» في تقرير السبت الماضي إلى هذه الضغوط وتأثيرها على مصير الحركة – الأمر الذي أثار الخلافات بين تياراتها، خصوصاً مع دخول الدعم القطري على الخط مؤخراً لجذب الحركة إلى مساعي تشكيل فصيل «معتدل» يكون ذراعاً للتحالف الدولي الذي يجري تشكيله لمحاربة تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» – «داعش». 
ويعتقد أن الاجتماع الموسع الذي استهدفه التفجير أمس، كان يهدف إلى إيجاد صيغة لتجاوز الخلافات بين تيارات الحركة المتعددة، وحسم موضوع الانضمام إلى «مجلس قيادة الثورة الموحد»، الذي كان سبباً أساسياً في وضع الحركة في مأزق منهجي، إذ وجدت نفسها بين خيارين، إما التخلي عن منهجها والتحالف مع فصائل علمانية بعيدة كل البعد عن مشروع الحركة الذي ينتمي إلى السلفية «الجهادية»، وإما رفض الانضمام إلى «مجلس قيادة الثورة» وبالتالي خسارة الدعم الخليجي، وخصوصاً القطري الذي أصبح مورداً لا غنى عنه بعد خسارة الحركة لموارد النفط في المنطقة الشرقية. يشار إلى أن الحركة كانت مهددة بالانقسام والتشرذم نتيجة الخلاف على هذا الموضوع. 

المشهد الآن

المشهد الآن
ويطرح اغتيال قادة  حركة أحرار الشام سؤالا هل بدأ العد العكسي لنهاية القيادات التاريخية للفصائل السلفية المحاربة في سوريا، بعدما قرر الأمريكي خوض حربه المقدسة عليهم، وبعدما استخدمهم أربع سنوات في حرب تدمير سوريا؟ أياً تكن اليد التي قتلت قيادة أحرار الشام وكثيرة هي الأيدي التي لها مصلحة في ذلك، فالشيء الوحيد الثابت في عملية الاغتيال هذه هو الخسارة لقيادات الفصائل المسلحة في سوريا ومكسب للدولة السورية.

شارك