مع الحرب الثلاثية بين الإخوان والحوثيين والحراك الجنوبي.. اليمن ينتظر الإعلان الرسمي للتقسيم
الإثنين 15/سبتمبر/2014 - 07:25 م
طباعة
الحرب الثلاثية بين الإخوان والحوثيين والحراك الجنوبي
فيما يبدو أن انقسام اليمن إلى دويلات، أصبح قريبًا مع تعثر المفاوضات بين السلطات اليمنية والحوثيين، وفي ظل فشل الرئاسة اليمنية في إنهاء أزمة اعتصامات الحوثيين، وبدا اعتصام في عددا من مدن جنوب اليمن.
الحوثيون مستمرون في التصعيد
محمد عبد السلام
وقال المتحدث باسم جماعة الحوثي محمد عبد السلام: "كنا قد وصلنا إلى نقاط إيجابية في المشاورات مع الإرياني وهلال وكان هناك توافق إيجابي بنسبة كبيرة جداً ولما وصل التشاور إلى المسودة النهائية للاتفاق ومناقشة نقاطه الأخيرة، فوجئنا بتدخل الدول الراعية للمبادرة الخليجية لإدخال مسارات وعوائق جديدة في التشاور تعيدنا إلى نقط الصفر من خلال التفاوض بإشراف بن عمر وهو ما لم نقبله".
واستحدث الحوثيون مخيماً مسلحًا جديداً يقع على مقربة من معسكر الاستقبال شمال غرب العاصمة صنعاء بمنطقة ضلاع همدان، ومجاميع حوثية تشير تقارير إعلامية إلى أنها مسلحة نصبت قبل أيام خيمتين في سوق ضلاع، وأن مئات المسلحين يتوافدون إليها نهار كل يوم.
واندلعت اشتباكات مسلحة عنيفة بين مجاميع مسلحة من الحوثيين وقوات أمنية بالقرب من مخيم الاعتصام المنصوب بالقرب من مقر وزارة الكهرباء بصنعاء في تطور يعد الأخطر من نوعه منذ فض قوات من وحدات مكافحة الشغب قبل أيام، وسمع دوي انفجارات في شمال العاصمة صنعاء التي تعد منطقة التمركز الرئيسة للحوثيين، ولا يزال مسلحو الحوثي يتمركزون في ثلاث نقاط على طريق «صنعاء الحديدة»، في الوقت الذي تجوب دورياتهم على امتداد الطريق من مدينة مناخة وحتى منطقة الصباحة غرب العاصمة صنعاء.
وتنوّعت مظاهر وأساليب خطاب الحوثيين الموجّه للجيش، بين الدعوات التي يتم إطلاقها في البيانات وخطابات زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي المحمّلة بالتحذير والترغيب، وصولاً إلى استخدام الساحات للحرب النفسية واستقطاب عدد من العسكريين الذين يُقال إنهم انشقوا وأعلنوا تأييدهم لمطالب الجماعة، على غرار الانشقاقات التي وقعت في العام 2011 إبان الاحتجاجات ضد الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
و تزامنت هذه التحركات مع شائعات من أنصار الحوثي تتحدث عن أن العديد من قادة الألوية والقوى تم "شراؤها" أو التواصل معها من قبل الحوثيين لأخذ تطمينات، لكن مصادر عسكرية اعتبرت أغلب ما يتردد في هذا الجانب شائعات وحربًا نفسية.
الإخوان في اليمن
الإخوان في اليمن
كشف السجال الدائر بين حزب التجمع اليمني للإصلاح، الذراع السياسية لجماعة الإخوان في اليمن، ودوائر مقرّبة من رئاسة البلاد عن شنّ الجماعة حملة مركّزة على الرئيس عبدربه منصور هادي، لتحصيل مكاسب سياسية، وخلق أوضاع من عدم الاستقرار تحصّن إخوان اليمن وتصرف عنهم الأنظار، في وقت تتعرض فيه فروع الجماعة في عدة بلدان لضغوط وملاحقات قضائية وتحقيقات وإلحاق بقوائم الإرهاب.
وقد سجّل مراقبون تصاعد القلق والتوتر في صفوف إخوان اليمن، من إمكانية أن تسلّط على صنعاء ضغوط إقليمية لاتخاذ إجراء عملي ضد جماعة الإخوان المسلمين على شاكلة الإجراءات التي اتّخذتها مصر ودول خليجية.
حالياً، الأزمة بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء تلخص تمسك الإصلاحيين «الإخوان المسلمين» بالسلطة، وخوفهم من فقدانها، لأن أي تغيير لن يكون في مصلحتهم، ورفضهم مشاركة الحوثيين يؤكد عدم ثقتهم بالرئيس شخصياً، ورفض رئيس الوزراء قرار الإقالة، بما يعني عدم سلطة الرئيس وليس فقط عدم شرعيته، وتمسك بحكومة مهترئة، لا يمكنها إدارة الأزمة، أو قيادة الحرب، بسبب الانقسام الحاد بين مكوناتها.
الجنوب إلى الانفصال
عصيان مدني في محافظة عدن
شهدت مديريتا كريتر والمعلا بمحافظة عدن جنوب اليمن، عصيانًا مدنيا شاملًا شل الحركة فيهما، فيما أغلقت المحال التجارية والمرافق الحكومية والبنوك التجارية أبوابها بعد قطع الطرقات الرئيسية بالحجارة وإشعال الإطارات التالفة فيها، من قبل أنصار الحراك الجنوبي المطالب بالاستقلال واستعادة دولة الجنوب السابقة.
ﻭتمكن أنصار الحراك الجنوبي من إﻓﺸﺎﻝ محاولات ﻗﻮﺍﺕ ﺍﻷﻣﻦ لفتح ﺍﻟﺸﻮﺍﺭﻉ ﻭﺍﻟﻄﺮﻗﺎﺕ ﺑﻘﻮﺓ ﺍﻟﺴﻼﺡ، ﻭﻗﺎﻣﺖ ﺑﻤﻼﺣﻘﺔ ﺍﻟﻨﺎﺷﻄﻴﻦ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ واعتقلت أحد أبرز ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﻨﺎشطين، نائب رئيس مجلس الثورة السلمية بمديرية التواهي، المناضل وليد الضالعي، الذي تعرض للاعتداء ﺑﺎﻟﻀﺮﺏ ﺑأﻋﻘﺎﺏ ﺍﻟﺒﻨﺎﺩﻕ ﻟحظة ﺍﻋﺘﻘﺎﻟﻪ.
ﻭﻳﺸﻜﻞ ﺍﻟﻌﺼﻴﺎﻥ ﺍﻟﻤﺪﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﺮﻳﺔ ﻛﺮﻳﺘﺮ ﺿﺮﺑﺔ ﻗﻮية للنظام ﺍﻟﻴﻤﻨﻲ ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺴﺒﺐ ﺗﻌﻄﻞ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺼﺎﺭﻑ ﻭﺍﻟﺒﻨﻮﻙ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﻫﻨﺎﻙ.
وتركزت مطالبهم على انفصال جنوب اليمن عن شماله، وإنهاء الوحدة ضمن حملة أطلقوا عليها "أنا نازل" أسسها ناشطون وصحفيون جنوبيون في وسائل الإعلام الاجتماعي وانتقلت إلى المواقع الإخبارية والصحف الجنوبية.
واحتقان الوضع في العاصمة صنعاء جعل فكرة الحملة تحظى بقبول في الجنوب، وهي خطوة أولى تليها خطوات مقبلة أكثر فعالية، وفق المنظمين.
وأكد المجلس الوطني الأعلى للنضال السلمي لاستعادة دولة الجنوب (الحراك الجنوبي) أن ما يقدم من مبادرات لحل الأزمة اليمنية من سلطة صنعاء أو مبعوث الأمم المتحدة ينطوي على تزوير وخداع فيما يتعلق بمشاركة الحراك الجنوبي في حكومة صنعاء التي يحاولون الوصول إليها.
وأضاف المجلس في بيان له: إن الحركة الشعبية الجنوبية التحررية لم تشارك لا في حوار صنعاء ولا في حكوماتها، ومن شارك باسم الحراك الجنوبي هو اليوم منبوذ من قبل شعب الجنوب وينعته شعبنا بالخائن لقضيته ودماء شهدائه.
وأشار المجلس إلى أن إصرار الأشقاء في اليمن وكذلك جمال بن عمر مبعوث الأمم المتحدة بتزوير إرادة شعب الجنوب بعد فشلهم في التسوية في اليمن الشقيق يدل على أنهم يعملون على تدمير اليمن والجنوب العربي.
لغز الدور الإيراني
عادل الشجاع
في المقابل، قال القيادي في حزب “المؤتمر الشعبي العام” عادل الشجاع، إن طهران ليست بعيدة عما يجري من مفاوضات بين جماعة الحوثي والسلطات اليمنية، موضحاً أن “إيران موجودة على الساحة اليمنية وفق مصالحها ولها تأثير على الحوثيين وتوجيه سير المفاوضات في الاتجاه الذي يخدمها”.
وأضاف الشجاع في تصريحات صحفية "أن المشكلة في نهاية الأمر ليست إيران بل في وجود قرار سياسي بتشكيل حكومة جديدة وسحب البساط من الحوثيين لتعمل الحكومة الجديدة دراسات اقتصادية لمعالجة الأزمات الراهنة، لأن طهران تستغل الوضع للاستفادة منه والتمدد في أي مكان تجد فيه فراغاً ضمن صراعها مع الولايات المتحدة في المنطقة".
ورأى أن "المستفيد الوحيد من تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار هو الحوثي لأن مؤتمر الحوار قسم البلاد إلى ستة أقاليم والحوثي ضمن إقليم واحد يريد فرضه على الأرض، ليكون له منفذ بحري ومطارات ويكون دولة داخل الدولة".
ولفت إلى أن من وضعوا ذلك التقسيم اكتشفوا متأخرين أن هناك قوى تريد فرض نفوذها على أرض الواقع، وعندما يكون للحوثي إقليم خاص به لن يطالب أحد بتجريده من أسلحته وسيحول مليشياته إلى شرطة محلية وفق قانون الأقاليم".
مفتاح الحل في إيران والسعودية
ايران والسعودية
باتت اعتصامات متظاهري الحوثي تدفع اليمن إلى شفير حرب أهلية وسط تغييرات إقليمية مطردة تستمر فيها الحرب بالوكالة بين طهران التي تدعم الحوثيين من جهة، والرياض التي تدعم القوى السنية كما يرى المحلل السياسي اليمني محمد جميح.
ويقول جميح: لا يمكن توصيف الحالة اليمنية دون النظر للعوامل الخارجية التي أسهمت بشكل واضح لما وصلت إليه الحالة في البلاد، العامل الخارجي يكاد يكون بارزا، إيران موجودة وكذلك السعودية، إيران حاضرة عبر الحوثيين والسعودية عبر منظومة النظام القائم، لأن هذا النظام نفسه هو قائم استنادا على المبادرة الخليجية والتي هي في مجملها مبادرة سعودية، ولعلّ ذلك ما يدفع الإيرانيين إلى إفشال العملية السياسية في اليمن لأنهم يعتقدون أنها مبادرة مبنية أساسا على أفكار سعودية.
أعتقد أنه ما لم تصل العربية السعودية وإيران لتسويات بشأن الكثير من القضايا الإقليمية، فإن الملف اليمني سيظل ملتهبا، الإشكال اليوم هو أنه وبالرغم من الخروج من حوار وطني استمر عاما تقريبا، اتفق فيه اليمنيون على تأسيس مرحلة جديدة بدستور جديد وانتخابات رئاسية وبرلمانية، لأن ما يحدث اليوم هو عملية انقلاب على ما توافق عليه اليمنيون بمن فيهم الحوثييون الذين وقعوا على وثيقة الحوار الوطني، ويطالب الحوثيون اليوم بإسقاط الحكومة، والحكومة أقيلت فعلا، وطلب منهم المشاركة في الحكومة الجديدة ورفضوا، فالحوثيون لهم مطالب فوق الطاولة وأخرى تحتها.
المشهد الآن
الصراع المحلي الاقليمي في اليمن
إن صراعًا محليًا إقليميًا أدخل اليمن في مخاض إعادة تقسيم، وتؤدي السعودية دور المراقب لخصومها وهم يتقاتلون، فيما يحاول «الإخوان» منع الحوثيين الخروج من صعدة والتمدد في الشمال اليمني، حيث يكادون يسيطرون على صنعاء، ووسط هذه الأجواء بالشمال تظهر الترجمة العنفية للصراعات كلها، ما يفسح المجال لأهل الجنوب لاستعادة دولتهم السليبة، وبين هؤلاء وأولئك، يبقى البلد مرتعاً للفوضى، التي لن تكون «خلّاقة» هذه المرة.
واليمن الآن بصدد فصل عارم من الفوضى، ومسرح يسمح للجميع بأداء دور البطولة، طالما يرفع السلاح، وهنا تصبح الأدوار الهامشية من نصيب من ينادون بوقف العنف وضبط النفس.